إدارة العمليــة الإنتخــابيــة

2004-11-01

الدكتــور موســى شتيــوي
استاذ قســم علــم الاجتمــاع الجامعــة الاردنيــة

مـقـدمـة

تعتبر العملية الانتخابية وادارتها والاشراف عليها ، من اهم المراحل في البناء الديمقراطي والذي يكفل الاستمرارية والديمومة له ، وتكمن هذه الاهمية للعملية الانتخابية لأنها عادة ماتكون اما معيار للعدالة والمساواة والنزاهة في هذه المرحلة من العملية الديقراطية وبالتالي فهي تكرسها وتجعل منها عملية روتينية احتفالية وبالتالي تؤكد مشروعية العملية الديمقراطية برمتها او انها بالمقابل تكون اداة بيد السلطات الحاكمة لتعيد انتاج نفسها وبالتالي تكرس عدم المساواة والفساد في النظام السياسي وتؤدي الى حرمان المواطنين والاحزاب من الحصول على حقوقهم وبذلك تؤدي الى اضعاف مشروعية العملية الديمقراطية وتفرغها من محتواها وتجعلها عملية شكلية .

ولعل نزاهة اوعدم نزاهة الانتخابات تتبدى في هذه المرحلة من العملية .وتكتسب عملية الاشراف على الانتخابات اهمية اضافية في الدول التى بدأت انظمتها تتحول الى الديمقراطية حديثا وذلك لأن مصداقية العملية الديمقراظية برمتها مرتبطة بنتائج الانتخابات . وبما انه الثقة بنزاهة الحكومات او عدم تدخلها هي شبه معدومة في كثير من الاحيان وذلك لاسباب موضوعية مرتبطة برغبة الدولة في ان تكون المجالس التمثيلية موالية للأنظمة القائمة وأسباب ذاتية مرتبطة بطبيعة الجماعات والاحزاب السياسية فتصبح عملية ادارة الانتخابات الحكم الاخير على مصداقية هذه العملية . وسوف نسعى بهذه الورقة الى تسليط الضوء على ادارة الانتخابات والهيئات المشرفة عليها في الاردن وخاصة في التجربة الانتخابية الاخيرة 2003 ، والملاحظات حول هذه العملية والسبل الممكنة لتطويرها لتصل الى حد النزاهة الكاملة تجري الانتخابات لمجلس النواب بأمر يصدر عن الملك بمقتضى احكام الفقرة (1) من المادة (34) من الدستور .

عندئذ يتخذ مجلس الوزراء قرارا بتحديد تاريخ الاقتراع ويعلنه رئيس الوزراء وينشر في الجريدة الرسمية . الا ان التحضيرات السياسية والاعلامية والتعبوية والادارية والتنظيمية والفنية ، على المستويين الرسمي والشعبي ، تكون قد بدأت قبل ذلك التاريخ بأسابيع على الاقل ، وتعيش اجهزة الدولة الرئيسة ، خاصة وزارة الداخلية والاجهزة الامنية حالة شبه استنفار عام غير معلنة خلال المراحل المختلفة للانتخابات ، حيث تنشأ غرف العمليات وتلغى الاجازات وترفع درجة اليقظة لدى الاقسام الاساسية ، وتصف وزارة الداخلية دورها في الانتخابات بأنه "اجرائي توعوي ، تنموي وسياسي ". وطوال فترة الحملة الانتخابية ، يبدي المسؤولون اهتماما بالغا بالانتخابات على المستويين السياسي والاعلامي ، ويؤكدون باستمراربأنها "حرة ونزيهة " . ويتابع المعنيون مباشرة تطوراتها ميدانيا ويتدخلون من خلال اتخاذ قرارات واجراءات اذا لزم الامر .

