2006-06-25
ظهرت الاحزاب الإسلامية في كافة أنحاء العالم الاسلامي، كصاحبة نفوذ رئيسية عندما سمح لهذه الاحزاب بالتَنَافُس في الانتخابات الحُرّةِ. وذلك على الرغم من بقاء مواقفها في العديد من قضايا الحكمِ الحاسمةِ غير معروفة أَو غامضةَ. كما ان اغلب النقاش الذي دار حول إمكانية اعتدال الاسلاميين ودمجهم في العملية الديمقراطية قد ركز على توافق الإسلام مع الديمقراطية او بالنقاش حول التزام الاسلاميين النموذجي بالديمقراطية وبشكل منفصل عن الية إنجاز وتحقيق السلطة السياسية.وكجزء مِنْ موضوعها في " تعبئة المعتدلين" نظّمتْ "مبادرةَ العالم الاسلامي "لمعهد الولايات المتحدة للسلام" في الخامس من أيار جلسة نقاش طاولة مستديرة غير رسمية حول قابلية نجاح الديمقراطيةِ ضمن الإطار الاسلامي.وركزت المناقشات بالتحديد على إستراتيجياتِ الإسلاميين السياسيةَ حين وجودهم في صفوف المعارضةِ والتزامهم بالإجراءاتِ والمبادئِ الديمقراطيةِ حالما يتسلمون السلطة. وقد حضر الاجتماع زعماء ثلاثة أحزاب سياسية إسلامية معتدلة،وحركات من الدول العربية بالإضافة الى المسؤولين الحكوميين الأمريكيينِ، وعلماء، ومُحلّلين سياسيين مستقلينِ.
وقد أبرز هذا اللقاء لمعهد الولايات المتحدة للسلام المواضيع والأسئلة الأساسية التي ظهرت أثناء المناقشات.حيث ظهر خلاف كبير بين الأحزاب الإسلامية المعتدلة واستراتيجياتها وهي نتاج علاقات السلطة المحلية.وهكذا يجب الحذر في ترتيب هذه التعليقاتِ العامّةِ إلى الاحزاب الإسلاميةِ المُخْتَلِفةِ.
ملاحظة قصيرة على المصطلحات الفنية.
لأغراضِ هذه الورقةِ:
- إسلامية، وتعود إلى المؤسساتِ، والممارسات، والاعتقادات وهكذا، والتي ليس لها اي مضمون أيدلوجي او سياسي معين. مثل الهندسة المعمارية الإسلامية، وفن السيراميك الاسلامي، والفلسفة الإسلامية وهكذا دواليك.
- الاسلاميين، وذلك إشارة إلى الاحزاب السياسية والحركاتِ التي تُريد اكتساب الشرعية أَو تَخريب النظام السياسي على أساس تفسيرِهم للمبادئِ الإسلاميةِ.مع ان هذه الحركاتِ تَعُودُ إلى الأربعيناتِ والخمسيناتِ (في مصر)، فقد أصبحَ هذا التعبيرَ يستخدم عموماً بصورة اكبر في حقبة الثمانيناتِ من القرن الماضي، وبعد ثورة الخميني في عام 1979.
- هناك تمييز مهم يُمْكِنُ رسمه بين الإسلاميين المعتدلينِ والمتطرفين. فالاعتدال يُشيرُ إلى الأحزاب السياسية والحركاتِ التي تستخدم المبادئَ الإسلاميةَ والقانون الاسلامي، أو الإشارة الى المُشَارَكَة السلمية للإسلاميين في العمليةِ السياسيةِ. ان الاسماء الواردة مثل المتطرفين، والمتشددين، والوهابيين، والسلفيين، او الجهاديين هي عبارة عن تعابير ومصطلحات لأولئك الذين يستخدمون العنف باسم معتقداتهم الإسلاميةَ.
مواقف الإسلاميين:
قام الزعماء الاسلاميين الثلاثة الذين شاركوا بالاجتماع باستعراض النقاط التالية في بحر عرضهم وردودهم القصيرة على الأسئلة التي دارت أثناء الاجتماع وفي المناقشات الجوهرية قبل وبعد ذلك. حيث مثّل ذلك وجهات نظر الاسلاميين انفسهم او على الأقل تمثيلهم الذاتي أمام الناقدين من الجمهور الغربي. وفي بعض الحالات والمقابلات والمقالات والخطابات الصادرة من قبل احد المشاركين في لجان المناقشة او اكثر كأن يتم استشارتهم بغية الحصول على فهم وإحساس افضل حول القضايا الرئيسية.
