A+ A-
الأردن يجتـاز الصعاب والتحديات بحكمة ونضج سياسي

المؤلف: نيفين عبد الهادي

المصدر: جريدة الدستور

التاريخ: 2017-02-05

أن تتجه بوصلة عمل الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحتى شعبيا الوجهة الصحيحة بثقة القرار وحكمة المواقف، في زمن تتأرجح به الرؤوس فوق الأعناق، ويتسم المشهد العام اقليميا ودوليا بضبابية واضطراب غير مسبوقين، هذا بحد ذاته تفوّق سياسي ونضج يجعل من الأردن الذي سار على هذا النهج بشهادات عربية ودولية نموذجا يحتذى وحالة سياسية يرى بها كثيرون أنها مدرسة على الجميع تعلّم أبجدياتها بدقة.

أشّر مؤتمر «الأردن في بيئة اقليمية متغيّرة... سيناريوهات المرحلة المقبلة 2 « الذي ينظمه مركز القدس للدراسات السياسية ومؤسسة كونراد أديناور على مسألة غاية في الأهمية بحضور عشرات الخبراء والسياسيين من الأردن والخارج، بأن الأردن تمكن وبجدارة من تحديد بوصلته نحو الإتجاهات الصحيحة وكل ما صدر عنه من مواقف كانت صحيحة وجعلت منه جزيرة أمن وسط إقليم ملتهب، ليصبح بجدارة لاعبا رئيسيا في المنطقة ونقطة انطلاق لقادم أفضل.

تأكيدات عربية ودولية ومحلية انطلقت أمس من المؤتمر، بأن الموقف الأردني كان الأفضل منذ بدء أزمات المنطقة ، والأكثر دقة ، فطالما نبه الأردن بقيادته الحكيمة من استمرار أزمات واضطرابات المنطقة، ورأى أن الحل لأي منها لا يكون إلاّ من خلال الحل السلمي والحوار ولن تكون الحرب فصلا لأي نصر ولأي جهة أو طرف من أطراف الصراع، مؤكدين أن تسيير قاطرة المنطقة وفقا للدرب الأردن هو تصحيح ضروري وحتمي. 

على هامش المؤتمر، التقت «الدستور» بعدد من المشاركين، في قراءة لرأيهم بتنظيم المؤتمر وخلال هذه الفترة الهامة والتي تعيش بها المنطقة ظروفا تضعها على مفترق طريق لتحديد القادم، اضافة للوقوف على سعيهم للخروج بصورة عملية تتغذى من الفكر السياسي الأردني للقادم الذي يبحث عن صورته العالم بأسره.

ورأى متحدثو «الدستور» أن تنوع المشاركين يشير إلى العزم على الذهاب مباشرة الى الإشكالات والتحديات المتنوعة التي تواجه بلدنا وهو ما نأمل أن يتم تكثيفه في توصيات محددة، يسعى صانع القرار للأستئناس بها، مؤكدين أن احتضان عمان لهذا المؤتمر هذا بحد ذاته نجاح كونها الأنجح عربيا في المجالات السياسية كافة.

ولم يخف متحدثونا تخوفهم من ظروف المرحلة، وما هو قادم للمنطقة، في ظل تعدد السيناريوهات الحالية، والتي يواجهها سيناريوهات أكثر تشعبا وتشبيكا لما هو آت، بالتالي الوصول لوصفات محددة للقادم يتطلب الكثير من جلسات العصف الذهني والتدقيق والقراءات وصولا لمخارج آمنة ومثالية للقادم.

الآراء ذاتها، أكدت على الأردن نموذج يحتذى في الكثير من القضايا تحديدا تلك الخاصة بمحاربة الإرهاب والتطرف، سيما وأن هذا الجانب بات يجمع العالم بأسره لجهة وضع سياسات لمحاربته والسعي لوقاية المجتمعات منه ومن تبعاته، فكريا وأمنيا وعسكريا وهذا ما شدد عليه الأردن باستمرار ونجح بجانب كبير منه وفق استراتيجية واضحة حددها بهذه الجوانب الثلاثة «عسكرية، أمنية، فكرية إعلامية».

