A+ A-
حوار أم دمار؟ التهيئة للسلام بينما الحرب في السودان تتصاعد
2002-06-27

حوار أم دمار؟
التهيئة للسلام بينما الحرب في السودان تتصاعد
موجز وتوصيات
إن الحرب الأهلية في السودان والتي هي واحدة من اكثر الصراعات دموية منذ الحرب العالمية (2) قد دخلت مرحلتها الأكثر تدميرا حتى الآن. فعائدات النفط سمحت للحكومة بالشراء المتزايد للأسلحة الفتاكة، بل الأكثر من ذلك عمليات الترحيل الجماعي وكذلك استعمال القوة الأكبر وهي سلاح الجو، والجيش الشعبي لتحرير السودان، الثائر الذي يملك قوة بشرية اكبر بنشرها على الجبهات المتعددة، اكتسب كذلك أسلحة معقدة، ويعمل على توريط قوات الحكومة في المزيد من المعارك التقليدية.والدولة بما لديها من احتياطي نفط مستغل حاليا، والتطورات المتوقعة في الأسواق العالمية تفرض على الحكومة فتح حقول جديدة للانتاج على الأقل للحفاظ على العائدات الحالية . وهذا يتطلب الاندفاع اكثر جنوبا باتجاه معاقل المتمردين. إن الهجوم الذي شنته الحكومة في فصل الجفاف باتجاه حقول النفط على جبهتين أخريين في كانون ثاني 2002 لم يتحصل إلا على أراض قليلة ومن ثم بدأ يتلاشى بتساقط الأمطار في أيار.

مع أن الجيش الشعبي قاوم هذا الهجوم، فالاختيار الآن هو إذا ما كان هذا الجيش قادر على الإعداد لهجوم معاكس فعال. وإذا لم يستطيع، فالتوقع هو أن قدرته على التصدي لحملة الحكومة في فصل الجفاف القادم والتي بلا شك ستكون مدعومة بأسلحة افضل واكثر، ستبدأ بالتناقص.

بالموازاة مع هذا التصعيد، فان ما يعتقد بأنها المرحلة الحاسمة لمبادرة السلام التي تم التحضير المطول لها من قبل منظمة التنمية عبر الحكومة (الايغاد) ستبدأ . رئيس الايغاد، الرئيس الكيني (موي) يريد أن يصنع دفعة قوية خلال آخر ستة شهور من مدة حكمه. وقد أصبحت الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، والنرويج مراقبين للعملية. ويعملون عن قرب مع المبعوث الكيني الخاص الجنرال (لازاروس سامبايو).

هناك الكثير من القضايا التي تؤدي بالأحزاب السودانية إلى الانقسام، ليس على الأقل الدين وتوزيع القوى، ولكن تقرير المصير بالنسبة للجنوب يحتل راس القائمة لامكانية أن تكون هذه القضية هي المرجل الأساسي لعملية السلام. إن التزام أولئك في الجنوب (قلب التمرد الوطني) بتحقيق استفتاء شعبي يقدم لهم خيار الاستقلال مستمر في النمو، وان هذا مرتبط بمعارضة الحكومة لأي استفتاء يتضمن خيار انقسام الدولة كاحتمال.

ومع رسم خطوط المعركة ومواقف التفاوض بشكل جلي جدا، فان الجهود الرامية لتنشيط خطة سلام الايغاد هي مفيدة حتى الآن ولكن غير فعالة، إن النافذة لفرصة سلام في السودان آخذة بالانغلاق. ويجب بذل جهد اكبر بكثير من قبل دول الايغاد وبدعم من المجتمع الدولي من اجل صنع السلام. في المرحلة الأولى، هذا يتطلب بناء سريع لأدق تفاصيل استراتيجية السلام بما في ذلك تنظيم وامتداد التأثير. وإذا كان هذا غائبا، فان الشعب السوداني سيعتبر مذنبا لزيادة الوفاة والدمار، ونطاق عريض من إفريقيا سيبقى معرضا لعواقب عدم الاستقرار.

