المصدر: مفوضية الإعلام والثقافة – لبنان
التاريخ: 2017-06-11
ستضاف لبنان يومَي الجمعة والسبت 9 و10 حزيران 2017 مؤتمرًا بعنوان “حلّ الدولتَين وما يستتبعه: التصوّرات الموازية لمستقبل القضية الفلسطينية وإمكانيات التسوية”، نظَّمه “بيت المستقبل” بالتعاون مع مركز “القدس للدراسات السياسية” ومؤسسة “كونراد آديناور” ومركز “ويلفريد مارتن للدراسات الأوروبية”، في سراي بكفيا، على مدى ست جلسات، بمشاركة ممثِّل السيّد الرئيس محمود عبّاس مستشار الرئيس للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية د.نبيل شعث، وعضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” د.محمد اشتية، ورئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة، ومدير مركز “القدس للدراسات السياسية” عريب الرنتاوي، وممثِّل مؤسسة “كونراد آديناور” بيتر ريميليه، وعددٍ من الشخصيات والخبراء والباحثين والأكاديميين الفلسطينيين واللبنانيين.
وقد افتتح الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميّل الجلسة الأولى من الندوة يوم الجمعة 9-6-2017، فشدَّد على أهمية الندوة لتزامنها مع ذكرى مرور 50 عاماً على حرب العام 1967، مؤكِّدًا أنَّ “بيت المستقبل” منذ تأسيسه سنة 1975 يكرِّس قسطاً كثيرًا من نشاطه دفاعًا عن القضية الفلسطينية لأنَّها “قضية حق راسخة في ضمير ووجدان كل إنسان”، مذكِّراً بأن “إحدى أهم منشورات المؤسسة، وهي مجلة حاليات، خصَّصت ثلث مضمونها للقضية الفلسطينية”.
وأضاف الجميّل: “لبنان وفلسطين ضحيتا الصراعات العربية – العربية، ونزاعات الأنظمة العربية في ما بينها، وتدخُّل هذه الدول في الشأنين اللبناني والفلسطيني وغالبًا ما أدّى ذلك إلى عرقلة التسويات أكثر ممّا ساهم في حلِّها. أمَّا بالنسبة للوضع الراهن في فلسطين، ورغم الأوضاع العامة في المنطقة، وبينما نشهد متغيرات جذرية على صعيد أنظمة وكيانات العالم العربي، فإنَّ القضية الفلسطينية تعود إلى الواجهة وذلك بفضل مقاومة الشعب الفلسطيني وجهود السُّلطة السياسية والدبلوماسية والمبادرات الشعبية في بعض الدول الأجنبية مثل أوروبا وأميركا وتحرُّك الرئيس محمود عبّاس، وهناك معلومات عن مبادرات قريبة لدفع المسار الديبلوماسي لحل القضية الفلسطينية بعد شهر رمضان المبارك”.
وأشار إلى أنَّ “الأولوية للقضية الفلسطينية وهي القضية الأم، وبقدر ما نعمل لحلِّها نكون نعمل لحلِّ الأزمات الأخرى في المنطقة ومشاكل الأصولية والإرهاب والتطرف الإسلامي”، وركَّز على “غياب القيادة العربية القوية والقادرة على جمع العرب حول مبادرة إنقاذية”. وختم مشدِّدًا على أنَّ “القضيَّتين اللبنانية والفلسطينية متلازمتان”.
من جهته، ألقى د.نبيل شعث كلمة بِاسم السيد الرئيس محمود عبّاس إذ قال: “أنقل إليكم التحيات القلبية للأخ الرئيس أبو مازن، فلبنان في قلبِه وفي قلبِ كلِّ فلسطيني، وله دور أساسي ورئيس كلّه تاريخ من المحبة، فمن لبنان انطلقت الثورة عمليًا، وكان لبنان المنطلق الأكبر والأهم لتكوين الكيان الفلسطيني وللاعتراف الدولي بهذا الكيان وبالقضية والحقوق الفلسطينية، ولذلك لكم من كل فلسطينيي الداخل ومن فلسطينيي كل العالم التحية والشكر والمحبّة”.
وأضاف: “نحن ندرك الأهمية الخاصة لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، فغيابها غيَّب الديموقراطية الفلسطينية، حيث لا يمكن إطلاق انتخابات في الضفة الغربية وحدها، فهذا سيكرِّس الانقسام وسيشرعنه ولا بدَّ من توافق مع حماس لكي نستطيع أن نُطلِق انتخابات في الضفة وغزة، انتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، لتجديد الديموقراطية، وعودة الديموقراطية أساسًا للمشاركة الشعبية وللرقابة الشعبية على الإدارة التنفيذية للسلطة الوطنية الفلسطينية، فالديموقراطية تحقِّق مشاركة فلسطينية شعبية في القرارات الفلسطينية كافةً، وغياب هذه الإمكانية يعقِّد القضية تعقيدًا كبيراً”.