محمد داودية:

الوزير والسفير الأسبق، رئيس مجلس إدارة جريدة «الدستور» اليومية محمد داوية أكد أن هذا المؤتمر المهم جاء في موعده الملح، وهو جهد تنظيمي وفكري يعبر عن طاقة مركز القدس للدراسات السياسية واهتماماته الوطنية ومسؤولية مديره الزميل الكاتب البارز عريب الرنتاوي ذي الاسهامات الملموسة في الفكر السياسي الأردني.

ولفت داودية إلى أن نظرة على العناوين والبنود التي يستهدفها المؤتمر وتنوع المشاركين في أعماله يشير إلى العزم على الذهاب مباشرة الى الإشكالات والتحديات المتنوعة التي تواجه بلدنا وهو ما نأمل أن يتم تكثيفه في توصيات محددة توضع أمام مركز صناعة القرار السياسي الاستراتيجي الأردني لأخذ ما يناسبنا منها وفق مصالحنا الوطنية وهوامش حركتنا وقدرتها على المناورة والتأثير.

وبين أن التحديات مختلفة بعد أفول ظاهرة داعش وسيظل أبرزها التحدي الاقتصادي وتحدي استشراء اليمين المتطرف الإسرائيلي والإفصاح عن نواياه ضد السلام وضد حل الدولتين وضد الأردن.

السفير المصري: 

السفير المصري لدى الأردن طارق عادل أكد من جانبه على الموقف الأردني الذي طالما كان واضحا فيما يتعلق بكافة القضايا الإقليمية.

ولفت عادل إلى أن هذا المؤتمر وموضوعه وتوقيته في غاية الأهمية، إذ من المهم جدا أن يعقد المؤتمر ويتم بحث مثل هذه المسائل في هذا التوقيت المهم والحساس، لافتا إلى أن مواقف الأردن واضحة فيما يتعلق بكافة القضايا الإقليمية ومن المهم والمفيد والطبيعي أن يكون هناك آراء للخبراء والمختصين ليثروا هذا الحديث وربما بهذه الأفكار التي ستطرح خلال المؤتمر والتوصيات التي سيخرج بها بالتأكيد ستكون مضامين مهمة جدا للجهاز الحكومي الأردني ليستأنس بها ويستفيد بما يرى أنه مفيد.

ناديا العالول

بدورها، رأت الوزير الأسبق ناديا هاشم العالول أن الأردن يعيش وضعا استثنائيا بحكم أنه يقع بموقع حساس في منطقة ملتهبة بالأحداث الأمنية المضطربة، وبالتالي فهو الأكثر تأثرا وعلى كافة المستويات من ذلك، سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، فما يتحمله الأردن يدخل في اطار الإنجاز العظيم، سواء كان لجهة عمله السياسي أو لجهة عمله الإنساني فهو بلد مضياف أخذ على عاتقه استضافة اللاجئين وبالرغم من وعود المساعدة له إلاّ أنه لم ينل شيئا من كل تلك الوعود.

وبينت العالول أنه رغم كل هذه التحديات والأزمات بقي الأردن مصرا على الوحدة الداخلية العربية بين الدول العربية بينها وبين بعضها، اضافة للوحدة بين بعض الدول داخليا، وسعى للقيام بحوارات بين أي اطراف متنازعة، ولا يزال مستمرا بهذا النهج سعيا منه للملمة البيت العربي.

ورأت العالول أن الموقف الأردني مثالي وناضج، ولم نقف يوما في مساحة الخوف أو القلق نظرا لحكمة مواقفه بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، فمهما كان حجم التحديات والصعوبات، تمكن الأردن من تجاوزها بنضج سياسي ولعل واقع الحال الذي نعيش اليوم يؤكد أن وجهة العقل الأردني تسير دوما نحو الصواب.

