فلسطينيو لبنان وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني..الفرص والعوائق..وجهة نظر منظمات وهئيات المجتمع المدني(جمعية النجدة الإجتماعية)
2012-07-10
2012-07-10
الضرورات والمعيقات
1) الشرعية الثورية والشرعية الدستورية
مع قيام السلطة الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1967، خطى النظام السياسي الفلسطيني خطوة مهمة وتاريخية على طريق الانتقال من الشرعية الثورية،التي كانت أساس تشكيل المؤسسات والهيئات في منظمة التحرير الفلسطينية، إلى الشرعية الدستورية، عبر اللجوء إلى صندوق الاقتراع في بناء هذه المؤسسات والهيئات. ولعل من أبرز الأسباب التي حتمت هذه النقلة:
- اعتماد السلطة الفلسطينية نظام الانتخاب لإختيار المجلس التشريعي، ما طرح علامات استفهام حول شرعية المجلس الوطني، غير المنتخب، في مواجهة المجلس التشريعي المنتخب، حتى أن بعض المؤسسات الدولية بدأت تتعامل مع المجلس التشريعي،«المنتخب ديمقراطياً»، على أنه يمثل الحالة الفلسطينية، على حساب المجلس الوطني، وبديلاً له، بذريعة أنه غير منتخب، وانه تم تشكيله بقرارات فوقية دون مشاركة المواطن الفلسطيني في اختيار ممثليه.
هذا الموقف الدولي، من شأنه أن يلغي م.ت.ف، وموقعها التمثيلي الشامل لشعب فلسطين، لصالح مؤسسة منتخبة من قبل جزء من الشعب، بكل ما في هذا من تداعيات على وحدة الشعب الفلسطيني، ووحدة حقوقه الوطنية، بما في ذلك حق العودة للاجئين الذين لم يشاركوا في انتخاب المجلس التشريعي.
- الخلافات والانقسامات الفلسطينية،إن على خلفية الموقف من اتفاق أوسلو، والعملية التفاوضية، أو على خلفية النزاع على السلطة ومغانمها ومكاسبها.
تشكل الانتخابات الدستورية في هذه الحالة حلاً للنزاعات، لأنها تعني اللجوء إلى الشارع الفلسطيني ليحسم انحيازاته الحزبية، وخياراته السياسية، كما تشكل الإنتخابات الطريق الأسلم نحو العودة إلى الوحدة الداخلية، وحدة المؤسسات، ووحدة الضفة مع القطاع ، ووحدة الداخل مع الخارج من خلال التمثيل الأشمل.
- التطورات الإقليمية تحت ضغط الحراك الشعبي في أنظمة الإستبداد العربية التي سقط بعضها ( خاصة مصر) وما زال بعضها الآخر مرشحاً للسقوط، لصالح أنظمة تشق طريقهاتحت الضغط الشعبي أيضاً نحو المواطنة، والديمقراطية، والتعددية والعدالة الاجتماعية، والكرامة الوطنية. وإذا كانت الحالة الفلسطينية تحت الاحتلال (من جهة) وتشتت الخارج وخضوعه لظروف الدول العربية المضيفة (من جهة أُخرى)، قد قطعت الطريق على حراك شعبي فلسطيني مماثل، يأخذ طابعاً مزدوجاً: مقاومة شعبية شاملة ضد الاحتلال، والدفع نحو مؤسسات ديمقراطية تحت الرقابة الشعبية، فإن المزاج العام الفلسطيني، في الداخل والخارج، بات موحداً حول ضرورة مواكبة الحراك الشعبي العربي، بأساليب هادئة، عبّر عنها الشباب الفلسطيني في الضفة وفي القطاع في 15/3/2011 بوضوح صارخ، بالدعوة إلى إنهاء الانقسام عبر اللجوء إلى الإنتخابات في إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية (المجلس الوطني، المجلس التشريعي، رئاسة السلطة الفلسطينية، المجالس المحلية والبلدية، الاتحادات الشعبية إلخ..)
