ورشة عمل: النظم السياسية ودور البرلمانات في الديمقراطيات العربية الناشئة

2011-10-02

اختمت في عمان أمس الاحد 2-10-2011 اجتماعات ورشة عمل "النظم السياسية ودور البرلمانات في الديمقراطيات العربية الناشئة" التي نظمها مركز القدس للدراسات السياسية بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور على مدار يومين بمشاركة برلمانيون وخبراء من عشرة دول عربية. هي مصر وسورية والعراق والبحرين والسعودية والمغرب وليبيا وفلسطين واليمن والأردن.

وفي كلمة إفتتح بها اعمال الورشة قال مدير مركز القدس للدراسات السياسية الزميل عريب الرنتاوي ان المنطقة بمجملها، من التحق منها بالربيع العربي ومن ينتظر، تدخل حقبة انتقالية جديدة....أنظمة جديدة تنشأ من رحم نظم بائدة... ونظم قديمة لم يعد بمقدورها أن تواصل الحكم بوسائلها المتقادمة... وكأي مرحلة انتقال، فإن معركة الإصلاح لن تضع أوزارها بسهولة، والمواجهة ستستمر بين قديم يأبى الرحيل والاستسلام، وجديد لم ينبثق بعد، ولم يستقر على قواعد جديدة للعبة.

واوضح الرنتاوي ان ورشة العمل تلج في أسئلة الإصلاح والتغيير من بوابات عدة... حيث تم التمييز بين نظم ملكيات دستورية وأخرى محافظة، مع الوعي بالتحفظات التي يبديها البعض على هذه التسميات والتصنيفات... كما تم التمييز بين دول الانتقال السلمي أو شبه السلمي للديمقراطية، ودول الانتقال العنيف والمكلف، مشيرا الى انه تم إفراد مساحة خاصة لسوريا، نظراً لأهمية ما يجري الآن على أرضها، ولثقل ما قد يترتب عليه من تداعيات، ستتخطى حدود سوريا والشام، إلى المنطقة بمجملها.

فيما اكد الدكتور مارتن بيك الممثل المقيم لمؤسسة كونراد اديناور في الاردن على ان الثورات الشعبية التي شهدتها العديد من الدول العربية خلال العام الحالي غيرت وجهة نظر اوروبية تقوم على نظرية مفادها ان العقلية العربية ترفض الديمقراطية ولا تستطيع ان تتعامل معها غير ان الثورات العربية اثبتت قدرة الشعب على التحرك كما فرض هذا التحرك على اوروبا والعالم انتهاج سياسات جديدة حيال دول المنطقة... وقال ان الاعتقاد السائد ان ما يحدث في العالم العربي ليس صراعا على السلطة بقدر ما هو انتقال سلس للسلطة حدث نتيجة رغبة الشعوب العربية في التغيير مشيرا بالدور الذي ينبغي على البرلمانات العربية ان تعلبه مستقبلا في الطريق نحو الديمقراطية لشعوب المنطقة.

في محور الإصلاح ودور البرلمانات في تجربة الإنتقال السلمي للسلطة، عقدت جلسة عمل برئاسة النائب جمال قموة تناولت تجربة مصر وتونس في هذا الإطار، حيث تحدث استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة عن ثورة 25 يناير والإرهاصات التي مرت بها مصر قبل حدوث هذه الثورة التي انتهت بتنحي الرئيس المصري حسني مبارك وتسلم مجلس عسكري للسلطة في مصر كمرحلة انتقالية.

واشار نافعة الى سلسلة من الملاحظات التي ينبغي اخذها بعين الاعتبار عند الحديث عن ثورات ربيع العرب ومنها الثورة المصرية فقال ان هذه الثورات ظاهرة عربية وهي ليست محددة ولا يمكن حصرها في إطار محلي والدليل انتقالها من دولة الى اخرى مشددا على ان نجاح تجربة التحول الديمقراطي في مصر هو مؤشر على نجاح هذا التحول في دول عربية اخرى وتحدث نافعة عن الفرق بين رؤية الشعب المصري والمجلس العسكري الحاكم للتغيير المنشود في مصر فاشار الى ان الشعب يريد تغييرا جذريا وسريعا فيما ان المجلس العسكري يريد تحولا تدريجيا في موضوع الإصلاحات.

