المواجهة بين الدولة والمجتمع على الإنترنت في السعودية

2003-11-14

يشوع تيتلبوم

تستعصي هذه المقالة استحداث السعودية للانترنت والطريقة التي تسعى بها المملكة لاحداث توازن بين مزايا الاتصالات والاعمال التجارية والمزايا الاقتصادية لثورة الاتصالات وبين الوجه المحافظ للاسلام. كما تتفحص المقالة استخدام الإنترنت من جانب المعارالسعودية في الخارج وجهود الحكومة لتصفية هذه المواقع وكذلك المواقع الاخرى التي تعتبرها الحكومة غير مرغوبة. وبذلك فان الحكومة تسعى لاستخدام الإنترنت للتحديث والعصرنة وللاستخدامات التجارية، وكذلك لمنع العولمة من التاثير على العادات التقليدية للمملكة. ولكن على الرغم من الجهود المبذولة للمركزية والسيطرة فان طبيعة الإنترنت تعني بان السيطرة ليست امرا مطلقا وكليا.تكافح الدولة السعودية الحديثة منذ تاسيسها عام 1902 للسيطرة المركزية ولاخضاع مجتمعها القبلي والتقليدي ، الذي ينفر من المركزية، لهيمنتها الثقافية والايديولوجية والدينية.

وعلى مر السنين، يتحدى مختلف الجماعات الاجتماعية سياسات الدولة المركزية. فمثلا ، تحتم على الحكومة مواجهة الجماعة العسكرية-القبلية المعروفة باسم "الاخوان"، وتم قمعها عام 1930، وبرز توجه اسلامي متطرف في اواخر السبعينات ومنتصف التسعينات، وحاول ذلك التوجه مواجهة احتكار الاسرة الملكية للحكم وللاسلام. وقد نجح ال سعود الى حد كبير في هذه العملية للسيطرة المركزية. ولكن برز في السنوات القليلة الماضية تحدي جديد اخذ شكل الإنترنت، ويتمتع بقوة هائلة محق كل ما يعترض سبيلها. ولكن يبدو ان السعوديين على استعداد جيد لهذا الاختبار والتحدي.

في الظاهر، تقدم الإنترنت امكانات مذهلة عبر الحدود غير ان الافادة من الإنترنت تبدو بحاجة الى انفتاح المجتمع. ولكن "توم فريدمان"، من "نيويورك تايمز"، ومؤلف الكتاب الاكثر رواجا "الليكسس وشجرة الزيتون: فهم العولمة"، يرى بان هذه البلدان التي لا تتمتع بحرية كافية للسماح بالتدفق الحر للمعلومات سوف يتجاوزها الزمن في عملية يسميها "الدمار الخلاق" صحيح ان كتابه لا يخلو من المنتقدين له، ولكن القليلين يخالفون الراي في ان هذه المجتمعات التي تعارض العولمة معارضة شديدة لن يكون في وسعها المشاركة في المنافع الاقتصادية لهذه القوة الضخمة. غير ان فريدمان يعترف بان العولمة والإنترنت هما كذلك "ينتجان حركة ارتجاعية قوية من اولئك المتوحشين او الذين تجاوزهم نظام العولمة".

ويرى فريدمان كذلك بان الإنترنت تعمل على التجانس،وهذا يعني انها تعمل الى حد كبير على اضفاء الصبغة الامريكية (الامركنة). وتواجه هذه الهيمنة الثقافية المعارضة من مجتمعات عديدة ممن تخشى من ابتلاع الجبروت الامريكي لثقافتها وقيمها. واخيرا،يمكن ان تشكل الإنترنت تحديا لسياسة الحكومات وهي تحاول السيطرة على التدفق الحر للمعلومات التي تعارضها. في عام 1997، منحت جائزة نوبل للسلام الى "جودي ويليامز"، وهي امراة امريكية تقوم بحملة لحظر الالغام الارضية. ورغم ان القوى المخمسة الكبرى عارضت معاهدة حظر الالغام البرية، واصلت تلك المراة حربها وكان سلاحها السري في ذلك هو "البريد الالكتروني".

ولكذلك فان الإنترنت هي نعمة ونقمة في ان واحد. من الطبيعي ان توجد الرغبة في جني مزايا ومنافع لعالم يتسم بالعولمة، ولكن اذا وجد مجتمع غير مفتون بنظام يرى بانه يخضع للهيمنة الامريكية، او اذا وجدت اعتراضات سياسية او اجتماعية او دينية عند حكومة ما على التدفق الحر للمعلومات، فان العولمة واداتها، وهي الإنترنت، تشكل مشاكل خطيرة لهذا المجتمع ولهذه الحكومة.
السعودية والإنترنت: النقاش

من البديهي ان السعودية مجتمع شديد المحافظة. فهي بخلاف أي دولة اخرى في المنطقة قامت على اسس الاسلام وقد سعى مؤسسوها الى ابراز صورة التفاني المخلص لاقامة دولة اسلامية خالصة في ارض مولد الاسلام، ارض مكة والمدينة. وتعتبر السعودية بان الاسلام هو دستورها وان الحكم فيها يسير كلية حسب الشريعة الاسلامية كيفما يقررها "العلماء". 

https://alqudscenter.org/print.php?l=ar&pg=QUNUSVZJVElFUw==&id=66