A+ A-
اعتراضات مسيحية على المناهج الدراسية الأردنية

المؤلف: حسن عباس

المصدر: موقع ارفع صوتك

التاريخ: 2017-02-15

يعترض الأردنيون المسيحيون على تغييب المناهج الدراسية في بلدهم لتاريخهم ولثقافتهم وعلى ما يصفه بعضهم بـ"إلغاء المسيحية من قاموس المناهج". ويعتقدون أن ذلك يؤثر سلباً على الوحدة الوطنية.

أين المسيحيون؟

في كلمة ألقاها، قبل نحو سنة، في مؤتمر "نحو استراتيجية شاملة لمحاربة التطرف" الذي ينظمه "مركز القدس للدراسات السياسية"، قال الأب حنا كلداني إنّ هنالك "إلغاءً كاملاً لتاريخ المسيحي العربي ما قبل الإسلام"، في المناهج الدراسية الأردنية.

وكان مجلس رؤساء الكنائس في الأردن قد أعدّ ورقة أوضح فيها أن "هنالك أخطاء تاريخية في مناهج دراسية... إضافة إلى عدم وجود ذكر للماضي المسيحي للأردن في القرون التي سبقت مجيء الإسلام". وأشار إلى أنّ هذا الواقع "يولّد عند الطالب المسلم الاعتقاد أن المواطن المسيحي إنسان غريب، كما يولّد عند الإنسان المسيحي نفس الشعور بالاغتراب عن تاريخه ووطنه ودوره في المجتمع الواحد".

ولمعالجة هذه الإشكالية، أصدر المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن تقريراً من 45 صفحة، بعنوان "المناهج الدراسية ودورها في احترام الآخر الديني".

وبعد دراسته كتب التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية والاجتماعية واللغة العربية التي تُدرّس من الصف الأول الأساسي إلى الصف الثاني عشر، صاغ التقرير مجموعة ملاحظات حول محتوياتها.

وطالب معدّو التقرير بتعديل المناهج لتساهم في "التعاون بين مختلف مكوّنات المجتمع، دون إيثار أحدها على الآخر".

ماذا في المناهج؟

يسجّل التقرير الاعتراضات التالية على المناهج:

ـ يهتم المنهج بالحديث عن الأماكن المقدسة الإسلامية، خاصّةً القدس، إلا أنّه لا يذكر القيمة المسيحية لهذه المدينة.

ـ "تشطب" بعض كتب التاريخ أيّ ذكر للوجود المسيحي القديم في المنطقة. مثلاً، في كتاب “تاريخ العرب الحديث وقضاياه المعاصرة”، للصف العاشر (الوحدة السادسة بعنوان القدس تاريخ وحضارة - صفحة 69)، نرى انتقالاً من تاريخ القدس في العصور القديمة إلى القدس في العهد الإسلامي من دون الحديث عن الفترة المسيحية التي عرفتها المدينة.

ـ تتناول بعض الكتب قضايا تاريخ الكنيسة بطريقة سطحية، وأحياناً مغلوطة، ما يؤدي إلى "تشويش لعقيدة وتاريخ وهوية الآخر".

ـ يتحدث كتاب الثقافة العامة في الثانوية العامة عن مخطوطات قمران التاريخية، ويبيّن وكأنها جاءت فقط لتمهد لمجيء الإسلام. ولا يتحدث عنها كمخطوطات أصيلة عن الكتاب المقدس.

ـ تقتبس بعض الكتب من إنجيل برنابا وتعتبره إنجيلاً صحيحاً، بينما يعتبره المسيحيون إنجيلاً مزيفاً.

ـ تخلو المناهج من ذكر الأماكن السياحية الدينية المسيحية، وبالتالي لا تشكل أيّ ترويج وتشجيع على زيارتها والتعرف على تاريخها.

ـ تغيب أيّة إشارة تدل على وجود "ديانة ثانية". فلدى الحديث عن مرافق المجتمع، تقول المناهج "المساجد"، وتضيف إليها أحياناً "بيوت العبادة الأخرى"، ولا تبيّن للطالب أنّ هنالك كنائس بجوار المساجد.

ـ يرد في تدريبات اللغة العربية للصف السابع الآية الإنجيلية "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"، لكنّها لا تقول للطالب إنّها آية من الإنجيل كما يجري عند ذكر آيات قرآنية.

نموذج عن تعديل غير كافٍ

كان كتاب التربية الاجتماعية والوطنية للصف الخامس، يقول، في الجزء الأول منه، ص 15، إنّه “كان أكثر العرب قبل الإسلام يعبدون الأصنام والأوثان، مثل اللات وعزى ومناة وهبل، رغم وجود عدد قليل من العرب كانوا يعبدون الله تعالى، كالحنيفية، وهم أتباع سيدنا إبراهيم عليه السلام”.

وعام 2012، كتب الأب رفعت بدر مقالاً بعنوان "مناهج التربية والتلقين وإلغاء الآخر"‎، فتم تغيير الفقرة المذكورة عام 2013.

لكنّ التغيير لم يصل إلى حد ذكر اسم الديانة المسيحية، بل صارت الفقرة تقول "كان أكثر العرب قبل الإسلام يعبدون الأصنام والأوثان، مثل اللات وعزى ومناة وهبل رغم وجود عدد قليل من العرب كانوا يعبدون الله تعالى".

ويعلّق الأب بدر على هذا التعديل بقوله "تخجل مناهجنا التربوية من ذكر (مجرد ذكر) اسم ديانة أخرى".

اقتراحات مسيحية

ويطالب مسيحيو الأردن بتعديل المناهج وإدخال مفاهيم تركّز على الحوار وثقافة التعددية، كما يطالبون بتغييرات أخرى مثل:

ـ تخصيص مساحة للحديث عن أهم المواقع المسيحية التاريخية واقتراح رحلات مدرسية لزيارتها.

ـ تعديل تعبير "التاريخ العربي الإسلامي" إلى "التاريخ العربي والإسلامي"، بهدف "الاعتراف بوجود عرب غير مسلمين، وتحديداً مسيحيين".

ـ إعادة النظر في تسميات مثل عصر الجاهلية والنصارى وأهل الذمة والإرساليات التبشيرية والحروب الصليبية، واستبدالها بمصطلحات أكثر علمية.

ـ الأخلاق، بحسب المناهج المدرسية، محصورة دوماً بالجانب الإسلامي، وتغيب القيم التي تتمتع فيها المسيحية. ولحلّ هذا الإشكال يمكن الحديث عن "حقوق الإنسان" وكرامته من منطلق إنساني لا ديني.