الهيئة المشرفة على الانتخابات
تقوم وزارة الداخلية عمليا بادارة العملية الانتخابية وتسيطر عليها منذ بدايتها وحتى نهايتها ، وتوفر لها الاجهزة الفنية والطواقم الادارية اللازمة ، وهي تتفق عليها . على سبيل المثال ، خلال الانتخابات النيابية العامة لعام 2003 ، تم تخصيص 40 الف موظف حكومي لادارة العملية الانتخابية ، وتم تخصيص 1417 مركزا للفرز و4104 صناديق للاقتراع ، كما تم تجهيز الفي سيارة لنفس الغرض . وتم تركيب الف خطط هاتف مؤقت لمراكز الاقتراع والفرز وغرف العمليات في كافة المحافظات ، وخصص 260 جهاز حاسوب لعمليات الفرز ، وخصصت الحكومة مبلغ 6.9 مليون دينار للانفاق على الانتخابات .

اما من الزاوية القانونية والرسمية ، فالهيئة المشرفة على العمليات هي "اللجنة العليا للاشراف على الانتخابات " الى تبت في جميع الامور الى تعرضها عليها اللجان المركزية في المحافظات.
تتشكل اللجنة العليا للاشراف على الانتخابات برئاسة وزير الداخلية وعضوية كل من : امين عام وزارة الداخلية ومدير عام دائرة الاحوال المدنية والجوازات وقاض من الدرجة العليا يسميه رئيس المجلس القضائي ومدير المديرية المختصة في وزارة الداخلية .
يشكل وزير الداخلية لجنة على صعيد كل محافظة تسمى اللجنة المركزية ويرأسها المحافظ ، وعلى صعيد كل دائرة انتخابية ، بتنسيب من المحافظ ، يرأسها حاكم اداري وذلك للاشراف على العملية الانتخابية على كل صعيد . ويمثل في كل لجنة قاض ومسؤول الاحوال المدنية .

وأخيرا يشكل الوزير لجنة خاصة برأسة حاكم اداري لمتابعة موضوع المقاعد النيابية الاضافية المخصصة للنساء .
قبل البدء بأعمالها ، يُقسم كل عضو في هذه اللجان امام الوزير أو أمام المحافظ اليمين بأن يقوم بمهمته بأمانة ونزاهة وحياد تام . وحتى يتمكن الناخبون من معرفة مراكز الاقتراع ، يقوم رئيس كل دائرة انتخابية بنشر القرار الذي يتضمن تقسيم الدائرة الانتخابية الى مناطق انتخابية فرعية وتحديد مراكز الاقتراع والفرز في كل منطقة انتخاب فرعية مع بيان عدد صناديق الاقتراع في كل مركز ومواقعها . ويتم نشر القرار في صحيفتين يوميتين محليتين "على الاقل " وفي اي مكان يراه رئيس الدائرة ضروريا .

ومن ناحيتها ، تعين لجنة الدائرة الأنتخابية لجان الاقتراع والفرز ، وتؤلف كل لجنة من رئيس لا تقل فئته عن الثانية وعضوين اثنين وكاتب – جميعهم من موظفي الحكومة – على ان لا تكون لأي منهم قرابة مع احد المرشحين للدرجة الثالة . وتتولى لجنة الاقتراع والفرز الفصل في الاعتراضات التى يقدمها المرشحون او المندبون عنهم حول ما ينشأ من تطبيق قواعد الاقتراع والفرز ، وتكون قراراتها بشأنها قطعية .

لقد تضمن القانون المؤقت الذي اجريت انتخابات عام 2003 على اساسه مجموعة من التغيرات الايجابية على العملية الانتخابية نفسها مما كان له الاثر الايجابي في زيادة كفاءة العملية الانتخابية وتعزيز وثقة المواطنين والاحزاب بنزاهة الحكومة والعملية الانتخابية وادارتها . ومن اهم هذه التغيرات والتى ادخلت في القانون المؤقت وتم تطبيقها في الانتخابات ، هي اعتماد البطاقة الشخصية (الهوية الوطنية ) في عملية الاقتراع والذي يؤدي الى تبسيط اجراءات الاقتراع ويلغي ضرورة التسجيل المسبق للمشاركة في العملية واعداد جداول الناخبين كما كان معمولا به بالسابق و الذي قد يكون من احد المعيقات للمشاركة في الانتخابات ، كذلك فقد تم اعتماد فرز الاصوات على المستوى المحلي اي في اماكن الاقتراع نفسها مما ادى الى تعزيز وتبسيط العملية الانتخابية برمتها .

