A+ A-
انتخابات 2007 "وجهة نظر- حزب جبهة العمل الإسلامي

2004-11-20

د. عبد اللطيف عربيات
رئيس مجلس الشورى جبهة العمل الاسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله،
أيها الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،سعادتي كبيرة أن أكون بينكم، في هذا اللقاء الطيب المبارك إن شاء الله، وأود أن اشكر أخي وزميلي وصديقي، الدكتور صالح الزعبي على ما بيننا من معرفة وود وعلاقات قديمة، وجديدة ومستمرة إن شاء الله، واشكر مركز القدس للدراسات السياسية على هذا الجهد، وهذا التنظيم، وعلى طرح هذا الموضوع وأشكر الإخوة والأخوات على هذا الحضور الطيب المبارك إن شاء الله. وطبيعة الأمر، أن مثل هذا الحديث، في مثل هذا الوقت المحدد الضيق، لا يكون إلا بالإشارات الكبيرة المختصرة عن هذا الموضوع، لأنه لا يحتاج من المتحدث أن يعطي كل شيء، يستحقه، لكن، لعل الإشارة في بعض الحالات والنقاش تغني ما يمكن أن نتجاوزه في هذا الحديث.

مقدمة:
لماذا نشأت مشكلة باسم "قانون انتخاب في الأردن"؟ وهل سبق أن نشأت مشكلة لهذا الموضوع منذ نشأة الأردن في أوائل العشرينيات من القرن العشرين؟ لماذا بدأت حملات متصلة على موضوع الانتخابات في ميادين الجامعات، والعمل الطلابي، وإجراء الانتخابات الطلابية على مبدأ الصوت المختزل النيابي؟ ولماذا محاولات تعميم مبدأ تعيين رؤساء البلديات في مراكز المحافظات أسوة بأمانة عمان، وتعيين 50% من الأعضاء بدل الانتخاب المعمول به حاليا..؟ ولماذا هذه الحملة على النقابات المهنية، ومحاولات كسر الواقع الانتخابي الحر الذي يشرف عليه ويديره النقابيون أنفسهم، وإثارة قضايا مهننة النقابات، وحرية الانتساب إليها؟ ومتى بدأت قضية النقابات بهذه الصورة الحالية؟وقبل هذا وذاك من المستفيد من إثارة هذه القضايا، ووضع مثل هذه التعقيدات؟ وماذا كان عائد هذه الإثارات على مستوى الفرد والاقتصاد والتربية والوطن، وعلى مستوى صورة الأردن في الداخل والخارج؟

هل الأردن شعبا ومؤسسات مؤهلاً ليمارس حقه الانتخابي النيابي، والطلابي، والنقابي، والبلدي، ويحقق أهداف العملية الانتخابية ممارسة ومردودا..؟ ومتى بدأ "الشد العكسي" في العملية الانتخابية بالرغم من ممارسته ذلك منذ ما يقارب القرن من الزمان؟
ماذا يعني لنا طلب وضع قانون انتخاب عصري كما ورد بكتاب التكليف السامي لهذه الحكومة؟ والتزام الحكومة الحالية بذلك ببيانها الوزاري، وهي الحكومة السادسة بعد عام 1993، التي وعدت بوضع قانون يحل محل هذا القانون الحالي المختزل؟
وماذا يعني لنا تجميد مشروع التعديل للقانون في إدراج مجلس النواب، وصمت الحكومة عن ذلك وعدم طلبها إعطاءه صفة الأولوية والبحث؟!
ان الإجابة عن هذه الأسئلة يمكن أن يجيب عن السؤال موضوع البحث: (أين وصل قانون الانتخاب الأردني الجديد؟)، ولماذا كل هذه الإعاقات؟

