A+ A-
الدعم الأميركي لتطوير قدرات الجيش اللبناني

2007-10-24

الحديث عن اقامة قواعد عسكرية أمريكية في لبنان ليس غريبا أو جديدا، انطلاقا من أن الاستراتيجية الامريكية قائمة على نشر مزيد من القواعد العسكرية في اغلب انحاء العالم، وخصوصا في المناطق الهامة؛ وقد ازدادت هذه الاستراتيجية توضحا عقب احتلال العراق عام 2003، وتأكيد واشنطن نواياها إحداث تغيير استراتيجي شامل في الشرق الأوسط و إيران ومحيط بحر قزوين.

ولذلك فمن البديهي أن تكون الأعين الأمريكية مسلطة على عدد من البلدان الشرق اوسطية، ودول شمال الصحراء الكبرى في افريقيا حاليا لتمتين نفوذها، بعد أن اخذت موطئ قدم في الدول الاوروبية الشرقية التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفييتي سابقا، وكذلك في دوله التي تحظى باستقلال نسبي عن موسكو. ولما كان لبنان يتمتع بأهمية إستراتيجية كمفتاح جيوسياسي لشرق المتوسط، فإن من المنطق أن تتجه النوايا الامريكية لانشاء قاعدة فيه، خصوصا مع عودة النفوذ الروسي للبحر المتوسط، وبهدف الدفع لتطبيع العلاقات اللبنانية ـ الإسرائيلية في مقابل تقويض أعدائها في المنطقة وخاصة الثلاثي، حزب الله وسوريا وإيران.

وبالتالي فمن غير المستبعد أن يكون الحديث الذي تردد مؤخرا عن نوايا تحويل لبنان الى قاعدة أمريكية صحيحا، وهو الحديث الذي لم يفتر خلال السنوات الثلاث الماضية، وخصوصا ان واشنطن سبق لها قبل ربع قرن أن سعت لاقامة تواجد في لبنان، ولكنها فشلت بعد تفجير مقر قيادة المارينز في بيروت عام 1982.

ومن الجلي أن حالة عدم التوازن التي تعيشها الحكومة بتضعضع شرعيتها وضعف شعبيتها، تدفع للإمساك بزمام التحالف مع أمريكا لضمان عدة أهداف أبرزها حمايتها في وجه المعارضة، والبدء في محاكمة قتلة رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري، واختيار رئيس على نفس الايقاع، ولذلك فإنه لا دخان من دون نار، النوايا الامريكية لربط لبنان بـ "شراكة استراتيجية" ترى فيها الحكومة اللبنانية مخلصا وفاتحا لآمال (الاستقلال) وصناديق الاستثمار الدولية.

ولعل اهتمام المسؤولين الامريكيين الاستثنائي، وعلى رأسهم الرئيس بوش بالحريري، ووصفه أمام الصحفيين بـ " القائد العظيم"، ما يدفع للاعتقاد أن ثمة ما يدور في الخفاء، فإطراء كهذا لم يعهد من بوش تقديمه إلا للمنصاعين للسياسة الأمريكية.
وعلى أية حال فإن واشنطن على ادراك جيد بأن حكومة بيروت المفتوحة الاذرع حاليا لا تملك شروى نقير، وهي ضعيفة داخليا، إذ أنها لم تفك شدة المواطن اقتصاديا، وبقيت على تمسكها بيافطة بقائها كمستهدف بالاغتيال، ولم تستطع أن تمسك بناصية الجيش كلية بعد. ولذلك ستمضي راهنا على الدخول من بوابة مساعدة الجيش والقوى الأمنية، ورفع هذه المساعدة تدريجيا، على قدم وساق مع تغيير عقيدته المعادية لإسرائيل، لحين التمكن من الحصول على قواعد ثابتة مستقبلا، وهو ما لا يمكن من غير تذليل العقبة السورية –الإيرانية، وهي العقبة التي من دون تجاوزها يبقى افق المضي قدما ببناء قواعد أمريكية في لبنان ضربا من الهذر.

مشروع اتفاقية عسكرية أمريكية لبنانية
منذ اغتيال الحريري تزاحمت التلميحات والتقديرات، واحيانا التسريبات أن ثمة نوايا أمريكية لإنشاء قواعد عسكرية جوية وبحرية في لبنان، وأغلبها كانت تحوم حول شماله، وما يعززها هو كثافة الزيارات لمسؤولين وعسكريين أمريكيين للبنان خلال العام الماضي والجاري، وبضمنه العمل الجاري على تأهيل مطار القليعات المهجور، والمجاور لمخيم نهر البارد قرب طرابلس.

ومنذ أوائل الشهر الجاري بدأت التسريبات من جوانب مختلفة -بالذات الإسرائيلية- تسلط الاضواء على نوايا أمريكية لتأهيل الجيش اللبناني واقامة قاعدة أمريكية في المطار المذكور، ففي اوائل الشهر الجاري، قالت مصادر توصف بالمطلعة في واشنطن أن عددا من المهندسين الأمريكيين يقومون حاليا بتجديد قاعدة عسكرية مهجورة في شمال لبنان تمهيدا لتحويلها إلى قاعدة عسكرية أمريكية.

وتباعا فقد أعلن موقع دبيكا الاستخباري الإسرائيلي أواسط أكتوبر/تشرين أول الجاري عن نوايا اقامة قاعدة عسكرية أمريكية في القليعات، وتلته صحيفة السفير اللبنانية المقربة من المعارضة، وتجرأت على القول إن واشنطن طلبت رسميا تحويل لبنان الى قاعدة عسكرية خلفية.

فالون يحسم الوضع في نهر البارد وينوي تشكيل أربعة ألوية كوماندوز لبنانية
وعلى حد ما ذكر موقع دبيكا فإن مصادر استخباراتيّة كشفت عن ان التغيير الجذري في سياسة ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش تجاه لبنان، تم اقراره من خلال مشاورات جرت في البنتاغون ومجلس الامن القومي الأميركي، كنتيجة للمحادثات التي قام بها القائد الاعلى للقوات الاميركية الأدميرال وليام فالون مع القيادات الحكومية في بيروت في 29 آب/ اغسطس الماضي، ومضى الموقع الى انه تم التأكيد على هذا الاتجاه بعد الغارة الإسرائيلية على سورية في 6 ايلول/سبتمبر الماضي.

وسبق للموقع أن قال في 10 ايلول/ سبتمبر الماضي إن حسم معارك نهر البارد، جاء نتيجة زيارة فالون العاجلة حيث تقرر ارسال قنابل أمريكية ثقيلة لتدمير حصون فتح الإسلام بشكل فوري بواسطة مروحيات أمريكية تابعة للقوة الضاربة الأمريكية التي كانت تربض أمام سواحل لبنان Kearsarge. وبحسب ذات المصادر فإن فالون الذي ابدى انزعاجه من عدم حسم الجيش الوضع مع 300 مقاتل من فتح الإسلام بعد أكثر من ثلاثة أشهر من القتال، أكد ان مرشدين أمريكيين سيدربون الطيارين اللبنانيين على إلقاء القنابل من خلال مروحياتهم القديمة من طرازUH-1H ،في الوقت الذي استخدم فيه الطيارون اللبنانيون أجهزة GPS لتأمين ضرب القنابل لأهدافها.

