A+ A-
التوجهات المتوقعة للحركة الاسلامية في المرحلة القادمة ومنظورها لمشروع الحكومة البرلمانية
2013-02-23
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
 
كما هو معلوم ان الانتخابات النيابية الاخيرة قد جرت دون الوصول الى توافق وطني على النظام الانتخابي, بل ضربت بعرض الحائط تطلعات الاردنيين بالوصول الى قانون عادل قادر على إنتاج مجلس نيابي حقيقي.
 
وفوق هذا جرت الانتخابات دون ان تهيأ الظروف لبث روح من الثقة بالعملية الانتخابية و شفافيتها,كما جرت ضمن مقاطعة واسعة من شرائح المجتمع الاردني وقواه الوطنية والاسلامية ,إذ ان نسبة المسجلين للانتخابات لم تزد على (60%) ممن يحق لهم الانتخاب ( إذا سلمنا أنهم سجلوا بصورة حقيقية ) كما ان نسبة الاقتراع حسبما أعلن رسمياً (56%) ممن سجلوا أي (33.6%) ممن يحق لهم الانتخاب (مع عدم تسليمنا مطلقاً بصحة هذه النسبة) كما ان التدخلات في العملية الانتخابية كانت بصورة مذهلة ,عدا عن السكوت على استخدام المال السياسي لشراء الذمم والاصوات " بإستثناء الاجراءات الاستعراضية في الايام الاخيرة للانتخابات ".
 
كل هذا انتج مجلساً نيابياً مطعون في شرعيته الشعبية وإعادة انتاج مكروره للمجالس السابقة ,مما راكم حالة من السخط والاحباط الشعبي على العملية السياسية والمسيرة الاصلاحية.
 
ان رحلة الاصلاح هي رحلة مستمرة طويلة لم تبدأ قبل سنتين ,ولن تنتهي اليوم ، لكن التحرك الشعبي في المنطقة العربية لفرض المسيرة الاصلاحية بدأ قبل عامين.
 
ان النقطة الاهم والاخطر هي ان البعض يحاول ان يوهم نفسه انه يمكن القفز والالتفاف على المطالب الاصلاحية ,متجاهلاً انه لا يمكن مواجهة المطالب الاصلاحية إلا بإصلاح حقيقي يقنع الاغلبية الشعبية ,فتوقف الحراك في الشارع او فتوره لا يعني نهاية رحلة الاصلاح ,فحراك الشعوب يتفاوت صداه مثل الموجه لها قمة ولها قعر لكنها أمواج لا تنتهي الا بتحقيق اهدافها.
 
لقد توقع كثير من المحللين السياسين انطلاقة الربيع العربي لكن اياً منهم لم يتوقع حجم وقوة هذا الحراك ,ولا التوقيت الذي خرج به ,ولا الاماكن التي انطلق منها ,ولا الجهات الشعبية والشبابية التي اطلقت هذا الحراك ,فلا يمكن مواجهة موجات الحراك المفاجئة الا بإنجاز إصلاح يرضي تطلعات الشارع الشعبي.
 
ان الانتخابات النيابية التي جرت لا تمثل انجازا ينهي رحلة الاصلاح بل هي مرحلة من المراحل العابرة التي جذرت عدم الثقهبوجود ارادة جادة لانجاز اصلاح حقيقي.
 
ولقد كان قرار الحركة الاسلامية وبعض القوى الحزبية والوطنية والشعبية بمقاطعة الانتخابات يمثل فعلاً سياسياً بامتياز, كسبت من خلاله الحركة ثقة الشارع وصدقية الالتزام بمبادئها وما تنادي به ، وأثبتت الانتخابات صدقية ما ذهبت اليه الحركة الاسلامية بأن هذا القانون لا يمكن ان يفرز مجلساً نيابياً حقيقياً ذات كتل برامجية وأن الانتخابات لا يمكن ان تجري دون تدخل وبشفافية.
 
