


1997-07-01
تقديم: فيما يلي تقرير أعده "معهد الدراسات الاستراتيجية والسياسية العالية" حول "استراتيجية إسرائيلية نحو، عام 2000" وتتمخض الأفكار الأساسية الرئيسة في هذا البحث عن مناقشة شارك فيها صناع رأي بارزون، منهم ريتشارد بيرلي، وجيمز كولبرت، وتشارلز فير بانكز، ودوغلاس فيث، وروبرت لوينبرغ، وديفد ويرمسر، وميراف ويرمسر.
والتقرير بعنوان "تحول كامل:استراتيجية جديدة لتأمين المنطقة، وهو إطار لسلسلة من تقارير متابعة حول الاستراتيجية.
تواجه إسرائيل مشكلة كبيرة. فقد ولّدت "صهيونية العمل" التي هيمنت طيلة سبعين عاما على الحركة الصهيونية، اقتصادا راكدا ومكبلا. ذلك ان الجهود الرامية لإنقاذ المؤسسات الاشتراكية في إسرائيل- والتي تشتمل على السعي من اجل الفوقومية على حساب السيادة القومية، والسعي من اجل عملية سلام تعتنق شعار "الشرق الأوسط الجديد" – تقوض شرعية الأمة وتقود إسرائيل إلى شلل استراتيجية "وعملية السلام" الحكومة السابقة. وعملت عملية السلام على التعتيم على دلائل وشواهد تآكل التكتل القومي الحاسم-بما في ذلك الشعور الواضح بالاستنزاف الوطني- والمبادرة الاستراتيجية القوية. واتضح فقدان التكتل القومي الحاسم من جهود إسرائيل لجذب الولايات المتحدة لبيع سياسات غير رائجة محليا، وللموافقة على التفاوض حول السيادة على عاصمتها، والرد بالاستسلام لموجة من الإرهاب على درجة عالية من الحدة والمأساوية إلى حد ردع الإسرائيليين عن الدخول في المهام اليومية العادية، مثل العمل في الحافلات.
وتجيء حكومة بنيامين نتنياهو بمجموعة جديدة من الأفكار وبينما يوجد أولئك الذين يشيرون بالاستمرارية، فان لدى إسرائيل فرصة للقيام بانطلاقة بارعة، فهي تستطيع صياغة عملية سلام واستراتيجية سلام مبنية على "أساس فكري جديد" تماما، أساس يستعيد المبادرة الاستراتيجية ويوفر للامة مجالا لبذل كل طاقة ممكنة لاعادة بناء الصهيونية، والتي يجب ان يكون الاصلاح الاقتصادي نقطة البدء فيها. ولكي تؤمن إسرائيل شوارع البلد وحدوده، تستطيع القيام بما يلي:
*العمل الوثيق مع تركيا والأردن لاحتواء وزعزعة وصد بعض من اشد المخاطر والتهديدات. ويتضمن ذلك الابتعاد عن شعار "السلام الشامل" والانتقال إلى مفهوم تقليدي للاستراتيجية مبني على توازن القوة.
*تغيير طبيعة علاقتها مع الفلسطينيين بما في ذلك دعم "حق المطاردة الساخنة" للدفاع عن النفس داخل جميع المناطق الفلسطينية، وتعزيز وجود بدائل لقبضة عرفات الشاملة على المجتمع الفلسطيني.
*وضع أساس جديد للعلاقات مع الولايات المتحدة –تؤكد على الاعتماد على الذات، والنضج، والتعاون الاستراتيجي في مجالات الاهتمام المتبادل، وتعزيز القيم الغربية الأصيلة. ويمكن تحقيق ذلك فقط إذا قامت إسرائيل بخطوات جادة لإنهاء المساعدات التي تمنع الاصلاح الاقتصادي.
وهذا التقرير مدون فيه فقرات رئيسية تحت عنوان "نص"، تلقي الضوء على التحول الكامل الذي يوفر للحكومة الجديدة فرصة للقيام بها. والجزء الرئيسي من التقرير عبارة عن تعليق يوضح الغرض ويفسر المحتوى الاستراتيجي للفقرات.