ومضى الموقع الى أن لبنان سيكون الدولة الثالثة في المنطقة التي تقوم فيها أمريكا بإنشاء قوة عسكرية خاصة لحماية السلطة فيها، بعد العراق وفلسطين، وأوضح أن هناك خطة قد وضعها فالون تحسبا للفترة القادمة بالنسبة للجيش اللبناني لانه بوضعه الحالي غير مؤهل لمواجهة أية قوة في الداخل أو الخارج، كما أن نصف قوام مجنديه هم من الشيعة ومتعاطفين مع الكتلة السياسية التي ينتمون لها، وهو وضع من الممكن إن يخلق حاله تشبه تلك التي تسود في العراق من حيث الاحتراب الاهلي. ولذلك أشار الموقع الى انه اذا رغب الغرب بالمحافظة على وضعهم في لبنان فعليهم إنشاء قوات عسكرية لبنانيه قوية من شأنها حماية الحكومة اللبنانية.

وكشف النقاب عن أخذ الأمريكيين على عاتقهم إنشاء أربعة ألوية من الكوماندوز اللبناني خلال ستة اشهر للحفاظ على سيادة الحكومة، على أن يتم انتقاؤهم عن طريق أطقم عسكرية واستخباراتية أمريكية و لبنانية، كي يتم التأكد من ولائهم للحكومة، وان فالون يتحدث عن قوة عسكرية لبنانية تستطيع التعامل مع حزب الله. ولكن هذه القوات لا تتمتع بقوة جوية ضاربة ،أو قوات بحرية ،كما أنها لن تملك مدفعية ثقيلة، ولكنها ستحصل على الدعم وقت الحاجة من وحدات الأسطول السادس الأمريكي أو وحدات الأسطول الفرنسي في البحر المتوسط. كما قال إن فالون يعتزم أن يكون جزء من هذا الدعم فرنسي. وكشف النقاب عن قيام وفد عسكري فرنسي بزيارة بيروت سرا لدراسة حجم وآلية تقديم هذا الدعم الخاص بإنشاء ألوية الكوماندوز اللبنانية.

وأوضح الموقع ان "المرحلة الاولى من تنفيذ الإنشاء ستكون عبر اعادة تنشيط القاعدة الجوية الصغيرة والغير فاعلة في القليعات في خطوة أميركية-لبنانية مشتركة. ويتولى رئيس الوزراء فؤاد السنيورة مهمة الشرح عن مدى الحاجة الشديدة التي أظهرها الجيش اللبناني، بعد 4 أشهر من المعارك الشديدة الدموية ضد ارهابيي "فتح-الاسلام"، الى وجود قاعدة عسكرية جويّة في المنطقة". وكشف الموقع النقاب عن أن مهندسين وتقنيين تابعين لـ"سلاح الجو الأميركي" يقومون على اعادة تأهيل القاعدة على أن يتم التوسع لاحقا بما يؤهل أمريكا من استخدامها.

وأما صحيفة السفير ولتاكيد مصداقيتها ولدحض الاتهامات باستقاء مصادرها من آنفة الذكر الإسرائيلية (دبيكا)، فقالت انها "ليست بحاجة لأن تستعين عليها ( الحكومة اللبنانية) بالمواقع الإلكترونية الإسرائيلية."، ولفتت الى أن القادة العسكريين الامريكيين يتوافدون بصورة دائمة منذ حرب الصيف ما قبل الماضي، ووصلت ذروتها بزيارة وكيل وزارة الدفاع الأميركية لشؤون السياسة إريك إيدلمان على رأس وفد من البنتاغون.

السفير: الاتفاقية لا تستدعي مصادقة مجلس النواب وبحسب الصحيفة فإن مصادر موثوقة، وتقارير لجهات أميركية رسمية، تؤكد أن هذا الأخير، عرض على المسؤولين اللبنانيين مسودة اتفاقية عسكرية لبنانية ـ أميركية مشتركة يدرسها البنتاغون لتوقيعها في أقرب فترة، وتتناول المواضيع العسكرية والأمنية والاستراتيجية، وتتصل أيضاً بمستقبل الجيش اللبناني وعقيدته الوطنية، فضلاً عما تريده أمريكا من لبنان مستقبلا.

والأهم انها أوضحت أن مثل هذه الاتفاقية يمكن إبرامها مع الحكومة وإطلاع مجلس الوزراء على بعض بنودها من دون الحاجة إلى المصادقة عليها في مجلس النواب. وقالت إنه خلال المباحثات أبدى الأمريكيون رغبتهم في زيادة المساعدات العسكرية والأمنية للبنان، والتي ارتفعت قيمتها من خمسين إلى 270 مليون دولار في العام 2007، ولمحوا الى أن ثمة اتجاه لرفعها إلى نصف مليار دولار مستقبلاً. إلا أن واشنطن تدرس بدقة واقع الجيش اللبناني وعلاقاته "مع الآخرين"، لا سيما البند الخامس الذي يؤكد على "العلاقة الأخوية والمميزة بين لبنان وسوريا"، وعلى البند الثامن الذي يؤكد على "دعم المقاومة.".
وبحسب الصحيفة فإن واشنطن لا ترى أن المواضيع المطروحة يمكن معالجتها بصورة سريعة، ومنها موضوع سلاح حزب الله، وهي تعتقد أن الجيش بحاجة إلى تدريب وتأهيل ما يستلزم بعض الوقت. وعليه "فإن الاتفاقية ليست موجهة ضد أحد بل هي تهدف إلى تقوية وتعزيز الجيش اللبناني..."

ومن بين ما قالته الصحيفة إن الوفد الأمريكي المح إلى "حرب باردة أميركية روسية، و شدد على أن الوجود الروسي "الكثيف في شمال سوريا .... بات يهدد الوجود الأميركي في المنطقة"... وألمح الوفد الى أهمية لبنان الذي رغم صغر حجمة إلا انه "يحظى بموقع استراتيجي مهم بالنسبة إلى واشنطن، فهو الاقرب لـ " الموقع الروسي في اللاذقية" الذي "بات الخطر قائماً على القوات الأميركية".

