A+ A-
الإصلاحات التربوية بتونس وعلاقتها بالتصدي للتطرف الديني والإرهاب
2015-12-07
سأتحدث هنا عن ثلاث إصلاحات: وهي إصلاحات 1958 (بورقيبة وكاتب الدولة للتربية القومية محمود المسعدي) و1991 (بن علي ووزير التربية محمد الشرفي) و2002 (وهو أيضاً زمن بن علي). لكني سأبدأ بإصلاحي 1991 و2002 ثم أعود لإصلاح 1958، في سياق الكلام عن محاولات الإصلاح الحالية التي تُوجد بعد الثورة.
 
في البداية، عليّ التنصيص على ملاحظة منهجية، وهي أن المدرسة التونسية مسؤولة جزئياً، في العقدين الأخيرين، عن بروز ظاهرة التطرف والإرهاب، ولكن بطريقة سالبة مضاعفة. أي لعدم تحقيقها لأمرين:
 
أوّلهما: النجاح لأغلب روادها، حيث يبلغ معدل الفاشلين في الدراسة والمنقطعين عنها سنوياً مائة ألف متعلم أو يزيد. وفي الآن نفسه عجزها عن تكوين المؤهلين للنجاح من الطلاب تكويناً يمكنهم من الاستجابة الميسورة لاشتراطات سوق الشغل.
ثانيهما: تثقيف خريجيها ثقافة دينية بالحد الأدنى المطلوب، وتكوينهم روحياً تكويناً يَقيهم الضياع والهشاشة النفسية في مجتمع تقليدي مُشّبع بالتصورات الاجتماعية الساذجة عن الدين.
 
ًوفي ما يلي: تفصيل ما جاء هنا مجملا.
 
جاء إصلاح 1991 للتعاطي مع تنامي تيار الإسلامي السياسي والظاهرة الدينية بصفة أعم، وذلك لتطبيق ما عرف بسياسة "تجفيف منابع التدين" وتكريس توجه في ظاهره على الأقل حقوقي-مدني.
 
وجاء إصلاح 2002 للأستجابة لتحديات العولمة، وهو ما توضحه "الخطة التنفيذية لمدرسة الغد" بكل وضوح بقولها: "...إن رهانات العولمة تحملنا على تطوير نظامنا التربوي بأسرع ما يكون..."[1]. وهو ما وضحته أيضاً بقولها: "ومع نهايات القرن العشرين وما تقتضيه العولمة من تأهيل شامل للعقليات وللمؤسسات ولوسائل الإنتاج، تجدّد الأهتمام بالمدرسة وبرسالتها وفق شروط المرحلة الجديدة"[2].
 
أي أنه في الحالتين، تم الإبتعاد عن المرجعيات الوطنية الأصيلة لصالح مرجعيات عالمية (في الظاهر) ثم عولمية.
 
فماذا كانت حصيلة هذين الإصلاحين (1991 و2002)؟
 
مما لا شك تُوجد بعض النقاط الإيجابية، ولكننا سنتوقف هنا عند نقاط الضعف فقط لنفهم أسباب ظهور حالة التوتر عند الشباب.
 
أبرز نقاط ضعف المؤسسة التربوية بعد تطبيق إصلاح 1991:
  • سيطرة المنحى الكمّي على البرامج التعليمية، بما "يجرّ غالباً إلى مقاربة خطّيّة لا تقيم وزناً للتأليف إذ تتراكم فيها الأهداف الجزئية [حيث كان يُعمل بيداغوجية الأهداف] وتتعدّد الأنشطة التعليمية في غير تكامل. كما يساهم نظام المواد الدراسية المنفصلة في تكريس تجزئة المعرفة وتقطيع الأنشطةب.
  • ضعف مكتسبات التلاميذ: "ويتجلى هذا خاصة في الصعوبة التي يجدونها في التعبير والتواصل، وكذلك في حلّ المسائل الرياضية"، وهو ما يؤدي إلى عدّة نتائج سلبية منها بروز حالات الفشل الدراسي المبكر (رسوب وانقطاع) أو العجز الواضح عن التكيف مع الوضعيات التواصلية أو الوضعيات- المشكلة الجديدة، لافتقارهم للـكفايات[3] الضرورية لذلك. وتتضاعف المشكلة عند الخروج للحياة العملية ذات الوضعيات فائقة التعقيد والمتجددة على الدوام.
  • المركزية المفرطة في تسيير النظام التربوي: مما أدّى إلى انحسار المبادرة خوفاً من الأخطاء ووقع السقوط في الامتثالية العمياء وتعطلت ملكة البحث عن الحلول الكفيلة بتحسين مردودية المدرسة.
من إشكالات إصلاح 2002:

