A+ A-
اضاءات على المنظومة المؤسسية والتشريعية لمحاربة الفساد في الاردن
2011-01-15
حذر خبراء وحزبيون ونشطاء حقوقيون من ان غياب الإرادة الحقيقية لمحاربة الفساد من شانه ان يجعل المنظومة التشريعية والمؤسسية لمكافحة الفساد غير فاعلة، وأكد هؤلاء ان الفساد لا يقتصر على الجانب المالي وانما هو شبكة متصلة يدور في إطارها الفساد الإداري والقانوني والسياسي والأخلاقي والإجتماعي.
 
وانتقد المشاركون ضعف دور مجلس النواب في متابعة قضايا الفساد ودعوا مجلس النواب وكافة الهيئات المسؤولة عن مكافحة الفساد للعمل الجاد لوضع حد لكافة اشكال الفساد نظرا لما يشكله من خطورة كبيرة على المجتمع . وانتقدوا ربط هيئات مكافحة الفساد الرسمية مثل هيئة مكافحة الفساد برئيس الوزراء معتبرين ان من شان ذلك ان يؤثر على فاعلة واستقلالية الهيئة وإضعاف جهودها الرامية لمكافحة كافة شكال الفساد.
 
كما أكدوا على ضرورة تعزيز استقلالية القضاء ونزاهته، ليكون قادرا على التعامل مع قضايا الفساد وانتقدوا ما اسموه "الحماية المجتمعية" للفاسدين مؤكدين على ضرورة تشديد العقوبات على الفاسدين . وشددوا على دور الإعلام في الكشف عن ومتابعة قضايا الفساد.
 
وفي مائدة مستديرة نظمها مركز القدس للدراسات السياسية بعنوان (اضاءات على المنظومة المؤسسية والتشريعية لمحاربة الفساد في الأردن)، والتي تحدث فيها رئيس هيئة مكافحة الفساد سميح بينو ورئيس منظمة برلمانيون ضد الفساد – فرع الاردن النائب الدكتور ممدوح العبادي، وادارها مدير مركز القدس عريب الرنتاوي. تحدث بينو عن تطور الأطر التشريعية والمؤسسية في الاردن الخاصة بمكافحة الفساد وصولا الى المنظومة التشريعية الحالية والتي تشمل قانون العقوبات وقانون هيئة مكافحة الفساد وقانون مكافحة غسيل الاموال ومكافحة الإرهاب وقانون حق الحصول على المعلومات وقانون الجرائم الإقتصادية وقانون ديوان المظالم وقانون اشهار الذمة المالية.
 
موضحا ان تقرير المراجعة لمدى تنفيذ الأردن لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد الصادر عام 2009 اشار الى ان الأردن يتمتع بمنظومة متطورة من التشريعات والمؤسسات لمكافحة الفساد. واعتبر بينو ان هذه المنظومة التشريعية والمؤسسية تشكل حجر الزاوية في تعزيز مبادىء ومفاهيم النزاهة والشفافية والحاكمية الرشيدة في المؤسسات الوطنية وترسيخ الثقة بهذه المؤسسات كاشفا النقاب عن إقرار الهيئة لمشروع قانون لحماية الشهود والمبلغين عن قضايا الفساد.
 
وعرض بينو لابرز عناصر إستراتيجية مكافحة الفساد. وكشف عن تعامل الهيئة خلال العام الماضي 2010 مع 890 قضية مقابل 834 قضية عام 2009 مشيرا الى انه تم إحالة القضايا التي ثبت بها وجود شبهات فساد مالية فيها الى الجهات القضائية المختصة، موضحا ان ما نسبته 16% من هذه القضايا كانت تتعلق بالإخلال بواجبات الوظيفة والإحتيال بنسبة 15% والمصدقات الكاذبة بنسبة 11% وإستثمار الوظيفة بنسبة 8% والإختلاس 4% والتزوير 4% .
 