التوصيات:

إلى حكومات دول الايغاد
1- إعادة تنظيم المفاوضات التي افتتحت في نيروبي بتاريخ 17/6/2002 على نحو شامل وذلك لايلاء أهمية قصوى للصفقة من قبل جميع عناصر المجتمع السوداني، وكذلك الدعم من قبل الأطراف الإقليمية وخاصة:

أ- التوحد بشكل اكبر مع الدائرة الداخلية للمفاوضات (الملحق ج) التي تضمالأطراف المتحاربة (حكومة الخرطوم والجيش الشعبي لتحرير السودان)،مبعوث الايغاد الخاص الذي يمثل الرئيس الكيني (موي)،الأعضاء الآخرون في الايغاد، ولجنة السودان الفرعية التي تضم أثيوبيا، ارتيريا، وأوغندا. وتلك الدول الثلاث يجب أن تعين شخصيات رفيعة للتنسيق مع المبعوث الخاص لتطوير الأفكار وممارسة النفوذ على الأطراف عند النقاط المفصلية.

ب- العمل يوم بيوم مع مراقبي الترويكا (المجموعة الثلاثية) في الدائرة المركزية الثانية للمفاوضات والتي تضم :الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، والنرويج، والذين يجب عليهم تنظيم التأثير على الاستراتيجية الدولية والعمل مع المبعوث الخاص.

ج- بينما ستجري المفاوضات في أول دائرتين، هناك دائرة ثالثة تضم دول مهمة ذات نفوذ خارجي يمكن لها ممارسة ضغوط وتقديم محفزات لنقاط رئيسية في العملية وخاصة مصر. والعمل على تطوير آليات خاصة لضمان مشاركتهم القصوى . على سبيل المثال، اطلاعهم يوميا ومشاورتهم لكي يقدموا معلومات للمبعوث الخاص والمراقبين وكذلك ليكونوا مستعدين للمساعدة عند الحاجة.

د- تأسيس دائرة رابعة للمشورة السودانية تشمل الأحزاب السياسية والمجموعات الرئيسة مثل (التحالف الوطني الديمقراطي، حزب الأمة وغيرها) وكذلك منظمات المجتمع المدني، ومنحهم فرصة ليقدموا جهودهم.

هـ- ضم مبادرات المسار الثاني (Track II) الرئيسية وهي مبادرات (معهد ماكس بلانك، معهد النهضة الإفريقية،ومبادرة وادي النيل من قبل البنك الدولي، ضم هذه المبادرات إلى دائرة خاصة من التشاور، حتى يتم دمج جهودهم المتوازية بشكل افضل مع عملية الايغاد وذلك لتطوير أفكار للمصالحة.

إلى حكومة الولايات المتحدة:
2- العمل عن قرب مع مصر وبشكل مباشر مع الرئيس مبارك، وذلك للحصول على دعم حيوي للعملية من قبل أهم جيران السودان، وكذلك قيادة الجهود لتنظيم تأثير متعدد الجوانب في دعم العملية .إلى حكومات الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، والنرويج:

3- إعطاء الإشارة لالتزام سياسي بتكريس مصادر سياسية رفيعة المستوى للعملية، وخاصة بإكمال عمل مجموعة المراقبين الثلاثية عند النقاط الحاسمة من خلال تدخلات دبلوماسية مشتركة ومنسقة من قبل كبار الساسة.حوار أم دمار؟
التهيئة للسلام بينما الحرب في السودان تتصاعد

