الأحزاب السياسية الأردنية ومقتضيات قانونها الجديد
2007-04-14
2007-04-14
نظم مركز القدس للدراسات السياسية، يوم السبت الموافق 14 نيسان / إبريل ورشة عمل تحت عنوان "الأحزاب السياسية الأردنية ومقتضيات قانونها الجديد" في فندق حياة عمان وقد حظيت الورشة بمشاركة عدد كبير من قيادات الأحزاب السياسية الأردنية و أعضاء البرلمان وأكاديميين ونقابيين إضافة إلى نشطاء في قطاع المرأة والشباب وقد حظيت الورشة باهتمام عدد من المؤسسات الإعلامية الأردنية.
ويذكر من الأحزاب المشاركة التيار الإسلامي (حزب جبهة العمل الإسلامي، حزب الحركة العربية الإسلامية دعاء، و حزب الوسط الإسلامي). ومن تيار أحزاب الوسط شاركت سبعة أحزاب هي (الحزب الوطني الدستوري، حزب الأجيال، حزب العهد، حزب الرسالة ، حزب النهضة، حزب العدالة والتنمية، حزب الرفاه) ومن التيار اليساري، شارك حزبان هما (الحزب الشيوعي الأردني وحزب اليسار الديمقراطي الأردني) ومن التيار القومي ثلاثة أحزاب هي (حزب الأرض العربية، حزب الحركة القومية الديمقراطية، وحزب الأنصار العربي). كما شارك حزب حركة حقوق المواطن (حماه) وحزب الخضر الأردني اللذان يصنفان من أحزاب المصالح في الأردن.
ناقشت ورشة العمل ثلاث قضايا رئيسية و هي: عوائق وفرص الاندماج وبناء الائتلافات الحزبية ،و كيفية العمل على قانون انتخابي يعزز الحياة الحزبية في الأردن ونظام التمويل الأمثل للحالة الأردنية.
بشكل عام كان النقاش في معظمه حادا واستفزازيا خاصة من قبل قيادات بعض الأحزاب التي تتوقع أن القانون الجديد سيعمل على إنهائها، كما احتجت بعض القيادات الحزبية على حضور عدد من النواب الورشة وترؤسهم جلساتها، بدعوى أنهم تآمروا على الأحزاب عندما صوتوا لصالح القانون الجديد.
ووضح النائب من حزب جبهة العمل الاسلامي عزام الهندي، أن كتلة الحزب لم تصوت لصالح القانون وأنهم انسحبوا من الجلسة التي جرى فيها التصوت، ولم يكتمل النصاب فيها وجرى الاتصال مع نواب آخرين لتكميل نصاب الجلسة، وهذا غير قانوني ويمكن الطعن فيه. النائب جمال الضمور قال إن القانون الجديد ثورة ضد مفاهيم الزعامة التي تأصلت في الشعب الأردني القانون الحالي سيعمل على إنشاء أحزاب قوية، فنحن لا نؤيد أحزابا تمثَّل فيها فقط العائلة والعشيرة؛ فأساس قانون انتخاب عصري هو قانون الأحزاب.
بينما أنسحب النائب مصطفى العماوي من الجلسة احتجاجا على بعض الأحزاب السياسية التي شككت بنزاهة بعض نواب.
الجلسة الأولى: الاندماج وبناء الائتلافات الحزبية في الأردن: العوائق وفرص النجاح
الهدف من الجلسة: تقديم تجارب في بناء إئتلافات تشجع الأحزاب السياسية على الاندماج والتوحد في كتل حزبية كبيرة لتفادي انهيارها والتكيف مع مقتضيات القانون الجديد. تناولت الجلسة تجارب لائتلافاتٍ و تحالفات حزبية في الأردن منها: تجربة تيار الوسط التي تحدث فيها الدكتور أحمد الشناق أمين عام الحزب الوطني الدستوري، وتجربة التيار الوطني الديمقراطي التي تحدث فيها أمين عام الحزب الشيوعي الأردني، وتحدث أمين عام حزب الحركة العربية الإسلامية محمد أبو بكر عن إمكانية بناء ائتلافات حزبية جديدة على الساحة الحزبية الأردنية وما هي العقبات التي تعترض ذلك.
1- تجربة تيار الوسط (ويركز هذا التيار على مبدأ الهوية الوطنية الأردنية )
قال الدكتور الشناق إن أول تجربة ائتلافية لهذا التيار كانت في عام 1995 حيث تشكلت الجبهة الوطنية الأردنية من أربعة أحزاب هي ( اليقظة، وطن، التقدم والعدالة، التجمع الوطني الأردني). وقد كُتب لهذه التجربة الفشل، لأن قيادات هذه الأحزاب كانت متفردة في قراراتها ولم يكن لديها النضج السياسي الكافي، فلم يكن لديها برامج واضحة بل أفكار عامة حول قضايا الاستراتيجية.