وكمقدمة لتبرير وضع قدم للأمريكيين في لبنان، فقد ركز الوفد على طلب الاطمئنان لعدم وقوع المساعدات العسكرية التي تشمل أسلحة ثقيلة وطائرات ورادارات القرنة السوداء والباروك وضهر البيدر في ايدي فئات أقوى من الجيش اللبناني، ولذلك فقد أدرج بضمن مشروع الاتفاقية قيام مجموعات عسكرية ومخابراتية أميركية ـ لبنانية فضلاً عن لجان مشتركة للتنسيق والمتابعة.

واستنادا الى السفير فإن الاتفاقية تقضي بإقامة مراكز تدريب برية وجوية وبحرية. وهي تحدد المراكز البرية في جبال الأرز ومناطق في شمال لبنان وبعلبك الهرمل على مقربة من بلدة عين بورضاي، وفي سهل الدامور جنوب بيروت. أما المراكز الجوية فتسمي الاتفاقية مطار رياق العسكري، والمراكز البحرية في منطقتي طرابلس ونهر البارد. ويجدر الذكر انه سبق لموقع " الحقيقة " السوري العلماني المعارض أن تطرق في 24/5/2007 الى ذات الشأن، وبصورة لا تختلف في تفاصيلها كثيرا عما ذكرته السفير.

في ردها على صحيفة السفير فقد نفت الحكومة اللبنانية على لسان وزير اعلامها غازي العريضي. كما نفى أن يكون هناك طلب أميركي في هذا السياق، بل ومضى الى أن لبنان ليس مستعدا لقبول مثل هذا الطلب في حال قدم اليه. وأما السفير فقد استشهدت بمسؤولَين أمريكيَين كإشارة على نوايا بلدهما، أحدهما بصورة شبه مباشرة وهو وكيل وزارة الدفاع الأميركية إريك إديلمان الذي تحدث علانية انه ناقش المسؤولين اللبنانيين عن "شراكة استراتيجية وعلاقة ثابتة مع الجيش اللبناني".. وأنه ناقش مع المسؤولين اللبنانيين "إنشاء مجموعة عمل ثنائية بين وزارتي الدفاع في البلدين تساعد في ما ينبغي أن تكون عليه الاستراتيجية من أجل لبنان والجيش اللبناني"، وأكد على أنه " لا يوجد أي سبب ليكون لبنان وإسرائيل عدوين. ". وادرجت الصحيفة انزعاج السفير الأمريكي جيفري فيلتمان من تقرير الصحيفة في سياق التأكيدات على الاتفاقية عندما اعتبر أن في ذلك اهانة للجيش اللبناني ولتضحياته. وهي التي الحقها بمقالة له نشرتها السفير نفى فيها نية بلاده اقامة قاعدة مشيرا الى أن هناك قواعد اجنبية في لبنان في قوصايا والناعمة في اشارة الى سورية.

حزب الله يحذر
وفي تعقيبها على ما أوردته السفير، أكدت "لجنة المتابعة للأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية في قوى المعارضة اللبنانية" أن "هذا التطور يكشف حجم المخطط الأميركي الهادف الى تحويل لبنان الى قاعدة عسكرية أميركية، تستخدم ضد سوريا وضد المقاومة، لحماية إسرائيل."

وقال نائب رئيس "المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان" عبد الأمير قبلان، إن "أي قاعدة أميركية في لبنان ستكون عرضة للتدمير"، وذكر الأميركيين بحاملة الطائرات نيوجيرسي، فيما يعتقد انه إشارة منه إلى مصير المارينز والجنود الفرنسيين في 23 تشرين الأول / أكتوبر، حيث اقتحمت شاحنة مفخخة بـ 19 طنا من المتفجرات مقر القوات المتعددة للجنسيات وأدت إلى تدمير المقر وقتل 241 امريكيا و58 فرنسيا، وهو ما سارع على الاثر إلى انسحاب القوات المتعددة الجنسيات لبنان.

وبدوره حذر حزب الله من انه وجود قاعدة أمريكية هو تصرف عدائي، وانه سيتعامل مع وجود قوات اجنبية في لبنان على اساس انها قوات احتلال.

مطار القليعات ينبش ماضيه السياسي
اهمية مطار القليعات
جرى انشاء مطار القليعات (مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض) في ثلاثينيات القرن الماضي، على يد شركة شركة نفط العراق "آي.بي.سي "IPC الانكليزية، التي قامت بمد خطوط نقل البترول من كركوك - العراق الى البداوي شمال طرابلس المتوقف حاليا عن العمل، وكان الهدف من المطار ليكون همزة وصل بين مصافي البترول التابعة لها في العراق، ومقر الشركة في انكلترا.
ومع إعلان استقلال لبنان، وضعت الحكومة اللبنانية يدها على المطار، واستردت في وقت لاحق ملكية مصفاة النفط ومنشآتها في البداوي
وفي أعقاب حرب عام 1967 وتوقيع لبنان على معاهدة الدفاع العربي المشترك، قررت القمة العربية رصد مبالغ مالية لإعادة تأهيل المطار من الناحية العسكرية.

ويحتوي مطار القليعات على مدرجين اثنين، طول كل منهما 3200 متر بعرض 60 متراً، الى جانب منشآت وهنغارات وأبنية صغيرة. وجرى استخدامه كمطار مدني خلال أحداث عامي 1988ــ 1989، وبفعل انقطاع الطريق الساحلية بين الشمال والعاصمة بيروت، وتحت ضغط الهيئات الشمالية، قامت شركة طيران الشرق الأوسط بتسيير رحلتين، واحدة صباحية وأخرى مسائية.

وقد تم في منشآت المطار انتخاب الرئيس الراحل رينيه معوض كأول رئيس للجمهورية في أعقاب اتفاق الطائف في عام 1989، حيث حطت في حينه على مدارج المطار ثلاث طائرات تحمل النواب اللبنانيين إضافة إلى أعضاء اللجنة العربية المكلفة بتطبيق اتفاق الطائف. وفي منتصف التسعينيات، اشتدت المطالبة بتحويل المطار إلى مرفق سياحي وتجاري في إطار اللامركزية والتنمية المناطقية، واستخدامه بشكل خاص على صعيد النقل التجاري وتحديداً في مجال التصدير الزراعي في مناطق البقاع والشمال إلى الخارج، كمشروع متكامل بعد تطوير مرفأ طرابلس والانتهاء من شق الطريق بين البقاع والشمال عبر منطقة الضنية.

يتمتع موقع المطار بمزايا استراتيجية عدة فهو يقع على ساحل عكار، ويبعد زهاء 20 كلم شمال طرابلس، كما انه قريب من الحدود السورية، ولا يبتعد عن دمشق أكثر من 120 كيلومترا، وكذلك فهو على مقربة من طرطوس (35 كيلومترا)، وبالتالي بالقرب من مركز قيادة الأسطول الروسي بالبحر المتوسط، وبحسب موقع دبيكا الإسرائيلي فإن أي طائرة ترسو في هذه القاعدة ستكون على مسافة دقائق معدودة عن مصانع الأسلحة والصواريخ المشتركة لسوريا وإيران في مدينتي حمص وحماة.