1-مقدمة
"إن دم أجدادنا الذي أريق اصبح النفط الذي في الأرض"قائد من المتمردين على خط الجبهة عند آبار النفط السودانية
بعد حوالي عقدين، وصلت الحرب الأهلية السودانية اصعب مراحلها. كلا الجانبين لديه المزيد من الأسلحة الفتاكة ويقتتلان في اشتباكات تقليدية متكررة تؤدي إلى قتل أعداد متزايدة من الجنود والدمار المصاحب لذلك. إن الحكومة قد تبنت وسائل اكثر وحشية لترحيل المدنيين من مناطق النفط. والمعارك الأكثر دموية في صراع استمر 19 عاما وخلف مليونين من القتلى، تمت هذه المعارك خلال فصل الجفاف الماضي من كانون ثاني إلى حزيران 2002. والمناوشات الصغيرة ب (AK-47s) استبدلت بمعارك عنيفة تستعمل أسلحة حديثة . وعلى وجه الخصوص، حكومة الخرطوم تستمر في استعمال أفضليتها المميزة والمميتة وهي القوة الجوية. كلا الجانبين يستعدون لزيادة التصعيد على جهات متعددة في مناطق جنوب السودان، وسطه، وشرقه، وقد طالت مدة الحرب منذ التحرك إلى ما وراء الصورة النمطية القديمة للشمال والجنوب.

يجب على الحكومة أن تستمر في زيادة إنتاج النفط لتعزيز العائدات، لذلك فهي تحتاج إلى مناطق جديدة للاستكشاف في الجنوب المتمرد . لذلك شنت الحكومة هجوم ضخم في فصل الجفاف على مناطق حقول النفط مع بداية السنة. تم معالجة هذا وبكل سخرية عن طريق وقف إطلاق النار الذي تفاوض عليه المبعوث الخاص الأمريكي (جون دانفورث) في جبال النوبة وذلك لاسباب إنسانية ولاختبار جاهزية الطرفين للسلام. ولكن ذلك سمح للخرطوم بتحويل آلاف الجنود إلى الجبهة الجديدة. وبترحيل السكان خارج مناطق أعالي غرب النيل من خلال حرق الأرض والتجويع ، عزمت الحكومة بشكل أساسي على تامين وحماية حقول النفط الموجودة والحقول المحتملة.

وقد تكبد الجيش الشعبي خسائر ثقيلة في الرجال والمصادر. حتى الحكومة تكبدت خسائر اكبر . وما لم يستطيع الجيش الشعبي الإعداد لهجوم معاكس في فصل الأمطار الحالي، فان قدرته على مقاومة هجوم حكومي في فصل الجفاف عام 2003 (مع أسلحة اكثر وافضل) ستبدأ بالتناقص.

إن المجموعة الدولية لادارة الأزمات تحاول أن تبرهن طوال السنة أن هناك نافذة لفرصة إحلال السلام في السودان قد فتحت منذ الهجمات الإرهابية في 11/9/2001 على الولايات المتحدة ولاستغلال هذه الفرصة، يتطلب ذلك اهتمام قوي وسريع بأسباب الحرب الجذرية ، وقد أوصت المجموعة الدولية بتكوين شراكة بين الايغاد والأعضاء الرئيسيين في المجتمع الدولي للدفع بمبادرة سلام جديدة مدعومة، بتأثير ورغبة لإحلالها، اختلط الأمر وذلك لان الايغاد والمنظمة الإقليمية لشرق إفريقيا والتي طالما تتبعت مبادرة السلام، لم يلتقيا لمدة 9 شهور بعد الحادي عشر من أيلول . مع ذلك، وبينما تتصاعد الحرب. فقد أطلقت حلقة جديدة وربما حاسمة من عملية السلام في نيروبي في 17/6/2002. وهناك ثلاث دول خارجية مهمة على ارتباط وثيق بالعملية كمراقبين :الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، والنرويج.

