2019-07-06
برعاية المهندس وليد المصري وزير الإدارة المحلية، وبالتعاون مع كتلة المبادرة النيابية، نظم مركز القدس للدراسات السياسية ورشة عمل بعنوان "اللامركزية على طريق الإدارة المحلية: ضرورات الإصلاح وتعزيز الأثر على الأداء النيابي"، يوم السبت الموافق 6/7/2019.
هدفت ورشة العمل إلى مناقشة التعديلات المقترحة لإصلاح قانون اللامركزية، وكيف يمكن تطوير تجربة اللامركزية الناشئة في الأردن، بشكل يخفف عبء الدور الخدمي عن أعضاء مجلس النواب، وتفرغ النواب للقيام بدورهم الرقابي والتشريعي والتمثيلي، وإيكال الدور الخدمي لمجالس المحافظات. وهذا ما يتطلب مراجعة عمل مجالس اللامركزية من مجالس محافظات ومجالس تنفيذية، والإحاطة بواقع التجربة ومدى نجاحها لتشخيص أبرز المعوقات والتحديات التي تواجه عمل هذه المجالس، بالإضافة إلى الوقوف على طبيعة العلاقة بين مجالس المحافظات وأعضاء مجلس النواب.
استهل السيد عريب الرنتاوي مدير مركز القدس الجلسة الأولى من ورشة العمل التي أدار أعمالها النائب د. إبراهيم البدور، بعرض عن الدراسة الاستطلاعية التي أعدها المركز حول "أثر اللامركزية على الدور التشريعي والرقابي لمجلس النواب"، وناقش أبرز النتائج التي خَلصَت إليها الدراسة، والتي استندت إلى عينيتين منتظمتين من النواب وأعضاء مجالس المحافظات شملت 50 بالمائة من حجم عضوية كل منهما.
وتساءل الرنتاوي حول الدور الذي تفكر به كل من مجالس المحافظات والحكومة ومجلس الأمة في تطوير تجربة اللامركزية، حيث أشار إلى أن ما نسبته 83 بالمائة من النواب قد أفادوا بأنه لم يكن هناك من تأثير يذكر لتجربة اللامركزية على دورهم التشريعي والرقابي، وأن 64 بالمائة من عينة النواب أفادوا أيضاً أن معدلات الطلب على الخدمات بقيت على حالها. وأوضح الرنتاوي أن إجابات عينة أعضاء مجالس المحافظات قد جاءت بنتيجة مماثلة تقريباً، حيث أعرب ثلاثة أرباع أفراد العينة عن قناعتهم بأن أثر اللامركزية على أداء مجلس النواب التشريعي والرقابي، جاء قليلاً أو معدوماً. كما أفاد نصف أفراد عينة أعضاء مجالس المحافظات أن تجربة اللامركزية خلال عامها الأول، كانت ناجحة بدرجة قليلة أو غير ناجحة.
وشدّد الرنتاوي على أن الأولى هو تطوير هذه التجربة وعدم التفكير بالنكوص عنها، باعتبارها عنواناً للإصلاح السياسي الذي يقود إلى توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار، وتوزيع مكاسب التنمية على المحافظات، ودعا إلى تعزيز الاستقلالية المالية والإدارية لمجالس المحافظات، وتوسيع الصلاحيات الممنوحة لها خاصة في مجال الرقابة وإعداد الموازنات، وهو ما أكّد عليه 68 بالمائة من أعضاء مجالس المحافظات.