منحى جديد للسلاملا بد لرئيس الوزراء الجديد من تبن مبكر لمنظور جديد حول السلام والأمن. وبينما يمكن ان تؤكد الحكومة السابقة، والكثيرون في الخارج، على "الأرض مقابل السلام" –الذي وضع إسرائيل في وضع تقهقر ثقافي واقتصادي وسياسي ودبلوماسي وعسكري- يمكن للحكومة الجديد تعزيز القيم والتقاليد الغربية. ومثل هذا المنحى، الذي سيجد الترحاب في الولايات المتحدة، يتضمن "السلام مقابل السلام"، و"السلام من خلال القوة" ، والاعتماد على "توازن القوة".
يمكن تقديم استراتيجية للأخذ بزمام المبادرة كما يلي والنص:
لقد سعينا طيلة أربع سنوات نحو سلام مبني على "شرق أوسط جديد". نحن في إسرائيل لا نستطيع التظاهر بالبراءة في الخارج في عالم غير بريء. فالسلام يعتمد على شخصية وسلوك أعدائنا. إننا نعيش في جوار خطير فيه دول هشة ومنافسون لدودون. ان إظهار تناقض أخلاقي بين المجهود لبناء دولة يهودية والرغبة في القضاء عليها بتسويق "الأرض مقابل السلام" لن يؤمن "السلام الآن". ان حقنا في الأرض- الذي تمسكنا بالأمل فيه طيلة ألفي عام- هو حق مشروع ونبيل . انه "ليس في وسعنا"، بغض النظر عن مقدار ما نتنازل عنه، "صنع السلام من جانب واحد".
ذلك ان الأساس المتين للمستقبل يكمن فقط في قبول العرب غير المشروط بحقوقنا، وبخاصة في بعدهم الإقليمي، و"السلام مقابل السلام".ان سعي إسرائيل من اجل السلام "يتمخض" عن ، ولا "يحل مكان" السعي لتحقيق أهدافها. ان تعطش الشعب اليهودي لحقوق الإنسانالمتوهج في شخصيته بفعل حلم طوله ألفا عام للعيش بحرية في أرضه- يشكل مفهوم السلام ويعكس "تواصل القيم في التقاليد الغربية واليهودية". وتستطيع إسرائيل الآن العكوف على مفاوضات، ولكن كوسيلة، لا كهدف، لتتبع هذه الأهداف ولإظهار الإخلاص القومي. وهي تستطيع تحدي الدول البوليسية؛ وتفرض بالقوة الإذعان للاتفاقيات وتصر على أدنى مستويات المحاسبية.
تأمين الحدود الشماليةتتحدى سورية إسرائيل على التراب اللبناني. وهناك منحى فاعل، يمكن ان تؤيده الولايات المتحدة، وهو ان تمسك إسرائيل بزمام المبادرة الاستراتيجية على طول حدودها الشمالية بالمواجهة مع حزب الله وسورية وإيران، والوكلاء الرئيسيين للعدوان في لبنان، ويشتمل ذلك على ما يلي:
*ضرب ثروة المخدرات السورية وبنى التزييف التحتية في لبنان، والتي تتركز كلها في غازي كنعان.
*مؤازرة السلوك السوري بتصرف يوضح ان الأراضي السورية ليست في منأى عن هجمات تشن من لبنان بواسطة قوى تقوم بذلك نيابة عن إسرائيل.
*ضرب الأهداف العسكرية السورية في لبنان، وإذا لم يبرهن ذلك على فاعلية، الضرب على أهداف منتقاة في سورية نفسها.
ويمكن لإسرائيل كذلك اغتنام هذه الفرصة لتذكير العالم بطبيعة النظام السوري. ذلك ان سورية تتراجع عن عهودها بشكل متكرر. فقد خرقت عدة اتفاقيات مع تركيا، وخدعت الولايات المتحدة باستمرار احتلالها للبنان خرقا لاتفاق الطائف عام 1989.