القليعات واغتيال الجميل
اثناء اجتياح لبنان عام 1982، كانت تدغدغ إسرائيل أحلام توقيع اتفاقية سلام مع لبنان المتهالك، ويبدو أيضا أنها كانت تطمح أيضا الى ما هو أبعد وهو مطار القليعات كقاعدة جوية لها، بوجود قوة حليفة (الكتائب وحلفاؤها وجيش لبنان الجنوبي) بحاجة الى إسرائيل في محيط معاد للطرفين.

وينسب الكاتب فرانكلين لامب في مقاله "لبنان والقاعدة الجوية الأمريكية المخططة في القليعات" في 30/5/2007، الى أحد عناصر الأمن الكتائبيين قوله إن آرييل شارون عندما اجتمع مع بشير الجميل في مطعم الشيف بالاشرفية-بيروت الشرقية، بحضور رافائيل ايتان وداني يالون في 14 تموز 1982، اخرج أثناء غداء العمل ورقة صغيرة عليها "آخر طلب" لإسرائيل، وهي من كلمة واحدة وهي "قليعات". ويضيف أن بشير الجميل قال لهم "لن يخيب أملكم أيها الأصدقاء الأعزاء". ولكنه عندما عاد إلى مكتبه راح يصرخ بصوت عال "قاعدة جوية إسرائيلية في لبنان؟ لن ينال أولاد الكلب المجانين ذرة تراب واحدة من قليعات". ولا ينسى لامب أن يشير الى أن اغتياله تم في المكتب نفسه، وبعد أقل من شهرين.

هل ثمة رابط بين النهم الأمريكي لإنشاء قواعد واغتيال الحريري واعادة توجيه فتح الإسلام
تمهيد ما قبل اغتيال الحريري
عادة ما تكون النوايا واضحة لدى الشعور بالتمكن من تحقيقها، ولذلك اعتلت نبرة الصلافة الامريكية مع الخصوم خلال الشهور الأولى عقب احتلال العراق؛ فقبل ان تشتد جذوة المقاومة للوجود الأمريكي فيه، يستذكر المراقبون الاشتراطات التي حملها وزير الخارجية الأمريكي كولن باول آنذاك لدمشق بغية الصفح عنها وتسويق وجود نظامها الذي كان يصول ويجول في لبنان.
ومن الملفت في شهور الاولى عقب الاحتلال حيث كان الشعور بالثقة طاغيا، أن تنقل بعض الصحف الخليجية في صيف 2003 عن مجموعات لبنانية فاعلة تعيش في واشنطن، قولها إن مسؤولين في الادارة الأمريكية يؤكدون على عزم أمريكا إرسال قوات عسكرية لها إلى لبنان، وهو ما أثار قلق المسؤولين في بيروت.

وبضمن ما أشارت إليه التقارير حينها أن مباحثات جرت في آب/اغسطس 2003 بين إدارة بوش وأعضاء من الكونغرس بغية إرسال قوات لملء الفراغ الذي تركه انسحاب الجيش السوري الذي كان من المنتظر ان يكتمل في نهاية السنة العام 2003، وذلك بدعوى الحفاظ على الاستقرار في لبنان، ووضع قاعدة أمريكية متقدمة تكون مقراً عاماً للقيادة في حوض البحر المتوسط، وبحيث يصبح لبنان صلة وصل بين مختلف قواعد البلاد العربية وأفريقيا الشمالية، وتلك الموجودة في المنطقة المحاذية لإسرائيل لا سيما بعد تراجع الدور التركي في الحسابات الأمريكية.

وقد جرى التاكيد أن التداول في مكان القاعدة قد تم اوائل صيف 2003، وأرسلت لهذه الغاية إلى لبنان مجموعة من الباحثين والخبراء الأمريكيين للبحث في الموقع، وتردد ان قطعة أرض تم ابتياعها لهذه الغاية. وفي تقدير الضابط السابق في الجيش اللبناني والخبير الجيوبوليتيكي العميد وهبي قاطيشا إن " اختيار لبنان لم يكن عشوائياً وليس فقط وليد رغبة للقائد الأعلى للقوات الأمريكية اللبناني الأصل جون أبي زيد".... "بل لأن الأمريكيين يريدون المسرح الممتد من قناة السويس إلى كازاخستان والذي يشمل الشرق الأوسط، ولبنان أقرب إليهم من قطر". وقال إن " من غير الممكن ان تشكل إسرائيل بوابة الشرق الأوسط بالرغم من حلفها مع الولايات المتحدة الأمريكية نظراً إلى العداء المستحكم بينها وبين العرب حتى في حال قيام صلح. بالنسبة إلى تركيا فقد أظهرت الحرب العراقية الأمريكية عمق الخلافات والرباط الاستراتيجي الهش بينهما. سوريا من جهتها مستبعدة نظراً إلى مواقفها المتصلبة وتطلعاتها الاقليمية، وكون الأمريكيين يرغبون بحليف مطيع". وتابع "يبقى لبنان الذي لا توجد لديه حالياً تطلعات سياسية، كما أنه يعتمد سياسة الحياد بين الدول العربية. أضف إلى ذلك تنوعه السكاني، ومؤهلاته التقنية والمساحة السكانية القادرة على الاستيعاب، والبنية التحتية الثقافية من جامعات ومدارس ومعاهد إضافة إلى المستشفيات والملاهي. جغرافيا يتمتع لبنان بجبال عالية تتيح تأمين مراقبة منطقة الشرق الأوسط بأكملها".

وتوقع قاطيشا أن تضم القاعدة المزمع انشاؤها "بين 5 آلاف و 20 ألف عسكري ... أما نوع السلاح فيختلف حسب إذا كانت ستكون برية أو بحرية أو جوية وأعتقد ان الأمريكيين يريدون خليطاً من الثلاثة". ورجح أن تكون القاعدة للقيادة أكثر منها للتدخل لأن القواعد الأخيرة تحتاج إلى منشآت جوية وبرية كثيرة، في هذا الإطار يمكن مثلاً طرح تأجير الدولة اللبنانية لمطاري القليعات ورياق وهو أمر مستبعد (قبل الانسحاب السوري) حالياً لأنها برأيي ستكون لقيادة القوى في الشرق الأوسط". وعن شروط القاعدة قال "عليها أولاً ان تكون في أقرب نقطة إلى البحر لأن البحار هي مفاتيح الأعمال الجيوبوليتيكية، عليها ان تكون في محيط غير قابل للعدائية لاحقاً، وأن يكون ثمة فراغ سكاني وأن تكون قريبة من تسهيلات البنى التحتية في البلد (الجامعات، المستشفيات، الوصول السريع إلى التكنولوجيا والملاهي)".

