A+ A-
الإقتتال الحمساوي - الفتحاوي… شواهد ومؤشرات
2006-10-04
تشهد الساحة الفلسطينية حالة من التوتر الشديد، وتتجه يوماً بعد يوم نحو مزيد من التفاقم والتعقيد والإقتراب من نذر حرب أهلية؛ وذلك في ظل مفردات التحشيد والتجيش والتحريض والشتم والتخوين التي تتبادلها كل من حركة فتح وحركة حماس ترجمت على شكل صدامات مسلحة أوقعت عشرات القتلى والجرحى من الجانبين.ففي اليومين الأول والثاني من تشرين أول 2006 شهدت شوارع قطاع غزة مواجهات مسلحة بين القوات الموالية للحكومة التي تقودها حركة حماس والتي تسمى بالقوة التنفيذية، والقوات التابعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس؛ مما أسفر عن وقوع 12 قتيل وأكثر من مائة وعشرين جريح وذلك في أسوأ إقتتال داخلي منذ أشهر بسبب عدم صرف رواتب وتعثر محادثات تشكيل حكومة وحدة وطنية.الصدامات التي دارت في شوارع قطاع غزة، ما لبثت أن إمتدت لمدن الضفة الغربية وتحديداً إلى مدينة رام الله حيث أضرم متظاهرون مناهضون لحركة حماس النار في مقر الحكومة. ورغم دعوات التهدئة من الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة إسماعيل هنية، تبادلت حركة فتح و حماس الإتهامات بالمسؤولية عن الإشتباكات والصدامات التي كانت إلى أقرب إلى حرب أهلية شهدت عمليات إطلاق نار وقذائف آر بي جى ، وإشتباكات دامية بين عناصر من "القوة التنفيذية" التابعة لوزارة الداخلية، وعناصر من الاجهزة الامنية التابعة لحركة فتح و ازدادت حدتها طرديا مع تهديدات اسرائيلية بزيادة الضغط العسكري في قطاع غزة، ومع زيارة وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس للمنطقة.

ما شهدته وتشهده الحالة الفلسطينية من صدامات دموية وإن كانت على شكل "حرب أهلية محدودة" يتنبأ لها المراقبون أن تكون مجرد بداية لحروب أخرى أكثر دموية، إذا ما بقي الحال الفلسطيني على ما هو عليه.ورغم التداعيات السلبية التي خلفتها تلك المواجهات بين حركتي فتح وحماس على مجمل المشهد الفلسطيني الذي يعيش أسوأ حالات الكفاح الفلسطينى منذ تاريخه ،جاءت تلك المواجهات لتلقي بثقلها على تقسيم العائلات في قطاع غزة بعد أن لوحظ في الصدامات الدائرة بين فتح وحماس أن يكون شقيق عضو في حماس يطلق النار على أخيه الذي ينتمي إلى حركة فتح، وهذا ما زاد الطين بله .

لغة التحريض وكيل الإتهامات، إتساع هوة الخلاف، وغياب لغة الحوار بين حركة فتح وحركة حماس وعجز هاتين الحركتين على تحديد المساحات المشتركة وميادين التعاون الممكنة...كلها عناوين ترسم ملامح المشهد الفلسطيني الراهن، خاصة في ظل ما يطلق عليه المراقبون "حرب القرارات" التي إتخذها رئيس الورزاء الفلسطيني إسماعيل هنية وحكومة حماس ضد مراسيم وقرارات الرئيس الفلسطيني أبو مازن ،وتحدي حكومة حماس مؤسسة الرئاسة الفلسطينية بتشكيل قوة خاصة بها تسمى "القوة التنفيذية" تتبع وزير الداخلية سعيد صيام، ونشرها لمؤازرة وزارة الداخلية بعدما أعلن وزير الداخلية "صيام" بأن نشرها جاء بسبب نمو غابة من البنادق في قطاع غزة، ورفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس لهذه القوة وإصداره قراراً بنشر قوات الأجهزة الأمنية الرسمية وتكليفها منع قوة حماس الخاصة من العمل، بإعتبارها غير شرعية أو قانونية.

الملفت لانتباه المراقبين في هذا المشهد هو أن ما حصل في قطاع غزة من صدامات دموية بين القوة التنفيذية التابعة لحكومة حماس وبين العناصر الأمنية التابعة للرئاسة الفلسطينية، كان نتيجة طبيعية ومتوقعة للتطور في شكل العلاقة "السلبية" بين فتح وحماس خاصة بعد الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في صيف 2005، فقد أشارت تقارير إخبارية عديدة إلى سباق التسلح الذي شهده قطاع غزة من عمليات شراء وتخزين أسلحة واسعة إضافة إلى محاولات حركة حماس تطوير جهازها العسكري الذي تضخم في السنوات القليلة الماضية إلى درجة بات فيها منافساً لأجهزة الأمن الرسمية التابعة لحركة فتح ،وتشير التقارير إلى أن الجهاز العسكري التابع لحركة حماس في غزة قد شهد قفزة نوعية من حيث التسليح والتدريب خاصة بعد الإنسحاب الاسرائيلي في أيلول (سبتمبر) الماضي، وذلك بعد أن تسنى له السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي وتحويلها معسكرات للتدريب والحصول على كميات كبيرة من السلاح عبر الحدود مع مصر .