وقامت سورية بإجراء انتخابات زائفة في لبنان ونصبت نظاما بائعا لوطنه، وأجبرت لبنان على توقيع "اتفاق إخاء" عام 1991 قضى على استقلال لبنان. وبدأت سورية "تستعمر" لبنان بمئات الآلاف من السوريين، بينما قتلت عشرات الآلاف من مواطنيها في وقت ما، كما فعلت خلال ثلاثة أيام فقط في مدية حماة.
وتزدهر تجارة المخدرات اللبنانية تحت الوصاية السورية، والتي يتلقى ضباط سوريون أموالا لقاء حمايتها. ويدعم النظام السوري الجماعات الإرهابية عملياتيا وماليا في لبنان وعلى أرضه. والواقع ان "وادي البقاع الواقع تحت السيطرة السورية في لبنان قد اصبح للإرهاب مثلما اصبح وادي سيليكون لأجهزة الكمبيوتر". واصبح وادي البقاع أحد المصادر الرئيسة لتوزيع المخدرات، ان لم يكن مراكز تزوير العملة الأمريكية على درجة من الاتفاق يستحيل معها كشفه.
نص:
يتطلب التفاوض مع الأنظمة القمعية، مثل النظام السوري، واقعية حذرة. فلا يستطيع الإنسان افتراض النية الطيبة عند الطرف الآخر. ومن الخطورة على إسرائيل التعامل بسذاجة مع نظام يقتل شعبه، ويعادي جيرانه بشكل صريح، ويتورط إجراميا بتجارة المخدرات وتزوير العملات على نطاق عالمي، ويؤيد اشد المنظمات الإرهابية خطورة.ونظرا لطبيعة النظام الحاكم في دمشق، فان من الطبيعي ومن السلوك الأخلاقي ان تتخلى إسرائيل عن شعار "السلام الشامل"، وان تتحرك "لاحتواء" سورية، وللفت الانتباه إلى برنامج أسلحة الدمار الشامل لديها، ورفض اتفاقات "الأرض مقابل السلام" حول مرتفعات الجولان.
الانتقال لاستراتيجية تقليدية لتوازن القوة
نص:
يجب ان نميز بواقعية ووضوح بين الصديق والعدو. يجب ان نتأكد من ان أصدقاءنا في الشرق الأوسط لا يشكون مطلقا في صلابة وقيمة صداقتنا.
تستطيع إسرائيل تشكيل بيئتها الاستراتيجية بالتعاون مع تركيا والأردن، وذلك بإضعاف واحتواء وحتى بصد سورية. ويمكن ان يركز هذا الجهد على إزاحة صدام حسين عن السلطة في العراق-وهذا هو هدف استراتيجي إسرائيلي هام في حد ذاته- كوسيلة لإفشال المطامع الإقليمية السورية. وقد تحدى الأردن مؤخرا الأطماع السورية الإقليمية باقتراحه إعادة الهاشميين للعراق. وقد أثار ذلك تنافسا أردنيا-سوريا كان رد فعل الأسد عليه تصعيد الجهود لزعزعة المملكة الهاشمية، بما في ذلك استخدام عمليات التسلل. وألمحت سورية مؤخرا إلى أنها وإيران ربما تفضلان وجودا ضعيفا لصدام، لكنه وجود باق بالكاد، ان لم يكن ذلك لمجرد إضعاف وإذلال الأردن في جهوده لإزاحة صدام.
لكن سورية تدخل هذا الصراع بضعف كامن: ذلك ان سورية منشغلة البال في التعامل مع المعادلة الإقليمية الجديدة المهددة إلى درجة تجعلها لا تسمح بمنازعات على الجناح اللبناني. وتخشى سورية من ان "المحور الطبيعي" مع إسرائيل من جانب، ووسط العراق وتركيا من جانب آخر، والأردن في الوسط، سيضغط على سورية ويفصلها عن السعودية. وربما يكون ذلك بالنسبة لسورية مقدمة لاعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الذي يهدد السلامة الإقليمية لسورية.