بالرغم من تحقيق إصلاح 2002 لجملة المكاسب النسبية إلا أنه يشكو من عدة صعوبات ومن بينها الإشكالات التالية:
  • عدم كسب رهان الجودة التربوية بل تراجعها تراجعاً مقلقاً مع ارتفاع مغشوش في الكم، ومما يدل على ذلك نتائج اختبارات التلامذة التونسيين الدولية المتواضعة جداً في مواد اللغة الأم والرياضيات والعلوم، في اختبارات بيزا لسنة 2013.
  • سوء العلاقة التربوية والمناخ التربوي بصفة عامة، وأهم مؤشّر على ذلك هو احتداد ظاهرة العنف المدرسي وكثرة النزاعات بين أولياء التلاميذ والمدرسين خاصة مع أخذ التلميذ والولي مكانة الزبون في منظومة تربوية تعتمد مقاربة اقتصادوية ترتكز على التنافس والصراع المتوحّش والرغبة الجامحة في الربح الكثير والسريع.
  • انتشار التعليم الخصوصي، مع وجود حالات متكاثرة من استغلال غير أخلاقي له لكسب المال على حساب الإخلاص في القيام بالواجب المهني التربوي وهو ما ساهم في ظهور المشاكل المُشار إليها آنفاً مع تراجع مكانة المربي وانحطاط نظرة أولياء الأمور والتلاميذ إليه.
  • تراجع مهول في الكفايات اللغوية في اللغة الأم واللغة الأجنبية (الفرنسية). وهذا الأمر يستغرب له حقاً، لأن حجم تدريس اللغة الأم في تونس أسبوعياً هو من بين أكبر الأحجام عالمياً ونفس الشيء للغة الثانية التي تم تدعيمها منذ انصراف محمد مزالي عن وزارة التربية.
  • التراجع عن دعم الإنسانيات في الجامعة وغلق العديد من أقسامها لصالح تعليم قصير المدى غير مجد في التشغيل، مثل معاهد الفنون والحرف المعروفة بانخفاض درجة تشغيليتها ومعاهد التكنولوجيا المعروفة بضعف تكوينها التطبيقي، وبالتالي ضعف تشغيليتها هي الأخرى.
  • عدم ملاءمة ملامح خريجي المدرسة التونسية لمتطلبات سوق الشغل، وذلك بالرغم من التوجيه الجامعي الموغل في التفريع المقرب لامتلاك ناصية الاختصاصات الدقيقة التي يظن أنها مطلوبة في سوق الشغل.
  • كما أنه في الإصلاحين السابقين نلمس وجود هدر مدرسي فظيع، يتمثل في تسرب ما لا يقل عن 100 ألف تلميذ سنوياً من المنظومة التربوية، وفي السنة الفارطة وصل هذا الرقم إلى 120 ألف.
ج- من أسباب فشل إصلاح 2002:
  • تطبيق سياسات تربوية مقامة على الإحتفاء بالظاهر على حساب العمق، أي التباهي بارتفاع نسب النجاح المتضخّمة بفعل الغش وسوء نظام التقييم على حساب الحرص على التملك الحقيقي للكفايات التعلمية المستهدفة، وعلى حساب البناء المتوازن والرصين للشخصية.
  • تفشي الفساد بغياب النزاهة والحوكمة الرشيدة
  • تشديد الرقابة وخنق المبادرات التجديدية الفردية واعتبارها خروجاً عن النظام والقانون.
  • تكريس سياسة الولاء وتدجين الفعاليات التربوية أو إقصاؤها.
  • سوء إدارة العلاقة مع الآخر ضمن الاختراق العولمي لمنظومات البناء الوطني التربوي والمعرفي والتنموي.
  • وفي كلمات معدودات: الاستبداد والفساد وتوتر المناخ السياسي والاجتماعي
محاولات الإصلاح التربوي الحالية:

هنالك ثلاث محاولات بارزة:
- محاولة وزارة التربية
- محاولة الأتحاد العام التونسي للشغل
- محاولة شبكة عهد برئاسة المعهد العربي لحقوق الإنسان
- محاولات في المجتمع المدني أبرزها محاولة الائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية.
 