الثقة المتصاعدة في المشاركة والإجراءاتِ الديمقراطيةِ:
- ترى الاحزاب السياسية الإسلامية في نفسها أطراف سياسية إصلاحية موثوقة وعصرية، ولا يرون انفسهم كوعاظ تقليديين يرتكزون على اجندة أخلاقية فقط.
- يُصوّرونَ أنفسهم كأحزاب سياسية واقعية، والتي يُمْكِنُ لها وبفعالية ان ترد على الأنظمة الدكتاتورية والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة وظاهرة التطرف المتزايد.
- يُريدونَ السلطة من خلال الوسائل السلميةِ، و هم على ثقة كبيرة بأنّهم سَيَفُوزونَ بالانتخابات إذا جرت في أجواء حرّةِ وعادلة في العديد مِنْ البلدانِِ.
- وكدليل على مهاراتِهم السياسيةِ ورغبتِهم في العمل ضمن النظام، يَفتخرونَ بالدعمِ الاجتماعي الواسعِ والصلبِ لهم في صفوف "الشباب والنساء والحرفيين"، والشبكات الوطنية الواسعة والأداء الجيد على صعيد الحكم المحلي، والعلاقات الإيجابية مع رجال الأعمال، وإبداء الرغبة بالتعامل مع الاحزاب العلمانية والمنظمات الغير حكومية.
-هم على ثقة بفرص الإصلاحِ الديمقراطيِ والتغيير السياسي، رغم استمرار فرض القيودِ على مؤسساتها السياسيةِ ، والتي تصل في بَعْض الحالاتِ حد القمع الواضح.
- يدركون فوائد المشاركة الديمقراطيةِ، بما في ذلك المنافسة الانتخابية، والمعارضة السياسية القانونية،وتداول السلطة
- يرفض الإسلاميون المخاوف القائمة على انهم قد يحتكرون السلطة السياسية والدينية في حال فوزهم بالأغلبية. حيث يَحتجّونَ بأنّ المراكزِ الحاليةِ للسلطة (منظمات المجتمع المدني، والنظم الملكية الحاكمة، والمؤسسات العسكرية والأمنية القوية، والمؤسسات الدينية التقليدية) تَمْنعُ مثل هذا السيناريو من الحدوث.
الالتزام بالمعاييرِ الديمقراطيةِ، والتوافق مع الإسلامِ:
- يؤكد الزعماء الإسلاميين التزامهم بالمبادئِ الديمقراطيةِ، بما في ذلك حقوقِ الاقليات والتسامح الديني، وحق المرأة ومساواتها بالرجل، و حق المشاركة، والتنوع الثقافي، والتعدّدية السياسية.
- يُؤكّدونَ التزامهم بالسيادةِ الشعبيةِ وتحديد معنى وأهميةَ السيادةِ الروحية .* يهدفون الى جعل المبادئ الإسلامية اكثر تجاوبا مع الاحتياجات السياسية العملية والمعاصرة.
- يصر الإسلاميون المعتدلين بأن المعيار في رؤياهم يتفق مع المبادئ الإسلامية مثل العدالة، والمساواة، والمسئولية، والقيود على سلطات الحكام.
- وقد ناقشوا بان هذه المبادئ تتوافق مع المعايير الديمقراطية الغربية، ولكن ليس من الضرورة مع القيم الليبرالية والتي تعطي امتيازا لحقوق الفرد على حساب الجماعة.
- ان مسألة الحكم في الإسلام قضية مفتوحة ولم تحددها النصوص الإسلامية بشكل واضح.
- وتحدثوا في معرض مناقشاتهم بأنه من الخطأ الجدل في قضية عدم توافق المبادئ السياسية والإسلامية مع المعايير الديمقراطية.
- يرفض بعض زعماء الاحزاب تصنيفهم وتسميتهم "بالإسلاميين"،ويفضلون وصف أحزابهم "بأحزاب ذات مرجعية إسلامية" .
- يستخدم الإسلاميون المعتدلين في اغلب الأحيان الاحزاب الديمقراطية المسيحية في أوروبا كمثال في وصف نموذجهم.
