A+ A-
اوروبا ومستقبل ايران النووي
2006-10-27

شهدت الأسابيع القليلة الماضية ارتفاعا ملحوظا في مؤشرات التوتر في الشرق الاوسط, ففي أواخر شهر حزيران بدأت اسرائيل بعملية عسكرية على حدودها الجنوبية ضد حركة حماس بعد ان قامت الاخيرة باختطاف جندي إسرائيلي, وكجزء من هذه العملية عاد الجيش الاسرائيلي الى قطاع غزة الذي أخلته اسرائيل في شهر آب 2005,وبعد ذلك بفترة وجيزة وفي الثاني عشر من تموز قام حزب الله الشيعي بفتح جبهة اخرى ضد اسرائيل على حدودها الشمالية من خلال إقدامه على خطف جنديين إسرائيليين,قامت اسرائيل على اثرها بتوجيه ضربات جوية على لبنان وكان رد حزب الله بإطلاق القذائف والصواريخ باتجاه المدن الاسرائيلية.

يعتبر حزب الله أحد حلفاء إيران وسوريا الرئيسيين في المنطقة، وتَلْعبُ كل من طهران ودمشق دورا مهما في عملياتِ حزب اللهِ الحاليةِ.ومنذ الثورةِ الإيرانية الإسلامية عام1979، اشتركت سوريا وإيران في تحالف إستراتيجي وكَانَ لهذا التحالف تداخل العديد من المصالح في الشرق الاوسط علما ان هذا التحالف يواجه تحديات جديدة في المرحلة الحالية.


التحالف الإيراني السوري:

بعد هجمات 11 أيلولِ على الولايات المتّحدةِ،تغيرت البيئة الإستراتيجية في الشرق الأوسطِ بشكل جذري.حيث شهدت انطلاق الحربِ بقيادة الولايات المتحدةِ على الإرهابِ،وبالاستناد الى حق الشفعة والاستحواذ فان ذلك يشكل انتقالا من مبدأ الاحتواء والردع القديم, وهذا التغيير في المبادئ قد قاد الى سقوط نظام طالبان في أفغانستان وإزالة حكومة صدام حسين في العراق,كان هذا من شأنه تغيير الميزان السياسي وعلى نحو قوي في الشرق الاوسط,حيث كان لهذه التغييرات تأثير عميق على كل من سوريا وايران.

لقد شكل سقوط نظام صدام وتواجد القوات الأمريكيةِ قُرْب الحدودِ السوريةِ تحديا استثنائيا لاستقرار نظام الرئيس السوري بشار الأسد.واتهم الرئيس الامريكي بوش الابن دمشق برعايتها للإرهاب,لانه يغض الطرف عن تسلل الإرهابيين والمجاهدين عبر الحدود السورية العراقية.وقد اخذ الضغط الامريكي شكلا قويا بعد اغتيال رئيسِ الوزراء اللبنانيِ السابقِ رفيق حريري في الرابع عشر من شهر شباط 2005,وبعد وفاة الحريري طلبت الولايات المتحدة والأعضاء الآخرين الدائمين في مجلس الامن مثل المملكة المتحدة وروسيا وفرنسا من سوريا مغادرة لبنان.ولقد زاد الانسحاب السوري من لبنان ضعف دمشق وقلل من خياراتها الاستراتيجية في المنطقة.وفي الحقيقة يمكن القول ان سوريا قد استفادت اقتصاديا وسياسيا نتيجة تواجدها في لبنان.

لقد كان للضغط الدولي المتنامي على سوريا الذي أعقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري أثرا في تعزيز الانقسامات الداخلية في البلاد ايضا,وشهدت سوريا في الفترة الاخيرة تزايدا قويا في وتيرة الانقسامات العشائرية والدينية واتساع الهوة بين الأجيال,حيث يواجه الرئيس بشار الأسد تحديات صعبة وجديدة تهدد استقرار نظامه,والتحالف الجديد الذي شكله نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام مع الاخوان المسلمين يوضح مثل هذه التحديات .

لقد شكل السياق الإستراتيجي الجديد في المنطقةِ تحديات مهمةَ لإيران ايضا.فعلى الرغم من الترحيب الايراني بسقوط اثنين من أعدائها التاريخيين,الذي تمثل بسقوط نظام طالبان السني في أفغانستان وحكومة البعث في العراق,الا ان تواجد القوات الامريكية في دولتين مجاورتين مباشرة لايران يشكل تهديدا لها.وبالمقارنة مع سوريا فان طهران تتمتع بخيارات اكثر في جعبتها ويمكنها التصرف بها,حيث يمكنها استخدام ثقلها الجغرافي والسياسي بصورة اعظم مما تستطيعه دمشق.فعلى سبيل المثال تعتبر ايران واحدة من اكبر الدول المصدرة للنفط في العالم,وتسيطر على مضيق هرمز وهو طريق مهم وحيوي للملاحة البحرية,وتملك برنامج واسع وشامل في الأبحاث النووية,وعند مقارنتها مع سوريا فإنها تستطيع ان تلعب دورا أقوى في المنطقة,ناهيك عن موقع ايران الجغرافي الذي يخولها بممارسة قوتها في الساحات الاقليمية المختلفة مثل آسيا الوسطى بينما دمشق لا تملك مثل هذا الخيار, لذا فان مؤشرات الضعف في هذا السياق تبدو بصورة اقل عما هو عليه الحال في سوريا.

بالرغم مِنْ هذه البيئةِ الإستراتيجيةِ المتغيرةِ،فان سوريا وإيران ما زالَتا تَشتركان في تحالف إستراتيجي،والذي قد اخذ مكانه بعد نصر ثورة اية الله خميني في ايران في فبراير/شباطِ 1979؛حيث ?