ذلك المؤتمر سيتصدى قريبا لأصعب القضايا وهي تقرير المصير والذي بدونه تتداعى العملية كلها. هناك تصميم متزايد بين السودانيين الجنوبيين للتضحية بكل ما هو مطلوب لتحقيق استفتاء شعبي على الاستقلال ، فالموقف ليس كما يقول أحدهم: "ضحينا كثيرا، لذلك يجب أن نتصالح" ولا "ضحينا كثيرا"،لذلك لا نستطيع أن نتصالح". والموقف الحكومي قد تصلب في نفس الوقت . مع رسم الخطوط مسبقا، لدى الايغاد فرصة لإنهاء الحرب إذا حصلت على المزيد من الدعم الجاد من المجتمع الدولي.
مع أن جهود المبعوث الأمريكي الخاص نتج عنها نجاحات محدودة الأثر على القضايا الإنسانية العارضة، فقد مر 9 شهور شهدت ما يلي:*لم يتم مناقشة الأسباب الجذرية في مفاوضات جادة
*التأثير الخارجي المحتمل آخذ بالتناقص، لان الخرطوم لا تشعر إلا بقليل من الضغط لتفاوض على الخروج من بقايا العزلة الدولية .
*وقوع البيروقراطية الأمريكية في وحل تفاصيل تطبيق مبادرات (دانفورث) الإنسانية بدلا من الاشتراك في دفعة جادة لعملية السلام.
*التزامات الأطراف المتحاربة في ميدان المعركة تتصاعد ومواقفهم الدبلوماسية تتصلب.
بكلمات أخرى، فان نافذة السلام تغلق ببطء حتى مع بدء الوفود عملها في نيروبي وتتطلب عملية الايغاد السلمية الآن مجهود رئيسي وإلا فان توقعات إنهاء الحرب في وقت متأخر ستتلاشى. هذا التقرير يحدث الوضع في ميدان المعركة وبطريقة أخرى يركز على الجوانب التنظيمية لمثل هذا الجهد، وسيتم إصدار تقرير آخر فيما يعد في الصيف حول القضايا الجوهرية التي تقسم الأحزاب.

2- دولة الحرب الأهلية
أ- التطورات في ميدان المعركة
ركز الهجوم الحكومي في فصل الجفاف الذي بدأ في كانون ثاني 2002 على ثلاث جبهات. المحور الرئيس كان في أعالي غرب النيل حيث تم تعزيز الوحدات بقوات حررت عن طريق وقف إطلاق النار في حبال النوبة، هذه القوات هاجمت جنوب (بنتايو) وهي منطقة تمكن فيها الجيش الشعبي والجبهة الديمقراطية الشعبية السودانية وهي حزب منشق عاد إلى الجيش الشعبي في كانون ثاني تمكنوا من إحراز بعض المكاسب . كما هاجمت الحكومة أيضا بحر الغزال والنيل الأزرق الجنوبي.
بالرغم من الهجوم العسكري العنيف، والذي نتج عنه خسائر فادحة للجانبين، إلا أن الحكومة تمكنت من احتلا بلدتين هما (نيالدو) و (مانكين) على الجبهة الرئيسة لاعالي غرب النيل. وقد قام الجيش الشعبي بتمديد قدرته اللوجستية بالقرب من النقطة الفاصلة للحفاظ على مواقعه ،ولكن عندما بدا فصل الأمطار، حاصر المتمردون بلدة (نيالدو) ومواقع عسكرية حكومية أخرى جنوب (بنيتو) . يقول محلل عسكري "انه كابوس بالنسبة للحكومة بان تحاول تحريك قواتها يضيف "في كل مرة ترسل فيها الحكومة قوافلها للتزود بالمؤن فان الجيش الشعبي يكمن لها. بالرغم من ذلك، الحكومة مستمرة في تعزيز الهزيمة. مع أن قواتها منهكة، فان الخرطوم تستمر في إرسال المزيد من المعدات والجنود".