كما تحدث نافعة عن الترتيبات الجارية حاليا في مصر لإجراء انتخابات مجلس الشعب والشورى وتباين الرؤى في مصر بين مختلف التيارات حول الاولويات مشيرا الى ان بعض القوى ترى ان الاولوية لوضع الدستور ، فيما ترى قوى اخرى ان الاولولية ينبغي ان تكون للإنتخابات واثارت كلمة نافعة جملة من التساوؤلات بين المشاركين وابرزها دور التيارات الإسلامية في عملية التحول الديمقراطي ومستقبل الحركات الإسلامية في ظل التطورات التي تشهدها مصر والمنطقة . كما طرح مشاركون اسئلة تركزت حول الدور الخارجي او الدولي على ما يجري في المنطقة العربية

في جلسة العمل الثانية والتي تناولت عملية الإصلاح في النظيم الملكية ، الاردن والمغرب نموذجا وتراسها النائب عبد القادر الحباشنة ، قدم عضو البرلمان المغربي والعضو القيادي في حزب العدالة والتنمية الدكتور محمد نجيب بوليف ورقة عمل تناول فيها مرتكزات النظام السياسي في المغرب والحركات المجتمعية الجديدة التي ظهرت في المغرب ومنها حركة 20 فبراير المطالبة بتحقيق إصلاحات سياسية في المملكة ، كما تحدث بوليف عن الإصلاحات الدستورية التي شهدها المغرب والتي صوتل لصالحها نسبة كبيرة من لاشعب المغربي كما تحدث عن الإستعدادات التي تشهدها المملكة المغربية لاجراء انتخابات مبكرة .. مؤكدا ان نجاح اية إصلاحات يعتمد على حجم المشاركة الشعبية ومدى صيانة حقوق الإنسان والإرتقاء بسلطة القضاء وإقرار إستقلاليته
وفي التجربة الاردنية عرض المدير العام لمركز القدس عريب الرنتاوي لعملية الأصلاح السياسي التي بدات في الأردن بعد هبة نيسان عام 1989 ولغاية الان... وتوقف الرنتاوي بشكل خاص امام الكثير من المبادرات الإصلاحية التي شهدتها المملكة خلال الفترة الماضية مثل الاجندة الوطنية والاردن اولا واشار الى ان فشل هذه المبادرات يعود الى عدم وجود قوة زخم كافية لإحداث الإختراق المنشود وصولا لتحقيق الإصلاح.

واستعرض الرنتاوي مطالب الحركات الشبابية والإجتماعية التي ظهرت مؤخرا تاثرا بربيع العرب . كما عرض للخصائص المميزة للنظام السياسي في المملكة، وخلص الرنتاوي في مداخلته الى نتيجة مفادها ان عملية الإصلاح السياسي في المملكة تسير ببطىء محذرا من نتائج عدم الإصغاء جيدا لمطالب الريا العام.

تناولت جلسة العمل الثالثة التي تراسها النائب بسام حدادين عملية الإصلاح وتجربة الإنتقال اللاسلمي للسلطة ، ليبيا واليمن والعراق كنماذج. وفي هذا الإطار تحدث استاذ علم الإجتماع السياسي في جامعة صنعاء باليمن الدكتور فؤاد الصلاحي فقال ان البرلمان اليمني لم يكن وعلى مدار العشرين عاما الماضية يلعب دورا مهما ومؤثرا في عملية التحول الديمقراطي في اليمن الامر الذي ولد احتجاجات متتالية وصولا لثورة الشباب الراهنة. واوضح الصلاحي ان البرلمان اليمني كان يمثل صوت السلطة الحاكمة . وتحدث الصلاحي ان احد ابرز اهداف ثورة الشباب في اليمن وهي الوصول لحكم برلماني ديمقراطي يعمل على تقليص سلطة الفرد في الحكم .

وعرض مدير مركز الابحاث العراقية الدكتور حيدر رشيد ورقة عمل تناولت دور البرلمان في سياق تعددي اكد فيها ان العراق وقبل عام 2005 لم يعش تجربة برلمانية حقيقية مشيرا الى ان النظام السياسي العراقي بعد عام 2003 بني على عنصريين رئيسيين هما النظام التعددي والحكم البرلماني... وعرض رشيد في ورثته المراحل التي مرت بها العملية السياسية في العراق وميزة كل برلمان من البرلمانات التي جرى انتخابها في العراق منذ عام 2005 وخلص رشيد الى نتيجة مفادها انه كلما تازم النظام التوافقي في العراق كلما ادى الى تعددية المؤسسة البرلمانية.