المرونة في تطبيقِ الشريعةِ:
- وفي سؤال حول تطبيق الشريعة او القانون الاسلامي يبدي الإسلاميون المعتدلين بعض المرونة في هذا الإطار.
- لم يدعو احد من المشاركين في المناقشات الى التطبيق التقليدي للشريعة.
- وقد شهدوا جميعا بالدور المهم للاجتهاد في إعادة تفسير النصوص المقدسة في اطار تكييف الممارسات الإسلامية مع الاحتياجات المعاصرة.
- وقد أشاروا الى السوابق الإسلامية الليبرالية المتعلقة في المعالجة الإيجابية للأقليات الدينية.
- لم يستبعد الزعماء الاسلاميين الشريعة بشكل من الشكال او طرحها جانبا او رؤيتها على أنها لا تتوافق مع المبادئ الديمقراطية الحديثة.
- ويعتبرون ان تطبيق القانون الاسلامي " الشريعة" قد يأتي في بعض الحالات كضرورة اجتماعية وان ذلك ليس ناجما عن (حمى) تطبيق الواجبات الدينية.
- ويَعتبرونَ القِيَمَ الأخلاقية الدينية والقانون الاسلامي رادع فعال ضد الانحراف الاجتماعي والانحطاط السياسي.
الحذر في العلاقاتِ مع الولايات المتّحدةِ:
- إن افضل ما يمكن وصف تصور الاسلاميين المعتدلين لعلاقتهم مع الولايات المتحدة بأنها علاقة مشاركة فعالة متسمة بالحذر. - على الرغم مِنْ الخلافاتِ الرئيسيةِ مع السياسة الخارجية الأمريكيةِ، الا ان الاسلاميين المعتدلين مدركون أهميةِ الولايات المتحدة كقوة عظمى عالمية.
- ان الدعم الامريكي لاندماجهم في العملية السياسية يعتبر احد القضايا الرئيسية في استراتيجيتهم.
- ويستشهدون ايضا بدور الدين في الحياة العامة في الولايات المتحدة كمثال على إمكانية وكيفية التعايش ما بين الدين والسياسة.
- على أية حال، فان الاحزاب السياسية الإسلامية المعتدلة تفضل المشاركة مع الولايات المتحدة بشكل متعدد الأطراف وفي اطار القوانين والاتفاقيات الدولية بدلا من الثنائية.
- ويبدو ان الاسلاميين المعتدلين لا يملكون اية خطط للتعاون الثنائي على "القضايا الكبرى" مثل مكافحة الارهاب، وتعزيز الديمقراطية، وحل النزاعات المحورية في "ايران، العراق ، اسرائيل- فلسطين ،والسودان".
- يوجد لدى الإسلاميون تحفّظاتُ قويةُ تجاه اغلب السياسات الأمريكيةِ في الشرق الأوسطِ.
الموقف من حركة حماس والعلاقات مَع إسرائيل:
- يدعم الإسلاميون المعتدلين حقَّ حركة حماس في مقاومة الاحتلال ويعتبرون حكومتها ديمقراطية وشرعية.
- ومع ذلك فلَيسَ كُلّ الإسلاميون المعتدلين يَعتبرونَ نصرَ حماس الانتخابي على انه بالضرورة نصر للديمقراطيةِ، ويبرزون ظروفَ الاحتلال المخفّفةَ.
- لذلك لا يرى الإسلاميون المعتدلين أي تناقضِ بين ان تكون حركة حماس مسؤولة عن السّلطة الوطنية الفلسطينيّةِ ومهاجمة إسرائيل.
- يناقشون بأنَّ الحكومات ذات القيادة الإسلامية سوف تتعاون بالكامل مع حركة حماس وسيساعدونها في تقوية الدعم الدولي.
- ينظر الإسلاميون المعتدلين الى إسرائيل كقوة احتلال معادية والتي تقوم باضطهاد الفلسطينيين. لَكنَّهم ايضا يتبنون الحل القائم على أساس قيام الدولتين.
