عقد مركز القدس للدراسات السياسية ورشة عمل في فندق الريجنسي بلاس بعمّان بعنوان "التيار المدني الديمقراطي في الأردن... فرص استنهاضه وتحدياته" بمشاركة نخبة من المثقفين والفاعلين السياسيين والناشطين الشباب. وأُوضح عريب الرنتاوي مدير عام مركز القدس في مُستّهل أعمال هذا الاجتماع، أن هذا اللقاء وما سيتبعه من أنشطة، يهدف إلى التعرف على واقع التيار المدني الديمقراطي من حيث مكوناته وما يواجه من تحديات وفرص، والإسهام في تمكين هذا التيار من بلورة "خريطة طريق" له للنهوض بأدائه واستنهاض دوره باعتباره رافعة من روافع التحول الديمقراطي في المملكة.
وقال الرنتاوي إن الانتخابات النيابية الأخيرة، أظهرت وجود ثلاث قوى رئيسية تتوزع المشهد السياسي الوطني الأردني، هي: القوى الدينية، والقوى العشائرية، ورجال الأعمال ذوي الطموحات الشخصية والفردية. كما أظهرت الحاجة إلى بروز قطب جديد في الحياة السياسية الأردنية، هو التيار المدني – الديمقراطي، لافتاً إلى أن فرص النجاح في "تظهير" تيار كهذا، تبدو اليوم أفضل من أي وقت مضى على الرغم من الصعوبات والعراقيل التي تعترض طريقه، وأعرب الرنتاوي عن قناعته بمعاناة هذا التيار من ضعف بنيوي، وغياب أحزاب سياسية قوية مُمثّلة له، وتبعثر القوى والشخصيات المُعّبرة عنه، وخضوعها عموماً للضغوط والأبتزاز التي تمارسها القوى التقليدية والمحافظة التي لم تتردد عن ممارسة التخويف والتكفير بحق رموز هذا التيار وأطروحاته.
وأضاف الرنتاوي في هذا اللقاء الذي عُقد بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور، بأن الانتخابات النيابية الأخيرة، وما شهدته من حملات وسجالات، تميزت بارتفاع أصوات ممثلي التيار المدني الديمقراطي، وبأنه لأول مرة تشهد انتخابات برلمانية أردنية، سجالاً بين التيار الإسلامي والتيار العلماني، وبأن الحملة الشرسة التي قوبلت بها التعديلات الأخيرة للمناهج والكتب المدرسية، ساهمت بتأكيد الحاجة الماسة، لتعزيز وتشجيع القوى المُكّونة لهذا التيار، ومساعدتها على توحيد جهودها للتصدي للفكر المتطرف، الذي يستغل الدين ويوظفه، للتصدي لمبادرات الإصلاح والتحديث في المجتمع الأردني.
وذّكر بأن نتائج الانتخابات الأخيرة دللت، على أن القيام بحملات مشتركة ومنظمة، لعناصر هذا التيار يمكن أن يعطي نتائج مثمرة، وقد برهن الفوز اللافت لقائمة "معاً" بأثنين من مقاعد الدائرة الثالثة في عمان، على الرغم من تبنيها الواضح لشعارات الدولة المدنية والعلمانية، أن النجاح في بناء "قطب" مدني– ديمقراطي، تبدو مهمة ممكنة، إذا ما توفرت لها عناصر التنظيم والعمل الجماعي المشترك، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الضيقة لمكونات هذا التيار.
وقال الرنتاوي إن هناك تصوراً بأن التيار الديمقراطي يتألف من ثلاثة مكونات، هي التيار المدني الديمقراطي بمعناه العام، والتيار المدني اليساري القومي الذي يتشكل من أحزاب سياسية مُرخّصة، والتيار المدني المحافظ بمرجعيته الإسلامية ومن مكوناته "زمزم" وشخصيات أخرى في هذا الأتجاه.
وختم الرنتاوي بالتأكيد على أن مستقبل مسار الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في الأردن، إنما يعتمد على قدرة الإصلاحيين الحقيقيين، من مدنيين وديمقراطيين، على مواجهة ظاهرة التطرف الديني والاجتماعي، ومحاولات التراجع عن مسار الإصلاح والتحول الديمقراطي.
من جهته أشاد د. مانويل شوبرت، المُمثّل المقيم لمؤسسة كونراد أديناور في الأردن، بالمناخات التي أفرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة، وما تُمثّله من فرص لتشجيع الشباب على المشاركة في العمل العام وهم يحملون مفهوماً واضحاً ويقدمون مساهمة واضحة، وأعرب عن امتنانه للتعرف على التيار المدني، وأشاد بالتعاون مع مركز القدس.