وتجمع تحليلات المراقبين للمشهد الفلسطيني -خاصة تلك التي تناولت الحديث عن موازين القوى العسكرية بين حركة حماس وحركة فتح- إلى أن حركة حماس وبفعل توسعها الكبير قي قطاع غزة؛ تستطيع حسم الأمور أمنياً لصالحها في القطاع. ومقابل ذلك تشير المعطيات إلى أن أجهزة الأمن التي تسيطر عليها حركة فتح تتمتع بسيطرة شبه كلية تقريباً في مناطق الضفة الغربية، على عكس مما هو عليه الوضع في قطاع غزة التي تعتبر معقل حماس الرئيسي. وبالتالي فإن المعادلة يمكن قراءتها في أن مكاسب حركة حماس المحتملة في قطاع غزة، قد تترجم نفسها إلى خسائر في الضفة والعكس صحيح.
 
المواجهات الفلسطينية الفلسطينية منذ تولي حركة حماس رئاسة الحكوم الفلسطينية في يناير 2006

التاريخ

الحدث

31 آذار قتل ثلاثة أشخاص وأصيب 36 آخرون بجروح في مواجهات عنيفة بين مجموعتين فلسطينيتين في غزة اندلعت بعد مقتل ناشط في انفجار.
23 نيسان أصيب اثنان من أنصار فتح وشرطي وشخص رابع في تبادل إطلاق نار في وزارة الصحة بين عناصر من فتح وآخرين من حماس. في نابلس، احتل حوالي عشرين مسلحا من أنصار فتح لوقت قصير مبنى البلدية.
8-9 أيار وقعت مواجهات بين ناشطين من فتح وآخرين من حماس تسببت بمقتل ثلاثة أشخاص وإصابة أكثر من عشرين بجروح
10 أيار أعلنت الحكومة الفلسطينية برئاسة حماس وحركة فتح التي ينتمي إليها الرئيس الفلسطيني محمود عباس استخدام السلاح بأنه خروج على القانون
19 أيار أصيب شرطيان من أنصار حركة فتح وعنصر من القوة التنفيذية التابعة لحركة حماس المنتشرة في غزة خلال مواجهات
20 أيار أصيب رئيس جهاز الإستخبارات الفلسطينية طارق أبو رجب إصابة خطيرة في اعتداء بالقنبلة قتل فيه احد حراسه. كما جرح حوالي 15 شخصا آخرين
21 ايار (مايو) وتبنت مجموعة قالت أنها تنتمي إلى تنظيم القاعدة في محاولة الاغتيال
21 أيار مدير عام الأمن الداخلي الفلسطيني رشيد أبو شباك الموالي لمحمود عباس ينجو من محاولة اغتيال بقنبلة
22 أيار مقتل مواطن أردني وإصابة تسعة فلسطينيين بجروح في مواجهات جديدة بين قوات الامن ومسلحين من حماس قرب مقر البرلمان في غزة
24 أيار مقتل ناشط في حماس وإصابة أربعة آخرين بجروح في قطاع غزة
25 أيار إصابة سبعة عناصر من أجهزة الامن الفلسطينية موالين لفتح وخمسة مدنيين في اشتباكات عنيفة في غزة مع عناصر من حماس
4 حزيران مقتل خمسة فلسطينيين في قطاع غزة في مواجهات خطيرة بين حركتي حماس وفتح
5 حزيران ناشطون من حماس يحطمون مكتبا تابعا للتلفزيون الرسمي الفلسطيني الذي يشرف عليه محمود عباس
12حزيران احراق مكاتب حكومية وبرلمانية وخطف مسؤولين من حماس لوقت قصير وكان ناشط في حماس ومدني قتلا في وقت سابق في قطاع غزة في مواجهات اسفرت ايضا عن اصابة 17 شخصا بجروح
14 حزيران موظفون في السلطة الفلسطينية يهاجمون البرلمان الذي تسيطر عليه حماس في رام الله
16 آب مقتل فلسطيني في تبادل اطلاق نار بين ناشطين من حماس وفتح في خان يونس، واصابة اربعة اشخاص آخرين بجروح... كما قتل فلسطيني عضو فيحماس في انفجار مشبوه وقع في منزل في مدينة غزة. وجرح ثلاثة عناصر آخرين من حماس
15 أيلول مقتل ضابط في الاستخبارات الفلسطينية واربعة من حراسه على ايدي مجهولين في غزة
30 أيلول اصابة خمسة اشخاص بجروح في انفجار قنبلة القاها عناصر لحماس على شرطيين يشاركان في تظاهرة في قطاع غزة
1+2 تشرين أول مقتل 12 فلسطيني واصابة اكثر من 130 آخرين بجروح خلال إحتجاج الموظفين لعدم صرف رواتبهم
4 تشرين أول اغتيال قيادي محلي في حركة حماس في قرية "حبلة" قضاء قلقيلية ويمكن الربط بين عملية الإغتيال والتهديدات التي أطلقتها كتائب شهداء الأقصى بإستهداف قادة حماس.
 