- وهم لا يتنبئون بلعب دور الاعتدال بين اسرائيل وحركة حماس او تطبيع العلاقات مع اسرائيل في المستقبل القريب
المخاوف الرئيسية:
أثار عدد من المشاركين أثناء الاجتماع، أسئلة حول التزام الاسلاميين بالديمقراطية، والإشارة الى عدد من التوترات بين ما يقوله بعض الزعماء الاسلاميين وما بين ما سيفعلونه او قد يفعلونه في حقيقة الامر في حال وصولهم للسلطة. وقد أرسل بعض المشاركين أسئلة وتعليقات لاحقة بعد الاجتماع، بان ما قد يأتي لاحقا سيغطي القضايا التي برزت أثناء وبعد الاجتماع.
التحفيز الاستراتيجي للمشاركة في العملية الديمقراطية:
- أبدى بَعْض المشاركين قلقاً بان الاسلاميين يرغبون بالمشاركة في العملية الديمقراطيةِ لأنها تفضّلُهم، وليس بسبب اعتناقهم للمعايير الديمقراطية.
- ويبدي هؤلاء المشاركون قلقهم من عدم وجود ضمانات تفيد بالتزام الإسلاميين بقواعدِ اللعبةِ في حال وصولهم للسلطة.
- ولديهم المخاوف ايضا من ايجاد الاسلاميين للتبريرات الدينية لممارسة السلطة المطلقة في حال وصولهم للحكم.
- كما أشاروا بأنه ليس من الواضح فيما اذا كان الإسلاميون المعتدلين سيتمكنون من المحافظة على شعبيتهم ومصداقيتهم في حال المشاركة في اطار سياسي مقيد ومفروض من قبل الأنظمة.
- وليس من الواضح ايضا في كيفية تعامل القادة المعتدلين مع قاعدة الحزب المحافظة على القضاية الرئيسية مثل مرحلة ما قبل التفاوض على النتائج السياسية مع الحكومات،بناء التحالفات،وتخفيف وتعديل رؤاهم المتعلقة بالقضايا الرئيسية مثل تطبيق القانون الاسلامي " الشريعة ".
الالتزامات المتناقضة بالمعاييرِ الديمقراطيةِ:
من بين الأسئلةِ لدى هؤلاء المشككين في الاحزاب الإسلامية، حيث ركزت بعض الأسئلة حول تناقضاتهم الظاهرة المتعلقة بالمعايير الديمقراطية.
- وتساءل بَعْض المشاركين فيما اذا كان التزام الإسلاميين المعتدلين بالمعايير الديمقراطية حقيقيا،ويشمل ذلك الحريات المدنية والسياسية الأساسية، وإذا كان الأمر كذلك،فما الذي يجعل أحزابهم إسلامية.
- وتساءلوا كيف يمكن لالتزام الإسلاميين الشفويِ بالحقوق المدنية والسياسية وبدرجاته الكاملة ان يؤدي دوره في العالم الحقيقي.
- وقد أشاروا بأنه في الوقت الذي يقوم فيه الزعماء الاسلاميين بتأهيل الصلة "للسيادة السماوية"والتأكيد على دور الحكام المنتخبين،فهذا ليس من الضرورة بمكان ان يضمن احترامهم للحقوق الديمقراطية الحديثة.حيث يمكن فرض معايير وقيود ضد الديمقراطية باسم الاغلبية المحافظة والتي تؤمن بترك السيادة النهائية والمطلقة بين يدي الله.
- ويقول الزعماء الاسلاميين انه ليس من الواضح فيمن يمثلون:"الناس ككل"؟ اي الاغلبية الأخلاقية؟ او الدوائر الانتخابية المقترنة بالمطالب الاجتماعية الاعتيادية والأولويات السياسية؟
- وناقش البعض بأنه لربما تتوافق بعض المبادئ الإسلامية مع المعايير الديمقراطية المعاصرة،ولكن الدليل على نجاعتها سيكون في اختيار المسلمين كيفية تطبيقها.
- ان الاحتمالية الموجودة تختلف بل تتعارض مع ما هو موجود ،ومع التفسيرات للمبادئ الإسلامية التي يمكن ان تبرز فيما بعد وفي ظل غياب مؤسسة السلطة الدينية المقبولة من الجميع،فان ذلك سيؤدي الى تدمير المعايير الديمقراطية.