ثم تحدث وزير الإدارة المحلية، حول مفهوم الإدارة المحلية، وكيف ستتحول وزارة الإدارة المحلية إلى مرجعية لكل من البلديات ومجالس المحافظات، شارحاً صعوبة الانتقال إلى نظام مجالس الحكم المحلية "اللامركزية"، نافياً في الوقت نفسه فشلها، وقال إن المجالس المحلية بحاجة إلى مزيد من الصلاحيات والمسؤوليات، كما حدث مع المجالس البلدية خلال السنوات الماضية. وأكدّ أهمية وجود رقابة على المجالس، وسنّ تشريع ينظم عمل المجالس الأربعة (البلدية، التنفيذي، مجالس المحافظات، مجلس النواب)، لمنع التداخل فيما بينها بشأن العمل التنموي والخدماتي، إضافة إلى بيان أولويات مجالس المحافظات وتفريقها عن مهام واولويات مجالس البلديات، مشيراً إلى وجود خمس مسودات قيد الدراسة حالياً بشأن الإدارة المحلية، وإلى أن الوزارة ما زالت في مرحلة صياغة النص المقترح واستقبال الملاحظات من جميع الاطراف المعنية بقانون الإدارة المحلية الذي من المتوقع أن يدمج قانوني البلديات واللامركزية.
تلاه مداخلة للنائبة السيدة وفاء بني مصطفى منسقة كتلة المبادرة النيابية حول إصلاح قانون اللامركزية وتطوير التجربة في ضوء التوجه الجديد للإدارة المحلية، حيث قالت إنه من غير الممكن نجاح تجربة اللامركزية ولا تحقيق أهدافها طالما أن كثيراً من النواب وأعضاء مجالس المحافظات قد جاؤوا بنفس الأساليب والوعود التي يستخدمونها في حملاتهم الانتخابية كل مرة، وشدّدت على أن إصلاح اللامركزية لا يجب أن يؤخذ بمعزل عن إصلاح قانون الانتخاب الذي يحدد نوعية التمثيل في مجلس النواب.
وأعربت عن قناعتها بأن النائب يقدم الخدمة عن طريق السياسات العامة من خلال مراقبة الأداء الحكومي، وهذا هو الأهم. ودعت إلى أن يكون قانون الإدارة المحلية المزمع إصداره "مطبوخاً" بشكل جيد، ليكون موضع تطبيق فعلي، وهذا يتطلب تعاون وثيق بهذا الخصوص ما بين الحكومة والنواب، لأن الأمر يتعلق بمهمة ومسؤولية مشتركة.
وعقّب النائب السيد إبراهيم أبو العز بملاحظاته على الدراسة الاستطلاعية، حيث قال إن نتائج الدراسة تشير إلى مشكلة في عمل مجالس المحافظات من جهة وفي البيئة الناظمة لعملها من جهة أخرى، وأضاف بأن الخدمات بالأصل المنصوص عليها في قانون اللامركزية، هي أصلاً من مسؤوليات المجلس البلدي المنتخب. كما أن الخدمات التي تثقل كاهل النواب ليست بالأساس من مهام مجالس المحافظات الحالية، حتى تخفف مجالس المحافظات من هذا العبء الملقى على كاهلهم والذي يؤثر على قدرتهم على العمل التشريعي والرقابي. وأكد أن الأنظمة الانتخابية التي تتشكل على أساسها المجالس المنتخبة (البلدية، اللامركزية، والنيابية)، أنظمة تعزز سلطة المال السياسي والعشيرة على حساب الحياة الحزبية التي يفترض بها أن تكون هي الناظمة لتكوين هذه المؤسسات.
أما الجلسة الثانية التي أدار أعمالها د. إبراهيم بني هاني من كتلة المبادرة النيابية، فقد استمعت إلى شهادات ووجهات نظر حول "اللامركزية بعد عامين على التجربة: العوائق وروافع النجاح"، من رؤساء مجالس محافظات عجلون والعاصمة والكرك، ممثلين عن أقاليم الشمال والوسط والجنوب. واستهل الحديث في هذه الجلسة المهندس أحمد العبداللات رئيس مجلس محافظة العاصمة، لافتاً إلى أن ما هو مطلوب لإنجاح عمل مجالس المحافظات، هو تعزيز استقلاليتها وتأمين الحاجات اللوجستية لها من مبانٍ وكوادر، إضافة إلى ضرورة تعزيز الشفافية في العمل بين مجالس المحافظات والحكومة المركزية، وبين مجالس المحافظات والمجالس البلدية. وأكد العبداللات أن الطريق لإصلاح ذلك هو في صياغة قانون جديد يتمكن من سد الثغرات دون ترجيح كفة مجلس على مجلس آخر، بل بتحديد مهام واضحة لا تربك عمل المجالس.
