A+ A-
الفلسطينيون في لبنان

2009-06-08

مقدمة لا بد منها
وُلدتُ وترعرعت في حي شعبي فقير من أحياء بيروت على كورنيش المزرعة (زاروب الطمليس) وفيه خليط من "الاقليات الهامشية" (لاجئون فلسطينيون، أكراد، شيعة من بعلبك والجنوب).... ودرست في ثانوية الطريق الجديدة الرسمية (البر والاحسان) على مقربة من صبرا وشاتيلا... وحين انتقلنا الى طرابلس بسبب عمل الوالد أمكن لي التعرف على مخيمي البداوي ونهر البارد وعلى أحياء باب التبانة.... لكل هذا كنت منذ الطفولة على صلة بالمأساة الفلسطينية، وذلك من قبل أن أختار طوعاً الانتماء الى الثورة الفلسطينية والعمل في صفوفها طوال عشرين عاماً (1968-1988). وحتى بعد استشهاد القائد خليل الوزير(أبو جهاد) (16 نيسان 1988) وقبله رفاقي الاخوة ابو حسن(محمد البحيص) وحمدي (باسم سلطان التميمي) ومروان كيالي (في ليماسول-قبرص، 12 شباط 1988)، وقبلهم القائد الفذ علي ابوطوق، وهم كانوا آخر محاولة للربط الخلاق بين الاسلام والعروبة والوطنية الفلسطينية (قبل ان يجرفنا تيار الاصوليات على اختلاف مسمياتها)، وبعد انتقالي للعمل اللبناني المستقل وبعنوان وطني نهضوي تحرري، في ظل عمامة امام عادل مستنير هو الشيخ محمد مهدي شمس الدين، الا اني ما تركت فلسطين ولا قضيتها ولا أهلها ولا ثورتها، ولا كان الشيخ شمس الدين رحمه الله يقبل بأن يترك أحدنا فلسطين.... فهذا الموقف، والمشاعر والعواطف الملازمة له، هو ما عاش له وما سيموت عليه جيلنا الذي كانت فلسطين اسماً حركياً لوطنه لبنان، الذي حلم به وطناً حراً لشعب حر، ولعروبته التي أرادها ديمقراطية تقدمية تحررية. وعلى قاعدة هذا الانتماء الفلسطيني كان لي ولغيري من رفاقي واخواني موقف واضح وحازم في مسألة حقوق الفلسطينيين المقيمين في لبنان، هو موقف الدعم المطلق، ودون استنساب أو تردد، لكل ما يحقق الكرامة والحرية والامن والامان والاستقرار لهؤلاء الاخوة في كل تفاصيل حياتهم في لبنان وحتى ساعة عودتهم الى ديارهم واقامة دولتهم الوطنية السيدة الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف....ونحن لم نستسغ يوماً، ولا نستسيغ اليوم، كل ذلك النفاق والدجل الذي يتستر بشعار رفض التوطين وبدعوى حق العودة، وهو يخفي (لا بل ويُعلن) أبشع أنواع العنصرية والفاشية ضد شعب فلسطين وضد حقوق اللاجئين منه في لبنان...

اللاجئون من هم؟
تعرِّف الأونروا اللاجئ الفلسطيني بأنه "أي شخص كانت فلسطين مكان إقامته الطبيعي خلال المرحلة الممتدة من حزيران/يونيو 1946م إلى 15 أيار/مايو 1948، وفقدَ مسكنه وسبل عيشه نتيجة نزاع سنة 1948، ولجأ في عام 1948 إلى واحد من البلدان التي تقدم فيها الأونروا خدماتها، وأن يكون مسجّلاً في نطاق عملياتها ومحتاجًا"....