الاقتراع
استنادا الى القانون المؤقت ،يكون الاقتراع عاما وسريا ومباشرا . ونتيجة لتخفيض سن الاقتراع في القانون الاخير، من 19 سنة الى 18 سنة ، تمكن بضعة عشرات الالاف من الشباب من ممارسة حقهم في الاقتراع لاول مرة في حزيران 2003 . ومن النقاط الايجابية الاخرى في القانون انه سهل عملية الاقتراع حيث اصبح بوسع الناخب ان يدلي بصوته في اي مركز من مراكز الاقتراع في دائرته الانتخابية ، في حين كان القانون السابق يلزم الناخب بالاقتراع في مركز محدد لا غير ، مما كان يضطره لاضاعة بعض الوقت في البحث عن مركز اقتراعه ، وربما النكوص عن الاقتراع . اخيرا طور القانون الجديد الية التصويت للناخب الامي وذلك للحفاظ على سرية الانتخابات ومعاقبة من ينتحل صفة الامي .

يبدا الاقتراع الساعة السابعة صباحا في اليوم المحدد للانتخابات وينتهي عند الساعة السابعة مساءا . ويجوز بقرار من رئيس اللجنة المركزية تمديد مدة الاقتراع بما لايزيد عن ساعتين اذا تبين له وجود ضرورة لذلك و يجري الاقتراع على النموذج الخاص الذي يعتمده الوزير ، وعلى رئيس لجنة الاقتراع – وقبل بدء عملية الاقتراع- اطلاع الجمهور (المندوبون ) على خلو الصندوق ، ثم يقوم بقفله وينظم محضرا بذلك موقعا منه ومن جميع اعضاء اللجنة امام المرشحين او مندوبيهم .
يبرز الناخب بطاقته الشخصية في مركزز الاقتراع ويسجل اسمه في جدول ثم يعطيه رئيس لجنة الاقتراع وبعد كتابة اسم المرشح في معزل عن اللجان يلقي الناخب بالورقة في الصندوق ثم يعيد رئيس اللجنة البظاقة الشخصية للناخب بعد طبع الختم المائي عليها .

فرز الاصوات
بعد الانتهاء من عملية الاقتراع ، وتنظيم لجنة الاقتراع لكل صندوق محضرا على نسختين يتم توقيعها من رئيس اللجنة واعضائها ومن طرف من يرغب من مندوبي المرشحين ، على ان يتضمن المحضر مايلي: عدد الناخبين الذين مارسوا حق الاقتراع من المسجلين في الجدول الخاص بالصندوق وكذلك عدد الاوراق التى استعملت او اتلفت وسبب ذلك .

بعد ذلك يفتح الصندوق من قبل لجنة الاقتراع والفرز امام الحضور وتحصي اللجنة الاوراق الموجودة بداخله والاصوات التى نالها كل من المرشحين وتسجلها على لوحة ظاهرة امام الحضور . ويعتبر الاقتراع الخاص بالصندوق لاغيا اذا تبين بعد فرز الاصوات فيه زيادة او نقص بنسبة اكثر من 5% من عدد المقترعين في الصندوق . وبعد الانتهاء من الفرز ، تنظيم كل لجنة من اللجان محضرا على نسختين توقعان من قبل رئيس اللجنة واعضائها على ان يتضمن مايلي : عدد المقترعين ، عدد الاصوات التى حصل عليها كل مرشح وعدد الاوراق الباطلة . وتجري عملية جمع الاصوات التى نالها كل مرشح بصورة علنية امام مندوبي المرشحين .

اعلان النتائج 
يعتبر فائزا في الانتخابات المرشح الذي ينال اعلى أصوات المقترعين لكل مقعد ، واذا تساوت الاصوات بين المرشحين لمقعد واحد يعاد الانتخاب بينهما في اليوم الذي يحدده وزير الداخلية على ان لايتجاوز سبعة ايام .تقوم لجنة الاقتراع فوراً بتسليم المحضر والاوراق الخاصة بالاقتراع الى رئيس لجنة الدائرة الانتخابية الذي يقوم باعلان النتائج النهائية للدائرة . ويقوم بعد ذلك بارسال الكشوفات النهائية موقعة من اعضاء الدائرة الانتخابية الى رئيس اللجنة المركزية في المحافظة ، الذي يقوم بدوره بارسالها الى اللجنة العليا للانتخابات . بعد ذلك يعلن وزير الداخلية النتائج الرسمية على مستوى المملكة .