أ-أين الخلل..؟
من الأمور البدهية عند إجراء أي عملية انتخابية "أخذ الرأي" فيمن يمثل الناس طبقاً للتشريع المعمول به، أو إجراء استفتاء ما، أو مسح ما للوصول الى حقائق مطلوبة، ان تقسيم الدولة، أو المجتمع الانتخابي الى وحدات يتفق عليها من قبل الإدارة المكلفة بذلك، ووفق التشريع المقرر من الجهة المسؤولة دستوريا. وهذه الوحدات تسمى المناطق، أو الدوائر الانتخابية، ويراعى في التقسيم الطبيعة الجغرافية والسكانية، وغير ذلك من الأمور التي تساعد على إجراء العملية الانتخابية بسهولة ويسر. ومن البدهي –أيضا- ان يخصص لكل دائرة انتخابية عدد من المقاعد يتناسب مع حجم تلك الدائرة جغرافياً وسكانياً، ومن الأكثر بداهة ان ينتخب الناخب العدد المخصص لدائرته الانتخابية..! في ورقة انتخابية مخصصة لذلك. من المعلوم بداهة ان حجم الدائرة يتناسب مع عدد المقاعد كما ذكرنا، آنفا، وهنا يتحقق مبدأ المساواة في هذه العملية التناسبية ابتداء بين الناخبين أصحاب الحق المشروع في هذه العملية..!

إن عملية التقسيم، وتحديد الدوائر الانتخابية، وتحديد أوزانها التمثيلية عملية معمول بها في كل أنحاء العالم. فهي تتفاوت بين ان يكون لكل دائرة انتخابية مقعد واحد، أو أكثر حسب النظام الانتخابي المعمول به والمتفق عليه، وهذا التفاوت يقع في مدى المقعد الواحد للدائرة الواحدة، وبين ان يكون الوطن كله دائرة انتخابية واحدة، ويتم الانتخاب على مستوى البرامج الوطنية، والنائب ممثل لكل الوطن حسب برامجه المقدمة للإصلاح والتطوير والأداء المطلوب من ممثلي الشعب.
في جميع الحالات يعطى الناخب الحق في انتخاب العدد المقرر لدائرته الانتخابية، فإن كان واحدا فواحد، أو كان كل المجلس وحسب البرامج على مستوى الوطن، وهذا ما هو معمول به في كل أركان الكرة الأرضية قديما وحديثا. فماذا يمكن أن نجد من خلل إذا قيل للناخب انتخب واحدا من العدد المقرر لدائرتك الانتخابية بدلا من كل العدد المقرر لدائرتك الانتخابية!!
فأين الخلل في مفهوم المساواة، ومفهوم العدل والمنهج العلمي للبحث، ومفهوم التشريع المعمول به الذي قرر ان جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات! وهل لاحد ان يدلنا على دولة في العالم، أو منهج علمي مقبول عالميا قبل ان يقبل بهذا الاختزال لصوت الناخب كما جاء في قانون الانتخاب الأردني الذي تم السطو عليه، واختزاله بقانون (مؤقت عرفي) بعد حل مجلس النواب الحادي عشر عام 1993م.