يقظة الشك في دوافع اغتيال الحريري في اليوم التالي على اغتيال الحريري في 14/2/2005، ادعت مصادر مختلفة أن الحريري رفض قطعيا السير في المشروع الأميركي لإقامة قاعدة جوية في القليعات، نظراً لعلمه بالمخاطر التي سيجلبها على الوضع اللبناني. وتردد حينها ان الأمريكيين سعوا لديه بين عامي2003 و2004 للحصول على قاعدة في البلاد، وان الاغتيال جاء بعد ابلاغه الأمريكيين رفضه المشروع ورفضه نزع سلاح المقاومة دون تسوية شاملة في المنطقة.

وعقب الاغتيال بنحو شهر أي في 18/3/2005 كشفت السياسة الكويتية في تقرير لها النقاب عن أن خبراء استراتيجيين في وزارة الدفاع الأميركية قدموا إلى وزيرهم دونالد رمسفيلد التصور الكامل لإنشاء قاعدتين عسكريتين جويتين أميركيتين في الشرق الأوسط، إحداهما في لبنان والأخرى في الشطر التركي من جزيرة قبرص المقسمة، وذلك قبل نهاية العام 2008. ونقلت عن دبلوماسي خليجي في واشنطن ان وزارة الدفاع الأميركية كانت طلبت من خبرائها الاستراتيجيين وضع خططهم هذه لانشاء قاعدتين في قبرص واليونان منذ أواخر العام 2002 لكن التطورات الجديدة في لبنان جعلت البنتاغون تتحول عن إنشاء قاعدتها الجديدة في اليونان إلى سهل البقاع وهو الموقع الأكثر استراتيجية في الدول المحيطة بلبنان في محاولة لخنق أي تحرك سوري جديد في المنطقة, ولاستخدام هذه القاعدة للانطلاق إلى دول أخرى في حالات الحرب. وحدد الدبلوماسي قاعدة رياق التي لا يستخدمها الجيش اللبناني منذ بداية الحرب اللبنانية، وأوضح ، ان الخطة تقترح مرابطة ما بين 60 و 110 طائرات أميركية فيها بشكل متواصل، وبحمايتها بشبكة صواريخ دفاعية متطورة تتركز في قمتي سلسلتي الجبال اللبنانية الشرقية الفاصلة لبنان عن سورية والغربية الفاصلة البقاع عن البحر.

ونقل الدبلوماسي بدوره عن أوساط دفاعية أميركية قولها ان الفرنسيين يفاوضون الأميركيين على إنشاء قاعدة جوية فرنسية في جنوب لبنان على الساحل الممتد من منطقة الناقورة باتجاه الشرق. إلاّ ان تلك المفاوضات ما زالت في مرحلتها الأولى. وسبق للصحفي والمعلق السياسي الأمريكي ورجل الاستخبارات السابق (واين ماديسون) أحد مؤلفي كتاب (الكابوس الأمريكي: رئاسة جورج بوش الثاني)، أن ذكر بتاريخ 11/3/2005 أن اغتيال الحريري قد "تم إقراره بموافقة (إدارة بوش) وحكومة (شارون) الليكودية". ومضى الى أن المغدور كان "معروفاً بمعارضته ومقاومته لبناء قاعدة جوية أمريكية كبيرة في شمال لبنان".

وفي نفس السياق الذي مضى فيه مادسون يقول فرانك لامب في 30/5/2007 إنه عندما طلبت الإدارة الأمريكية من الحريري تحويل مطار قليعات إلى قاعدة جوية أمريكية رفض بشدة، فقد كان لديه مشروع آخر، وهو تشييد منطقة تجارية حرة وميناء في المنطقة ذاتها بقيمة قدرها مليار دولار.

ومن ضمن ما قاله ماديسون في 11/3/2005 إن أمريكا أرادت أن تخرج القوات السورية بالكامل من لبنان، قبل أن تبدأ بتنفيذ بناء هذه القاعدة. وادعى أن البنتاغون تعاقد مع (شركة جاكوب الهندسية - مجموعة باسادينا)، لإنشاء القاعدة، على أن تقوم شركة بكتل بتقديم المساعدات في البناء أيضاً، وهي إحدى الشركات المستفيدة من حرب العراق. وتوقع افتراضا أن تستخدم القاعدة "للعبور والإمداد لصالح القوات الأمريكية في العراق، وكمكان لقضاء العطل والاستجمام لكل القوات الأمريكية في المنطقة، ولحماية خطوط نقل النفط في المنطقة (باكو- تفليس – جيحان والموصل – جيحان)، ولزعزعة نظام الأسد في سوريا".

وحول الاغتيال قال إن مصادر استخباراتية اكدت " أن اغتيال الشخصيات الأجنبية كالحريري وحبيقة، هو في النهاية قرار يتخذه مسؤولان لهما موقعان حساسان في البيت الأبيض، هما: معاون رئيس موظفي البيت الأبيض (كارل روف) ومعاون مستشار الأمن الوطني (إليوت أبرامز). ويعتبر (أبرامز) حلقة الوصل الرئيسية والأساسية بين البيت الأبيض، ومكتب (شارون) للعمليات الاستخباراتية وقسم الاغتيالات السياسية".

ولدى سؤاله عن مصادر معلوماته أجاب واين مادسن في 14/5/2005 ، بالقول "كل ما أستطيع قوله أن هذه مصادر فرنسية وبلجيكية ولبنانية. أما التصريح بالأسماء فيعني وضع هؤلاء الأشخاص في دائرة الخطر الكبير في أوروبا ولبنان". ويقول يورغن كاين كولبل الباحث في علم الجنايات بجامعة هومبولت في برلين في كتاب (اغتيال الحريري - أدلة مخفية) آذار 2006، انه بعد نهاية الحرب الأهلية اللبنانية في أواخر الثمانينات، تشكل في الخارج ما يسمى (المقاومة) والتي كانت تتألف بشكل أساسي من مسيحيين موارنة، وعملت في الولايات المتحدة على شكل "جماعات ضغط" - لوبي - مع الكونغرس الأمريكي لتحصل على دعم الادارة الأمريكية من أجل "تحرير لبنان من السيطرة السورية" ومن أجل "تغيير قسري للنظام" في سورية. ويقول إن هذه ( المقاومة ) نافذة في أمريكا، وخصوصا لدى المحافظين الجدد، ويضيف إنه لا يجوز لمحقق يلتزم بكشف الحقيقة، أن يُخرج من دائرة الاحتمالات في تحقيقه، إمكانية أن تكون جريمة الاغتيال بحق السياسي ورجل الأعمال الحريري، قد خطط لها ونفذت من قبل بعض "الأشخاص ذوي اليد الطولى" في هذا الخليط من الأشخاص والشركات وأجهزة الاستخبارات. كما تتلاقى المصالح السياسية للإدارة الأمريكية الحالية في الشرقين الأدنى والأوسط فيما يخص "بناء الأمة بالدمقرطة" بلا ريب مع المصالح السياسية لتلك (المقاومة) اللبنانية المقيمة في المهجر، وكذلك الحال، دون أدنى شك، مع الأهداف الاقتصادية.