حدث هجوم رئيسي في بحر الغزال على عدة جبهات. مجهود الحكومة الرئيسي لم ينجح في (غوغرايال)، وهو الاحتلال الذي قصد به تعزيز الدفاع في موقعها العسكري في (واو) وتحسين قدرتها على التزود بالمؤن عن طريق البر. الجيش الشعبي احتل الجسور ودمر بعض خطوط السكك التي تستعملها الحكومة لتزويد (واو) بالمؤن، وتستعملها أيضا ميليشيات قوات الدفاع الشعبي الحكومية لمهاجمة القرى والقيام بغارات للحصول على عبيد. وقد تم القضاء على التهديد الذي تشكله هذه المليشيات بسب قيام الجيش الشعبي بنشر قوات إضافية وإبرام اتفاقيات سلام بين (دنكا) والتجمعات العربية . إن الارتباط بين الردع العسكري والأفضلية الاقتصادية أدى بالكثير من أعضاء المليشيات والجنود إلى رؤية اكبر لميزة التعاون بدلا من الصراع.
حقق الهجوم الحكومي في فصل الجفاف اعظم نجاح في منطقة النيل الأزرق الجنوبي بالقرب من أثيوبيا، حيث تم طرد الجيش الشعبي من بعض المواقع العسكرية الرئيسية بما فيها (كيسان) البلدة الحدودية الاستراتيجية، كما أحرقت عشرات القرى في حملة الأرض المحروقة.

وهذا حَسَّن مقدرة الحكومة على الدفاع عن إنتاج النفط في (اداريل). لان المنطقة جزء مما يعتبر جنوب السودان فقد أدى ذلك إلى تعزيز مجهود الحكومة لتقديم الحرب على أنها شان شمالي_جنوبي. الجيش الشعبي قلق لامكانية سقوطه في النيل الأزرق الجنوبي. وإذا ما كانت أثيوبيا راغبة في التعاون مع الخرطوم هنا، كما تدعي الحكومة السودانية ، فهذا سيزيد احتمال سقوط المتمردين على الحدود.

في المنطقة الاستوائية الشرقية، سمح اتفاق عقد بين حكومة السودان وأوغندا، سمح للجيش الأوغندي بتعقب قوات جيش الرب للمقاومة ، والذي كانت الخرطوم مؤخرا تساعده بشكل واضح. هذا الاتفاق حاز على موافقة حكومة السودان لإنهاء دعمها للتمرد الأوغندي الذي يرتكب تجاوزات فظيعة في مجال حقوق الإنسان، وهو أيضا على القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية. وقد أحرز الجيش الأوغندي بعض التقدم بالإمساك ببعض مقاتلي جيش الرب وبعض المعدات، وأيضا تعقب الثوار حتى معاقلهم في جبال (ايماتونغ). خلال ذلك، زادت هجمات جيش الرب على القرى السودانية خاصة جنوب (توريت) وذلك للتزود بالمؤن . ومن الادعاءات، إن جيش الرب يحتفظ باحتياطي هام من الأسلحة التي تلقاها خلال سنوات من الخرطوم.

الاتفاقيات الثنائية بين المتعاونين الجدد (كمبالا والخرطوم) منعت الجيش الشعبي المجهز جيدا من مهاجمة المواقع العسكرية الحكومية في المنطقة الاستوائية الشرقية حتى شهر حزيران 2002. ولكن في 8/6/2002، احتل الجيش الشعبي بسهولة نسبية (كابوتيا) بالقرب من الحدود الكينية، وهي موقع عسكري مهم لحماية جوبا العاصمة الإقليمية و(بور) ، ويحتمل وقوع اشتباكات في هذه المنطقة المليئة بالأسلحة. ومن غير الواضح ما هو التأثير الذي سيتركه هجوم الجيش الشعبي على الاتفاقية الثنائية بين أوغندا والسودان، وسيتقابل وزيري دفاع البلدين قريبا للنظر في الخطوات القادمة.
وما زالت الجبهة الشرقية هادئة منذ اكثر من سنة، وهي منطقة يسيطر عليها الثوار بالقرب من الحدود مع ارتيريا في شمال شرق السودان. إن الجيش الشعبي وحلفائه الشماليين تحت مظلة الائتلاف المعارض والتحالف الديمقراطي يبنون قواتهم ويستعدون لنشاط هناك خلال فصل الأمطار الحالي. ولكن ما أعاق التخطيط هو الدعم الارتيري غير المؤكد ومعوقات التحرك إلى هناك.