وتحّدث في الجلسة الافتتاحية النائب السابق مُنسّق "كتلة مبادرة" د. مصطفى الحمارنة، وقال نحن في المبادرة لم نستخدم مصطلح الدولة المدنية بل استخدمنا مصطلح الدولة الحديثة. وشدّد على أهمية الموضوع القيمي، باعتباره الأساس، وقال إنه قد فات القيادات التقدمية المستنيرة أن تتحدث عن هذا البُعد وتعطيه ما يكفي من اهتمام. وأضاف بأن الأعتقاد السائد لدى التيار الماركسي أنه إذا تغيرت البنية التحتية الإنتاجية، ستتغير معها البنية الفوقية ذات الصلة بما يحمله أفراد المجتمع من فكر وثقافة، غير أن الواقع لم يؤكد هذه النظرية برغم كل التطور الحاصل. وشرح لماذا لا يستخدم مصطلح الدولة الريعية في توصيف حالة دولنا، بل يفضل تعبير المفكر هشام شرابي عن النظام الأبوي الجديد لأنه يساعد في المعرفة الأكثر عمقاً للمشكلات التي تعاني منها المجتمعات العربية.
وأضاف الحمارنة إن التيار المدني بحاجة إلى أن يحدد هويته، ويجيب عن التساؤلات التالية من هو؟ وماذا يريد؟ لذا يلزمه أن يصيغ "وثيقة مبادىء" لهذا الغرض، لافتاً إلى أن العلاقة مع الدولة هي علاقة فردية تقوم على أُطر المشاركة على المستويات المختلفة النقابية والسياسية. وأن الحداثة والاستنارة تقوم على أساس المواطنة، وأن هناك حاجة للتركيز أيضاً على موضوع الجندر.
كما تحّدث في الجلسة الافتتاحية النائب م. خالد رمضان (قائمة معاً)، فقال ليس هناك تيار مدني بعد بالمعنى الدقيق للكلمة، إنما نُخب تعيش في جزر معزولة، ومع ذلك هناك حراك في هذا الاتجاه، ولذلك لا يمكن أن نعتبر أن تجربة "مبادرة" مسألة عارضة، وهناك ضغط كبير في الأُطر الداعمة لـ "معاً" تدعو للذهاب إلى تشكيل حزب سياسي وتنتقد أي بطء في الاستجابة لهذا المطلب، وقد خطونا خطوة في هذا الاتجاه.
وتوقف رمضان عند أهمية ملف التعليم، وأعرب عن أسفه أن قلة من النواب أظهروا موقفهم الحقيقي من الحاجة لتطوير المناهج والتعليم في خطابات الثقة بالحكومة، مبرزين أن التطوير ليس ضد الدين. وقال إن "السلفية" موجودة في كل الأوساط بما فيه النخب التي تدعي أنها من التيار المدني الديمقراطي وليس فقط في الأوساط الدينية واليمينية. وشدّد رمضان على أننا انتقلنا على المستوى العام إلى محطة جديدة وعالم جديد، وهناك تحديات يُمثّلها جيل الشباب الذي يُمثّل الأغلبية الساحقة من المجتمع. وقال إننا نتعرض إلى إشكالية في الحكم على حركتنا وتوجهاتنا بمعيار القضايا القومية، وليس بمعيار القضايا الوطنية، لافتاً إلى أننا الأردن الديمقراطي فقط هو الذي بوسعه أن يكون رديفاً للقضية الفلسطينية والقضايا العربية.
وأجرى المشاركون جولتين من النقاش حول موضوع ورشة العمل، اشتملتا على مراجعة واسعة لتطور الحياة السياسية والحزبية في الأردن، ولتجارب توحيدية للقوى الديمقراطية في بلورة أحزاب وتجمعات لم يكتب لها النجاح. وأبرزت المناقشات وجود تلاوين مختلفة كأفضليات في وصف التيار المدني الديمقراطي، وحول سبل النهوض بتحديث المجتمع الأردني في ظل التحديات الداخلية والخارجية. وتم تسليط الضوء على دور الشباب والمرأة على امتداد الأردن في التغيير الاجتماعي والديمقراطي. وبالقدر الذي أظهرت فيه المناقشات وجود رؤى مختلفة حول فرص التيار المدني الديمقراطي بملء الفراغ السياسي كقطب ثالث في المجتمع إلى جانب التحالف الحاكم وقوى الإسلام السياسي، وبالتحديات التي تواجهه، فقد كشفت عن وجود عدد من المبادرات التي قطعت شوطاً في بلورة قيام أحزاب أو مشاريع أحزاب جديدة من أبرز روادها نواب حاليون أو سابقون: جميل النمري ، سمير عويس، د. مصطفى الحمارنة، و.م. خالد رمضان. ومن بين المقترحات التي تداولها المشاركون مقترح عقد ملتقى وطنى لمزيد من الحوار لبلورة الأفكار المناسبة للنهوض بواقع التيار المدني ودوره.