وأما الكاتب رانير ماتياس فقد نشر في صحيفة يونغه فيليت الالمانية ، بتاريخ 18/2/2005 مقالا تحت عنوان المحافظين الجدد الأمريكيون في الحلقة الذهبية اعطوا الأمر لقتل الحريري، ولفت الى أن الواشنطن بوست نشرت في 17/2/2005 تصريحا للنائب الجمهوري اليوت إنغل قال فيه على الفور "إن عملية الاغتيال تشير إلى أن السوريين ما زالوا يتصرفون دون عقاب"،‏‏ وبرأيه أن ذلك لحرف النظر عن قضايا أخرى لها علاقة بالاغتيال، فهو ينتمي إلى تلك الحلقة القيادية من الشخصيات البارزة المسماة " الحلقة الذهبية " وبالتحديد إلى " لجنة تحرير لبنان " التي كانت تشن وتسخر من الحريري على مدى أعوام.‏‏

ويلفت الى وجود منشور مصور لم يعد موجودا في صفحة اللجنة في الإنترنت www.freelebanon.org " للإرهابيين الأكثر مطلوبية " في العالم ( الذين ينتمي إليهم إلى جانب بن لادن فيدل كاسترو وآخرون)، وكانت الصفحة مرتبطة (link ) بصفحة " لعملاء سورية الكبار في لبنان "، وكان يوجد فيها " ورق لعب " ( شدّة ) مشابهاً لورق اللعب الذي نشره الأمريكيون في العراق حول أهم المطلوبين من مسؤولي النظام العراقي السابق. وفي الصف الأول في هذه القائمة يوجد "آس الكبة" رفيق الحريري. أما شاب البستون فيها فقد شطب عليه باللون الأحمر والمقصود به هو إيلي حبيقة الذي كان في السابق قائداً لميليشيا الكتائب المسيحية اليمينية والذي قتل في كانون الثاني 2002 بانفجار سيارة مفخخة بعد أن اعلن استعداده للشهادة في دعوى أقيمت ضد آرييل شارون في بلجيكا بسبب مجازر صبرا وشاتيلا عام 1982 التي اشتركت ميلشياته في تنفيذها.

‏‏ ‏فتح الإسلام وإعادة التوجيه وتدمير مخيم نهر البارد اندفاع السلفيين الجهاديين الى مخيم نهر البارد الذي يتاخم مطار القليعات ولا يبعد اكثر من ثلاثة كيلومترات عنه، وحديث سيمور هيرش عن اعادة التوجيه، دفع بالبعض للقول إن الهدف هو اقامة قاعدة أمريكية في المطار، وربما قاعدة بحرية ايضا. ولعل ما يدفع المراقب للارتياب في ملف فتح الإسلام، أن الحديث عن انشاء القاعدة ترافق على قدم وساق مع تطورات قضية هذا التنظيم الذي ظهر بلمح الابصار وانطفأ بعد أقل من سنة بصورة دراماتيكية مخلفا حالة من التدمير شبه شاملة في المخيم القديم، وحقدا عنصريا مفتعلا ضد الفلسطينيين، في اغلبه بين صفوف اهالي عكار اللبنانيين الذين تلقوا اكبر الخسائر بعد الفلسطينيين رغم انهم يشاطرونهم العقيدة والمذهب.

وقبل ان يرى اسم فتح الاسلام النور، اي اثناء ما كانت التقارير تتحدث عن تجمعات في مخيمات بعيدة عن البداوي ونهر البارد وقبل ان تنتقل هذه التجمعات الى البداوي اولا، فقد كشفت مصادر أمنية لبنانية في 12/9/2006 النقاب عن قيام وفد استخباري امريكي للمطار، وقال المصدر ان الوفد الاستخباراتي الذي تجول تحت اسم وفد السفارة الأمريكية في الشمال، وقضى أكثر من ثلاث ساعات في المطار، ضم مسؤولين رفيعي المستوى من جهاز ال سي اي اي والقوات البحرية الامريكية والقوات الجوية ايضا، وان الوفد عاين المطار الذي سيتحول الى قاعدة عسكرية أمريكية على مقربة من الحدود السورية اللبنانية. وأضاف المصدر ان موضوع القاعدة حسم امره بموافقة سرية من رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، وقد يطرح قريبا على وسائل الاعلام على شكل صيغة مفبركة باسم موقع تدريب امريكي لقوات عسكرية وامنية لبنانية.

وقبل ان تندلع المواجهات بين فتح الإسلام والجيش اللبناني، لفتت صحيفة الاخبار في 23/3/2007 النظر الى "ورشة ترميم وتأهيل" بدأت في المطار للمدرجين اللذين تعرّضا للقصف الاسرائيلي إبان حرب تموز.‏ ونقلت عن مصادر مطلعة تساؤلاتها و توقفها "عند الحركة اللافتة للوفود العسكرية والأمنية للدول الغربية وخاصة الشرطة الفيدرالية والجمارك الألمانية في اتجاه المنطقة الحدودية بين العبودية والعريضة، التي توسّعت لتطال كل المنطقة الحدودية الشمالية مع سوريا البالغ طولها 90 كيلومتراً، من منطقة النبي بري في أعالي أكروم الى العريضة على الشاطئ، إضافة إلى الاجتماع الذي عقد في قاعدة القليعات وضم الوفد الألماني وضباطاً أمنيين لبنانيين، والمناورة التي جرت بالذخيرة الحية في حقل الرماية في قاعدة القليعات بحضور وفد أمني أميركي منذ أشهر قليلة".

وفي 15 نيسان/ ابريل 2007 فقد أكدت مراسلة صحيفة الديار في باريس بدرا باخوس فغالي أن قيادة حلف شمال الاطلسي بتوجيه ‏مباشر من أمريكا حسمت قرارها بعد عامين من التردد وقررت ضم الاراضي ‏اللبنانية الى لائحة الدول الواقعة في الساحل الافريقي لاقامة قواعد عسكرية جوية.‏‏ وبضمن ما جاء في التقرير أنه "تبين لهيئة أركان الجيوش الاعضاء في حلف الاطلسي أهمية إقامة قاعدة جوية في ‏مطار القليعات القريب من الحدود اللبنانية ـ السورية، ناهيك عن امكانية استخدام هذه ‏المنطقة الشاسعة المساحة كنقطة تمركز لقوات مجوقلة مخصصة للتدخل السريع" وقد كان للكاتب فرانكلين لامب الأثر الأكبر في تسليط الاضواء على ما يجري في نهر البارد، حيث زار شمال لبنان في النصف الثاني من مايو/ ايار 2007 وتسلل الى المخيم بكنزة للصليب الاحمر، وقال " إن الخلايا الإسلامية الإرهابية السنية التي ابتكرتها حركة المستقبل كانت مهمتها تغطية مشاريع مناهضة لحزب الله في نادي ويلش . وكان المخطط أن تلصق أفعال هذه الخلايا ومن بينها فتح الإسلام بالقاعدة أو بسوريا أو بأي كان ماعدا النادي السابق ذكره"