حالات الغموض التي تُحيطُ بتطبيق الشريعةِ:
- من المفترض ان الخاصية الأكثر أهمية في "الحكومة الإسلامية الشرعية" هي تطبيق القانون الاسلامي "الشريعة".حيث تساءل بعض المشاركين ،فيما اذا كان الإسلاميون المعتدلين يدركون ذلك.
- وقيل بأن الإسلاميون المعتدلين قد أخفقوا وفي سياقات معينة في مخاطبة والتعامل مع أجزاء من الشريعة،وإذا كان هناك أجزاء "غير أساسية"،فما هي الأجزاء الموجبة والتي تستطيع ان تتكيف مع الاحتياجات المعاصرة.
- إذا شرّعَ الإسلاميون المُنتخبون على قضايا ِ المبادئ الأخلاقيةِ والاحتشام العام (والتي يُمْكِنُ أَنْ تغطي تشكيلة واسعة من القضايا، ويشمل ذلك الحجاب وحرية الكلام، وتعاطي المشروبات الروحية)، وسيتصرفون كمشرعين معاصرين وكعلماء دينيين وخبراء قانونيين.
- ان هذا التراكمِ مِنْ السلطةِ الدينيةِ والسلطة السياسيةِ يدمر كل من المعايير الديمقراطية وفصل السلطات الضروري لعمل الديمقراطية.
المضامين للسياسات الأمريكيةِ:
على أساس هذه المُناقشاتِ اصبح من الواضح بان الإسلاميين المعتدلينِ يَحتاجونَ لتَرتيب عِدّة قضايا متوترة والقيام ببَعْض الاختيارات الصعبةِ. ان الاهتمام الأساسي يكمن في التزامهم المزعوم في تحديث ودمقرطة الحكومات الإسلامية ضمن سياق هويتهم الدينية، والتي قد تأخذ جانبا من الوقت لحلها. وعلى الرغم من ذلك فان الهدف النهائي للإسلاميين هو طرد الحكومات الاستبدادية من خلال الانتخابات الحرة والشفافة وهي حقيقة لا يمكن استبعادها كذريعة سياسية. ومن سخرية القدر ايضا ان هذا هو الهدف الامريكي الرئيسي، ولكن وبإجماع آراء المشاركين، فانه ولحد الان لا يوجد لدى الولايات المتحدة سياسة واضحة للمشاركة مع الاسلاميين. وفي الجزءِ النهائيِ من الاجتماع، قام المشاركون بعرض أفكارهم عن الكيفية التي يجب ان تمضي بها الولايات المتحدة
هَلْ يَجِبُ على الولايات المتّحدة ان تعمل مَع الإسلاميين وتَدْعمَ عرضَهم للسياسةِ الديمقراطيةِ؟
- يَبْقى من غير الواضح فيما اذا كانت الاحزاب الإسلامية المعتدلة ستحترم القواعد والمعايير الديمقراطية حين تم اختيارها لتسلم السلطة. ان التجارب مع الاسلاميين في هذا السياق نادرة جدا وحديثة،او أنها جاءت نتاجا لظروف استثنائية لمواجهة التعميم في هذا الإطار.
- وعلى الرغم من ذلك، فان الشعبية التي يتمتع بها الإسلاميون، وتنظيمهم الكفء، وإمكانياتهم السياسية، على درجة من الأهمية لا يمكن معها للولايات المتحدة ان تتحمل تجاهلهم.
- ان الاستراتيجية المعلنة للولايات المتحدة على صعيد تعزيز الديمقراطية لا يمكن تصديقها او احتمالية نجاحها دون تعاون ومشاركة الاسلاميين.
- بالإضافة إلى تعزيز المنظمات الغير حكومية العلمانية والأحزاب السياسية، يجب على الولايات المتحدة ان تدعم وتدرب الاحزاب الإسلامية، ودعوة الشخصيات الإسلامية المؤثرة الى واشنطن، وتوسيع برامج التبادل مع الأجيال القادمة من الزعماءِ الإسلاميينِ.
- وبدلاً مِنْ فَرْض الشروطِ السياسيةِ الخارجيةِ على مشاركة الإسلاميين، ستكون الولايات المتّحدة في وضع إستراتيجي أفضل إذا ما بدت "محايدةً" بين الرُؤى السياسية المتنافسة.
- يتوجب على الولايات المتحدة ان تترك الخيار أمام الممثلين السياسيين المحليين شان التفاوض في الحوافز، وآليات التقييد، والخطوط الحمراء لضمان ديمومة النتائج الديمقراطية ونجاحها.