المحاولات الثلاث الأولى اندمجت في محاولة واحدة، هي التي تقوم بها القيادة الحالية للإصلاح التربوي في تونس، وهي تضم ممثلين عن وزارة وعن أتحاد الشغل وعن المعهد العربي لحقوق الإنسان، وبحسب الندوة التي جرت مؤخراً بين 16 و18 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، فإن فلسفة الإصلاح المتجه نحوها لا تختلف جوهرياً عما جاء في إصلاحي 1991 و2002 مع انتباه لأهمية الحوكمة الرشيدة وحسن التسيير. وبالتالي، فإن ملامح الخريج المنشود من مدرسة الإصلاح المرتقب لا تختلف في جوهرها عن الملامح التي رسمت له في إصلاح 2002. بينما نعلم جميعاً أن ذلك الإصلاح لم يمنع من ظهور آلاف المتطرفين الدينيين وآلاف الإرهابيين في تونس. وذلك في تقديرنا لسببين رئيسيين:
  • حالة الفراغ والفقر الروحي وضحالة الثقافة الدينية وسطحيتها لدى الشباب المكوّن في المؤسسة التربوية التونسية، مقابل تكوينات سطحية أيضاً ومشوهة عن الحداثة ومنتجات العولمة وقيمها.
  • حالة اليأس والإحباط التي أصابت جال الشباب الذي مر من هذه المؤسسة والتي عرف بسببها أحد مصيرين: فإما الطرد والإبعاد مع غياب إعادة الإدماج وإما العجز عن الاستيعاب في سوق الشغل.
تصور الائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية:
 
يقول الائتلاف المدني، وهو شبكة مكونة ممّا لا يقل عن مائتين وخمسين جمعية تربوية وثقافية وحقوقية، أن "ما نحتاج إليه اليوم هو الاستئناس بالنموذج التربوي الوطني الحداثي الأصيل الذي بَشّر به إصلاح 1958".
 
جاء في "الكتاب الأبيض لإعادة بناء المنظومة التربوية" الذي أَعّده فريق من اللجنة العلمية للائتلاف، قوله:
 
"لعله من المفارقات ونحن نفكر في وضع فلسفة جديدة للنظام التربوي المنشود أن نعلن أن أفضل توجّه للنظام التربوي الذي ننشده هو التوجّه الذي أُعلن عنه في إصلاح 1958 إذ هو يجمع بين الروح الحديثة والروح الوطنية الأصيلة. ونُذكّر هنا بأهم ما في بعض الفِقرات التي سبق أن أوردناها، والتي جاءت في تقرير كتابة الدولة لتربية القومية 1963.
 
جاء في هذا التّقرير أن إصلاح 1958 سَيُمكّن من "بعث التربية في تونس في صورتها القومية الأصيلة، بأهدافها الجديدة وأساليبها الحديثة وفي نطاق تخطيط تربوي شامل مضبوط المراحل والخطوات."[4]
 
ويقول المسعدي في هذا التقرير: "لقد أصبح لتونس منهاجها التربوي وهو منهاج طريف بعيد عن التقاليد، ولم يُعمد فيه إلى الجمود على سُنّة المذاهب التربوية القديمة ولا إلى المحاكاة الآلية للنظم التربوية الحديثة الموجودة في سائر بلدان العالم، فهو تونسي في وضعه وكنهه. إذ هو من نتاج فكر المُربي التونسي ووليد الواقع التونسي والتجربة التونسية."[5].
 
ثم وضّح المسعدي المسألة أكثر بقوله: "...وعلاوة على ذلك كلّه فإن الإصلاح قد دعّم استقلال التعليم التونسي بإحيائه لمقوّمات الشخصية الثقافية التونسية التي تستمدّ أصولها من الثقافة العربية الإسلامية، إذ أنه أرجع للغة العربية وظيفتها الطّبيعيّة كأداة أولى لتثقيف نشئنا في المراحل الابتدائية والثانوية من التعليم وجعل للتربية الإسلامية ولتاريخ التّفكير الإسلامي والحضارة العربية الإسلامية مكانتها اللائقة بها في الدراسات؛ وأدخل تحويراً عميقاً على برامج التاريخ والجغرافيا التي لم تكن تهتم إلا قليلاً جدّاً بتاريخ وجغرافيّة البلاد التي يعيش فيها التلميذ التونسي"[6].
 