وفي مقاله "لبنان والقاعدة الجوية الأمريكية المخططة في قليعات" المنشور في "كاونتر بنتش" بتاريخ 30/5/2007 يؤكد لامب نقلا عن صحفي لبناني أن الولايات المتحدة عملت منذ زمن على تخويف اللبنانيين وتحذيرهم من ظهور مجموعات القاعدة في شمال لبنان. ولذلك لابد من بناء قاعدة جوية أمريكية في تلك المنطقة لمواجهة ذلك الخطر المزعوم. وفجأة وكأنه بمحض الصدفة "تظهر(مجموعة إرهابية) تدعى فتح الإسلام قرب قليعات في مخيم نهر البارد" أي في المنطقة ذاتها التي تنشد الإدارة الأمريكية اقامة قاعدة جوية فيها.

ومن المفارقات التي تستوقف المتابعين أنه بعد نحو شهر من ظهور مسمى فتح الاسلام في 27/11/2006، فقد استيقظ الاهتمام الحكومي بمطار القليعات المجاور للمخيم الذي تغلغل فيه التنظيم. فقد ذكرت الأخبار اللبنانية في عددها بتاريخ 6/1/2006 ، أن جهات حكومية اوعزت الى ادارات معينة، بوجوب إجراء كشف هندسي سريع على أوضاع المطار المذكور، وتحديد حاجياته، ودرس ما يجب القيام به على صعيد وضعه في الخدمة في الأحوال الاضطرارية. ومضت الى أن أوساط متابعة ذكرت " أن مطار القليعات قد تضرر أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير، حيث تعرّض أحد مدارجه لقصف جوي من الطيران الإسرائيلي، وتم تدمير رادارين اثنين موجودين في حرم المطار الذي يضم بعض المنشآت التي لم يجر الاهتمام بها منذ سنوات عديدة".

والملفت خلال الأسابيع القليلة التي سبقت اندلاع معارك نهر البارد بين الجيش اللبناني وفتح الاسلام اواخر ايار/ مايو الماضي أن تتحدث الصحف اللبنانية مجددا عن تحركات فنية عاجلة قامت بها الحكومة اللبنانية لتوسيع مطار القليعات وزيادة طول مهبطه وإعادة تأهيله تقنيا بعد أن كان هجر لسنوات طويلة. وهو في وقت تحدثت فيه تقارير عن اهتمام الناتو وأمريكا بالمطار.
ويقول لامب إن البنتاغون قام بالتنسيق مع قيادة حلف الناتو باختراع تسمية للقاعدة الجوية وهي "مركز تدريب الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي". وليس هذا إلا تمويها وتغطية لحقيقة كون القاعدة مقرا "لقوات التدخل السريع". ويمضي الى أنه من أجل تسويق ذلك تحاول وزارة الدفاع الأمريكية تضليل الرأي العام اللبناني بالتركيز على "الانتعاش الاقتصادي والمكاسب المالية التي ستعود على أبناء المنطقة، وغالبيتهم من أنصار الموالاة، ويقول إن الادارة تطلب من الحكومة اللبنانية التركيز على هذا الجانب فقط. ويبدو أن بعض سكان (ببنين عكار) أصبحوا تحت تأثير الدعاية الأمريكية التي تزعم أن القاعدة الجوية ستجلب لهم الكثير من فرص العمل في البناء والمطاعم والفنادق ومقاهي الانترنيت وماشابه. وأما عن موعد البدء بعمليات البناء فقد أكد السكان المحليون له أن "وفدا عسكريا أمريكيا وألمانيا وتركيا" قام بزيارة المنطقة. إضافة لذلك قام عدد من العاملين في السفارة الأمريكية في بيروت باستطلاع مطار قليعات في بداية هذا العام. وكذلك زاره ديفد ويلش. ومضى الى أن الجميع يتوقعون أن يبدأ التنفيذ قبل نهاية العام الحالي. وأهم المتنافسين على تنفيذ المشروع هما شركة هاليبيرتون (العائدة لديك تشيني) وشركة بيكتيل التي يقال إنها على ارتباط قوي بعائلة بوش والأسرة المالكة في السعودية (وفقا لموسوعة ويكيبيديا).

وقد نسب تقرير واين مادسون الأمريكي الذي نشر في 23/4/2007، الى مصادر في المخابرات اللبنانية، قولها إن وزارة الدفاع الأمريكية، وبغير اتفاق رسمي مع لبنان، منحت صفقة بناء القاعدة الجوية في شمال لبنان لمجموعة "جكوبس سيفرداب" الهندسية في باسادينا بولاية كاليفورنيا، على أن تقوم مؤسسة بيكتيل بتقديم الدعم الإنشائي. ويشير التقرير الى أن جاكوبس الهندسية وجاكوبس سفيردرب متعاقدتان حالياً من أجل العمل في العربية السعودية لصالح ارامكو، والعراق لصالح سلطات الاحتلال الأمريكي، والبوسنة، وتركيا، وسوريا، ولبنان، وإسرائيل، والاردن، واليمن، وعمان، والإمارات العربية المتحدة.

وبحسب التقرير فإن الهدف من القاعدة هو لتستخدم كمركز للعبور والنقل اللوجستي للقوات الأمريكية في العراق، ولحماية خطوط أنابيب النفط في الإقليم، وللاستجمام للقوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة، هذا اضافة لاستخدامها في إطار تقويض استقرار سورية. وسوف يكون حجم القاعدة التي يتم التخطيط لإنشائها في لبنان بحجم قاعدة العديد الأمريكية الضخمة في قطر.
وستستخدم كمراكز رئاسة وقيادة لقوة الانتشار السريع التابعة لحلف الناتو، وأسراب طائرات الهيلوكبتر، ووحدات القوات الخاصة برغم قصة الغطاء و (التغطية) التي تم إعدادها بواسطة حكومتي لبنان والولايات المتحدة القائلة بأن هذه القاعدة سوف تقدم التدريب للجيش اللبناني وقوات الأمن اللبنانية.