- يجب على برامج الديمقراطيةِ الامريكية أَنْ تَدْعمَ البرامج الراعية للنِقاشِ الداخليِ بين المحافظين والمعتدلين ضمن الاحزاب الإسلاميةِ، والحوار بين الإسلاميين والأحزاب العلمانية والمنظمات الغير حكوميةِ، والإطار التفاوضي البنّاءِ بين الحكوماتِ ومجموعاتِ المعارضة الإسلاميةِ.
هَلْ يتوجب على الولايات المتّحدة مشاركة الإسلاميين بالقضايا النموذجية والدينيةِ؟
- هناك الآن إجماع في وجهة النظر بين صناع السياسة الأمريكيين بأن الولايات المتحدة يجب ان لا تتبع سياسات تتضمن قضايا معيارية ولاهوتية.
- ويناقش أصحاب هذه النظرة بان الولايات المتحدة بذلك ستنتهك مبدأ الفصل بين الدين والدولة والدخول في مناقشات "سرية " دون ان تتوفر في الأفق نتائج نهائية وواضحة.
- ويناقش الآخرون بأنّ العديد مِنْ البرامجِ الأمريكيةِ (مثل تنقيحِ الكتب الدراسية، تحديث التعليمِ، وتمكين النِساءِ) تَتضمّنُ قضايا معياريةَ.
- ويؤكدون بان الاعتماد على الآلياتِ الإجرائيةِ وحدها للتخفيف من احتكار الاسلاميين للسلطة السياسيةِ غير كافية، وهي في الحقيقة تحمل بعض الأخطار الجدية في ثناياها. * ان النظر للإسلاميين من خلال الأبعادِ الثقافيةِ والمعياريةِ قضية مهمة لان هذه الميادين التي يتمتع فيها الإسلاميون بتأثيرهم الاكبر.
- ان احد هذه الأسباب في كون الاسلاميين مؤثرين جدا في هذه المجالات يكمن في القيود الإجرائية والتي قد تمنع الاسلاميين من تغيير دستور البلاد والقوانين المدنية والجرمية، او حتى على صعيد علاقاتها المدنية والعسكرية. ولكن ايضا يمكن للإسلاميين السيطرة على وزارات على درجة من الأهمية مثل التعليم، والثقافة، والأعلام، والخدمات الاجتماعية. ان هذه الحقائب الوزارية ليست حاسمة للبقاء الفوري للأنظمة الدكتاتورية، وهكذا قد تكون من السهولة بمكان التخلي عنها، ولكن الاسلاميين قد يستغلون هذه الحقائب لممارسة تأثيرهم الأيدلوجي الكبير.
- هناك قلق آخر يفيد بان القيودِ المؤسساتيةِ قَدْ تستخدم من قبل الأنظمةِ الاستبدادية لإحْباط عملية الدمقرطةِ الجدية. حيث يمكن لهذه القيودِ ان تفكك الاحزاب الإسلامية المعتدلة، وبالتالي تُفيد منها الجماعات الراديكالية التي تَرْفضُ العملية الديمقراطية جملة وتفصيلا.
- ولهذه الأسبابِ، هناك إجماع في وجهات النظر بين المشاركين بغض النظر عن درجات الشك التي لديهم نحو الإسلاميين المعتدلينِ حيث كَانَ واضحا: ان أفضل إستراتيجيةِ على المدى الطويل للولايات المتحدة في حال أرادت إحداث وجلب التغيير الديمقراطي السلمي الى منطقة الشرق الأوسطِ، أنْ تشرك الإسلاميين على الأرضيات المعيارية والنموذجية.
- ان الإستراتيجية الأكثر فاعلية لمشاركة الإسلاميين في القضايا الديمقراطيةِ النموذجية والمعيارية، تكمن في الإشارة إلى التقاليدِ الإسلامية التقدمّيةِ والإنسانيةِ، وليس عبر الإشارة الى الديمقراطية الغربية الليبرالية.
ترجمة مركز القدس للدراسات السياسية
-المصدر: معهد الولايات المتحدة للسلام
The United States Institute of Peace May 2006
حقوق النشر محفوظة@ مركز القدس للدراسات السياسية. كل الحقوق محفوظة