اما نتائج الانتخابات الخاصة بالمقاعد الاضافية للنساء ، فيتم استخراجها بعد الانتهاء من عملية فرز الاصوات واعلان النتائج النهائية للانتخابات . تقوم اللجنة المكلفة بالمهمة بمراجعة وتدقيق عدد الاصوات التى نالتها المرشحات اللواتي لم يفزن بأي من المقاعد النيابية العادية حيث تتولى احتساب نسبة عدد الاصوات التى نالتها كل مرشحة من مجموع اصوات المقترعين في الدائرة التى ترشحت فيها . وتعتبر من حصلن على اعلى ست نسب فائزات بالمقاعد الاضافية الستة بغض النظر عن كون الفائزة مسلمة او مسيحية او شركسية او شيشانية ، او كونها من دوائر البدو المغلقة . وفي حالة تساوي الاصوات بين مرشحتين او اكثر تجري القرعة لاختيار المرشحة الفائزة . وبعد ذلك يعلن رئيس اللجنة الخاصة امام الحاضرات او مندوبيهن او مندوباتهن اسماء الفائزات بهذه المقاعد .

ومن الجدير ذكره ، ان عملية فرز الاصوات على المستوى المحلي ، بالاضافة الى دورها في تقرير الثقة بنزاهة الانتخابات ، فقد ساهمت بشكل حقيقي في الاسراع بعملية الفرز واعلان النتائج . فباستثناء اماكن محددة ، فقد تم الانتهاء من عملية الفرز واعلان النتائج غير الرسمية خلال ساعات معدودة بعد الانتهاء من عملية الاقتراع حيث كانت تعلمه بنتائج الانتخابات في المحافظات تباعا على التلفاز مباشرة .

وبالرغم من الاجراءات المختلفة التى تم ذكرها والتى سعت الى تسهيل عملية عملية الانتخاب ، الا ان تبسيط هذه الاجراءات ادى بالممارسة الى ظهور بعض المشاكل التى بينت ان الجانب السلبي لتبسيط الاجراءات تكشف في ضعف الاجهزة الرسمية على ضبط محاولات الغش والتزوير من المواطنين والتى كان من ابرزها هو استعمال البطاقة الشخصية مرة اخرى (في صندوق اخر ) بعد "كوي" الختم المائي الموجود على البطاقة الشخصية من اجل محوه.
كذلك فقد امتنعت الجهات المشرفة على الانتخابات عن تزويد المرشحين بقوائم الناخبين والذي كان متاحا في الانتخابات النيابية السابقة .

الطعن في نتائج الانتخابات
تعتبر عملية الطعن في نتائج الانتخابات (سواء كان ذلك بسبب التزوير ام الاخطاء البشرية ) عملية مرتبطة ومتصلة بادارة الانتخابات والاشراف عليها . وينص قانون الانتخاب المؤقت ، بأن عملية الطعن بالنتائج يتم البت فيها من قبل البرلمان المنتخب بعد انعقاده ومباشرة عمله. ومن التحفظات الرئيسية على هذه القضية هو ان البرلمان قد لايكون الجهة المؤهلة والكفؤة للنظر بهذه المسألة . بالاضافة الى ان قضايا الطعن عادة مايتم البت بها من قبل لجان داخل البرلمان ونادرا مايتم التصويت عليها من قبل المجلس والذي يؤدي الى مجاملة النواب لبعضهم البعض وبالتالي تصبح عملية الطعن في نتائج الانتخابات سواء كانت موجهة لنائب معين او للحكومة عملية شكلية ليس له اي قيمة عملية تذكر .