ولما كان مستقبل العراق يمكن ان يؤثر على التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط بعمق، يحق لنا ان ندرك بان لإسرائيل مصلحة في دعم الهاشميين في جهودهم لاعادة رسم حدود العراق، بما في ذلك إجراءات مثل : توجه نتنياهو للأردن في أول زيارة رسمية، حتى قبل زيارة الولايات المتحدة، من جانب حكومة نتنياهو الجديدة؛ ودعم الملك حسين بتزويده بإجراءات أمن ملموسة لحماية نظامه في مواجهة سورية، والتشجيع-من خلال النفوذ في مجتمع الأعمال الأمريكي- على الاستثمار في الأردن لجذب الاقتصاد الأردني هيكليا بعيدا عن الاعتماد على العراق؛ وتحويل انتباه سورية باستخدام عناصر المعارضة اللبنانية لزعزعة السيطرة السورية على لبنان.
واهم ما في الأمر، إدراك ان لإسرائيل مصلحة في تقديم الدعم الدبلوماسي والعسكري والعملياتي للأعمال التركية والأردنية ضد سورية، مثل تامين التحالفات القبلية مع القبائل على الحدود السورية وداخل ترابها والمعادية للنخبة الحاكمة في سورية.
ربما توجد لدى الملك حسين أفكار لإسرائيل في جعل مشكلاتها اللبنانية تحت السيطرة . فالسكان الأغلبية من الشيعة في جنوب لبنان مرتبطة لقرون عديدة مع قيادة الشيعة في النجف بالعراق، لا في إيران. وإذا قدر للهاشميين السيطرة على العراق، أمكن لهم استخدام نفوذهم على النجف لمساعدة إسرائيل على إبعاد شيعة جنوب لبنان عن حزب الله وإيران وسورية. وللشيعة علاقات وثيقة مع الهاشميين : فالشيعة يكنون اعظم توفير لاسرة النبي، التي ينتسب إليها الملك حسين وتسري في عروقه دم النبي.
تحدي طبيعة العلاقات مع الفلسطينيين:أمام إسرائيل فرصة لوضع علاقة جديدة بينها وبين الفلسطينيين. يجيء في المقام الأول جهود إسرائيل لتامين شوارعها مما يتطلب القيام بمطاردة حامية داخل المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية، وهي ممارسة مبررة يمكن ان يتعاطف معها الأمريكيون.
ويعتبر الإذعان للاتفاقات الموقعة سابقا عنصرا رئيسا للسلام. ولإسرائيل الحق في الإصرار على الإذعان، بما في ذلك إغلاق بيت الشرق وحل شرطة جبريل الرجوب السرية في القدس. وبالإضافة لذلك، يمكن لإسرائيل والولايات المتحدة إقامة "لجنة مشتركة لرصد الإذعان" لدراسة ما إذا كانت منظمة تحرير فلسطين تلبي المعايير الدنيا من الإذعان والسلطة والمسؤولية وحقوق الإنسان والخضوع للمحاسبة القضائية والمالية.
نص:
نعتقد بان السلطة الفلسطينية يجب ان تكون ملتزمة بنفس المعايير الدنيا من الخضوع للمحاسبة مثل المتلقين الآخرين للمساعدات الخارجية الأمريكية. فالسلام الثابت لا يمكنه التسامح مع الاضطهاد والظلم، والنظام الحاكم الذي لا يستطيع الوفاء بمعظم التزاماته الأولية نحو شعبه، لا يمكن الاعتماد عليه للوفاء بالتزاماته مع جيرانه.لا تخضع إسرائيل لالتزامات بموجب اتفاقات أوسلو إذا لم تف منظمة تحرير فلسطين بالتزاماتها. وإذا لم تقدر منظمة تحرير فلسطين على الإذعان لهذه المعايير الدنيا، فهي لا يمكن ان تكون أملا للمستقبل ولا محاورا مناسبا للوقت الحالي. وللإعداد لذلك، ربما تريد إسرائيل رعاية بديلين لقاعدة سلطة عرفات وللأردن أفكار حول ذلك.