وطرح الدكتور محمد الصمادي رئيس مجلس محافظة عجلون مجموعة من التساؤلات حول الدور الذي سوف يلعبه رؤساء المجالس مع النواب في صياغة قانون الإدارة المحلية الجديد، حيث أكد أن تطوير القانون يجب أن يجري عبر حوار مفتوح تتفاعل فيه خبرات ووجهات نظر كل مجلس من موقعه. وأضاف بأن الإرادة التي جاءت بها اللامركزية، كانت تستهدف تعزيز إشراك المواطنين في تقرير أولوية الخدمات المقدمة لهم، لكن هذه الإرادة لم تجد طريقها للتنفيذ العملي، لأن الخدمات مقيدة بيد الحكومة المركزية. وأوضح أن موازنات المحافظات تساوي 2.5 بالمائة فقط من الإيرادات المحلية، وتساءل لماذا لا يُصرف كل هذا المبلغ لتنمية المحافظات؟
من جانبه قال الدكتور صايل المجالي، رئيس مجلس محافظة الكرك إن بيروقراطية العمل الحكومي ما زالت عقبة كبيرة تقف في وجه عمل اللامركزية، حالها حال عمل باقي مؤسسات الدولة، مؤكداً أن العمل على إصلاح قانون اللامركزية بعد الاطلاع على السلبيات والإيجابيات يجب أن يترافق مع العمل على تعزيز الرقابة. وأكد أن الغاية من إيجاد اللامركزية، هو إعطاء الفرصة لكل محافظة أو إقليم لطلب الخدمة التي يريدها والتي تلبي احتياجاته، وذلك يحتاج تفويضاً حقيقياً لمجالس الإدارة المحلية دون الحاجة للرجوع إلى المركز في كل صغيرة وكبيرة، فهذه البيروقراطية تعيدنا إلى المربع الأول.
وقدّم نائبان في هذه الجلسة مداخلتين؛ أولهما ا الدكتور موسى هنطش من كتلة الإصلاح النيابية، الذي ابتدأ حديثه بالتأكيد على ضرورة الحوار بين النواب ومجالس المحافظات خاصة في مثل هذه المرحلة التي تتطلب التواصل المباشر بين هذه الجهات لما لذلك من أثر مباشر على عمل كل منها. طرح الدكتور هنطش عدداً من التساؤلات حول مدى ضرورة أن تكون هناك مجالس لامركزية في الأردن الذي يبلغ عدد سكانه تسعة ملايين تتشكل على صعيد المحافظة، لافتاً إلى أن عمل المجالس البلدية هو العمل الرئيسي داخل المحافظات، والأصل أن تنصبّ مراقبة الناس والنواب عليهم لا سيما أن أعضاء هذه المجالس ورؤسائها منتخبون، ويفترض بهم أن يمثلوا إرادة الناس. وانتقد هنطش مبدأ إعادة ما لا يصرف من موازنة المحافظة السنوية إلى وزارة المالية، معتبراً أن هذا يعزز رغبة الحكومة بعرقلة تنفيذ المشاريع للاستفادة من المبالغ المرتجعة لسد عجز الموازنة العامة.
ثم تحدث الدكتور علي الحجاحجة رئيس اللجنة الإدارية في مجلس النواب، عن ضرورة النظر إلى الأمام في تطوير اللامركزية عوضاً عن الحديث عن عدم جدواها، خاصة أن الهدف من وجودها هو تعزيز مشاركة الناس وتحسين الخدمات المقدمة لهم. وقال إن التقرير الذي أعده مركز القدس وضع اليد على المشاكل التي تعاني منها مجالس المحافظات المكونة من قيادات اختارتها الناس. وأشار إلى أن اللجنة الإدارية التقت الاثني عشر مجلساً، وأن الوقت الآن هو وقت العمل على تطوير التجربة. وأكد الحجاحجة أن رئيس مجلس النواب يبدي اهتماماً خاصاً لجمع توصيات مجالس المحافظات لأخذها بعين الاعتبار في صياغة القانون الجديد. كما دعا إلى خلوة نقاشية بين النواب ورؤساء مجالس المحافظات لمراجعة القانون الحالي، مؤكداً اهتمام أغلب النواب بضرورة تعزيز هذه التجربة، ورافضاً فكرة تعميم فكرة التنافس بين النواب وأعضاء مجالس المحافظات، إذ إن لكل طرف عمله ومجال مسؤوليته.