الهيئة المشرفة على الانتخابات : منظور مقارن
هناك اشكال مختلفة من الاطر والاساليب التى تستخدمها الدول في الاشراف على عملية الانتخابات ويمكن تلخيص هذه الاشكال بالتالية :

اولا: تقوم بعض الدول بتعين هيئة خاصة وعليا للاشراف على مجمل العملية الانتخابية من الفترة التى تبدأ في تسجيل الاصوات مرورا بمرحلة الاقتراع واعلان النتائج والنظر بالطعن في نتائج الانتخابات ، وعادة يتم اللجوء الى هذا الشكل في الدول التى عانت من نزاعات مسلحة او حروب اهلية او في الدول التى لايوجد بها حكومة شرعية مستقلة والتى هي في طور البناء .ومن اهم الامثلة على ذلك هو ماحصل بجنوب افريقيا بعد انتهاء نظام الفصل العنصري هناك . وفي الغالب تكون هذه الحالة مؤقتة وفي المراحل الاولى من العملية السياسية .

ثانيا: تلجأ بعض الدول الى تشكيل لجان عليا مختلطة من الحكومة والاحزاب السياسية المختلفة . ويختلف هذا النمط عن سابقه بأن الحكومة تشارك بالعملية كما الاحزاب وان هذه اللجنة تقوم بالاشراف العام على العملية الانتخابية ولكنهالا تكون الجهة المنفذة لهذه العملية . أما النمط الاول فانه لايسمح من خلاله بمشاركة الحكومة ولا الاحزاب السياسية في عضوية اللجنة وهي التى تقوم بادارة العملية الانتخابية بالكامل .ثالثا: النمط الاخير هو أن تقوم الحكومة سواء كان ذلك بتشكيل لجان او بدون لجان بالاشراف مباشرة على العملية الانتخابية . وينتشر هذا النمط في الدول الديمقراطية المتقدمة ودول العالم الثالث مع وجود فوارق حقيقية . ففي الدول المتقدمة تنم هذه المسألة عن ان عملية الانتخابات اصبحت اجراء روتيني في الشكل والممارسة محض بينما في دول العالم الثالث تقوم الدولة بالسيطرة على العملية الانتخابية من اجل ضمان ان تكون النتائج لصالحها ولصالح استمرارها بالحكم .

التعديلات المقترحة على ادارة العملية الانتخابية

اولا: الاشراف على الانتخابات
مما لاشك فيه ان استمرار الحكومة وكما ينص عليه قانون الانتخابات المؤقت بالاشراف على العملية الانتخابية يؤدي الى التشكيك بنزاهتها ،بغض النظر عن مدى النزاهة او مصداقية هذه الادعاءات الا ان وجود مثل هذه الادعاءات هو مؤشر على عدم الثقة مما يتطلب اعادة النظر بهذه المسألة . وهناك اكثر من بديل يمكن اقتراحه للوضع الحالي .

1.
استمرار الحكومة بالاشراف على سر العملية الانتخابية ولكن مع تشكيل هيئة للاشراف تتكون من القضاة والقضاء تبدأ مهمتها وصلاحياتها في بدء التسجيل للانتخابات ومرورا بالانتخابات واعلان النتائج والنظر في الطعون المقدمة في نتائج الانتخابات . ولكن هذا يتطلب ايضا التمرين على الانتخابات .في الواقع الفعلي ،لايوجد تدريب بالمعنى الدقيق للكلمة على ادارة الانتخابات . ونظرا لان هذه العملية تعتمد كليا على الموظفين الحكوميين الذين يتم اختيارهم لتشكيل لجان الاقتراع والفرز ، فان الامر يقتصر على اجتماعات يعقدها لهم كبار الموظفين قبل ايام من اليوم المحدد للاقتراع وذلك لاطلاعهم على القانون والانظمة والتعليمات ، وتزويدهم بالتوجيهات الصادرة عن اللجنة العليا .
وبعض هذه التوجيهات التى تبقى داخلية –اي من غير المسموح اطلاع الجمهور عليها – يمكن ان تتضمن نقاطا تفصيلية تحد من "حرية ونزاهة " الانتخابات في الواقع العملي .
الى جانب ذلك ، تقيم وزارة الداخلية "تمرينات تجريبية" على الانتخابات في بعض الدوائر الانتخابية ، وذلك لاختبار جاهزية وسلامة العملية من النواحي الادارية والفنية .
على صعيد اخر ، رفضت الحكومة الاردنية علم 1997 ، وفي الانتخابات الاخيرة قيام مراقبةالانتخابات من طرف منظمات دولية ، معتبرة ذلك مسا بالسيادة الوطنية . الا انها بالمقابل لم تمانع في قيام مراقبة محدودة عام 1997 من جانب منظمات المجتمع المدني الاردني ، بخاصة منظمات حقوق الانسان .