أهم مفردات هذا التوجه الإصلاحي هي: "الشخصية القومية الأصيلة" و"الشخصية التونسية" و"الشخصية الثقافية التونسية التي تستمدّ أصولها من الثقافة العربية الإسلامية". والمنهاج الذي هو ثمرة هذا التوجه الوطني الأصيل "منهاج طريف" ومبتكر متنزه عن جمود التقليد للقديم وعن المحاكاة الآلية للحديث، "فهو تونسي في وضعه وكنهه إذ هو من نتاج فكر المُربي التونسي ووليد الواقع التونسي والتجربة التونسية". وأفضل مثال على ذلك لدى الزعيم بورقيبة التعليم الصادقي الذي جَمع بين الأصالة والحداثة وخرّجت منه نخبة من الّذين"يفكّرون تفكيراً عصرياً ويتعلّمون تعليماً إسلامياً ويعرفون من أين تُؤكل الكتف وكيف يجابهون الخصم"[7].
 
يقول مؤلفو الكتاب الأبيض: "وفعلاً هل نريد نحن اليوم غير هذا؟ ! هل نريد تعليماً غير التعليم الجامع بين الحداثة والأصالة؟!
ولكن لماذا تجدنا إذن متحفظين على إصلاح 1958 وعلى كل الإصلاحات التي تَلتُه والتي جعلت منه مرجعها الأساسي؟
السبب في ذلك هو أن كيفية تطبيق ذلك الإصلاح لم تكن وفية لما تم الإعلان سواء في خطاب الحبيب بورقيبة يوم 25 جوان 1958 أو في تقرير كتابة الدولة للتربية (1963). هذه الروح التونسية الأصيلة وهذه العودة إلى الثقافة العربية الإسلامية وإلتزام التدريس بالعربية بالكامل ما إن تتوفر للدولة إمكانية الاستغناء عن المدرسين الأجانب من غير العرب، كل هذا لم يقع تطبيقه على النحو الذي أعلن عنه، بل شابه الكثير من التردد ومن المخالفة له وأخيراً تم الابتعاد عنه بشكل واضح ولم نسجل إلا استثناءً جزئياً حصل في الفترة 1976-1986.
 
يجد التوجّه الحداثي الأصيل في إصلاح المنظومة التربوية جذوره في عدّة مرجعيات، من أبرزها الدستور التونسي وما تضمنه من قيم حقوقية ومواطنية ومن قيم أصيلة، وقيم الثورة (الحرية الكرامة، العدالة)، والإرث الإصلاحي التربوي الوطني، ورصيد التجارب التربوية الناجحة والمتميزة عالمياً.
 
ومن جملة المرجعيات السابقة في تكاملها وتفاعلها، يخرج لنا نموذج تربوي حداثي أصيل. وإن الحداثة الأصيلة التي يُريدها الائتلاف لنظامنا التربوي المنشود هي:
أولاً : حداثة حقيقية وليست تحديثاً شكلياً، أي حداثة ضامنة حقّاً لاستخدام أقصى طاقات العقل للتفكير الخلاق في ما يقدر العقل فعلاً على حلّه من مشكلات.
ثانياً : حداثة أصيلة تُبنى من داخل الذات الفردية والجماعية الثقافية دون تعارض بين باراديغم الذات والحرية وباراديغم الجماعة أو الأمة والهوية.
ثالثاً : حداثة أصيلة لا تختزل الوعي في الذكاء، ولا تقول بالإنسان ذي البعد الواحد، بل تُسلّم بأن للإنسان أفئدة متعدّدة: الذكاء والوجدان والذوق الجمالي والروح.
رابعاً : حداثة لا تلقي بالقيم الأصيلة وراء ظهرها. لأنّها قيم تعانق الأُفق الكونية، إلى جانب تجذّرها في أعماق الفطرة الإنسانية، مثل قيم الخير والجمال والرحمة والعفة والعدل.
خامساً : حداثة أصيلة تجمع بين القيم والفعّالية : فالفعّالية هي ثمرة اشتغال العقل التقني- العملي، والقيم هي ثمرة العقل الأخلاقي- العملي.
سادساً : حداثة تربوية تصل التعليم التقني بالتربية القيمية الاجتماعية وبالتربية المواطنية. واليوم توسّع مفهوم المواطنة ليمتدّ إلى العالم كلّه. الإنسان اليوم مواطن العالم، وهو ما يتطلب التربية على الهوية الأرضية المشتركة التي لا تتعارض مع الهوية الخاصة.
سابعاً : الحداثة الأصيلة لا تُبنى إلا باللغة الأم. وكل شعوب العالم المتطوّر في آسيا وأوروبا وأمريكا تُعلّم أبناءها العلوم والفلسفات بلغاتها الأم؛ من منطلق أنّ الفكر وثيق الصلة بالّلغة. والّلغة إن هي إلا أداة أولى لصياغة المفاهيم العلمية والأفكار ثم تستقرّ في الذهن وفق قواعد التفكير الكونية؛ ومن ثمّة، يمكن الانفتاح على لغات أخرى واستجلاب معارف وعلوم أخرى والاستزادة منها بعد تحصيل قواعد التفكير السليم باللغة الأم.
 