الأجهزة الفلسطينية المسلحة التي تعمل على الساحة الفلسطينية :
• فيما يتعلق بحماس، هناك ما يعرف "بالقوة التنفيذية" وهي قوة تابعة لوزارة الداخلية التي تقودها حماس، وتمتثل لأوامر وزير الداخلية سعيد صيام،أنشئت تلك القوة مع تسلم حماس رئاسة الحكومة الفلسطينية ،عدد أفرادها 3500 عنصر وتتمتع بإستقلاليتها ولم يتم دمجها بعد مع قوات الشرطة الفلسطينية.
• الجناح المسلح لكتائب القسام التابعة لحماس ،وتشير المعطيات أن عدد أفراده أكثر من 10 آلاف عنصر ،والأسلحة التي تستخدمها تتراوح ما بين الأسلحة الخفيفة والعادية إضافة إلى عبوات مضادة للأفراد والدروع.
• أما الأجهزة التابعة للسلطة الفلسطينية فهناك قوات الأمن الوطني ،وتعتبر أكبر الأجهزة حجماً وتضم ما لا يقل عن 15 ألف عنصر،وتعد مسؤولة عن معظم المهمات في المناطق التي تأتي تحت السيطرة الفلسطينية أي ما يعرف بالمنطقة "أ" وداخل المدن،ومن هذه المهمات التي توكل لهذا الجهاز :المشاركة في الدوريات المشتركة الفلسطينية الإسرائيلية،حراسة نقاط التفتيش في ضواحي المدن والمساهمة في المهام الأخرى للأمن العام. ومن بين تلك الأجهزة أيضاً ما يعرف بقوات حرس الرئاسة أو القوة "17" وهو جهاز تابع مباشرة للرئيس الفلسطيني أبو مازن قوامه 3 آلاف عنصر، وغالبيتهم من الذين كانوا يخدمون في "القوة 17" التي كانت مكلفة بحماية الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ،وتعتبر هذه القوة جزءاً من جهاز الأمن العام،وحماية الرئيس والشخصيات السياسية والمؤسسات الهامة،إضافة إلى ذلك فمن مهامها مكافحة "الإرهاب" وإعتقال نشطاء ومشبوهين بالتعاون مع إسرائيل.وهناك جهاز المخابرات العامة الذي تلقى في الآونة الأخيرة ضربات موجعة نتيجة إغتيال أبرز قياداته،يضم هذا الجهاز أكثر من 3 آلاف عنصر يعملون على جمع المعلومات داخل مناطق السلطة الفلسطينية وخارجها ومكافحة التجسس وإقامة علاقات مع أجهزة المخابرات الأجنبية.وتضم أجهزة السلطة أيضاً كل من جهاز الشرطة والأمن الوقائي ويقدر عدد أفراد الأمن الوقائي بنحو 5-6 آلاف عنصر يشكلون القوة الإستخبارية الأكبر في السلطة الفلسطينية ومن مهامها ،العمل على إجهاض نشاطات الجماعات "الارهابية" والمعارضة ،إضافة إلى جمع المعلومات في اسرائيل ،وترتبط بعض نشاطات هذا الجهاز بالعنف وإبتزاز المدنيين والتحقيقيات والتعذيب ونشاطات غير قانونية أخرى ...

.ومما يجدر ذكره في هذا السياق أن الرئيس الفلسطيني أبو مازن قام ومنذ توليه رئاسة السلطة الفلسطينية بتقليص عدد أجهزة الأمن من 11 إلى أربعة ،بعد أن كانت تلك الأجهزة تضم (قوات الأمن الوطني،الشرطة المدينة،جهاز الأمن الوقائي،المخابرات العامة،الإستخبارات العسكرية،الشرطة البحرية،الشرطة الجوية،الدفاع المدني،أمن المحافظات،أمن الرئاسة القوة 17). المعطيات الرسمية تشير إلى أن أجهزة السلطة الفلسطينية التابعة للرئيس أبو مازن يصل تعدادها إلى 60 ألف عنصر ينتشرون في مدن الضفة الغربية وقطاع غزة.والأسلحة المستخدمة هي أسلحة خفيفة كالكلاشنكوف والأسلحة المتوسطة والفردية كالمسدسات.

• كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح ويبلغ تعدادها نحو 10 الاف عنصر يستخدمون أسلحة تتراوح ما بين قذائف آر.بي.جي، إلى العبوات الناسفة والأسلحة المتوسطة والخفيفة.
 
 
-باحث في مركز القدس للدراسات السياسية