المشاركة السياسية للمرأة:
تمثل المرأة الفلسطينية مثل صارخ على مدى الإجحاف في حق المرأة على مستوى المشاركة السياسية وهي التي ناضلت جنباً الى جنب مع الرجل في مراحل النضال الطويل منذ عشرينات القرن الماضي. لكن فجوة واسعة في مشاركة وتمثيل النساء الفلسطينيات كشف عنها المسح الذي أجراه المكتب المركزي الفلسطيني للإحصاء في الأراضي الفلسطينية المحتلة عن تراجع المشاركة السياسية للنساء في هيئات الحكم المحلي. إذ يبيّن المسح أن عدد العضوات المنتخبات للمجالس المحلية تراجع بشكل ملحوظ، وذلك بسبب الاستقالات الجماعية والفردية للمجالس أو للعضوات، ليصبح ثلاثمائة وخمساً وخمسين عضوة (355) عوضاً عن 538 عضوة منتخبة (فازت بالانتخاب)، أي بما يعادل نسبة 14% من عضوية المجالس المحلية.
وقد لجأت وزارة الحكم المحلي الفلسطيني إلى سد الشواغر في المجالس المعنية عن طريق التعيين. وقد جاءت نتيجة هذه العملية ظلماً واضحاً للنساء، كذلك الأمر على المستوى التشريعي الذي لا يتجاوز فيه تمثيل النساء 5% من عدد أعضاء المجلس التشريعي.
أما في مخيمات وتجمعات الفلسطينيين في لبنان وعلى مستوى التمثيل المحلي كلجان شعبية لم تتجاوز نسبة تمثيل النساء الفلسطينيات ال 7% (من أصل 286 عضوا في اللجان الشعبية هناك 20 امرأة فقط).
نقترح:
• تحديد نسبة تمثيل المرأة في اللوائح الإنتخابية ولوائح المرشحين كشرط لدخولها الإنتخابات
• مشاركة المرأة باللجان الانتخابية ولجان الفرز
• ضمان حق المرأة بحرية المشاركة بالعملية الانتخابية دون الرضوخ لضغوطات عائلية،عشائرية واجتماعية
2) الشتات والعلاقة بالمؤسسة
قيام السلطة الفلسطينية وإنتقال مراكز الثقل إلى الداخل، وطغيان أوضاع مؤسسات السلطة على سواها، وتهميش أوضاع مؤسسات م.ت.ف، انعكس سلباً على أوضاع الشتات، وعكس في الوقت نفسه سياسة تهدف إلى التخلص من عقدة اللاجئين، عبر القبول بحل بديل للعودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948. ولذلك ليست صدفة أن تتم المساومة على حقوق اللاّجئين، وأن تتم الدعوة إلى تجنيسهم بجنسيات الدول العربية المضيفة، وأن يستبدل «حق العودة إلى الديار والممتلكات» بحق العودة إلى «الوطن بجناحيه الضفة والقطاع»، وأن يستبدل حق العودة إلى الديار والممتلكات بالمطالبة بـ « حل عادل ومتفق عليه» لقضية اللاجئين، وأن يتم تفسير القرار 194 بأنه«يكفل حق التعويض» فحسب، وأن يتم اسقاط حق العودة من بنوده .. ليست صدفة أن يتم هذا كله مع الشلل التام الذي أصاب الإتحادات الشعبية في الشتات، كالمرأة والعمال والطلبة والحقوقيين، والمهندسين وغيرهم، وأن يقتصر نشاط هذه المؤسسات على تجديد شرعية هيئاتها القيادية في إتفاقيات فوقية بين الفصائل بمعزل عن رأي قاعدة هذه الإتحادات وجمهورها.
وإذا كانت هذه الإتحادات قد شكلت في الماضي مجرد يافطات سياسية لمنظمة التحرير، فإن هذه اليافطات، في الوقت الراهن، أصبحت بالية، بل أصبحت تشكل عبئاً على القيادات في السلطة الفلسطينية مع غياب شبه كلي للّجنة التنفيذية في م.ت.ف. عن أداء دورها وتحمل مسؤولياتها نحو الشتات، بإعتبارها القيادة السياسية اليومية لشعب فلسطين في أماكن تواجده كافة.
ولا غرابة، والحال هكذا، أن تستمر الدولة اللبنانية، على سبيل المثال، بالتعامل مع الحالة الشعبية الفلسطينية من زاويتين اثنتين، تعكسان السياسة السلبية التي بها تتم معالجة الوجود الفلسطيني في لبنان.
* الزاوية الأولى: النظر إلى المخيمات باعتبارها مجرد حالة أمنية وليست تجمعات لشعب صاحب قضية وحقوق وطنية، يناضل من أجلها منذ أكثر من ستين عاماً. ولعل تجربة نهر البارد، خير دليل على ذلك.