ان مجلس النواب بالطريقة التي ينتخب بها والدور الذي ارتضاه لذاته وعلى اهميته لم يكن يمثل للحركة الاسلامية الا منبراً من المنابر .فالحركة الاسلامية في الاردن لم تكن دائماً ممثلة في مجلس النواب حتى يعتبر البعض ان مقاطعتها للانتخابات قد اغلق امامها الابواب في الفعل والتأثير, فالحركة تمتلك العديد من المنابر التي تمارس من خلالها دورها فهي موجودة في مؤسسات المجتمع المدني كالنقابات والنوادي والجمعيات والاتحادات الطلابية وتمارس دورها من خلال المجالس الخدمية والجمعيات الخيرية وهي موجودة في المساجد والمنتديات وفوق هذا وذاك هي موجودة في الشارع الاردني وفي كل بيت أردني بل تعيش في ضمير الاردنيين لما تمثله من بعد ديني ووطني ولما يتمتع به رجال الحركة من ثقة لدى الشارع الاردني.
 
وعليه فإنه ليس امام الحركة الاسلامية من خيار الا ان تمضي في طريق الاصلاح ومن خلال:-
اولا": إما ان تذهب الى طريق الحوار وتسعى الى توسيع وتعميق الحوار الوطني اذا ما تأكد لها بأن هناك إرادة جادة وحقيقية لاحداث اصلاح حقيقي.
ثانيا": او ان تستمر بالحراك الشعبي بوسائل سلمية متجددة حتى الوصول لتوافقات وتفاهمات على احداث اصلاح مرضٍ للاردنيين.
 
أما الحكومة البرلمانية فإنه مصطلح ديموقراطي يعني ان تشكل الحكومات من خلال الاغلبية البرلمانية ,بحيث يصبح مجلس النواب من اغلبية تحكم ,وأقلية تعارض ,وبما يخدم الصالح الوطني ويرضي الناخب ، ولقد طالبت الحركة الاسلامية بإجراء تعديل دستوري للوصول الى هذا الشكل من الحكومات ,بحيث تنسب الاغلبية البرلمانية بإسم الرئيس الى جلالة الملك ليقوم بتكليفه, وفي ذلك تتشكل حكومات تمتلك البرامج.
 
وهو ما يفضي الى انتاج حكومة حقيقية قادرة على ان تمارس ولايتها الدستورية ,وليست حكومة كبار موظفين,حكومة تمتلك البرامج الوطنية وليست حكومة تصريف اعمال ، حكومة لها امتداد شعبي قادرة على التعامل معه ومع ردات الفعل الشعبية وتتحمل المسؤولية ولا تختبئ خلف عباءة جلالة الملك في مواجهة الازمات, وحكومة الاغلبية البرلمانية هي من بديهيات الممارسات الديموقراطية والعمل الديموقراطي,اما ما يجري اليوم من مهزلة المشاورات الشكليه مع كتل هلامية لا تمتلك البرامج والرؤى وبصورة فضفاضة وعامة لن تفضي الى اي انجاز حيث لا يمكن ان نقول اننا نتحدث عن حكومة برلمانية ما لم تشكل من قبل احزاب البرلمان.
 
وعليه فإن خريطة الطريق المقترحة للخروج من هذه الحالة يتمثل بما يلي :
 
1.تشكيل حكومة وفاق وطني من شخصيات مشهود لها بالنزاهة ومحل توافق وطني مدعومه شعبيا ورسميا" لتمارس كامل ولايتها الدستويه
2.تقوم هذه الحكومة على ادارة حوار وطني شامل برعاية وضمانة ملكية مع إعطاء تطمينات بتوفر الارادة الجادة والحقيقية لاحداث اصلاح حقيقي.
3.الوصول الى تفاهمات بخصوص التعديلات الدستورية خاصة فيما يتعلق بانتاج حكومة الاغلبية البرلمانية وحصانة مجلس النواب وعدم التغول على دوره من قبل اي مجلس معين.
4.انجاز قانون انتخاب عادل يتجاوز قانون الصوت الواحد ومشجع للاحزاب قادر على انتاج قوائم وتكتلات حزبية وبرامجية.
5.اجراء انتخابات نيابيه مبكره حرة ونزيهة دون تدخلات خاصة من الاجهزة الامنية.
6.تشكيل الحكومة من قبل الاغلبية البرلمانية.
 
ورقة عمل قدمت في مؤتمر " قراءات تحليلية في نتائج الانتخابات ومشروع الحكومة البرلمانية " الذي أقامه مركز القدس بتاريخ ٢٣ شباط ٢٠١٣