الا اننا نتبنى التحديد الذي أعده الوفد الفلسطيني في الاجتماع الأول لمجموعة العمل الخاصة باللاجئين في أوتاوا في كندا يوم 13 أيار/مايو 1992(الياس صنبر): "اللاجئون الفلسطينيون هم أولئك الفلسطينيون (ومن تحدّر منهم) الذين طردوا من مساكنهم أو أجبروا على مغادرتها بين تشرين الثاني/نوفمبر 1947 (قرار التقسيم) وكانون الثاني/يناير 1949(اتفاق هدنة رودس) من الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل في التاريخ الأخير أعلاه". أفاد تقرير لبعثة الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان أنه من شمال فلسطين (حيفا وعكا وصفد) لجأ قرابة 300.000 شخص إلى كل من سوريا ولبنان في الفترة من أبريل/ نيسان 1948 وحتى آب/ أغسطس 1948...

وبحسب معلومات متضاربة استقيتها من مصادر فلسطينية ولبنانية مختلفة،تراوح عدد الذين نزحوا الى لبنان عام 1948 مابين 100 الف و 130 الف لاجىْ فلسطيني قدموا من منطقة الجليل (عكا- بيسان- الحولة- صفد- الناصرة- طبريا- حيفا ) ونزح قسم من مناطق يافا- اللد- الرملة مع أقلية نزحت من القدس وجوارها وقسم من الضفة الغربية (نابلس- جنين ) وان كانت نسبتهم قليلة . والسبب الرئيسي لتوجه هؤلاء إلى لبنان يعود الى قرب الحدود اللبنانية من قراهم ومناطق سكناهم وهم كانوا يأملون أن تقوم الجيوش العربية بطرد العصابات الصهيونية خلال فترة قصيرة جداّ .كما ان حالة التزاوج والمصاهرة بين سكان الجليل وشمال فلسطين عموماّ واللبنانيين، كانت ظاهرة واضحة نجد خلفياتها في التواصل والتبادل التجاري بين عكا وصيدا في جنوب لبنان (يوم كانتا ولاية واحدة أيام الدولة العثمانية ). يضاف الى ذلك ان ميناء حيفا وشركة النفط فيه، وغيرها من مؤسسات وشركات، كانت تشكل نقاط جذب للعمالة اللبنانية أيام الانتداب البريطاني

وقد تبلورت أماكن انتشار المخيمات والتجمعات الفلسطينية على أساس قروي وعائلي (خصوصاً قرب بيروت أو صور وصيدا وطرابلس)، أو على أساس الانتماء الديني ( تبرعت الأوقاف الأورثوذكسية بأرض أقيم عليها مخيم مار إلياس غرب بيروت في حين سمح للاجئين الكاثوليك بألاقامة في منطقة ضبية شرق بيروت على أرض للوقف الكاثوليكي).. وكان مخيم البص أول المخيمات التي استقبلت اللاجئين نظراً الى انه كان جاهزاً للعمل بسبب بنائه واستخدامه سابقاً لايواء اللاجئين الأرمن....
و قد بقي عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من الألغاز المحيرّة ؛ إذ لا توجد أرقام نهائية لدى الجهات المختلفة ؛ سواء أكانت الدولة اللبنانية أم المنظمات الدولية أم منظمة التحرير الفلسطينية.