* الزاوية الثانية: النظر إلى الوجود الفلسطيني باعتباره خطراً على التوازنات الديمغرافية والمذهبية للصيغة اللبنانية، عبر إثارة خطر التوطين بمناسبة وبغير مناسبة، وبدلاً من توجيه السهام نحو الجهات التي تعطل حق العودة، كإسرائيل، والولايات
المتحدة وغيرها، تتوجه السهام نحو الوجود الفلسطيني نفسه، للضغط عليه، ليغادر البلاد في هجرات نحو أطراف الدنيا الأربعة، لأن الإدارة السياسية اللبنانية نفسها فقدت قناعتها بإمكانية تنفيذ حق العودة. ما يعبر عن انسياق رسمي لبناني مع الإتجاه العام الذاهب نحو التخلي عن حق العودة وتوجيه الاتهام في الوقت نفسه للحالة الشعبية الفلسطينية، وكأنها هي التي تخلت عن حق العودة. ومما يؤسف له أن بيروت كانت هي مكان ولادة مبادرة السلام العربية عام 2002، وقد أسقطت من بنودها أي ذكر لحق العودة إلى الديار والممتلكات واكتفت بالحديث عن الحل العادل والمتفق عليه، في رسالة واضحة وصارخة، تدعو لتسوية سياسية للصراع في الشرق الأوسط على حساب قضية اللاجئين وحق العودة.
إن تمسك اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بحقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم يزداد يوماً بعد يوم، لكن ما يفتقد له هؤلاء اللاجئون هو المؤسسات الوطنية الجامعة التوحيدية كما يفتقدون إلى المرجعية السياسية الموحدة وإلى رعاية دائرة شؤون اللاجئين في م.ت.ف. لتحركاتهم ونضالاتهم. ولاشيء يشكل حلاً لكل هذه القضايا ويوفر سقفاً سياسياً عالياً لقضيتهم ويوفر رعاية لنضالاتهم سوى إعادة بناء م.ت.ف. ومؤسساتهاعلى أسس ديمقراطية عبر الانتخاب وفق نظام التمثيل النسبي الكامل. إن إعادة بناء المنظمة بالانتخاب، من شأنه أن يعيد الاعتبار للخارج، وأن يمد أقنية الاتصال بين الشارع وقيادته، وأن يوفر أدوات المساءلة بين الناخب وممثله في المجلس الوطني، وأن يوفر لحركة اللاجئين المؤسسات الوطنية الجامعة والموحدة، في الدفاع عن حقهم في العودة إلى الديار والممتلكات، وعن قضاياهم الإجتماعية والإنسانية، وعن كرامتهم الوطنية.
إذن، إعادة انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني، تشكل حاجة وطنية ماسة في خدمة وحدة الشعب، ووحدة قضيته، ووحدة حقوقه، وإعادة بناء العلاقة بين القيادة والشعب، على أسس ديمقراطية وفق مبدأ المساءلة، وإعادة طرح الثقة في الدورات الإنتخابية المتعاقبة والدورية.
3) معيقات بالإمكان تجاوزها
قد تعتبر عملية تنظيم الإنتخابات الشاملة للمجلس الوطني الفلسطيني مغامرة تنظيمية وسياسية في حد ذاتها، لأنها المرة الأولى التي ينتظم بها الشعب الفلسطيني، في عملية ديمقراطية شاملة لإختيار قيادته. وبالتالي فإن باب الإحتمالات مفتوح على مصراعيه على المفاجآت السياسية، خاصة وان نظام التمثيل النسبي يتيح لكل الأطياف السياسية في الحالة الفلسطينية أن تدلي بدلوها، وأن ترشح نفسها، أو تتبنى ترشيحات ولوائح من خارج الأطر الحزبية المعروفة في الوسط الفلسطيني.. وهذا من شأنه أن يعزز الديمقراطية في الوسط الفلسطيني، لأنه يفتح الباب أمام التعددية الحزبية والسياسية، وأمام ولادة جيل جديد من القيادات السياسية، ترث العملية السياسية من جيل المؤسسين.