وكشف بينو ان هيئة مكافحة الفساد بدات التحقيق الفعلي بشبهات الفساد في شركة موارد مشيرا الى انه وخلال الشهرين الماضيين كانت الهيئة تقوم بجمع المعلومات الخاصة بالقضية بعد ان تم شطب العديد من المعلومات عن اجهزة الكمبيوتر الخاصة بالشركة، وقال طلبنا معلومات من بعض البنوك وقد زودونا بها بعد شهر ونصف... نريد ان نعرف دور هذه البنوك في مساعدة الفاسدين.
 
ورفض بينو الإنتقادات التي وجهها المشاركون فيما يتعلق بعدم فاعلية عمل الهيئة وقال ان الهيئة تعمل وفق قانونها داعيا اية جهة سواء اكانت اعلامية او برلمانية تمتلك معلومات عن قضايا فساد ان تبلغ عنها الهيئة، وقال بينو ينبغي ان تعطي الهيئة الفرصة كاملة خاصة وانها تقوم حاليا ببناء علاقات الثقة مع مختلف المؤسسات مشيرا الى دور المؤسسة في محاربة التعيينات التي تتم بالواسطة والمحسوبية وقال ان الهيئة تمارس هذا الامر بشكل دائم خاصة في هيئات ومؤسسات التعليم العالي.
 
وشدد بينو على ضرورة توافر البينات والمعلومات حول اي قضية تدور حولها شبهات فساد وقال اذا لم تتوفر المعلومات لدينا فلا يمكن للهيئة ان تقوم بملاحقة مجرد شبهات وفق ما ينص على ذلك قانونها.
 
فيما اكد النائب الدكتور ممدوح العبادي أن عدم فاعلية المنظومة التشريعية والمؤسسية الخاصة بمكافحة الفساد يعود الى غياب الإرادة الحقيقية لمكافحة الفساد مشيرا في هذا الإطار الى تراجع ترتيب الأردن في سلم الشفافية الدولية خلال السنوات الماضية، واكد العبادي على ان مكافحة الفساد منظومة متكاملة تبدا اولا بتوفر الإرادة ثم توفر المعلومات والقضاء النزيه والتشريعات الفاعلة.
 
واستعرض العبادي الذي يشغل منصب نائب رئيس جمعية "برلمانيون عرب ضد الفساد" جهود منظمة برلمانيون ضد الفساد التي تأسست عام 2002 على مستوى عالمي على يد برلماني كندي.
 
وقال العبادي أن عملية مكافحة الفساد عملية صعبة ومحاربتها يحتاج الى تكاتف معظم الجهود. واتهم العبادي مجلس النواب الرابع عشر بالمسؤولية عن تقييد صلاحيات هيئة مكافحة الفساد عندما اصر اعضاء مجلس النواب على الحاق الهيئة برئيس الوزراء، كما اكد العبادي ان مجلس النواب ذاته هو المسؤول عن اخراج قانون هيئة مكافحة الفساد بصيغة ضعيفة.
 
وبعد ان استعرض العبادي بعض قضايا شبهات الفساد التي احاطت بعمل بعض الشركات خلال السنوات الماضية اعتبر ان الفساد بكافة اشكاله اخطر ما يهدد المجتمعات، ووجه مشاركون تساؤولاتهم حول مصير العديد من القضايا التي رفعت لمجلس النواب السابق لمتابعتها كقضايا تحمل شبهات فساد والتي ورد بعضها في تقارير ديوان المحاسبة.
 
وطرح بعض المشاركون مصطلح الفساد السياسي معتبرين انه أساس الفساد معتبرين أن قانون الإنتخابات هو أهم مخرجات الفساد السياسي لأنه جاء بمجالس نيابية ضعيفة لم تقم بدورها الحقيقي والفاعل في متابعة قضايا الفساد
 
وكان مدير مركز القدس عريب الرنتاوي قد قال في كلمة افتتح بها اعمال المائدة المستديرة ان موضوع الفساد مطروح دائما على بساط البحث مشيراً الى ان الإجراءات المتخذة في هذا الإطار لا تتناسب مع ما يطرح من تساؤلات حول هذه القضية. مشددا على اهمية الشفافية في معالجة الفساد بكافة اشكاله مشيرا الى ان البحث والتنقيب في ظاهرة الفساد امر بالغ الأهمية.