وقالت العالول الرؤية الأردنية كانت دوما بمواقف وسطية، ولعل ذلك من أصعب المواقف، وذلك لكون الأردن حكيم يعرف جيدا ما هو الأفضل لمصالحه وللمنطقة، واليوم حتما هذا المؤتمر يعزز نضج المواقف الأردنية ويؤكد على سلامتها وصحتها وانسجامها مع كافة المتغيرات، ويؤكد بشهادات عربية واقليمية سير خطواتنا بالاتجاه الأكثر سلامة وصحة.

ونبهت العالول لضرورة السعي اليوم للتحصين من عصابة داعش والتي تم تحقيق شبه قضاء عليها، في حين لا يزال خطرها موجودا، وكذلك هناك ضرورة لدعم الاقتصاد الوطني حتى يتمكن الأردن من مواجهة حجم التحديات والمخاطر التي تواجهه.

عريب الرنتاوي:

المدير العام لمركز القدس للدراسات السياسية الكاتب والمحلل السياسي في جريدة «الدستور» عريب الرنتاوي أكد من جانبه أن الأردن تميز بالكثير من التوازن حيال الأزمة السورية وهذا باعتراف المتحدثين من الجانبين الرسمي والمدني في أعمال المؤتمر والذي كما تشاهدون يستضيف العشرات من الشخصيات السياسية التي تمثل كافة الأطياف في المنطقة، كما أن لذلك حضورًا في المشهد العام للإقليم فهو الأكثر توازنا في الأزمة السورية، وبذلك يصبح مؤهلا للقيام بأدوار أكبر توافقية على الساحة السورية فضلا عن كونه له مصالح في سوريا، عليه أن يرعاها.

ورأى الرنتاوي أنه على الدبلوماسية الأردنية أن تتحرك بكثافة فنحن الآن نريد أن نخفف من عبء اللجوء السوري وأن نضمن أمن حدودنا ونريد أن نفتح الحدود ونعيد التجارة، إذ لا يجوز أن نبقى ننتظر ويجب أن يكون الأردن هو صاحب المبادرة في تحريك غرفة العمليات الثلاثية الروسية، الأميركية، والأردنية في عمان، ذلك أن الآخرين يعملون ببطء فيدهم ليست بالنار، لذلك آمل أن يكون في المؤتمر توصيات للدولة بحراك أكبر على هذا الصعيد.

وحول الملف العراقي قال الرنتاوي شهدت العلاقة الأردنية مؤخرا بهذا الجانب اتزانا على مختلف الأطياف العراقية، والتي تؤثر على تطورها بطبيعة الحال عدة عوامل من أبرزها الحالة الأمنية وانعكاسات العلاقة مع ايران. أمّا ما يخص الشأن الفلسطيني فقال الرنتاوي يجب أن تكون هناك مبادرات أردنية بهذا الخصوص، فلا أعلم لماذا لم نقم بأي جهد خلال الأعوام العشرة الماضية للمصالحة الفلسطينية، واليوم الرئيس الأميركي يحمل مشروعا مفخخا أحدا لا يعرف ما هو، لكن الأردن معني في أن يكون حاضرا وأن يستعد لأي مواجهات في حال تم توجيه حل يمس مصلحة الأردن وفلسطين.

وفيما يخص الحرب على الارهاب قال الرنتاوي نحن في الأردن نقوم بدور ممتاز لكن بمحاربة التطرف ما زلنا لا نقوم بدور جيد، فهناك تقصير بهذا الجانب، ونخشى بهذا الإطار من نمو بالتطرف.

وتوقع الرنتاوي الخروج من المؤتمر بوثيقة تشارك بها جميع الأطياف السياسية وتتفق عليها، ونحن في مركز القدس للدراسات السياسية سنضعها أمام الدولة متضمنة بعض الأفكار للاطلاع عليها، فضلا على حرصنا لتقديم معلومات للرأي العام ليكون له فهم أعمق بتفاصيل أحداث المرحلة.