ب-هل الخلل في الفهم، أم في النيات؟
إذا علمنا ان ما سمِّي بقانون الصوت الواحد لم يدخل أي تعديلات على القانون الأصلي (22 لسنة 1986) سوى العبارة التالية: (ينتخب الناخب واحدا من العدد المقرر لدائرته الانتخابية)، بدلا من (ينتخب الناخب العدد المقرر لدائرته الانتخابية)!!
فهل الخلل في الفهم، أم في النيات؟ على ضوء الحقائق التالية:
1-منذ نشأة إمارة شرق الأردن 1921، وما جاء في دستور 1947، ودستور 1952 المعمول به حاليا وتشريعات المجالس الاستشارية (1923-1929)، والمجالس التشريعية (1929ـ1947) والمجالس النيابية (1947 ـ 1993)، وعددها أحد عشر مجلساً نيابياً، كان الناخب ينتخب العدد المقرر لدائرته الانتخابية، وكما هو معمول به في دول العالم...!
2-هل انتخابات 1989 للمجلس الحادي عشر، والتي أوصلت اثنين وعشرين نائباً من الحركة الاسلامية الملتزمين، وحوالي عشرة نواب من الإسلاميين المستقلين، وعدداً لا بأس به من القوميين والديمقراطيين المستقلين الذين أيدوا المرشح الإسلامي لرئاسة المجلس لثلاث دورات متتالية كان له الأثر في هذا الإجراء في اختزال صوت الناخب الى هذه الدرجة!
3-أو هل ما قام به المجلس الحادي عشر من وضع واقرار حزمة من قوانين الحريات مثل قانون المطبوعات، قانون الأحزاب، قانون استقلال القضاء، قانون محكمة أمن الدولة، قانون من أين لك هذا؟ أو قانون الكسب غير المشروع الذي تم تجميده ورفضه من المجلس الثالث عشر نواباً وأعياناً الأثر في هذا الإجراء موضوع البحث!!
4-أم هل حجم الرقابة النيابية على السلطة التنفيذية، وقضايا الفساد المالي والإداري، وقيام المجلس الحادي عشر كنائب عام حسب نص الدستور، ولأول مرة في تاريخ الأردن في التحقيق في قضايا الفساد المالي والإداري، واتخاذ القرارات في جلسات علنية الأثر المباشر في إثارة القوى بالمقابل للعمل على تشكيل قوى (شد عكسي) عملت على مسخ عملية الانتخاب، وعلى المستويات كافة؟
5-أم هل الحملة على انتخابات الجامعات، والنقابات والحفر تحت أقدام النقابات المزودة بأربعة عشر قانونا ابتداء من الخمسينيات حتى اليوم، والحديث عن عدم شرعيتها هو من سوء الفهم أم من سوء النيات!!
6-هل الحملة المضللة التي يقودها البعض لتبرير القانون المختزل، والمشوه تعتبر من سوء الفهم، أم من سوء النيات والادعاء بان جميع انتخابات الأردن من يوم نشأته حتى وضع هذا القانون كان مخالفا للدستور!! وإن مبدأ المساواة متوافر في هذا القانون، وان انتخاب العدد المقرر في الدائرة الانتخابية مخالف للدستور، والعدالة والمساواة..!
7-هل يعاب على الكتل المنظمة، والتي تعمل ضمن أهداف وبرامج للإصلاح يعاب عليها تنظيمها وأهدافها وبرامجها الإصلاحية؟؟ فأي فهم هذا وأي سوء نيه تلك!! وأين مصلحة المواطن والوطن والأمة!! حيث تم التصريح بالفم الملآن: إن القانون الأصلي كان لصالح هذه الفئة المنظمة، وهم المستفيدون من موضوع القائمة!! ويجب تغييره!!