2. تشكيل هيئة وطنية مستقلة تشكل بارادة ملكية من الجهات الرسمية والقضائية والشعبية والاحزاب السياسية ، وفي الحقيقة انني اجد نفس مبالا الى الخيار الاول وهو تشكيل لجنة من القضاة الاردنيين الايفاء على الجهاز الحكومي كجهة منفذة على الانتخابات . والسبب الرئيسي في ذلك هو الثقة الموجودة من قبل الكل في القضاء الاردني .وثانيا: انه تشكيل هيئة مستقلة لكل الانتخابات يضعف المأساة بهذه العملية بينما قد يؤدي الاقتراح الاول الى تحويل المسألة الى روتين في المستقبل .

ثانيا: الفصل في الطعون 
في الانتخابات الاخيرة بلغ عدد الطعون الرسمية الى رفعت الى مجلس النواب 54 طعنا ، وقد بدأت لجان خاصة في المجلس في دراستها . وفي الواقع ، توجه انتقادات منذ فترة طويلة للطريقة التى يتم فيها الفصل في الطعون المقدمة في صحة النيابة .وفقا للمادة 71 من الدستور ، يخول مجلس النواب المنتخب سلطة الفصل في الطعن الموجه لصحة نيابة بعض اعضائه . واستنادا لقانون الانتخاب يكلف مجلس النواب من بين اعضائه لجانا للتحقيق في بعض الطعون المقدمة اليه ، ثم يصوت على التوصيات المقدمة منها ، ولم يحدث في تاريخ المجالس النيابية ام صوت لصالح صحة احد الطعون ، مما يضعف من مصداقية وموضوعية قرارات المجلس .

ان معالجة هذا الخلل تتم باحالة الطعون الى القضاء ، ان هذا هو الحل الامثل الذي ينسجم مع مبدأ الفصل بين السلطات . لكن هذا الحل يواجه عقبة كبيرة تتمثل في الحاجة الى تعديل دستوري . والى ان يتم ذلك فانه من الممكن اجراء تعديل على قانون الانتخاب بما يكفل ان يكون قرار المجلس موضوعيا ،وذلك بأحالة عملية التحقيق الى لجنة قضائية بدل ان يمارس مجلس النواب التحقيق بنفسه . وبهذا فان تصويته على صحة النيابة من عدمها يكون قد استند على الاقل الى رأي جهة صاحبة الاختصاص .

ثالثا: مراقبة الانتخابات
في بلد كالاردن حيث الشكوك كانت تحوم حول نزاهة الانتخابات وحياديتها في الكثير من الاحيان ، فانه لمن الاهمية بمكان ان يفسح المجال امام هيئة وطنية مستقلة لمراقبة الانتخابات البرلمانية لقد بات من الضروري ان تتخلى السلطات الرسمية عن تحفظاتها ومواقفها المترددة تجاه هذه المسألة . ان السماح بمراقبة الانتخابات من قبل هيئة وطنية سيعود بالفائدة على تلك السلطات وعلى سمعة البلد ونظامه السياسي، وسيعطي مصداقية اقوى للتصريحات الرسمية حول نزاهة وحرية الانتخابات .

المراجع
1. قانون الانتخاب المؤقت رقم 34 لسنة 2001 وتعديلاته .
2. مؤلف جماعي ، الانظمة الانتخابية المعاصرة ، مركز الاردن الجديد للدراسات ، دار سندباد ، عمان ،1995 .
3. ابو رمان ، حسين (محرر) ، الديمقراطية وسيادة القانون ، دار سندباد للنشر ،1997 ، عمان .

 

- ورقة عمل قدمت في الندوة التحضيرية لمؤتمر "انتخابات 2007(نحو قانون انتخاب عصري) التي نظمها مركز القدس للدراسات السياسية بتاريخ 1/ تشرين تان 2004,الاردن- عمان .

https://alqudscenter.org/print.php?l=ar&pg=QUNUSVZJVElFUw==&id=260