أما التجربة الثانية فكانت في عام 1997 عندما إندمجت تسعة أحزاب وسطية لتشكل الحزب الوطني الدستوري، وفي السنة الأخيرة طرح السيد عبد الهادي المجالي الذي يتزعم هذا التيار فكرة اندماج 13 حزباً وسطياً ليشكل التيار الوطني، وتم عقد اجتماعات مع قيادات هذه الأحزاب وكانت مشجعة بشكل عام لكنها لم تستمر ( لظروف خارجة عن الارداة).
وبعد إقرار القانون الجديد يمكن العمل على إعادة إحياء الفكرة للنهوض بفكرة دمج أحزاب تيار الوسط.
وأضاف الدكتور الشناق أن ما تعانيه تجربة أحزاب الوسط هي مشاكل بالدرجة الأولى لها علاقة بالجو السياسي العام في الأردن الذي لا يعطي دوراً للأحزاب السياسية كما أن ظاهرة الخوف من الانتماء للأحزاب السياسية لا تزال تسيطر على الشارع الأردني.
كما أن هناك نظرة من قبل البعض أن أحزاب الوسط ما هي إلا أداة من أدوات الحكومة الأردنية إضافة الى بعض المشاكل التنظمية الداخلية التي يعود سببها الرئيسي الى عدم الخبرة وانعدام ثقافة العمل الجماعي.
2- تجربة التيار الوطني الديمقراطي
قال الدكتور منير حمارنة إن فكرة تأسيس هذا الإئتلاف جاءت من ثلاثة أحزاب هي الحزب الشيوعي وحزب البعث التقدمي وحزب الشعب الديمقراطي الأردني. وقد خاض هذا التيار الانتخابات النيابية السابقة في عام 2003 لكنه لم يفز بأي مقعد في البرلمان، وذلك بسبب قانون الصوت الواحد. ومنذ فترة قصيرة عملنا على إعادة فكرة إحياء هذا التيار بسبب تراجع الديمقراطية في الاردن، وتغييب القوى الحقيقية في المجتمع. وأوضح الدكتور حمارنة أن هذا التيار ليس المطلوب منه أن يصبح حزبا سياسيا للاختلافات البرامجية بين مؤسسيه لكنّ هناك قاسما مشتركا لهم وهو الدفاع عن الحريات العامة.
3- المشهد الحزبي بعد إقرار قانون الأحزاب
قال محمد أبو بكر إن القانون الجديد سوف يحدث إنقلابا جذريا في الحياة الحزبية، حيث سينهي 20 حزبا على أقل تقدير إن لم تتمكن من تصويب أوضاعها وبالتأكيد هناك تفاوت في قدرات الأحزاب السياسية على التأقلم مع هذا القانون. فمثلا جبهة العمل الاسلامي لن يكون لديها مشكلة عددية للتكيف ولكنها قد تجد مشكلة بتضمين اسم الحزب كلمة إسلامي، وكذلك أيضا حزب الوسط الاسلامي.
أما الأحزاب القومية واليسارية فهناك فرصة لتصويب أوضاعها لكن ليس بسهولة خاصة أنها فقدت جماهيريتها كما أن ائتلاف التيار الوطني الديمقراطي الذي يقوده الحزب الشيوعي من الصعب أن يتحول الى حزب سياسي لعدم الانسجام الفكري بين مؤسسيه.
أما تيار الوسط الذي يضم 20 حزبا سياسيا في معظمها أحزاب صغيرة وهزيلة، فقد جرى العمل على توحيدها عدة مرات، لكن القانون الجديد في اعتقادي سوف يلزم هذه الأحزاب على الاندماج في حزب سياسي واحد حتى لا تنقرض.
أهم النقاط التي نوقشت في الجلسة:
هل يجب أن نتعامل مع القانون أو نرفضه؟
بشكل عام تركزَّ النقاش على الآليات التي يمكن أن تتخذها الأحزاب لمواجهة القانون، فهناك حزبيون اقترحوا عدم التعامل مع هذا القانون ومقاطعة الانتخابات النيابية القادمة، ونبهوا إلى أن النشاط الحزبي كان موجوداً في الأردن عندما كانت الاحزاب السياسية محظورة، وهذه الحالة يمكن أن تتكرر. في حين رفض حزبيون آخرون هذا الاقتراح وقالوا إن الحل يكون في تشكيل قوى ضغط بالطريقة الديمقراطية والعمل أن يكون لدينا نواب بالبرلمان لتغيير هذا القانون. إضافة إلى العمل مع مؤسسات المجتمع المدني للضغط على صانع القرار وصياغة وثيقة مشتركة تصوغ رؤية الأحزاب السياسية للإصلاح السياسي في الاردن.