ب-أهداف الحكومة، المعوقات، ونقاط القوة
يجب على الحكومة أن تتحرك جنوبا لزيادة إنتاج النفط إذا ما أرادت الحفاظ على تدفق العوائد . حتى الإبقاء على الإنتاج في جنوب السودان يتطلب استثمار وتنقيبا مستقرين . فالتمويل الحكومي تم منعه من التحرك إلى المرحلة القادمة للإنتاج عن طريق الغارات التي يشنها الجيش الشعبي على مناطق الاستكشاف.

إن القانون الحكومي الناجح القاضي بفتح المناطق شمال (بينيتو) من عام 1999-2001 تضمن ترحيل المدنيين خارج مناطق البنية التحتية للنفط مثل (مواقع التنقيب، منصات الاستكشاف، والطرق) هذه البنية ستحل محل السكان. كان ذلك عملية تقليدية مضادة للمتمردين أي جفف الماء لتمسك السمك وقد تم تكرارها جنوب (بينيتو) بنجاح اقل وخسائر كبيرة لقوات الحكومة. وقد استخدمت الخرطوم قوات نظامية وميليشيا، كذلك قوتها الجوية لمهاجمة المدنيين في أعالي غرب النيل. ترمي الحكومة إلى تطهير مساحة من الأرض ومد طريق باتجاه (ادوك) الخاصرة الجنوبية لمنطقة استكشاف النفط الرئيسة، رمت أيضا إلى حماية هذا الطريق على طوله بسلسلة من المواقع العسكرية، وتطويق كل البنى التحتية بخط دفاعي، وإرجاع الشركات التي غادرت نهاية 2001 خاصة لاندن السويدية وبيترو ناس الماليزية والبدء بضخ النفط. وهنا فائدة اخرى لهذه العملية وهي مع الجيش الشعبي بشكل كبير من تحدي عمليات استخراج النفط القائمة شمال (بينيتو).

كان الاستيلاء على (نيدوالو) مركزا لهذه الاستراتيجية، تقع البلدة على راس منطقة كحدوة الفرس تطمح الحكومة بالسيطرة عليها. الانحناء الشرقي لهذه الحدوة يمتد للأسفل إلى (بور) أما الانحناء الغربي فيمتد إلى (واو) . تؤمن بلدة يندالو الخاصرة الجنوبية لمنطقة إنتاج النفط الحالية، وكذلك تبدأ بالتغلغل في المناطق المستقبلية للإنتاج . أخيرا، تهدف الحكومة إلى إغلاق الممرات على امتداد هذه الحدوة، وذلك افضل من الوضع الحالي الذي يتمسك ببعض المراكز المعزولة والتي يصعب تزويدها بالمؤن . وهي كذلك غير فعالة لحماية عمليات شركات البترول. وإذا ما انهارت دفاعات الجيش الشعبي في أعالي غرب النيل، فان قوات الحكومة ستغلق الممرين المؤديان للحدوة، وذلك بترحيل المدنيين خارجا وخلق خط دفاعي لعودة شركات النفط. وإذا ما نجحت، فان إنتاج النفط المتزايد سيمكن الحكومة من الإبقاء على الحرب حتى إشعار آخر.
بدأ الإعداد والتخطيط في السعي لهذه الاستراتيجية لفصل الجفاف القادم والتي من المؤكد ستستعمل أسلحة اثقل. في الوقت الحالي، وبالرغم من فشل الحكومة في تحقيق معظم أهدافها خلال الهجوم الماضي، فقد كسبت مَرْكَبات قادرة على سحب أجهزة الحفر في المستنقعات وقد نشرتها شمال (كوش) على طريق البترول الحالي للبدء بالتنقيب.