توصيات:
  • انتهاج سياسة التنوير الديني، في المناهج التعليمية، عوضاً عن سياسة تجفيف منابع التديّن، تحت مُسمَى "تجفيف منابع الإرهاب". فتجفيف منابع التدين مهمة مستحيلة وغير ضرورية حتى، في مجتماعاتنا العربية الإسلامية التي لها وجدان ديني عميق، رغم وجود مظاهر انحراف سلوكي كثيرة. وفي أوروبا نفسها، التي تُتّخذ نموذجا للتحديث، بدأ الفلاسفة هناك بالتنوير الديني، مثلما هو الحال مع كانط (وكتاباه "الدين في حدود مجرد العقل"، و"أسس ميتافيزيقا الأخلاق") وسبينوزا (وكتابه "رسالة في اللاهوت والسياسة") ولسّنج وكتابه (تربية الجنس البشري")...الخ.
  • اعتماد منهج علمي في الإصلاح التربوي، مثل منهجية هندسة الإصلاحات التربوية، القاضية باختيار أحد مداخل (براديغمات) الإصلاح الخمسة المعروفة عالمياً، والتي منها نستخرج معايير الإصلاح ومؤشراته، مثل مدخل الحوكمة المطبقة في التربية، أو مدخل الجودة الشاملة، أو المدخل الاستراتيجي...الخ، وذلك لتجنب اعتماد القناعات والدغمائيات الإيديولوجية، التي سيظهر أثرها السالب، عاجلاً أو آجلاً.
  • إسناد الإصلاح التربوي إلى مؤسسة وطنية عليا مستقلة، عوضاً عن تكليف لجان تخدم مصالح أحزاب حاكمة أو فئات مُتنفّذة.
  • صياغة ميثاق وطني للتربية والتكوين، بطريقة ديمقراطية تشاركية، لتحقيق أوسع إجماع وتوافق وطني ممكن، لتجنب أية مناكفات وصراعات لاحقة، حول توجهات المدرسة وملامح الخريجين منها.
  • ملاءمة النموذج التربوي المُعتمد مع النموذج التنموي المُختار، ومراجعة الشكل المدرسي لينخرط في براديغم التكوين، عوضاً عن التربية بمفهومها النظري التقليدي، استجابة لحاجات سوق الشغل.
  • دعم تعليم الإنسانيات والفلسفة، خاصة في الشعب العلمية والتقنية.
  • تطوير طرق تعليمية مساعدة على التفكير الجدلي والنسبي ضمن اختيار بيداغوجي بنائي-اجتماعي تفاعلي.
[1] الخطة التنفيذية لمدرسة الغد، 2002-2007، إصدار وزارة التربية والتكوين، ص. 23.
[2] المصدر السابق، ص. 13-14.
[3] يظهر هنا فجأة مفهوم الكفايات الضرورية أو الأساسية الذي يأتي بديلاً عن مفهوم الأهداف الإجرائية.
[4] تقرير كتابة الدولة للتربية القومية، 1963، ص. 6.
[5] نفسه.
[6] المصدر السابق، ص. 7.
[7] للتذكير فإن بورقيبة قد درس بالمعهد الصادقي إلى جانب دراسته اللاحقة في معهد كارنو.

د. مصدق الجليدي، أستاذ باحث بالجامعة التونسية، خبير دولي في إصلاح النظم التربوية وبنائها وتطويرها، رئيس تحرير مجلة الفاعل التربوي، ورئيس الائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية.

ورقة عمل قُدّمت في ورشة عمل "نحو استراتيجية شاملة لمحاربة التطرف وبناء توافقات وطنية ... (2-4) - إصلاح المناهج والعملية التربوية كأداة لمحاربة التطرف والإرهاب"والتي نظّمها مركز القدس للدراسات السياسية في السابع والثامن من شهر كانون الأول/ديسمبر 2015.