قدم الدكتور يعقوب الكسواني تجربة ائتلاف (التيار القومي العربي)، وهو تيار تحت التأسيس ويضم عددا من الأحزاب القومية في الأردن تعمل على التنسيق فيما بينها لمعالجة الأوضاع السياسية المحلية والإقليمية مستندة في ذلك إلى الفكر القومي بشكل رئيسي، ضمن محاولة التكيف مع قانون الأحزاب الجديد.
أكثر من 85% من الشعب الأردني لا يزالون يخافون من الانضمام إلى الأحزاب السياسية، كما أن هناك قطاعات كبيرة من موظفي الدولة وطلاب الجامعات، لا يسمح لهم عرفيا بالانضمام إلى الأحزاب السياسية أو المشاركة في أنشطتها.
النظرة الأمنية لا تزال تقود العمل السياسي في الأردن.
الجلسة الثانية: نحو قانون انتخابي داعم للحياة الحزبية
الهدف من الجلسة: تشجيع الأحزاب السياسية على تنظيم حملات ضغط من أجل صياغة قانون انتخاب جديد يساعد في تطوير الحياة الحزبية في الأردن بالاستفادة من تجربة الفشل في إحداث تطويرٍ على قانون الأحزاب.
المتحدث الأول كان السيد زكي بني إرشيد الأمين العام لحزب جبهة العمل الاسلامي الذي قال إن قانون الانتخاب الحالي هو سبب جمود الحياة السياسية في الأردن وتهميش دور الأحزاب السياسية. فإذا كان لدينا قانون إنتخاب يمكّن الأحزاب من الوصول إلى السلطة وتنفيذ برامجها سيحدث حراك يفضي إلى أحزاب برامجية وسياسية ذات خطاب متجدد ومتوافق مع المتطلبات الوطنية. وأكد أن قانون الانتخاب الذي يعتمد القائمة النسبية أو مبدأ الجمع بين صوتٍ للدائرة وصوتٍ للوطن كحد أدني هو الطريقة الأفضل لتفعيل دور الأحزاب.
وبين بني إرشيد أن ضعف المجلس النيابي الحالي هو بسبب قانون الصوت الواحد الذي غيّب اللون الحزبي والسياسي لصالح نائب الخدمات، وأعاد تدوير النخب الحاكمة والمستأثرة بالسلطة. علاوة على عزوف المواطنين عن المشاركة في العمل السياسي والحزبي طبقا لاستطلاعات الرأي، التي أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية وصحيفة الغد. والتي تقول إن نسبة المواطنين ( المرعوبين) الذين يخشون العمل في السياسية هم 80%.
من وجهة نظر ثانية قال الدكتور أمين مشاقبة، إن الحكومة الأردنية تقوم بشكل مستمر بإعادة النظر في القوانين الناظمة للعملية الديمقراطية بما يتلاءم مع جملة المصالح الوطنية العليا والتي يأتي على رأسها الحفاظ على الأمن والاستقرار وتوسيع المشاركة الشعبية لزيادة شرعية النظام وقبوله. وقدم الدكتور أمين عرضا لقوانين الانتخاب التي صدرت في الأردن منذ عام 1986 حتى صدور قانون الصوت الواحد والتعديلات التي جرت عليه بزيادة عدد المقاعد الى 110 إضافة الى كوتا نسائية بستة مقاعد. وقال إن هذا القانون وجد فيه كثير من الثغرات العملية؛ منها أن بعض الناخبين اقترعوا أكثر من مرة وحصل تزوير في البطاقات الانتخابية. كما أن هذا القانون لقي معارضة من بعض القوى السياسية، فمنهم من قال إنه غير دستوري ، وآخرون انتقدوا عدم تخصيص كوتا للأحزاب السياسية، وطريقة احتساب الكوتا النسائية وعدم العدالة في توزيع المقاعد أو ما يمسى الكثافة السكانية والتمثيل.
لذا فإن عدم مراجعة الاختلالات القانونية في قانون الانتخاب الحالي ستؤدي إلى العزوف عن المشاركة السياسية لأن الأساس في القانون أن يحقق العدالة في تمثيل القوى السياسية في المجتمع.
أهم النقاط التي نوقشت في الجلسة:
قانون الانتخاب الحالي يكرس العشائرية والجهوية على حساب دور الأحزاب السياسية والمواطنة.