وأشار د.شعث إلى أنَّ إسرائيل رغم سرقتها بلادنا وأرضنا وماءنا وحريتنا إلّا أنَّها لم تستطع أن تمنع الانتخابات الديموقراطية الفلسطينية لأنَّها تدعي الديمقراطية، مؤكِّداً موقف السلطة الفلسطينية وحركة “فتح” بوجوب الذهاب إلى انتخابات فلسطينية واستعادة شرعية “م.ت.ف” وتحقيق وحدة وطنية فلسطينية وائتلاف فلسطيني أيًا كانت الجهة الرابحة.
وقال: “إن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والمشروع الصهيوني الاستيطاني هي معركة المعارك، نحن نواجه الاستعمار الاستيطاني الوحيد الباقي في العالم وسرعة الاستيطان هائلة. عام 1979 عندما عُقِدَت اتفاقية كامب ديفيد في الولايات المتحدة كان هناك ستة آلاف مستوطن إسرائيلي في المنطقة (ج)، وأصرَّ الرئيس المصري أنور السادات في شروطه لتوقيع اتفاق كامب ديفيد على الوقف الكامل للاستيطان، وعدم المساس بالقدس الشرقية، والتزم مناحيم بيغن بعدم زيادة المستوطنين مستوطنًا واحدًا، ولكن ذلك كان مرتبطًا بالوصول إلى الحل النهائي. واعتبر بيغن بعد ثلاثة أشهر أنَّ الحل النهائي هو الحل النهائي مع مصر”.
وتابع د.شعث: “ما زال الرئيس جيمي كارتر حتى الآن يقول لي أتحمَّلُ أنا هذا الذنب فلو وقفتُ عام 1979 في وجه بيغن بعد أن عاد للاستيطان لكان الوضع الآن مختلفًا، منذ ذلك الحين تضاعف عدد المستوطنين إلى 650 ألف، الآن هذه هي المشكلة الرئيسة، هم يأخذون 92% من مياهنا ويبقى خمسة ملايين فلسطيني على 8% من المياه الفلسطينية. كذلك تكمن المشكلة في الدعم الأميركي بلا حدود لإسرائيل”، مشدِّداً على ضرورة وأد الانقسام لمواكبة الخطر الهائل لهذا الاستيطان.
وأردف: “إسرائيل لا تطبِّق اتفاق أوسلو، لكن هذا لا يعني بأن حل الدولتين انتهى، حل الدولتين بالنسبة لنا هو حل قيام الدولة الفلسطينية على التراب الفلسطيني وعلى حدود 1967 وعاصمته القدس الشرقية وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بلادهم، هذا ما يعني حل الدولتين. الشعب الفلسطيني قائم ومناضل ومبتكر ومستمر ومستعد لتضحيات لا حدود لها، وهذا ما يعطي للدولة الفلسطينية وللسلطة الفلسطينية ولمنظمة التحرير قدرتها على مواصلة المواجهة للاحتلال الإسرائيلي مواجهة سلمية وليس بالكفاح المسلح الذي انتهى العام 1982. وهذه المواجهة هي مواجهة اقتصادية وسياسية واجتماعية وإعلامية وديبلوماسية وشعبية وفي كل مكان”.
وتابع: “إنَّ كلمة الرئيس أبو مازن التي ألقاها في بيت لحم بوجود الرئيس دونالد ترامب كانت واضحة جدًا عن أهدافنا وعمَّا نريده من أي عملية سياسية ممكن أن يقترحها الرئيس ترامب، ليس لدينا تفاصيل حتى الآن عن هذه العملية، ولا عن آلياتها، ولكن أعتقد أنَّ ذلك كان سببًا ضروريًّا لكلمة الرئيس أبو مازن التي حدَّد فيها المرجعية والمطلوب والآلية. وقيام الدولة الفلسطينية مستحيل ما لم ينتهِ الاحتلال الاستيطاني على الأرض، الدولة الآن بالنسبة لنا مشروع سياسي ومشروع مستقبلي وليد من منظمة التحرير الفلسطينية المرجعية التي علينا أن نعيد شرعيتها وآليات عملها ونحقِّق الوحدة الوطنية الفلسطينية. نحن بذلنا كل الجهود للوصول إلى ما يقال إنه مقبول من الجميع، وهو الاتفاق على إنهاء الانقسام والاتفاق على إدارة واحدة تحكمها حكومة وحدة وطنية تُعِد لانتخابات تقوم على أساسها حكومة وحدة وطنية تحقق الاتحاد الكامل بين الضفة وغزة على أساس ائتلافي لا يُقصَى منه أحد، هذا هو مشروع السلطة الفلسطينية وهو مقبول حتى من حماس، فحماس جزءٌ لا يتجزّأ منا ومن وجودنا الفلسطيني”.