ج-ماذا تم من إجراءات بخصوص قانون الانتخاب:
المواطنون جميعا معنيون بهذا القانون، وهو حجر الزاوية في عملية الإصلاح المالي والإداري، ومحاربة الفساد، وترشيد السياسة والاقتصاد، وجميع جوانب الحياة في هذا المجتمع. فانتخاب ممثلي الشعب بصورة عادلة وحرة ونزيهة هو المدخل الحقيقي لتمثيل هذا الشعب مصدر السلطات، كما نص على ذلك الدستور، والمنتخبون هم الضمانة الحقيقية لاصلاح الأمور المذكورة جميعها. فلماذا كل هذه الإعاقات لإصدار قانون يطمئن الشعب على مستقبله، وحسن تمثيله وكل هذه المماطلة في تنفيذ ما هو مطلوب شعبيا ودستوريا:
1-فمنذ انتخابات 1989 واللجان الفنية تعمل على دراسة نتائج ما حدث بعد تلك الانتخابات، وتم تشكيل اللجان المحلية، والاستفادة من الخبرات الخارجية؛ لوضع الحلول التي تضمن الحد من هذا الذي حدث، فكان قانون ما سمي بالصوت الواحد الذي وضع من قبل الحكومة المشكلة على صورة قانون مؤقت، وأجريت الانتخابات على أساسه وبإدارة وإشراف ذات الحكومة التي وضعت القانون المؤقت ذائع الصيت.
2-في ظل المجلس الثاني عشر، والذي تجمع فيه للحركة الاسلامية سبعة عشر نائبا تم تمرير معاهدة وادي عربة بأغلبية الأصوات المضمونة، وكذلك الكثير من القوانين والتشريعات التي أرفقت بالمعاهدة، وبخاصة القوانين الاقتصادية.
3-طرح في انتخابات 1993 في الحركة الاسلامية أمر مقاطعة تلك الانتخابات بسبب ما ظهر من نيات واضحة، ومنها القانون المؤقت، ولكن النداءات الرسمية والشعبية ورغبة الحركة في عدم التفريط بمنجزات المجلس الحادي عشر، والمسيرة الشورية الديمقراطية في ظل ذلك المجلس رجحت عدم المقاطعة لتلك الانتخابات.
4-منذ ذلك التاريخ والمطالبات مستمرة لتعديل القانون، وإزالة الحيف الذي لحق بالعملية الانتخابية. وتم عقد عشرات الندوات والمحاضرات، وغطت الكتابات المتخصصة أعمدة الصحف والمجلات، وتم استقدام خبراء من الدول الاسكندنافية، والعربية، وعقدت مراكز الدراسات الأردنية بالتعاون مع أخرى خارجية حلقات بحث ومناقشات، وكلها تبحث عن معالجة لهذا الواقع الذي أحدثه هذا القانون المرفوض شعبيا وعلميا ودستوريا..
5- تتالت سبع حكومات منذ 1993 وحتى اليوم، وكلها بحثت في هذا الأمر، ولم يتم اتخاذ الإجراء المطلوب. وفي عام 1997 عادت ذات الحكومة التي وضعت القانون عام 1993وأشرفت وأدارت الانتخابات، وأغلقت باب الحوار مع القوى السياسية والوطنية التي شكلت لجنة لهذه الغاية وحيث ان الحكومة ما كانت راغبة في استمرار الحوار تمت مقاطعة تلك الانتخابات من أحزاب المعارضة، والنقابات المهنية، وقوى وطنية مستقلة احتجاجا على هذا الواقع المرفوض شعبيا..
6-أجرت حكومة السيد عبد الرؤوف الروابدة حوارا مع الأحزاب، واستعدّت لاتخاذ الإجراء اللازم بخصوص القانون، وبعد تلبية طلباتها بتقديم مشروع بديل تمت، مناقشته في أكثر من جلسة مع الحكومة المذكورة، وقامت أحزاب المعارضة بتوقيعه وتقديمه لها ومناقشته تفعيلاً لإجماع أحزاب المعارضة على هذا المشروع حيث قبلته الحكومة، ووعدت ببحثه مع الجهات المعنية الأخرى، وذهبت دون اتخاذ أي إجراء بشأنه، ولم تتم مناقشة عناصر المشروع الأساسية.
7-جاءت الحكومة الحالية، وهي مكلفة بكتاب التكليف السامي بوضع قانون انتخاب عصري، ووعدت ببيانها الوزاري بذلك، ومضى عام على تشكيلها ولم تتقدم بشيء في هذا المجال؛ بحجة ان القانون في إدراج مجلس النواب، والنواب يقولون ان الحكومة لم تطلب وضع الأمر في صفة الاستعجال، ويبدو أن هناك اتفاقا على ذلك بين الحكومة والمجلس لمرور الوقت دون أي إجراء، وقد يكون هناك شيء مرتب لذلك، حيث قال مسؤول في اللجنة القانونية: (لم يصلنا توجيه من الحكومة بذلك).