وعرض الباحث والمحلل الاسياسي الليبي السنوسي البسكيري تجربة التحول الديمقراطي التي تعيشها ليبيا راهنا بعد سقوط نظام معمر القذافي كما عرض لتجربة مجلس الحكم الإنتقالي في ليبيا وقال انه يحظى برضا غالبية ابناء الشعب الليبي الذي قدم الدماء من اجل الوصول للحرية والديمقراطية بعد عقود من الحكم الديكتاتوري.

تجربة التحول الى الديقراطية في سورية والتي كانت عنوان الجلسة الاولى من جلسات اليوم الثاني من اعمال الورشة شهدت نقاشات حادة حول ما تشهده سورية من احداث وبالاخص لجهة الدور الذي تلعبه المعارضة وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين وتراس الجلسة النائب البحريني عبد الجليل خليل.

حيث انتقد الكاتب والمحلل السياسي حكم البابا اداء المعارضة السورية في الخارج مشيرا الى الخلافات بين قوى المعارضة الخارجية وتركزيها على قضية الوصول للسلطة. وانتقد البابا المجلس الوطني الإنتقالي الذي اعنل عنه في استنبول مؤخرا وقال ان هذا المجلس يعتمد على المحاصصة كما انه مدعوم من الإخوان المسلمين مرجحا ان يكون هدف المجلس طلب تدخل خارجي ازاء الوضع القائم في سورية. وتتساء ل البابا عن مدى تمثيل المجلس للشعب السوري وثورته. واعرب عن الخشية وانه وفي حال انتصار الثورة اعادة تجربة الإستبداد التي عاشتها سورية خلال العقود الماضية. وقال ان المعارضة السورية ورثت طبع
الإستبداد الذي ميز نظام الحكم القائم في سورية . وقال ان المهم في هذه المرحلة اسقاط النظام والحديث عن اخطاء المعارضة.

واتهم البابا جماعة الإخوان المسلمين بمحاولة الوصول للسلطة في سورية وقال انهم يحاولون الإستيلاء على الثورة السورية تمهيدا لإستلامهم الحكم في حال نجاح الثورة. وعبر عن فكرته بوضوح عندما قال ارجو ان لا تختطف الثورة السورية من قبل تيار الإسلام السياسي. ونتيجة هجومه على جماعة الإخوان المسلمين تعرض البابا لانتقادات حادة من قبل بعض المشاركين الذين ذهب بعضهم للقول انه لا داعي للتخويف من الإسلاميين لان الفيصل في ذلك هو خيار الشعب عن طريق صناديق الإقتراع.

وكان عضو جماعة الإخوان المسلمين في سورية وعضو اتحاد علماء المسلمين العالمي الدكتور ياسين غضبان تحدث في بداية الجلية عن موقف الإخوان المسلمين من ما يجري في سورية وقال ان الثورة السورية بدات في الدخل السوري وان المعارضون في الخارج ومنهم جماعة الإخوان حملوا شعارات الثورة في بدايتها وهي مطالب الحرية والاصلاح منتقدا النظام السوري وواصفا تحركاته بإتجاه تحقيق إصلاحات بانها لم تخرج من الادراج التي وضعت بها

واشار غضبان الى ان المعارضة السورية عندما التقت في الخارج لم يكن احدا من اعضاءها يعرف الاخر نتيجة سياسية القمع التي فرضها النظام طوال العقود الماضية .. متهما بعض قوى المعارضة بمحاولة ابعاد الإسلاميين باي وسيلة كانت وقال غضبان ان الإخوان في سورية يشاركون في الثورة ولكنهم لم يستخدموا السلاح متهما النظام بمحاولة جر الشعب السوري لإستخدام السلاح وقال ان ما يقوم به الإخوان في بعض المناطق السورية هي عمليات دفاع عن النفس وغالبا ما تقوم بها النساء دفاعا عن البيوت والأعراض.

وحول علاقة جماعة الإخوان السوريين مع الولايات المتحدة في المرحلة الراهنة شدد الغضبان على ان العلاقة مع الامريكان مقطوعة تماما لان امريكا تحارب الإسلاميين تحت عدة شعارات ومنها محاربة الإرهاب . وشدد الغضبان على ان سورية ليست دولة ممانعة بل انها عملت على خدمة المصالح الامريكية طوال العقود الماضية وقال اذا عادت سورية لاحضان الشعب السوري كدولة ديمقراطية فإن مصالح امريكا في المنطقة ستتضرر.

