A+ A-
ورشة عمل: أثر "الاحتواء الناعم" على حرية الصحافة واستقلالية وسائل الإعلام في الأردن
2009-02-28
الدعوة لإصدار تشريعات تكفل الحد من الظاهرة وتضمينها مواثيق الشرف الإعلامية
حرية الصحافة واستقلالية وسائل الإعلام جزء لا يتجزأ من عملية الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي
 
أعلن مركز القدس للدراسات السياسية، في الثامن والعشرين من شباط/فبراير 2009، نتائج الدراسة المسحية التي أجراها حول "أثر الاحتواء الناعم" على حرية الصحافة واستقلالية وسائل الإعلام في الأردن".
 
وجاء الإعلان عن نتائج الدراسة التي تعتبر الأولى من نوعها في الأردن والمنطقة العربية، خلال ورشة عمل نظمها المركز وشاركت بها نحو 40 شخصية إعلامية ونيابية وحزبية ونشطاء منظمات المجتمع المدني.
 
وفي كلمة افتتح بها أعمال الورشة وعرض لنتائج الدراسة، شدد مدير مركز القدس عريب الرنتاوي على أن "الاحتواء الناعم" للإعلام والصحافة، بات الأسلوب الأكثر رواجا للحد من حرية الصحافة والمس باستقلالية وسائل والإعلام، لافتا إلى أن هذه الأسلوب ليس ظاهر أردنية فقط بل ظاهرة عربية وقال "الاحتواء الناعم بات ظاهرة عربية بامتياز، خصوصا في السنوات العشر الأخيرة، والمستهدف بالاحتواء الناعم بأنماطه المختلفة، هي مختلف فئات وشرائح النخبة السياسية والاجتماعية والثقافية وليس الصحفيين والإعلاميين فحسب، والجهات التي تمارس هذه الأنماط تمتد إلى القطاعين الخاص والأهلى وكافة الفاعلين الاجتماعيين".
 
وتابع "أخطر ما في وسائل الاحتواء الناعم أن كلفتها قليلة وردود الفعل عليها غائبة تماما أو متواضعة إلى حد كبير، وهي تؤسس لعلاقة زبائنية بين الإعلاميين والصحفيين من جهة، وصنّاع القرار الحكومي والسياسي من جهة أخرى، وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار دخول جهات أخرى على خط الاحتواء الناعم تصبح الخطورة مضاعفة على حرية الصحافة واستقلالية الإعلام".
 
ودعا الرنتاوي لوقفة مغايرة من قبل الجسم الصحفي لتحصين "جبهته الداخلية"، والعمل من دون إبطاء على صياغة وتفعيل مواثيق الشرف ومدونات السلوك التي تحد من هذا الظاهرة وتسعى في احتوائها قبل أن تحتوي الإعلام والإعلاميين، كما دعا لنضال نقابي لتحسين المستوى المعيشي للعاملين في قطاع الإعلام.
 
وأوصى المشاركون في ورشة العمل بمتابعة النتائج التي خلصت إليها الدراسة، وإجراء دراسات مماثلة تتناول قطاعات أخرى من المجتمع الأردني، وحثوا على إصدار تشريعات تكفل الحد من تفشي هذه الظاهرة، وتضمينها بنودا خاصة تجرم هذه الأنماط في العلاقة بين الجسم الصحفي من جهة وكافة الجهات التي تمارس أنماط مماثلة من الاحتواء الناعم، كما دعا المشاركون إلى إصدار مواثيق شرف إعلامية وصحفية لمواجهة هذه الظاهرة، وتضمين المواثيق ومدونات السلوك المهني القائمة، بنودا ومواد إضافية كفيلة باحتواء هذه الظاهرة ومنع انتشارها.
 
وشدد المشاركون على وجوب تحصين الجسم الصحفي من الداخل لمواجهة هذه الظواهر لافتين إلى الدور الخاص الذي يتعين على نقابة الصحفيين القيام به في هذا المضمار، ودعوا في هذا الصدد إلى تحسين الظروف المعيشية للصحفيين والإعلاميين وزيادة رواتبهم وأجورهم حتى لا يقعوا فريسة الإغراءات المقدمة من جهات مختلفة.
كما دعوا إلى زيادة الاهتمام بتدريب الصحافيين ورفع كفاءتهم المهنية باعتبار ذلك وسيلة رئيسة لمواجهة امتداد هذه الظاهرة وانتشارها.
 
واعتبر المشاركون أن حرية الصحافة واستقلالية وسائل الإعلام ليست مسائل مقتصرة على الجسم الصحفي بل هي قضايا تمس في الصميم مسالة الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في الأردن، معتبرين أن تعزيز حرية الصحافة هي مسئولية مشتركة لكل القوى صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير والإصلاح.
 
وجرت مناقشة نتائج الدراسة التي شملت عينة مكونة من 500 إعلامي وإعلامية في مختلف الصحف ووسائل الإعلام الرسمي والخاص والحزبي، حيث أظهرت النتائج أن 49% من قادة الرأي في الوسط الإعلامي الأردني خضعوا لأنماط من الاحتواء الناعم، وأن 70 % من الصحفيين والإعلاميين يعتقدون بان الحكومة تلجأ "بدرجة كبيرة ومتوسطة" إلى استخدام أنماط "الاحتواء الناعم" لكسب تأييد الإعلاميين وتفادي انتقاداتهم.
 
ومن ابرز أنماط "الاحتواء الناعم" التي كشفت الدراسة عنها: التعيين الدائم والمؤقت في مناصب حكومية أو شبه حكومية (32 بالمائة)، الهبات والمنح والأعطيات المالية (17 بالمائة)، منح المعلومات لصحفيين وإعلاميين محددين (7 بالمائة)، الدعوة لحضور لقاءات واجتماعات مع كبار المسئولين (6 بالمائة)، الإعفاءات الجمركية والعلاج خارج إطار أنظمة التأمين الصحي والمنح الدراسية للأبناء والأقارب وبنسبة (3 بالمائة)، وأظهرت نتائج الدراسة التي أجريت في الفترة من تشرين أول/أكتوبر 2008 وحتى شباط/فبراير 2009، بدعم من الصندوق الكندي، وجود جهات أخرى غير حكومية تمارس أساليب "الاحتواء الناعم" على الصحفيين حيث أفاد 83% من المستطلعة آراؤهم بوجود هذه الجهات وأبرزها رجال الأعمال (96 بالمائة)، شخصيات نافذة (90 بالمائة)، نواب وأعيان (70 بالمائة)، مؤسسات مجتمع مدني (64 بالمائة)، أحزاب سياسية (51 بالمائة)، أجهزة أمنية (38 بالمائة)، وجهاء عشائر (35 بالمائة) وآخرون (18 بالمائة).
 
ويؤكد 43% من الصحفيين أنهم تعرضوا (شخصياً) لأنماط من الاحتواء الناعم من جهات مختلفة، 40 بالمائة من الحكومة،(26بالمائة) من رجال أعمال، (11 بالمائة) من مؤسسات مجتمع مدني، (6 بالمائة ) من الأحزاب السياسية.
 
وتشير الدراسة إلى أن 58 بالمائة من الذين تعرضوا لأنماط الاحتواء الناعم قالوا أنهم وعودوا بالحصول على هبات ومنح مالية، و27 بالمائة وعودوا بالحصول على وظيفة أو منصب حكومي وشبه حكومي، 5 بالمائة علاج وتعليم وإعفاءات جمركية، 2 بالمائة تلقوا وعودا بالسفر والسياحة.