والحكومة أيضا تعيد تسمية البلدات في مناطق أعالي شمال النيل ومنطقة (أبيي) المتنازع عليها تاريخيا. المشتركون في الحوار من الجيش الشعبي يعتقدون بان هذا جهد يهدف إلى تغيير الوضع القائم في الحدود باتجاه الجنوب استباقا لمحادثات سلام جادة. فإذا ما تم عد اتفاق ستصبح المزيد من حقول النفط في ما يعتبر الشمال . المنطق يقول إن الحكومة ستحاول وقف النار، واسترجاع ما يمكن من إقليم النيل الأزرق الجنوبي بموافقة أثيوبيا، ومحاولة إقناع السياسيين الشماليين بالخروج من التحالف الذي شكل الجيش الشعبي لتحرير السودان مع مظلة معارضة التحالف الديمقراطي الوطني. إن عزل الجيش الشعبي عن خط الشمال_الجنوب في الاستقلال يساعد الحكومة في أن تجادل أن الحرب محدودة جغرافيا، وانه سيكون من المناسب اعتماد صيغة السلام (نظامان، سودان واحد) مع دولة فيدرالية شمالية، ودولة فيدرالية جنوبية يسيطر عليها الجيش الشعبي.

والحكومة أيضا تحتاج إلى اختراق الحصار الذي يفرضه الجيش الشعبي على نهر النيل عندما ظفر الجيش الشعبي بقادة الجهة الديمقراطية الشعبية في أواخر 2001 في منطقة جزيرة (زيران)، اكتسب هذا الجيش القدرة على النقل المائي . وهذا منع الحكومة من إعادة تزويد (جوبا) عن طريق النهر، كما كان له تأثير على قدرة هذه البلدة على تزويد المواقع العسكرية الحكومية غربا. وستستمر الحكومة في التقليل من قوة المتمردين بواسطة القصف الجوي.

تفوق قوات الحكومة في التحرك والدعم اللوجيستي يعطيها مقابلا للأفضلية التي يتمتع بها الجيش الشعبي وهي القوى البشرية . ستزداد وحدة المعركة بشراء الحكومة قوارب من استراليا صممت للتنقل في المستنقعات، وستكون مفيدة خاصة في مناطق حقول النفط بالنيل الأعلى.

أما الأفضلية الأخرى للحكومة فهي التفوق الجوي، خصوصا القدرة على إجراء قصف من ارتفاعات عالية وهجوم بالطائرات العامودية، هذه الأفضلية تأثرت جزئيا بالقدرة الجديدة للجيش الشعبي وهي مضادات الطائرات . بدأت الحكومة بالقصف خلال الليل.

فظهرت تكنولوجيا جديدة وكذلك جهود متزايدة للدفاع عن القوافل الليلية التي تتطلب التغلب على كمائن الجيش الشعبي.
وسيتم تعزيز تفوق الحكومة إلى درجة غير مؤكدة عندما تكتسب طائرات (ميغ 29) والرادارات خلال 12 شهر المقبلة. أحد المحللين العسكريين توقع أن طائرات ميغ مع طيارين روس أو أوكرانيين كجزء من الصفقة ستؤدي إلى نظام متكامل قادر على قطع خطوط تموين الجيش الشعبي عبر الجو، وأيضا تهديد رجالات وكالة الإغاثة التي تعمل باستغلال عن الأمم المتحدة وبدون إذن الحكومة، ويقول المحلل "سيكونون قادرين على إسقاط الطائرات" . خبراء آخرون يقيمون التأثير على انه تافه، حيث يعتقدون أن إمكانية اعتراض الطيران المنخفض لن يتم تعزيزها بش