وللتأكيد على فكرة ان إسرائيل تعتبر أفعال منظمة تحرير فلسطين أفعالا إشكالية،ولكن لا أفعال الشعب العربي، ربما تريد إسرائيل التفكير في القيام بجهد خاص لمكافئة الأصدقاء وتعزيز حقوق الإنسان عند العرب. الكثير من العرب يرغبون في العمل مع إسرائيل؛ ومن الهام التعرف عليهم ومساعدتهم. وربما تجد إسرائيل كلك ان للكثير من جيرانها، مثل الأردن، مشكلات مع عرفات وربما يودون التعاون. وبما تريد إسرائيل كذلك الاندماج مع عربها.
صياغة علاقة أمريكية إسرائيلية جديدة.في السنوات الأخيرة، دعت إسرائيل لتدخل أمريكي نشط في السياسة الإسرائيلية المحلية والخارجية، وذلك لسببين:للتغلب على المعارضة الداخلية لتنازلات "الأرض مقابل السلام" التي لم يستطع الجمهور الإسرائيلي هضمها، ولاغراء العرب للتفاوض ، من خلال المال والعفو عن سيئات الماضي،والوصول إلى السلاح الأمريكي-هذه الاستراتيجية التي تطلبت ضخ الأموال الأمريكية لأنظمة حكم قمعية وعدوانية، كانت استراتيجية محفوفة بالمخاطر، ومكلفة جدا لكل من الولايات المتحدة ولإسرائيل،وجعلت الولايات المتحدة تقوم بأدوار لم يكن لها القيام بها ولم تكن لتريدها.
ويمكن لإسرائيل القيام بالتحرر من الماضي ووضع رؤية جديدة لعلاقة الإسرائيلية الأمريكية مبنية على الاعتماد على الذات والنضج والتبادلية- لا علاقة ترتكز على المنازعات الإقليمية. وهذه الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة-المبنية على فلسفة مشتركة للسلام من خلال القوة- تعكس الاستمرارية مع القيم الغربية بالتأكيد على ان إسرائيل معتمدة على الذات، ولا تحتاج إلى قوات أمريكية بأي حال للدفاع عنها، بما في ذلك على مرتفعات الجولان، وتستطيع تدبر أمورها الخاصة. وهذا الاعتماد على الذات سوف يمنح إسرائيل حرية اكبر للعمل ويزيل مستوى هاما من الضغط كان يستخدم ضدها في الماضي.
ولتعزيز هذه النقطة، يمكن لرئيس الوزراء استخدام زيارته التالية للإعلان بان إسرائيل أصبحت الآن "ناضجة" إلى درجة تكفي للاستغناء حالا على الأقل من المساعدات الاقتصادية الأمريكية وضمانات القروض التي تمنع الاصلاح الاقتصادي. (المساعدات العسكرية منفصلة حاليا حتى يمكن القيام بترتيبات مناسبة لضمان عدم مواجهة إسرائيل لمشكلات إمداد في وسائل الدفاع عن نفسها). وكما أوجز تقرير آخر للمعهد، يمكن ان تصبح إسرائيل معتمدة على ذاتها فقط، في تحول كامل...بدلا من التدرج، بواسطة "تحرير اقتصادها"، وخفض الضرائب ، وسن قوانين لمنطقة تصنيع حرة، وبيع الأراضي العامة والشركات العامة-وهي خطوات سوف تثير بقوة وتوجد دعما من نطاق واسع من زعماء الحزبين في الكونجرس الموالين لإسرائيل، بمن فيهم رئيس مجلس النواب، نيوت غنغريش.
وتستطيع إسرائيل في ظل هذه الظروف التعاون بشكل افضل مع الولايات المتحدة لمقاومة التهديدات الحقيقية لأمن المنطقة والغرب. ويستطيع نتنياهو إبراز رغبته في التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة في مجال الدفاع المضاد للصواريخ لإزالة تهديد الابتزاز الذي يستطيع ان يظهره لأي من الدولتين حتى جيش ضعيف ومن مسافة بعيدة .وليس من شان هذا التعاون حول الدفاع المضاد للصواريخ ان يواجه فقط تهديدا ماديا ملموسا لوجود إسرائيل –بل انه كذلك سوف يوسع قاعدة دعم إسرائيل عند الكثيرين في الكونجرس الأمريكي الذين يعرفون القليل عن إسرائيل ولكنهم يهتمون كثيرا جدا بالدفاع الصاروخي. ويمكن لهذا الدعم الواسع ان يساعد في نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس.