8-وأخيراً أعطيت الحكومة مدة شهر واحد لتقديم مشروع قانون مؤقت (عصري)، وما أعلن عن هذا المشروع مخيب للآمال إذا لم يتم الخروج من دائرة الخلل المصنوع في المشروع، حيث أبقى الصوت المختزل على حاله..! ومع الأسف إن رئيس الوزراء أعلن عن ذلك آنذاك! في أثناء وجود المجلس النيابي المنحل، ولم يأخذ اعتبارا للصلاحيات الدستورية في هذا الباب!د-ماذا بعد!!وعلى ضوء مجريات الأحداث منذ عام 1993 بخصوص العملية الانتخابية العامة سواء كانت نيابية، أو نقابية، أو بلدية، أو غير ذلك، وما تعرضت له هذه العملية وبصورة غير مسبوقة وغير مبررة، فإننا نود ان نذكِّر بالأمور التالية:
1-إن العملية الانتخابية الطبيعية، وشعور المواطن أنه مسؤول عن إدارة أمور نفسه ومجتمعه، وأمته تكوّن لديه الثقة التي لا يمكن ان تتكون بغير هذه الأمور، وتجعل منه عنصر الأمان والعطاء والبذل. ونحن في الأردن أحوج ما نكون إلى هذه الثقة، وهذا الشعور بالأمان والقدرة على العطاء، لمواجهة التحديات الصارخة في هذه الأيام، والأيام القادمة...
2-إن انتخابات عام 1989 جاءت بعد هزات وتحديات اقتصادية واجتماعية وفساد ومديونية ما كان يمكن مواجهتها بغير هذه الانتخابات النزيهة، التي أعادت الثقة للمواطن، وجعلت منه عنصر عطاء وبذل وتحمل، وعلى ضوء ذلك تم تجاوز كل الإعاقات، ووصل الأردن في مسيرته تلك الى مقدمة الدول في المنطقة وعيا وتحديا وموقفا..
3-إن القوى المهيمنة سواء كانت داخلية أو خارجية، قد وضعت الأردن في مأزق كبير في تبني قانون مختزل، ومشوّه حيث زينت هذا القانون لدى البعض، وقامت بمتابعته وتبني استمراريته هذا القانون، وقد آن الأوان لتقدير الأضرار التي تمت على مستوى الدولة والوطن، وصورة الأردن الداخلية والخارجية نتيجة هذا الواقع، وإيقاف هذا التيه الذي اضر ببنياننا الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وفي الوجوه كافة.
4-ان عملية التخويف من وجود الحركة الاسلامية في مقدمة الصفوف في جميع المواقع الانتخابية عملية غير مبررة، وقد التقت فيها نيات خارجية وداخلية غير أمينة، ولا تريد إلا مصلحتها الذاتية ولو على حساب مصلحة الوطن. ان الحركة الاسلامية في هذا البلد أثبتت على الدوام إنها الأكثر التزاما وتقديرا لمصلحة الوطن، وإنها الضمانة الأكيدة لحماية أمن الوطن ومصالحه القريبة والبعيدة، والسدّ الواقي ضد الاختراق الداخلي والخارجي، والتخويف منها لا يخدم مصلحة هذا الوطن، وبخاصة مصالحه العليا.
5-إن البديل المقدم من أحزاب المعارضة للقانون الانتخابي، وفي مقدمتهم جبهة العمل الإسلامي يخدم مصالح الوطن والأمة، ويخرج الواقع المعاش من أزمته المصنوعة التي لا يجوز التهاون فيها، أو المماطلة في مواجهتها...وفي حالة رفض البدائل المطروحة، فان ذلك يلقي ظلالا كبيرة على النيات في الميدان الانتخابي، ويدفع الجميع إلى الشك في جوهر العملية الانتخابية، وقبولها من حيث المبدأ..!
6-ويبقى السؤال الكبير وارداً في سياق ما تم حتى الآن..الانتخابات النيابية القادمة الى أين؟
* ويجدر بنا توجيه الأسئلة التالية على ضوء تجارب وممارسات الحكومات منذ عام 1993، وهذه هي الحكومة الرابعة، ومن بينها:
* لماذا هذه الغمغمة وعدم الإفصاح عن الفهم الواضح، والنيات الصادقة في العملية الانتخابية من حيث قبولها أو رفضها..؟ وهل العملية الانتخابية مقبولة من حيث المبدأ سواء في التمثيل النيابي، أو النقابي، أو الطلابي، أو البلديات حيث أصبح هناك شك في الفكرة من حيث القبول، نظراً للممارسات الحكومية على هذه الأصعدة جميعا!!