و قبل إيراد الأرقام المتوفرة حول عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ينبغي الانتباه إلى ان هناك فلسطينيين مسجلين لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وهناك فلسطينيين غير مسجلين.كما ان هناك لبنانيين مسجلين كلاجئين فلسطينيين لدى الوكالة. فعندما احتلت "إسرائيل" أكثر من عشرين قرية ومزرعة لبنانية قبل عام 1949، أصبحت خارج الحدود الدولية للبنان، أي داخل الكيان الفلسطيني المحتل حاليًا، وتم تهجير سكان هذه القرى اللبنانيين، وكان يقدر عددهم بحوالي 15 ألفًا في ذلك الحين، سعى بعضهم لتسجيل أسمائهم لدى الأونروا كلاجئين فلسطينيين للحصول على المساعدات المقررة ، ويعني ذلك أن بعض المسجلين ليسوا فلسطينيين بالمعنى الحقوقي للكلمة، وقد نال قسم كبير منهم جنسيات لبنانية على هذا الاعتبار، بحسب مرسوم التجنيس في عام 1994 . كما ان هناك عدداً من الميسورين الفلسطينيين رفض التسجيل في الاونروا كلاجئ ،خجلاَ او اباءَ.....ثم ان هناك عدداً كبيراً من المسجلين لدى الأونروا هاجروا إلى خارج لبنان بسبب الضائقة الاقتصادية كما بسبب المضايقات الرسمية والحروب المتعاقبة. وقد اشتدت الهجرة بعد عام 1982 أي بعد خروج منظمة التحرير من لبنان، ثم إبان حروب المخيمات في طرابلس والبقاع (1983-1985) ثم في بيروت (1985-1987)....
والارقام حول الفلسطينيين في لبنان هي قصة بحد ذاتها:بلغ عدد الفلسطينيين في لبنان حوالي 387 ألف نسمة حسب احصاءات المسجلين لدى الاونروا نهاية العام 2003 ، يضاف اليهم حوالي 41000 نسمة وهم الفلسطينيون المقيمون في المخيمات و غير المسجلين لدى الاونروا، منهم 26000 نسمة حصلوا على وثيقة سفر من شؤون اللاجئين في وزارة الداخلية في لبنان، و 15000 فلسطيني ليس لديهم اي اوراق ثبوتية وهم محرومون من خدمات الاونروا ( الا من التعليم ) ، وبسبب عدم تجديدهم لاقاماتهم يتعرضون للملاحقة او لغرامات كبيرة من قبل الدولة اللبنانية، رغم انهم دخلوا الى لبنان بطريقة مشروعة، وكان اتفاق القاهرة (1969) الذي قامت الدولة اللبنانية في ما بعد بالغائه من طرف واحد، قد نظّم وجودهم في لبنان .
ووفقاً لتقارير الأونروا أيضاً، فإنه كان يعيش في لبنان عام 2004: 396890 لاجئاً فلسطينياً يتوزعون على 12 مخيماً تعترف بها الجهات الرسمية، وفي عدد من المدن والتجمعات الأخرى. ويعاني هؤلاء اللاجئون من مشاكل اقتصادية واجتماعية متعددة، فحالات العسر الشديد فيهم هي الأعلى في كل مجتمعات اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة وتطال 11091 أسرة، أي ما نسبته 11.68% من مجموع الفلسطينيين. وهم ممنوعون من العمل في لبنان بموجب القرار 289/1 لسنة 1982، وممنوعون من التملك بموجب قرار صادر عن مجلس الوزراء في 31/3/2001، في حين تكتظ مدارسهم بالتلاميذ (معدل 35.57 تلميذاً في الغرفة الواحدة)، وتتردى أوضاعهم الصحية باستمرار. وقام اللاجئون الفلسطينيون في لبنان – حسب تقرير الأونروا لعام 2004- بزيارة أطباء الصحة في الأونروا 907617 مرة، في حين تبلغ موازنة الأونروا لنفس العام 52.8 مليون دولار، بمعدل 133 دولاراً فقط للفرد في السنة، مع الإشارة إلى أن غالبية موازنة الأونروا هذه تُدفع للموظفين وعددهم 2709.
وبحسب إحصائيات الأونروا في 31/12/2004 فإن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأونروا بلغ 400.582 لاجئًا.... وبحسب إحصاء 30 حزيران 2005 الصادر عن الأونروا بلغ عدد اللاجئين المسجلين في قيودها حوالي 405 آلاف نسمة. وفي أخر احصائية للاونروا(2008) بلغ العدد 416608 يوجد منهم 220809 فقط مسجلون في سجلاتها...واذا راجعنا الموقع الالكتروني للاونروا نجد تضارباً في الاعداد في نفس الصفحة لا بل احياناً في نفس المقطع..
ولم يقتصر التضارب في الارقام على الاونروا بل كان سمة اساسية لدى الرسميين اللبنانيين.. فيوم أكّد الوزير السابق للداخلية في لبنان "بشارة مرهج" (في منتصف عام 1998) أن عدد الفلسطينيين في لبنان لا يتجاوز 250 ألفا قدّرت الرابطة المارونية اللبنانية عددهم بـ 600 الف .. هذا في حين ان مكتب الاحصاء الاميركي قدّر عددهم ب 400000 وتوقع تزايد عدد الفلسطينيين في لبنان ليصلوا الى 533492 عام 2005 والى 603663 عام 2010.... ويستمر التضارب الى يومنا هذا تبعاً لاستمرار السجال الداخلي والخارجي حول موضوع التجنيس والتوطين ...
كيف تعامل لبنان الرسمي مع الوجود الفلسطيني؟
يمكننا رصد التطورات التالية في التعامل الرسمي اللبناني مع الفلسطينيين على أرضه:

1. نشأت الدولة اللبنانية عام 1950 "اللجنة المركزية لشؤون اللاجئين" برئاسة جورج حيمري

2. نص المرسوم رقم 7706 الصادر في 29 كانون أول 1954 على إعفاء اللاجئين الفلسطينيين من دفع رسوم التأشير على جوازات سفرهم ومن دفع رسوم الحصول على وثائق السفر ورسوم تجديدها إلا أن ذلك لم يطبق وصدرت مراسيم ضمنت دفع الرسوم.

3. صدر المرسوم الاشتراعي رقم 42 – في عام 1959 ونظمت أحكامه بالمرسوم رقم 927 الصادر بتاريخ 30 آذار 1959 والذي ينص على تحديد مهام "مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين" وإعطائها الصلاحيات التالية :

a. فيما يتعلق بجوازات السفر للفلسطينيين وإحالتها على الأمن العام
b. كل ما يتعلق بالأحوال الشخصية (زواج – طلاق…)
c. الموافقة على جمع شمل الأسر المشتتةd. الموافقة على إعفاء الفلسطينيين المنضمين إلى أسرهم من الرسوم الجمركية
e. تحديد أماكن المخيمات
f. إعطاء رخص نقل محل الإقامة ، ونقل محل إقامة اللاجئين من مخيم إلى آخر
g. الموافقة على طلبات زواج الفلسطينيين من أجانب
h. كل ما يتعلق بالأموال (من الخارج إلى اللاجئين)
i. كل خطأ يقع في البطاقات الشخصية الفلسطينية4. صدر المرسوم الاشتراعي رقم 3909 في 26 نيسان 1960 ، المتعلق بإنشاء هيئة عليا لشؤونلفلسطينيين تحت إشراف وزير الخارجية والمغتربين

5. اعتبرت التشريعات اللبنانية الفلسطيني أجنبياً وتعاملت معه على هذا الأساس. من هنا كان أول ما يجب تسويته هو حق الفلسطينيين في الإقامة. فقد صدر عن وزير الداخلية القرار رقم 319 الصادر في 2 آب 1962 ونص "على الرعايا غير اللبنانيين الموجودين حاليا في لبنان أن يصححوا أوضاعهم من حيث الإقامة ويدخلوا في أحد الفئات الخمس التالية: "… وقد أدخل الفلسطينيون في الفئة الثالثة حيث هم (أجانب لا يحملون وثائق من بلدانهم الأصلية، ويقيمون في لبنان بموجب بطاقات إقامة صادرة عن مديرية الأمن العام، أو بطاقات هوية صادرة عن المديرية العامة لإدارة الشؤون اللاجئين في لبنان). وبما أن الفلسطينيين أنواع (فئة شملها إحصاء الأونروا وفئة لم يشملها وفئة أتت بعد هزيمة 1967) فقد تفاوت التعامل مع أماكن وجودهم وإقامتهم بين مسجل في قيود وزارة الداخلية وبين إقامات تجدد من حين إلى آخر.

6. نص المرسوم رقم 1188 الصادر في 28 تموز1962 في مادته 22 تحديدا على أن الفلسطيني معفى من وثيقة السفر عندما يتنقل بين لبنان وسوريا ، أما إذا كان يرغب بالسفر إلى باقي الأقطار فعليه الحصول على وثيقة سفر من الجهات المختصة.

