A+ A-
المجلس الأعلى للإعلام الواقع والتحديات والطموح
2002-06-10

عقد في مركز القدس للدراسات السياسية، في العاشر من حزيران 2002، ندوة حول "المجلس الأعلـى للإعلام، واقع وتحديات وطموحات "، وحاضر في هذه الندوة معالي الدكتور كامل أبو جابر رئيس المجلس الأعلى للإعلام، وحضر الندوة لفيف من الصحافيين والإعلاميين المهتمين .وقدم المشاركين في الندوة الأسـتاذ عريـب الرنتاوي مدير المركز، وعضو ا لمجلس الأعلى للإعلام.

في مستهل الندوة أشار معالي الدكتور كامل أبو جابر، في الحقيقة كتبت فكرتين على الورق لابلور ما في ذهني من أفكار حول موضوع المجلس الإعلامـي، وعملية الإعلام ككل .وقال، إن اللغة سلاح، ونحن أبناء هذه المنطقة نفتخر بتراثنا الغني والطويل. أننا ومنذ أيام الفينيقيين في لبنان أول من كتب اللغة بحروف، وهكذا أضيف إلى سلاح اللغة الآني "النطق "صفة الديمومـة وهي "التدوين "فعندما يدون الإنسان يبقى هذا للتاريخ.

وقد ميز الله البشر "بالنطق" لنقل أفكاره، وهي ميزة تتعدى مجرد نقل الأصوات كما هي الحال بين الطيور والحيوانات والكائنات البحرية إلى مصاف أعلى يصل إلى حد الفن الرفيع، كما هي الحال في الشعر والرواية والقصة والمسرح والغناء والموسيقى ووسائل التكنولوجيا الحديث .والسلاح سلاح حتى لو لم يستعمل، واللغة سلاح العصر، والتهديد أحيانا أشد وقعا ومضاء حتى من استعماله .واللغة تنقل الفكر ويمكن استعمالها كسلاح تذود به عن النفس أو عن الآخرين، والعنف الكلامي أشد وقعا من العنف الجسدي، لأن الإنسان من الممكن أن يتغاضـى عـن العنف الجسدي، لكن العنف الكلامي الذي ينتشر بين الناس من الصعب على الإنسان أن يتغاضى عنه.

واضاف إلى أن الإعلام ليس موضوع حديث جديد، فمنذ فجر التاريخ، ومنذ أن وجد الإنسان نفسه في مجتمع يسمى "المجتمع السياسي "والإعلام هو أحد أهم أسلحة الدولة .فهو واسطة الدبلوماسية والحرب النفسية، أو التهديد، وهو أيضا تعبير عن الذات الإنسانية وتعبير الدولة عنذاتها، وعن مطامحها ومراميها وتطلعاتها المستقبلية .والإعلام بشـقيه المرئي والمسموع من جهة، والمدون من جهة ثانية يوصل الصوت إلى الآخرين، محدثا ومعلما، منبـها ومحـذرا أو معنفا ومهددا، فهو يستخدم كأداة تصعيد وتهديد أو وسيلة لحل النزاعات ..هذا كله يدخل في باب اللغة . ونحن العرب نفخر بفصاحة اللسان وبالبلاعة، حيث جعلنا للكلمة مصافا يفوق مصاف الفن، حيث أننا نتلذذ بسماعها مر تلة، قصيدة أو شعرا ونتحسس ثنايها وأبعادها، وأذكر هنا بسوق عكاظ، حيث كانت الثقافـة والأفكار تروج وتباع مثل البضائع والأمور الأخرى. واضاف أبو جابر أنه بالرغم من كل هذه الفصاحة وهذا الإعجاز اللغوي -اللغة العربية أوسع وأغنى بكـثير مـن اللغـات الأجنبية الأخرى -وعلى الرغم من هذا الإرث العظيم في اللغة واستعمالا، إلا أننا كعرب لم نتمكن إلى الآن من إيصال صوتنا إلى الآخرين، وبالذات فيما يتعلق بالقضايا السياسية و قضايا وجودنا كأمة عربية، بحيث أن صـورتنا وحضارتنا شوهت بشكل كبير.