*وعلى ضوء ذلك هل شعب الأردن أفراداً ومؤسسات مؤهلاً لممارسة حقه الانتخابي دون وصاية من أحد رغم ممارسته هذا الحق من بدايات القرن الماضي! وبلد بهذا الحجم لديه أكثر من خمس وعشرين جامعة ونسبة الطلاب إلى السكان تزيد على 34%، ونسبة الأمية انخفضت من 80% إلى 8% !! هل هذا الشعب غير قادر على ممارسة حقه الانتخابي بصورة طبيعية..إنه لظلم كبير، وغبن لحق بالوطن والمواطن ومصالحه العليا!!

7- كلمة أخيرة نقولها في هذا المجال، وعلى ضوء عدم وضوح موعد الانتخاب، والإصرار الحكومي على قانون الصوت المختزل، وعدم القدرة على مواجهة نتائج الانتخابات الحرة، والإصرار على تعميم النتائج كما تريدها الحكومة، فإننا نرى ومن باب توفير النفقات، وما دامت النتيجة واضحة ومرسومة بصناعة النتائج سلفاً، أن يقلص عدد مجلس النواب الى النصف أو أقل من ذلك، ولا فرق في تعيينهم، أو انتخابهم بالطريقة المرسومة، لأن زيادة العدد الى مائة أو أكثر هو على حساب المواطن، وهذا يزيد من عنائه وشقائه فوق ما يواجهه من زيادة في الرسوم، والأسعار في كل صباح!.لماذا هذا المؤتمر..؟هل هناك ما يمكن أن يضاف إلى ما قد قيل، وكتب، وطلب، وأعلن، ووعد به من قبل جميع المعنيين، وعلى المستويات كافة، والتي شملت كلا من:

1-الإرادات الملكية التي صدرت لستَّ حكومات منذ عام 1993، وطالبتها بوضع "قانون انتخاب عصري"..!
2- وعود رؤساء هذه الحكومات الستِّ بالاستجابة لهذه الطلبات.
3- الدراسات المؤسسية حكومية أو خاصة، والتي انفق عليها الكثير من الأموال الداخلية والخارجية،والتي استقدم لها خبراء من أنحاء العالم، وبخاصة من الدول الاسكندنافية...!
4- دراسات الأحزاب وتوصيات مؤتمراتهم، والتعاون مع النقابات المهنية، والقوى الوطنية المختلفة، وبخاصة توصيات واقتراحات أحزاب المعارضة، والتي نوقشت وأقرّت مع بعض رؤساء الحكومات.
5- المقالات والكتابات، والندوات، والمذكرات، والأبحاث والدراسات التي غطت صفحات وسائل الإعلام المختلفة، والتي لم ينل مثلها أي موضوع آخر طيلة هذه الإحدى عشرة سنة الماضية.وكانت خلاصة ذلك كله، وبعد مخاض طويل من العناد والمكابرة والتدليس، ثم الإفاقة من (لوثة) ما سمي بقانون الصوت الواحد (أو الصوت المجزأ)، والمطالبة بالخروج من هذا النفق الهاوية، والذي لوث الحياة الاجتماعية كلها: نيابية، أو بلدية، أو طلابية، وأساء الى كل مسيرة هذا البلد التاريخية.