أمَّا الرئيس فؤاد السنيورة فألقى كلمةً مما جاء فيها: “نحن لسنا جديرين بحمل هذه القضية المحقة، وليس المقصود من كلامي أن نُبكِّت أنفسنا، بل المقصود كيف يمكن أن نستنهض قوانا بداية على الصعيد الفلسطيني. فمن غير المقبول عدم إجراء انتخابات لعدة عقود فمَن يمثل الفلسطينيين ليستعيد شرعية هذا التمثيل أمام الفلسطينيين والعرب والعالم كله الذي نطلب منه أن يساعدنا؟”.
وأضاف: “ليس من المقبول أن يستمر الوضع الفلسطيني كما هو لأنه بدون أفق، ولا يمكن أن يستنهض الفلسطينيين والعرب، ولا يعطي سبباً حقيقياً لأصدقائنا في العالم لكي يقفوا إلى جانب هذه القضية المحقة”.
وأردف: “لقد قدَّم العرب مبادرة عمرها 15 سنة، وهم كأنهم قدموا قسطهم للعلى، فلم نرَ أن المؤسسات والدول العربية أخذت على عاتقها أن تسوِّق وتروِّج لهذه المبادرة العربية والتي هي الشيء الوحيد الذي يمثل حل الدولتين والإجماع العربي”. وسأل: “كيف يمكن أن نسير على هذين الخطين من أجل طرح حقيقي نستطيع أن نذهب به إلى العالم لإقناعه بقضيتنا المحقة؟”، مشيراً إلى أنه “أمامنا فرصة الآن يجب أن ننتهزها من أجل استنهاض فلسطيني وعربي ودولي”.
وقال مدير مركز “القدس للدراسات السياسية” عريب الرنتاوي: “نؤكِّد محورية القضية الفلسطينية التي نعتبرها أم القضايا في العالم العربي والمنطقة ولنبعث برسالة مفادها أنَّه من دون الوصول إلى حل عادل ودائم لن تنعم هذه المنطقة بالأمن والاستقرار”.
وأضاف: “نأمل أن نتمكَّن في نهاية هذا المؤتمر من تظهير الصورة الكاملة للمشهد الفلسطيني في أبعاده الداخلية والإقليمية والدولية، لنتمكَّن من بلورة تصورات الحلول الممكنة للقضية الفلسطينية والخيارات المستقبلية التي تنتظر الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية ومستقبل كفاحه في سبيل حُريّته واستقلاله”.
بدوره، قال ممثِّل مؤسسة “كونراد آديناور” بيتر ريميليه: “لطالما شغلت هذه القضية مؤسسة كونراد آديناور لا سيما في ظل قيمها القائمة على الحرية والعدالة والتضامن والتي تتعاطى من خلالها مع مختلف الأزمات في العالم ومنها القضية الفلسطينية. إنَّ المؤسسة مؤمنة بحل الدولتين، وقد أكَّدت ذلك خلال زيارة الرئيس عبّاس الأخيرة لمقرنا في برلين”.
وأضاف: “عندما نفكر بما يجري في فلسطين نفكر بالمستوطنات وبالظروف الحياتية الصعبة في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل وبمعاناة مليوني فلسطيني في قطاع غزة واللاجئين. لقد شهد الوضع في فلسطين وإسرائيل تطورات القليل منها كان إيجابيًّا لملف القضية، إذ باتت النخبة في إسرائيل تجنح إلى اليمين وتظهر تطرفًا دينيًّا وقوميًّا، يُضاف إلى ذلك تزايد بناء المستوطنات والأخطر هو عدم بذل الجانب الإسرائيلي أي جهد جدي. أمَّا السلطة، فهي تعاني من قلِّة القدرة السياسية وعدم الاستقرار المالي. إضافةً إلى ذلك، الظروف الحياتية الصعبة في منطقة الحكم الذاتي الفلسطيني تؤجِّج العنف كما حصل إبان انتفاضة السكين عام 2015. ومع ذلك شهدنا تغيراً إيجابيًا على الصعيد الدولي، إذ تمَّ الاعتراف بفلسطين كمراقب منذ العام 2012 في خطوة أولى لتصبح فيما بعد عضوًا كاملاً، وقرار مجلس الأمن الذي أدان سياسة الاستيطان وأكَّد دعم الأمم المتحدة لحل الدولتين”.