هذا وقد تلت مداخلات المتحدثين في كل واحدة من حلستي العمل، مناقشة عامة. وركزت توصيات المشاركين على أهمية مواصلة تطوير تجربة اللامركزية، باعتبارها مشروعاً إصلاحياً يعزز المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، ويسهم في تنمية المحافظات، وتوزيع عوائد التنمية بعدالة. كما ركزت على ضرورة تكريس الاستقلال المالي والإداري لمجالس المحافظات، وتفويض الصلاحيات من الحكومة المركزية للمحافظات فيما يختص طرح العطاءات، والإشراف على تنفيذ المشاريع في المحافظات.
وأوصى المشاركون بمعالجة العقبات البيروقراطية في طريق تنفيذ موازنات المحافظات، وحماية حق المحافظات في إنفاق كامل موازناتها السنوية خلال السنة المالية على مشاريعها ذات الأولوية. وشدّد المشاركون على أن إنجاح تجربة اللامركزية في جوانبها الخدمية والتنموية، سيجنب مجلس النواب الانغماس في الدور الخدمي، ويعزز فرصه بالتالي ليتفرغ لأداء دوره الرقابي والتشريعي على أحسن وجه.
حضر أعمال الورشة 94 شخصاً، من بينهم 12 نائباً حالياً، و7 نواب سابقين، و32 عضواً من مجالس المحافظات والبلديات من بينهم 10 رؤساء مجالس محافظة، والباقون من ممثلي جهات حكومية وأحزاب سياسية ومؤسسات مجتمع مدني، وأكاديميون وإعلاميون وضيوف.
هذا وقد غطّت قناة المملكة وكالة الأنباء الأردنية وصحيفة الرأي اليومية وموقع عمون الإخباري وعدد آخر من المواقع الإلكترونية أخبار ورشة العمل.
برنامج العمل
الاستقبال والتسجيل
الجلسة الأولى:
تجربة الإدارة المحلية في الاردن: موجبات الاصلاح والتطوير
رئيس الجلسة: سعادة الدكتور ابراهيم البدور، عضو مجلس النواب
المتحدثون:
- معالي المهندس وليد المصري، وزير الإدارة المحلية
- سعادة الأستاذ عريب الرنتاوي، مدير عام مركز القدس للدراسات السياسية
- سعادة الأستاذة وفاء بني مصطفى، كتلة المبادرة النيابية
- سعادة الأستاذ ابراهيم ابو العز، عضو مجلس النواب
مناقشة عامة
استراحة قهوة
الجلسة الثانية:
شهادات ووجهات نظر حول اللامركزية بعد عامين على التجربة: العوائق وروافع النجاح.
رئيس الجلسة: سعادة الدكتور ابراهيم بني هاني، كتلة المبادرة النيابية.
المتحدثون:
- سعادة المهندس أحمد العبداللات، رئيس مجلس محافظة العاصمة.
- سعادة الدكتور محمد الصمادي، رئيس مجلس محافظة عجلون.
- سعادة الأستاذ صايل المجالي، رئيس مجلس محافظة الكرك
- سعادة الدكتور موسى هنطش، عضو كتلة الإصلاح النيابية.
- سعادة الدكتور علي الحجاحجة، رئيس اللجنة الإدارية في مجلس النواب.
استراحة غداء
رابط الصور :
https://photos.app.goo.gl/Cq8KVmTXBF4bgUgW7
حقوق النشر محفوظة@ مركز القدس للدراسات السياسية. كل الحقوق محفوظة