إن ما جرى خلال هذه السنين العجاف أساء وكدر نمط الحياة الدستورية منذ 1921 والمجالس الاستشارية، ومرورا بـ1929، والمجالس التشريعية و 1947، والمجالس النيابية، وآخرها هذا المجلس الرابع عشر، فمن المسؤول عن ذلك كله؟ وهل الى خروج من سبيل بعد ان أصبح لدينا ما يزيد على خمس وعشرين جامعة عامة وخاصة وبضعة آلاف من المدارس غطت كل أنحاء الأردن؟!

أليس اظلم الظلم، ظلم الإنسان لنفسه عندما يكتب بعض من يُقال لهم "كتاب التدخل السريع"!، أو بعض السياسيين من قوى "الشد العكسي" ليقال لنا: لسنا مؤهلين لممارسة الديمقراطية في الانتخابات، ويجب أن يعين النصف زائد واحد، والرئيس منهم، سواء في البلديات، أو في النقابات، أو الاتحادات الطلابية...أليس من الظلم ان يسوغ لنا هدم المؤسسات التي نشأت مع نشوء الأمارة عام 1921، واستمرت حتى جاء هذه الأيام من يقول باستبدالها بالخلوات حتى في قمة التخصصات المؤسسية كالتعليم العام والعالي، وتصدر قرارات التغيير من هذه الأبواب..!

إنها أمانة الكلمة التي تبدو مرة، ولكننا نقولها بكل صراحة مبتغين وجه الله والمصلحة العليا لهذه الأمة، وهذا البلد المرابط. ونكرر السؤال هل ما لدينا ما نضبطه إلا ما تم بحثه وإنضاجه بصورة كاملة!!

ب- التشريع واستقرار المجتمعات:
يعبر التشريع عن مستوى الفكر والتقدم والتجديد في المجتمعات، وهو أرقى ما لدى المجتمعات من رؤى عن واقع الحياة الفكرية، الاجتماعية، الاقتصادية التربوية، غيرها؛ لانه الناظم لعلاقات هذه القطاعات بعضها مع بعض. التشريع يقوم به ويتولاه أهل السلطة العليا في المجتمعات الإنسانية إعداداً وإدارة وولاية عامة على قطاعات، وفعاليات المجتمع كافة.ويبنى التشريع على قواعد الفكر للأمة، ومرجعياتها الحضارية الأساسية. وتقوم المؤسسات الموصلة للشعب بكل فئاته بوضع وإقرار مواده، وبأغلبية كبيرة ومعتبرة، حيث يكتسب الصفة القطعية الملزمة للجميع.
كما يبنى ويصنف التشريع على شكل طبيعي هرمي حسب قوة وأهمية هذا التشريع، ومستوى إقراره من المرجعيات المعتمدة لذلك.

الهرم التشريعي المستقر رأسه الدستور الذي يتم إقراره بأغلبية تمثيلية عالية، أو باستفتاء شعبي عام. ويلي الدستور في الهرم التشريعي القانون الذي تقره أغلبية تمثيلية اقل من الدستور ثم النظام، فالتعليمات التي تقرها سلطات إدارية تنفيذية، وهذا ما يشكل قاعدة الهرم التشريعي الذي يتربع على قمته الدستور رأس التشريع كله. وأشارت التجربة الإنسانية والأبحاث الاجتماعية العلمية إلى الارتباط الوثيق بين استقرار التشريع بمستوياته المختلفة، والالتزام بها وبين استقرار المجتمعات واستمرارية عطائها. وتشير هذه المراجع إلى أن أي خلل في مستويات التشريع، أو التلاعب بمستوياتها الهرمية بناء وممارسة، يؤدي إلى انقلاب الهرم التشريعي وعدم استقراره، وهذا يؤدي حتماً الى خلل أكبر في واقع المجتمع واستقراره...وهذا يعني بكل وضوح إن كل نكسة في التشريع مهما كانت مسبباتها ومبرراتها، تؤدي حتماً إلى نكسة في مسيرة المجتمع، وتدني عطائه وتراجعه ونكوصه.