وإذا كانت بعض الصعوبات تبرز في تنظيم العملية الانتخابية فإن تجربة انتخاب المجلس التشريعي الأول، والثاني، والمجالس المحلية والبلدية في الضفة والقطاع يمكن أن تشكل أساساً لإنجاح العملية في الخارج، وبشكل خاص في لبنان. وفقاً للخطوات التالية:
1- سن قانون واضح وشفاف يعرّف من هو الفلسطيني صاحب الحق في الترشح والإنتخاب، خاصة وان شرائح واسعة من الفلسطينيين ليست على سجلات وكالة الغوث، أو لوائح وزارة الداخلية اللبنانية وتحمل في الوقت ذاته جنسيات عربية أو أجنبية. وليست في الوقت نفسه من مواليد فلسطين.
إن ما جاء في مسودة الدستور الفلسطيني حول تعريف من هو الفلسطيني يشكل أساساً، لكنه غير كافٍ. من هنا الحاجة إلى القانون الذي يستكمل النواقص الواردة في مشروع الدستور.
2- فتح باب تشكيل لوائح الناخبين، لفترة كافية مع تنظيم حملة توعية تلفت نظر المواطنين إلى أن التسجيل في لوائح الناخبين هو الذي يضمن للمواطن حقه في الانتخاب، وأنه، بدون ذلك لا مجال لممارسة هذا الحق. إنضباط سجلات الناخبين أمر وشرط ضروريان لضبط نزاهة الانتخابات والحؤول دون التلاعب وتزوير الأرقام.
3- رغم أن لبنان سيشكل دائرة انتخابية واحدة فإن الضرورة تتطلب تعريف الناخب باللجنة الانتخابية التي سوف يدلي فيها بصوته. والحل الأفضل أن يدلي الناخب بصوته في مكان إقامته / المخيم/ المدينة/ الخ... على أن يكون في المخيمات والمدن، العدد الكافي من اللجان الانتخابية.
4- من الواجب أن تتشكل لجنة انتخابات مركزية بقرار من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تضم كفاءات نزيهة ونظيفة اليد ومشهود لها بالوطنية والموضوعية من خارج لبنان ومن الهيئات الشعبية الفلسطينية.
5- من الضروري أن تتم الانتخابات تحت إشراف فلسطيني، وتحت رقابة عربية ودولية، لضمان النزاهة.
6- إن تنظيم الانتخابات يتطلب فتح باب الترشيح، وتوفير الأجواء الديمقراطية للمرشحين للالتقاء بالناخبين وطرح برامجهم وتنظيم حملاتهم الانتخابية، ما يتطلب ضبط الأجواء الأمنية في المخيمات، والتنسيق مع الدولة اللبنانية. إن التنسيق مع الدولة اللبنانية ينطلق من الاعتراف بسيادة لبنان على أرضه، ولا تعارض بين تنظيم الانتخابات هذه، وبين السيادة اللبنانية، خاصة في ظل الرعاية الدولية.
ونعتقد أن تجربة الانتخابات التشريعية العراقية التي تمت تحت رعاية الأمم المتحدة ورقابتها، تشكل سابقة يمكن الاستناد إليها لضمان سير العملية الانتخابية في لبنان، بشكل سلس ودون تعقيدات قانونية أو سياسية.
خلاصة :
1) إعادة بناء م.ت.ف. عبر انتخاب مجلسها الوطني في الداخل والخارج باتت ضرورة وطنية تفرضها التطورات الفلسطينية والمصلحة العليا للقضية.
2) إشراك الخارج في الانتخاب سيعيد الاعتبار لقضية اللاجئين ولحق العودة إلى الديار والممتلكات، وسوف يدفع الدولة المضيفة إلى إعادة النظر إلى الوجود الفلسطيني على أرضها باعتباره حالة سياسية وليس مجرد حالة أمنية.
3) كثير من المعيقات يمكن تذليلها بالاستناد إلى تجارب الانتخابات في الضفة والقطاع وإلى تجربة الانتخابات التشريعية العراقية في الخارج تحت إشراف الأمم المتحدة ورعايتها.
4) تنظيم الانتخابات يحتاج إلى سلسلة قوانين منها تعريف من هو الفلسطيني صاحب الحق في الترشح والانتخاب وهذه مسؤولية اللجنة التنفيذية في م.ت.ف.
الاراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي مركز القدس للدراسات السياسية
حقوق النشر محفوظة@ مركز القدس للدراسات السياسية. كل الحقوق محفوظة
حقوق النشر محفوظة@ مركز القدس للدراسات السياسية. كل الحقوق محفوظة