7. يشكل اللاجئون الفلسطينيون في لبنان ما نسبته 10% من مجموع اللاجئين الفلسطينيين العام، وما نسبته 10,5% من مجموع سكان لبنان. ويوجد في الأراضي اللبنانية حاليا 12 مخيما فلسطينيا هي: المية مية، والبص، وبرج الشمالي، والرشيدية، وشاتيلا، ومار إلياس، وبرج البراجنة، وعين الحلوة، ونهر البارد، والبداوي، وويفل ( الجليل)، وضبية. و تستأثر مخيمات الفلسطينيين في لبنان 55.4 في المائة من اجمالي العدد العام للاجئين الفلسطينيين. وإذا اخذنا التجمعات التي نشأت اثناء الحروب على المخيمات وخاصة في قضاءي صيدا وصور فان النسبة المتركزة في المخيمات تصل الى نحو 65 في المائة من اجمالي اللاجئين في لبنان. وتبلغ مساحة المخيمات في لبنان 1670 دونما، أكبرها مخيم الرشيدية الى الجنوب من مدينة صور وتبلغ مساحته 267 دونما.

8. تم استئجار الاراضي المقامة عليها " المخيمات الشرعية " من قبل الاونروا حيث يعيش السكان في نفس المساحة التي قام عليها كل مخيم منذ العام 1950 و لم تراعِ الزيادة السكانية . و قد عانى اللاجئون الفلسطينيون من اوضاع معيشية قاسية و متردية جدا في السنوات الاولى من اللجوء حيث كانوا يسكنون في خيام ثم في بيوت من الطوب و سقفها من الزينكو، و لم يكن متوفرا لهم اية خدمات (ماء ، كهرباء ، صرف صحي ...) و كان في كل مخيم مرحاض واحد مشترك، و مجمع لعدد محدود من حنفيات الماء ، أو سبيل ،أو حاووز، في بعض احياء المخيم.

واقع الحياة في المخيمات الفلسطينية:
I. اكتظاظ السكان في المنازل حيث إعتبر المعدل العام للبيوت في المخيمات 2,2 غرفة للمنزل الواحد، بمساحة 41 متراً مربعاً، و ذلك بتقدير 5،6 اشخاص للبيت الواحد كمعدل وسطي .هذا ناهيك عن صغر مساحة المخيمات .. فمساحة مخيم شاتيلا مثلا هي 39567 متر مربع ويقدر عدد اللاجئين المقيمين فيه باكثر من 20000 نسمة ... يعتبر مخيم عين الحلوة أكبر مخيمات الشتات مساحةً وسكاناً؛ تكوّن عام 1948، وكان عدد سكانه آنذاك 15 ألف نسمة أكثريتهم من الجليل الأعلى. أما اليوم فيبلغ أقل مجموع لعدد سكانه حوالى 45 ألف نسمة حسب تقديرات مراكز إحصائية، فيما يقول مسؤولو اللجان الشعبية فيه إلى أن العدد يتراوح ما بين 70 ألف و 75 ألف نسمة....,لا تتجاوز مساحة المخيم الـ0.8 كلم مربع كحد أقصى.

II. كل هذه الاحوال أدت الى انتشار البناء العشوائي، ومع غياب الرقابة المختصة فأن معظم الأبنية أقيمت على أساسات ضعيفة مما يجعلها مهددة بالانهيار.. ولضيق مساحة الأرض فان معظم الأبنية متلاصقة بعضها ببعض... كما تتلاصق سطوح المنازل في المخيمات مما يؤدي الى عدم وصول اشعة الشمس الى كثير من المنازل، اضافة الى زيادة نسبة الرطوبة و انعدام التهوئة مما يؤدي الى انتشار الاوبئة و الامراض المعدية...

III. وبسبب غياب اي سلطة رسمية او شرعية، أدى غياب الرقابة البيئية والصحية إلى ضعف بنية الصرف الصحي وإهمال صيانة شبكات المياه والمجاري رغم أهتراؤها مما أدى لاختلاط وتلوث مياه الشرب بالمياه الآسنة. ناهيك عن وجود مكبات النفايات عند بوابات المخيمات و كثير منها قرب آبار المياه او قرب المدارس.... كل ذلك يؤدي إلى انتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة في صفوف سكان المخيمات وبشكل خاص الأطفال.