ولاستباق ردود الفعل الأمريكية وللتخطيط لسبل من اجل ترويض وكبح جماح ردود الفعل هذه، يستطيع رئيس الوزراء نتنياهو صياغة السياسات والموضوعات التي يستحسنها بلغة مألوفة للأمريكيين وتناول موضوعات كانت تهم الإدارات الأمريكية إبان الحرب الباردة وتنطبق جيدا على إسرائيل. وإذا أرادت إسرائيل اختبار مقترحات معينة تحتاج إلى رد فعل أمريكي معتدل فان افضل وقت لذلك هو قبل تشرين الثاني 1996.
خاتمة:
تجاوز الصراع العربي الإسرائيلي
نص: إسرائيل لن تحقق مجرد احتواء أعدائها، بل إنها سوف تتجاوزهم وتتفوق عليهم.كتب مفكرون عرب بارزون الكثير عن إحساسهم بتخبط إسرائيل وفقدانها لهويتها القومية. وهذا الإحساس شجع على الهجوم وأعاق إسرائيل عن تحقيق السلام الحقيقي، وقدم أملا للذين يودون تدمير إسرائيل. ولذلك، فان الاستراتيجية السابقة كانت تقود الشرق الأوسط نحو حرب عربية –إسرائيلية أخرى. ويمكن لاجندة إسرائيل الجديدة ان توميء إلى تحول كامل بالتخلي عن سياسة كانت تفترض الاستنزاف وسمحت بالتراجع الاستراتيجي بوضع مبدأ اتخاذ الإجراء الوقائي بدلا من الرد الانتقامي وحده وبالتوقف عن امتصاص الضربات على الأمة بدون رد.
ويمكن لاجندة إسرائيل الاستراتيجية الجديدة ان تشكل البيئة الإقليمية بطرق تمنح إسرائيل حيزا وفسحة لاعادة تركيز طاقاتها التي تدعو الحاجة إليها:لتجديد فكرتها القومية والذي يمكن ان يجيء فقط من خلال استبدال الأسس الاشتراكية الإسرائيلية بأساس اكثر رسوخا، والتغلب على الاستنزاف والإنهاك الذي يهدد بقاء الأمة.
واخيرا، يمكن ان تفعل إسرائيل اكثر من مجرد إدارة الصراع العربي-الإسرائيلي من خلال الحرب. ذلك انه لا يمكن لأي قدر من الأسلحة والانتصارات ان يمنح إسرائيل السلام الذي تسعى إليه. فعندما تكون إسرائيل واقعة على موطئ قدم اقتصادي سليم، حرة وقوية ومعافاة داخليا، فهي لن تعد ببساطة تدير الصراع العربي الإسرائيلي، إنها سوف تجتازه.وكما قال زعيم معارضة عراقي مؤخرا: "يجب على إسرائيل ان تجدد حياة وعزيمة قيادتها المعنوية والفكرية. انه عنصر هام –ان لم يكن الأشد أهمية- في تاريخ الشرق الأوسط". ان وجود إسرائيل شامخة وغنية وراسخة وقوية سيكون الأساس لشرق أوسط جديد يعيش في سلام.
المشاركون في فريق الدراسة حول "استراتيجية إسرائيلية جديدة نحو عام 2000"
-ريتشارد بيرلي، معهد المشاريع الأمريكية، قائد فريق الدراسة
-جيمز كولبرت، المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي
-تشارلز فيربانكس، ج ر، جامعة جونز هوبكنز
-دوغلاس فيث، زملاء فيث وزيل
-روبرت لوينبرغ، رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية والسياسة العالية
-جوناثان توروب، معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى
-ديفد ورمسر، معهد الدراسات الاستراتيجية والسياسة العالية
-ميراف ورمسر، جامعة جونز هوبكنز
ترجمة: مركز القدس للدراسات السياسية