وفي تفسيره لاحداث نهر البارد، أكد تقرير ماديسون ان أحد الأهداف الأساسية الأمريكية هو "استخدامها غطاء وذريعة كي تفسح حكومة السنيورة للقوات العسكرية الأميركية وقوات حلف الناتو انشاء منصة انطلاق من قاعدة القليعات الجوية". ويقول لامب أن المتنفذين في البنتاغون ورئاسة الأركان قاموا بدعم المشروع بإيعاز وتحريض من الناشط الإسرائيلي إليوت إبرامز. ويتوقع أن تقوم منظمة إيباك بالدور المطلوب من أجل الحصول على موافقة الكونجرس ولجانه المختلفة. ويستشهد لامب بتصريح ريتشيل كوهين من منظمة إيباك التي صرحت: "يجب أن نبني هذه القاعدة بالسرعة القصوى كرأس حربة ضد القاعدة وبقية الإرهابيين." ويعلق بأنها تقصد حزب الله. وعندما سئلت إذا كان الإسرائيليون سيشاركون في تدريب الجيش اللبناني وتقديم المستشارين له أجابت: "لكل حادث حديث. لايتعلق الأمر بلبنان. الغاية هي إيقاف الإرهابيين ."

وقد سبق اثناء اليوم الثالث لاندلاع المعارك أن تحدثت قناة سي ان ان الأمريكية عن موافقة الادارة الامريكية على مد جسر جوي مع بيروت لتزويد الجيش اللبناني بالذخائر اللازمة لمواجهة فتح الاسلام، ونقلت عن مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية قولهم إن الجسر يشمل ست طائرات عسكرية، وتتضمن عربات "هامفي" ونقلات جنود وقطع غيار للطائرات المروحية التي يملكها الجيش.

وآنذاك قال موقع الحقيقة نقلا عن مصادره في بروكسل إن الجزء الأكبر من شحنة الطائرات الست وبعكس الإدعاءات الأميركية، مخصص لأغراض أخرى لا علاقة لها بالاحتياجات الطارئة للجيش اللبناني، وإنما باحتياجات قوة كوماندوز أميركية مكونة من حوالي 60 إلى 80 ضابطا وجنديا ستأتي أيضا على متن هذه الطائرات، وسترابط سرا في مطار القليعات، للقيام بتحقيقات أمنية وعمليات خاصة داخل لبنان بموجب اتفاق أبرمته الحكومة اللبنانية سرا مع الإدارة الأميركية خلال زيارة وزير الدفاع الياس المر إلى واشنطن.

وأشار الموقع أن الولايات المتحدة بحثت مع وزير الدفاع اللبناني جديا، وبالنقاط التفصيلية، ترتيب إنشاء محطات رادار في قمتي "جبل الباروك" و "صنين" ومنطقة ضهر البيدر شرقي بيروت للتجسس على سوريا وحزب الله سيرابط فيها ضباط إسرائيليون بجوازات سفر أميركية ، فضلا عن إنشاء قاعدة بحرية قرب مخيم نهر البارد، بعد الانتهاء من قضية فتح ـ الإسلام وتدمير المخيم، بعد أن اتخذ قرار رسمي سري بذلك، وتهجير سكانه ومنعهم من العودة إليه، ولاسيما إلى المنطقة التي تشكل واجهته البحرية.

عدم عودة أغلب اللاجئين للمخيم قائمة
رغم تأكيدات الحكومة باعادة اعمار مخيم نهر البارد، إلا أن المخاوف لا تزال قائمة حول عدم امكانية اغلب سكانه من العودة الى المنازل التي كانوا يقطنوها على ضوء التجربة التاريخية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وأن المخيم الذي يدمر لا يعمر، كما هو حال مخيمات النبطية وتل الزعتر وجسر الباشا بدعوى استرجاع اصحاب الأراضي لممتلكاتهم.

وهناك مخاوف مشروعة في اوساط فلسطينيي لبنان من أن حلم عودتهم الى المخيم قد لا يرى النور، وأن تعطل امريكا اعادة البناء لقرب المخيم من المطار. وفي الواقع فإنه لا مصلحة لامريكا بعودة النازحين الى المخيم المجاور لقاعدتهم المنشودة، الأمر الذي يقول عنه عضو المجلس الفلسطيني رئيس لجنة اللاجئين صلاح صلاح انه بحسب تفكيرهم سيشكل في المستقبل مصدرا للارهاب ضد هذا المطار أو هذه القاعدة الجوية.

والملفت هو ارتفاع المطالبات بترحيلهم عن المخيم سواء من أصحاب الأراضي المحيطة، أو القائمين عليها بدعوى ان الاتفاق مع الاونروا كان على تأجير الارض 55 عاما وهي مدة باتت في حكم المنتهية. وقد بدأت بالانتشار على الجدران شعارات عنصرية بحق قاطني المخيم. وكما يؤكد صلاح صلاح فإن هناك معلومات مؤكدة عن بلاغ تحريضي في منطقة عكار والمنية ضد عودتهم، وحصلت هناك محاولات لتنظيم تظاهرات واعتصامات على مداخل المخيم لمنعهم من العودة اليه.

وللدلالة على ان الوجود الفلسطيني بات ثقلا لا يطاق على بعض الاوساط اللبنانية، فقد اكد بعض سكان المخيم عن حدوث عمليات نهب وحرق بعد سقوط المخيم ورسم شعارات معيبة.ومن العوامل التي تضاف الى صعوبة عودة الكثيرين أن الدولة لن تسمح بعودة من بنى على أراضيها، أو الى الواجهة البحرية من المخيم بحجج امنية.وبينما لا يزال مصير العام الدراسي لنحو أحد عشر ألفا من تلاميذ المخيم مجهولا، يستبعد الكثير من المتابعين ان يتمكن اللاجئون من العودة الى المخيم الجديد، كما أن المبلغ المطلوب لتعميره يصل الى 83 مليون دولار في حين ان الدولة لم تجمع ما يزيد عن ربعه 22- 25 مليون.

وفي سياق متصل باعادة اعمار المخيم يتضح أن مساحة البناء المقررة للكثير من العائلات في المخيم القديم، لا تتعدى العشرين مترا للعائلة، وعن مواصفات البناء فهو سيْ للغاية. وعلى اية حال فمن المؤكد أن الحلم بالاستفادة الطابقية من البناء لم تعد واردة في جميع الحالات، وبذلك وإن تمت عودة البعض فإن الحلم بالبقاء يبقى آنيا ولن تتمكن الاجيال القادمة من الاستفادة من المخيم ولا طريق أمامها سوى الرحيل.

وتتوقع أوساط لبنانية أن يكون الحريري على راس قائمة الفائزين ماليا من مشروع بناء القاعدة العسكرية، كذلك رجال الاعمال في بنين عكار "السنه" الذين يتوقعون انشاءات جديده وفرص عمل قادمه حيث ستعمل القاعدة على ازدهار المنطقة. وفي سياق متصل بذلك فقد ادعت قناة المنار التابعة لحزب الله أن "شخصيات سياسية بدأت بشراء أراض واسعة في محيط مطار القليعات بأثمان بخسة تمهيداً لإعادة تأهيل القاعدة الجوية تحت عنوان.