IV. ولعدم اعتبار المخيمات مناطق لبنانية تخضع لقوانين وتنظيمات البلديات والادارات المحلية ،صار غياب الخدمات الاساسية سمة عامة للمخيمات مع ما يرافقها من انتشار النفايات بين المنازل وامتلاء الطرقات الضيقة بالحفر وتحول شوارع وأزقة المخيمات إلى بحيرات صغيرة تتجمع فيها المياه الآسنة ويدخل قسم كبير منها (خصوصاّ في فصل الشتاء) إلى المنازل والمحلات... وتنعدم الارصفة بجانب شوارع المخيمات ما يؤدي الى الازدحام في السير و يضاعف من حوادث الاصطدام بالمارة، و انعدام تأهيل الطرقات بمجاري المياه لاستيعاب كميات المطر يحّول الشوارع الى انهار اثناء موسم الشتاء... كما ان وجود شبكات الكهرباء (التوتر المتوسط) في قلب التجمعات السكنية و فوق شوارع المدارس المكتظة بالطلاب فاقم من الاخطار.. وأدى انعدام أماكن الترفيه الموجهة و الحدائق العامة الى زيادة عوامل الضغط النفسية و بالتالي زيادة فرص الانحراف.

V. الخدمات الطبية والصحية : يعاني غالبية اللاجئين من مشاكل العلاج وتأمين المال اللازم له مما اضطرهم إلى طلب العون من الجمعيات الأهلية وحتى إلى التسول في بعض الأحيان (فالإجراءات التعسفية اللبنانية تمنع على الفلسطينيين الحصول على العناية الطبية في المستشفيات والعيادات الحكومية)... ومع خروج منظمة التحرير الفلسطينية وتقليص الاونروا لخدماتها أصبحت الخدمات والرعاية الصحية في أدنى مستوياتها: ففي المخيمات لا توجد مراكز صحية كافية تتناسب مع عدد السكان (مخيم عين الحلوة عدد سكانه حوالي 60000 نسمة فيه عيادتان فقط وعدد الأطباء في العيادتين لا يتجاوز عشرة أطباء. الطلاب مكدسون في الصفوف في مدارس لا توفر الحد الأدنى من مستلزمات التعليم ..

VI. وصلت معدلات البطالة في المخيمات الى اكثر من 50 في المائة، هذا علماً ان غالبية العمالة الفلسطينية هي في البساتين و الحقول ( 20%) و في قطاعي البناء ( 28 %) و الخدمات ( 42%) فيما يعمل الباقون ( 10%) في قطاعات مختلفة.

VII. جدير بالذكر ان 12% من اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في لبنان يعيشون خارج لبنان و قد برزت في السنوات الاخيرة تسهيلات كثيرة للهجرة الى الدول الاجنبية مثل المانيا ، السويد ، الدانمارك ،النروج، كندا.... حيث ابتلعت هذه الهجرة مئات العائلات الفلسطينية ، اضافة الى مئات العائلات التي تم تجنيسها بمرسوم اعادة تجنيس اهالي القرى السبعة الذي صدر في عهد الرئيس السابق الياس الهراوي ... القوانين اللبنانية والتعامل مع الفلسطينيين:تنطلق معظم القوانين اللبنانية والتي تنظم شؤون اللاجئين الفلسطينيين من مبدأ المعاملة بالمثل الساري بين الدول ( 319 –1962) وطالما لا توجد دولة فلسطينية تعامل اللبنانيين بالمثل فان اللاجئين المتواجدين في لبنان لا يحصلون على حقوقهم في التعليم والطبابة والعمل والضمان الاجتماعي والانتساب إلى النقابات اللبنانية وبالتالي فان الحكومة اللبنانية لا تتحمل التبعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين ولذلك لا تمارس أي دور في إدارة المخيمات والتجمعات الفلسطينية كما انه ليس للوزارات آو المؤسسات آو البلديات اللبنانية أي دور تجاه الشؤون الحياتية اليومية للاجئين الفلسطينيين باستثناء تسجيل اللاجئين ومنحهم بطاقات هوية وسفر وخضوع الفلسطينيين للقوانين اللبنانية من أصول محاكمات وأحوال مدنية وتجارية ..