وختم كلمته قائلاً: “إنَّ استبدال حل النزاع بإدارة النزاع أمر خطير جدًا، ليس فقط على الداخل بل أيضًا على اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في الخارج وعلى أمن الدول التي تستضيفهم ولا سيما لبنان. نحن لا ندعم طرفًا ضد آخر بل إنَّ قِيَمَنا تُطبَّق على الدولتين ويعطينا مؤتمر اليوم أملاً بأننا لم ننسَ حل الدولتين”.
الجلسات
التأمت الجلسة الأولى تحت عنوان “أزمة الحركة الوطنية الفلسطينية بجناحيها الوطني والإسلامي الانقسام، الترهل وتآكل النفوذ في أوساط الفلسطينيين التحولات في بنية الفصائل وقدرتها على استيعاب الأجيال الجديدة: دخول السلفية بمدارسها المختلفة إلى الوسط الفلسطيني”، وأدارها د.نواف كبارة، وتحدَّث فيها الوزير الفلسطيني السابق نبيل عمرو، ونائب الأمين العام “للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” فهد سليمان، ورئيس مركز “الزيتونة” محسن صالح.
الجلسة الثانية تناولت موضوع “التحولات في المجتمع الفلسطيني الداخل والشتات: أسئلة الهوية والاندماج (الأردن خاصة)، البنى الاقتصادية والاجتماعية في الضفة الغربية وقدرتها على إنتاج “اقتصاد صمود ومقاومة”، الوضع في قطاع غزة، الفاعلون الجدد في بيئة المخيم الفلسطيني لبنان وسوريا والأردن”، وأدارها البروفسور في جامعة “سيربروك” كندا د.سامي عون، وتحدث فيها رئيس وزراء الأردن السابق طاهر المصري، مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية “مسارات” هاني المصري ورئيس لجنة حقوق الإنسان الفلسطيني سهيل الناطور.
الجلسة الثالثة تناولت مسألة “التحولات في المجتمع الإسرائيلي: الميل إلى التشدد السياسي والاجتماعي إزاء الصراع وأثره على التصورات المستقبلية لحل القضية الفلسطينية”، وأدارها الكاتب خيرالله خيرالله، وتحدث فيها عبر “سكايب” كبير الباحثين في “مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى” ديفيد ماكوفسكي ورئيسة مؤسسة “السلام في الشرق الأوسط” لارا فريدمان.
الجلسة الرابعة عُقدت تحت عنوان: “فلسطين في بيئة إقليمية متغيرة: قراءة في المواقف العربية، وقراءة في المواقف الإقليمية الفاعلة – تركيا وإيران”، وأدارتها الأستاذة الجامعية والكاتبة اللبنانية منى فياض، وتحدّث فيها: أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة، والمدير العام السابق لمؤسسة الدراسات الفلسطينية محمود سويد، ومدير عام مركز القدس للدراسات عريب الرنتاوي.
الجلسة الخامسة تناولت موضوع “فلسطين في البيئة الدولية الجديدة: أوروبا بعد البريكسيت، روسيا الصاعدة، الولايات المتحدة في ظل ترامب”، وأدارها المدير العام السابق لمؤسسة الدراسات الفلسطينية محمود سويد، حيثُ تحدَّث فيها عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” د.محمد اشتية، والكاتب والباحث في الشؤون الفلسطينية والعربية حسين إبش، ومدير السياسات في “ويلفريد مارتن سنتر” للدراسات الأوروبية رولان فرودنشتاين.
الجلسة السادسة تناولت عنوان “الاحتمالات والتصورات في ظل الواقع الجديد: إلى أين من هنا؟ مراجعة لآفاق «حل الدولتين» وما يتعداه في قراءتين متعارضتين لإمكانيات استنقاذه”. وقد أدارها مدير عام مركز القدس للدراسات عريب الرنتاوي، وتحدَّث خلالها رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق عدنان أبو عودة، وسفير جامعة الدول العربية السابق في باريس وروما والفاتيكان ناصيف حتي، والباحث في الشؤون الإسرائيلية حسين أبو النمل.
حقوق النشر محفوظة@ مركز القدس للدراسات السياسية. كل الحقوق محفوظة