جلسة العمل الثانية التي تناولت عملية الإصلاح في دول الخليج العربي تراستها النائب وفاء بني مصطفى . وفي هذه الجلسة عرض النائب والعضو القيادي في جمعية الوفاق البحرينية ورقة عمل بعنوان " رؤية في إصلاح النظام السياسي في البحرين استعرض فيها بدايات العمل الوطني في البحرين الذي يعود الى عام 1934 مرورا باول مجلس برلماني منتخب في البحرين عام 1973 والذي ضم مختلف القوى السياسية في البحرين . ايضاَ تناول في ورقته استفاء عام 2001 حيث دخلت البحرين عهدا جديدا مع التصويت على ميثاق العمل الوطني والذي اعاد بلورة العقد الإجتماعي للدولة في البحرين.

وتحدث النائب البحريني عن الارهاصات التي قادات لما اسماه انتفاضة 14 فبراير وقال ان الهدف من هذا التحرك الذي قاده الشباب تذكير الحكم بان الشعب هو مصدر وجوده وان ارادته هي التي تمنح الحكم الإستقرار. وشدد عبد الجليل ان الشباب البحريني وجد نفسه جزء من انطلاق انتفضات ما سمي بربيع العرب.

وطرح رؤية جمعية الوفاق لإصلاح النظام السياسي وقال في هذا الصدد " في نظرنا فإن عدم وجود تفعيل حقيقي لمبدا الشعب مصدر السلطات الذي هو اساس اي عقد اجتماعي ادى بكل تاكيد لاكبر انتفاضة تشهدها البحرين مشيرا الى ان المظهر الابرز لاختلال العقد الاجتماعي يتمثل في غياب السلطة التنفيذية المعبرة عن ارادة الشعب وغياب الملكية الدستورية الحقيقية وغياب السلطة التشريعية الكاملة الصلاحياتة المعبرة عن ارادة الشعب بصورة حقيقية ودعا الى تحقيق المبدا الأساسي في الملكية الدستورية بان يكون الملك رمزا وحكما يضمن وحدة المجتمع واقرار تشكيل حكومة منتخبة واقرار سلطة تشريعية بمجلس نيابي يملك سلطات كاملة وحقيقية وايجاد سلطة قضائية تعزز سبل إستقلالها عن القرار السياسي وتعزيز مبادىء المواطنة ومفاهيم الامن الإجتماعي.

كما عرض الكاتب والباحث السياسي وعضو الجمعية الاهلية لحقوق الإنسان في السعودية نجيب الخنيزي ورقة عمل بعنوان قضايا الإصلاح والمجتمع المدني في السعودية عرض خلالها لمحة تارخية عن طبيعة النظام السياسي في السعودية من خلال نشوء الدولة السعودية المركزية الحديثة وعمليات اكتشاف واستخراج النفط وما احدثته من تبدلات بنيوية في المجتمع السعودي وخلخلة نظام العلاقات الإجتماعية القديمة والعلاقات التقليدية...

وقال الباحث السعودي انه لا يمكن اغفال بعض المنجزات الإصلاحية الهامة التي تحققت في ضوء تبني الملك عبد الله بن عبد العزيز لشعاري الإصلاح واعتماد الشفافية والمكاشفة والمصارحة ازاء العديد من القضايا والمشكلات التي تواجه السعوديين وقال ان السعودية تعيش مرحلة جديدة هي بحق مرحلة مفصلية وحامسة في حياة البلد والمجتمع كما هو الحال مع البلدان والمجتمعات العربية الاخرى التي تقف امام مفترق طرق مشير الى ان هذه المرحلة يمكن اختزالها في عنوانين لا ثالث لهما ، وهما : اما الإصلاح الحقيقي والشامل تخت شعار ( الشعب يريد إصلاح النظام )، او الثورة تخت شعار ( الشعب يريد اسقاط النظام ) وقال ان من يضن او يتوهم انه سيكون منيعا وبمامن عن تداعيات اعصار الربيع العربي تحت دعاوى زائفة عن الخصوصية الوطنية او الإجتماعية او الدينية سرعان ما ستجرفه حركة الجماهير.
 
رابط الصور:
https://photos.app.goo.gl/PkJZ7fcpX3GHDUHHA
https://alqudscenter.org/print.php?l=ar&pg=QUNUSVZJVElFUw==&id=839