قانون الانتخاب الحالي يهدف إلى طمس الحركة الإسلامية وعدم إظهار التمثيل الديمغرافي الحقيقي للسكان.
هل ستطرح جماعة الإخوان المسلمين نفسها نقيضا أو بديلاً عنها للدولة؟
الجلسة الثالثة: نظام التمويل للأحزاب السياسية
الهدف من الجلسة: وضع محددات وضوابط للتمويل المالي للأحزاب بالاعتماد على فكرة الحوافز التي تشجع توحيد الأحزاب وزيادة نفوذها وانتشارها خصوصا في أوساط المرأة والشباب والمحافظات.
في هذا السياق قدم الدكتور محمد المومني أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك دراسات حالة لنظام التمويل في الولايات المتحدة إضافة الى التجربة الإسرائيلية، وكيف يمكن أن تستفيد التجربة الأردنية من هذه الخبرات. وقال إنه لنجاح فكرة تمويل الأحزاب يجب مراعاة التالي:
لا بد أن يكون المال كافيا ومقدرا.
أن يكون التمويل لنشاطات الحزب وليس لنفقاته الجارية.
ربط المال الممنوح بالحد الأدنى والأعلى للمقاعد الانتخابية المحصودة.
التمويل بحسب عدد الأصوات المكتسبة في الانتخابات وأن تكون التبرعات نقدية وليست عينية ليسهل مراقبتها.
أن لا يصبح التمويل مجالا للتغول السياسي وهذا ما يمكن أن نشهده في الانتخابات القادمة خاصة بعد الطفرة الاقتصادية.
السيد موسى المعايطة أمين عام حزب اليسار الديمقراطي ذكر في ورقته أن تمويل الأحزاب من خزينة الدولة هو حق لها ولا يجوز أن ينظر له أنه رشوة. واقتراح أن يكون في البداية متساويا لكل الأحزاب السياسية وبعد إجراء الانتخابات يمكن أن يكون على أساس المقاعد ونسبة تمثيل المرأة والشباب.
النقاش الذي دار في الجلسة دلل على أن معظم الحزبيين ليس لديهم دراية كافية وخبرة في قضية التمويل، وكانت معظم الأفكار التي طرحت في هذا المجال عامة وغير محددة. لكن معظم الحاضرين طالبوا بأن يكون التمويل كافيا، وأن يعمل كل حزب على تقديم رؤية لنظام التمويل ثم تصاغ من قبل حقوقي على شكل قانون مقترح من هذه الاحزاب.
التوصيات الختامية
قانون الانتخاب هو الأساس لتفعيل دور الاحزاب السياسية.
إطلاق حملة وطنية تحت عنوان (نحو قانون انتخاب عصري) تشارك فيها جميع القوى السياسية من أحزاب ونقابات ومؤسسات مجتمع مدني وشخصيات سياسية
اتفق معظم المشاركين على اعتماد المبادرة التي أطلقها مركز القدس للدراسات كأساس للحملة الوطنية لتعديل قانون الانتخاب والتي تضمنت النقاط التالية:
1- اعتماد القائمة النسبية أو النظام المختلط.
2- إلغاء نظام الصوت الواحد.
3- العدالة في توزيع المقاعد للدوائر الانتخابية.
4- استحداث هيئة عليا للإشراف على الانتخابات.
5- الرقابة على الانتخابات.
6- أن ضمان التعددية السياسية.
على الحكومة الأردنية أن تتجاوز النظرة الأمنية في التعامل مع القضايا السياسية.
على الدولة الأردنية أن تكرس ثقافة جديدة تشجع الناس على الانخراط في العمل العام، ومؤسسات المجتمع المدني.
العمل على دمج الشباب في الحياة السياسية.
العمل على دمج المرأة في العمل الحزبي والسياسي، وهذا بالأساس مسؤولية القيادات الحزبية.
تحفيز الأحزاب السياسية على الائتلاف وتشكيل مجلس وطني لها.
أن يكون التمويل للأحزاب كافيا.
قانون التمويل للأحزاب يجب أن يتضمن الحوافر التالية:
1- درجة إنتشار الحزب في المحافظات.
2- نسبة استقطاب المرأة والشباب.
3- تنظيم النشاطات .
4- المقاعد التي حصل عليها الحزب في الانتخابات البلدية والنيابية.
رابط الصور:
https://photos.app.goo.gl/yeZPoNdxiDNpqHPD8
https://photos.app.goo.gl/yeZPoNdxiDNpqHPD8
الاراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي مركز القدس للدراسات السياسية
حقوق النشر محفوظة@ مركز القدس للدراسات السياسية. كل الحقوق محفوظة