برنامج عمل:
الاستقبال والتسجيل: 9:30-10:00
الافتتاح: 10:00-10:30
- كلمة مركز القدس للدراسات السياسية، الأستاذ عريب الرنتاوي،المدير العام
- كلمة مؤسسة كونراد إديناور، الدكتور مانويل شوبرت، المُمثّل المقيم للمؤسسة في عمّان.
الجلسة الأولى: 10:30-12:00
- الأطر المرجعية والمؤسسية للتيار المدني الديمقراطي في الاردن.. مكونات هذا التيار واتجاهاته.
- نقاش عام
الجلسة الثانية: 12:30-2:30
- فرص هذا التيار وتحدياته... الخطوات التالية
- نقاش عام وتوصيات
غداء :2:30
قائمة المشاركين:
1- أحمد أبو صعيليك ناشط سياسي، مدير مدرسة الأمير عبد الله الاساسية في الزرقاء
2- د.بارعة النقشبندي محاضرة غير متفرغة في قسم العلوم السياسية الجامعة الأردنية، عضوة الهيئة التدريسية في كلية الآداب جامعة البتراء
3- جمال ناجي كاتب وروائي، عضو اتحاد الكُتَاب العرب
4- جواد الجعافرة عضو الحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني
5- خالد أبو السمن ناشط سياسي
6- خالد رمضان عضو مجلس النواب الثامن
7- دانا الأمام صحفية، جوردان تايمز
8- د.ذوقان عبيدات خبير تربوي، باحث في إصلاح المناهج
9- رائد الخطيب ناشط سياسي
10- رائد وهبة عضو مؤسس في مبادرة تقدم للأردن
11- سلمان النقرش عضو الحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني
12- سمير عويس نائب سابق في مجلس النواب السابع عشر
13- سوزان يعقوب ناشطة سياسية
14- شادي دودين عضو حزب البعث العربي الاشتراكي
15- د.صفاء شويحات أستاذ مشارك في الجامعة الألمانية الأردنية، المستشارة الأكاديمية سابقاً في المجلس الأعلى للعلوم والكنولوجيا
16- عبد الرحمن غيث ناشط سياسي ونقابي
17- د.عرفات الأشهب طبيب وناشط سياسي يساري
18- عزام الصمادي رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقبلة
19- علاء علان صحفي، جريدة الأنباط
20- علي أبو قلبين ناشط سياسي
21- علي جاد الله صحفي، قناة عمان الأردنية
22- د.غازي مشربش نائب سابق في مجلس النواب السادس عشر، مدير عام ثيودور شنلر، عضو ومؤسس لجمعية الشبان المسيحية
23- د.فوزي السمهوري رئيس جمعية جذور لحقوق المواطن، ناشط سياسي
24- لميس الصفدي ناشطة سياسية
25- ماجد الأمير صحفي، جريدة الرأي
26- مجد حسونة عضو، الحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني
27- محمد الهندي عضو الهيئة الإدارية لجمعية الكتاب الألكترونيين
28- محمد أبو عودة ناشط سياسي، جامعة البتراء
29- د.مصطفى الحمارنة نائب سابق في مجلس النواب السابع عشر، رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي
30- د.نظام بركات أستاذ علوم سياسية في جامعة اليرموك
31- هالة عاهد محامية، المستشارة القانونية لاتحاد المرأة الأردنية
32- هيثم الطوافشة ناشط سياسي
33- هيثم دحبور عضو رابطة الشباب الديمقراطي "رشاد"
34- وحيد قرمش نائب الأمين العام للشؤون التنظيمية في الحزب الديمقراطي الاجتماعي الاْردني
طاقم مؤسسة كونراد إديناور
1- ايميك هاس باحثة ومديرة مشاريع
2- صوفيا ويلك باحثة ومتدربة
3 د.مانويل شوبرت المُمثّل المقيم لمؤسسة كونراد أديناور في الأردن
طاقم مركز القدس
1- حسين أبو رمان مدير وحدة الدراسات
2- صبا عمارة مساعدة باحث
3- عريب الرنتاوي المدير العام لمركز القدس
4- هالة سالم المديرة التنفيذية