أردت بهذه الكلمات أن أنبه الى ان النظام الملكي الدستوري تحكمه معايير ومرجعيات مترابطة، توزع في السلطات والمهام والأدوار وان أي تجاوز أو تعدٍّ من سلطة على أخرى تكون النتيجة اختلال وإرباك، وإذا لم يتم تداركه سيفضي إلى واقع ليس في صالح أحد. أود الإشارة هنا إلى أن كثير من الاختلالات في السنوات العشر الماضية كانت لها تأثيرات سلبية على الحياة العامة، ومنها تغييب السلطة التشريعية بدون مبرر، والتعدي من السلطة التنفيذية على راس السلطات الأخرى، السلطة التشريعية، وسن مئات القوانين المؤقتة من سلطة ليست صاحبة اختصاص، وهذا لم يحصل في تاريخ الأردن منذ نشأته. فوق هذا وذاك تعكير صفو التمثيل الشعبي بصوت مجتزأ لا مثيل له في العالم، وتعميم هذا الخلّل على قطاعات أخرى، مثل السلطات المحلية البلدية، والقطاعات الطلابية وغيرها، وإحلال الخلوات محل عمل المؤسسات، وهذا يتناقض مع كل عمل مؤسسي معاصر، فهل لنا ان نرفع أصواتنا منادين بإصلاح الخلل الذي اتسعت رقعته بشكل سريع.

المطلوب:

1-التأكيد على ما ورد في الدستور نصا وروحا،وإبراز ذلك من خلال رأي المختصين الحياديين.

2- التاكيد على المادة (94) من الدستور وإساءة استخدامها في تداخل عمل السلطات..!

3-التاكيد على المادة (67) وتنظيم مسائل الانتخاب كافة، بموجب قانون دائم يقره مجلس النواب، ومنها المادة (52) من القانون المخالفة للدستور.ومنها توزيع الدوائر الانتخابية وتخصيص المقاعد لتلك الدوائر وفقا لمعايير يقرها المجلس.

4- إلغاء (الكوتا) لمخالفتها للدستور، وهناك حلول مقترحة والنائب يمثل الأمة كلها.

5- إلغاء مناطق البدو الثلاث، وعدم حرمان سكانها من الترشيح في كل أنحاء المملكة أسوة ببقية المواطنين.

6-التأكيد على المذكرات الرسمية التي قدمتها الأحزاب، والقوى السياسية، والنقابات للحكومات السابقة وبخاصة مشروع قانون الانتخاب النسبي، أو المختلط الدائرة والوطن، وإلغاء ما سمي بالصوت الواحد كليا، وكل ما يترتب عليه، وإشراف حكومة حيادية على الانتخاب ومن خلال لجنة قضائية حسب ما تم شرحه في المذكرات المختلفة.

7- بت القضاء في المخالفات التي تحصل في أثناء إجراء العملية الانتخابية وميدانيا.

8- حرية الدعاية والترويج الانتخابي، وكف يد من يعوق تلك الحرية.

9- تفعيل مادة الدستور في معاقبة العابثين بعملية الانتخاب!!.

10- تحديد مدة الطعن بأسبوعين، ودور محكمة العدل العليا.

11- تخصيص رسوم الترشيح لتكون (50) دينارا، بدلا من 500 دينار.

 

- ورقة عمل قدمت لمؤتمر " انتخابات 2007" نحو قانون انتخاب عصري" بتنظيم مركز القدس للدراسات السياسية بتاريخ 20-21/ تشرين الثاني 2004 ,الاردن -عمان.