أولا: التعارض والتناقض في قرارات وزارة العمل على سبيل المثال
المتعارف عليه دولياً ان تقوم الدول بمنح أصحاب الإقامة الشرعية من غير مواطنيها حق العمل كل وفق مؤهلاته، وهذا الحق بالعمل يمنح ليس لأسباب اقتصادية وقانونية فقط بل ايضا لأسباب نفسية وإنسانية تجعل للأجنبي المقيم قيمة انسانية واجتماعية يطمئن بها لغده وقوت اطفاله. والمعروف ان قانون العمل اللبناني يعطي لمن يحصل على موافقة مسبقة بالعمل حق الاقامة... الا ان الفلسطيني صاحب الاقامة القانونية (حتى ولو كانت اقامة مؤقتة) يحرم من العمل في لبنان.... فقوانين العمل اللبنانية تشترط على العامل الاجنبي الحصول على اجازة عمل، مع مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل..وقد صنف القانون اللبناني الفلسطيني المقيم في لبنان كأجنبي وبالتالي ينطبق عليه قانون عمل الاجانب لجهة اجازة العمل ولكن ايضاً وأساساً ويا للغرابة!! مبدأ المعاملة بالمثل... وذلك بالرغم من عدم وجود دولة فلسطينية مستقلة تعامل اللبناني في فلسطين كالعامل الفلسطيني في لبنان... ثم أنه ورغم انطباق الاستثناءات التي نصت عليها الفقرة الثامنة من المرسوم رقم 17561 من 18/ 9 / 1964 والمعدل بموجب المرسوم 1582 تاريخ 25/4 1984 الهادف إلى حصر بعض المهن والاعمال باللبنانيين دون غيرهم ، انطباقها على الفلسطينيين اللاجئين في لبنان كونهم أول من تنطبق عليه هذه الاستثناءات (وهي التالية: أن يكون مقيماً في لبنان منذ الولادة، او من اصل لبناني، او مولود من ام لبنانية ، اومتأهلا من لبنانية منذ اكثر من سنة (فان الفلسطيني محروم من كل ذلك ويخضع لقرارات استنسابية غريبة عجيبة تتغير بتغير الحكومات والتحالفات والمزايدات....هذا في حين ان مداخيل وعوائد ومدخرات اللاجئين الفلسطينيين تنفق اصلا في لبنان فهم بذلك يشكلون رافدا من روافد الاقتصاد اللبناني إذا تم استثمار هذه الطاقات المهدورة لمصلحة اللاجئين الفلسطينيين ولمصلحة الناتج القومي في لبنان على عكس باقي العمال الاجانب الذين ينقلون مداخيلهم وأموالهم وأجورهم الى بلدانهم الاصلية.

وللتذكير فإن اتفاقية جنيف المتعلقة باللاجئين وفي الفقرة 24 منها نصت على حق اللاجئين الاستفادة من الامتيازات التي يستفيد منها المواطنون كالضمان الاجتماعي والأجور والتعويضات العائلية ومدة ساعات العمل، كذلك فإن بروتوكول الدار البيضاء الذي صدر عن مؤتمر وزراء الخارجية العرب في العام 1965 في الفقرة الاولى ينص على ان يعامل الفلسطيني في الدول العربية التي يقيم فيها معاملة رعايا الدول العربية سواءً في سفرهم او إقامتهم وتيسير فرص العمل لهم مع احتفاظهم بجنسيتهم..كما ان قرار مجلس جامعة الدول العربيه رقم 462، في 23-9-1952، سمح للفلسطينين بحق العمل والاستخدام في الاقطار العربية ..كما ان الفلسطينيين الحاصلين على درجات عليا في تخصصاتهم مثل الأطباء والمهندسين بتخصصاتهم المختلفة وأساتذة الجامعات والكتاب والباحثين والصحفيين إلى آخره لا يستطيعون الحصول على إذن عمل ، حيث ان اتحادات هذه المهن تمنع غير اللبنانيين. واليكم بعض الامثلة على التشريعات الهمايونية التي لا اساس لها لا من شرع ولا من قانون ..