A+ A-
الاستراتيجية الامريكية في العراق

2007-09-04

ضيف الندوة: الدكتور ولتر رسل ميد، باحث ومفكر أمريكي من مجلس العلاقات الخارجية
 
ملخص
 
قال احد كبار الباحثين قي السياسة الخارجية الأمريكية، أن "الشعب الأمريكي فقد الثقة بالقيادة السياسة لبوش نتيجة الأوضاع في العراق". وقال والتر راسل ميد من مجلس العلاقات الخارجية،"أن هناك شعور لدى الرأي العام الأمريكي بان الولايات المتحدة لن تستطيع أن تضع حداً لعدم الاستقرار في العراق" معرباً عن اعتقاده أن الكونغرس الذي تسيطر عليه الأغلبية الديمقراطية لن يكون قادرا على إحداث تغيير جذري في السياسة الأمريكية تجاه العراق.

وفي محاضرة نظمها مركز القدس للدراسات السياسية مساء الثلاثاء وحملت عنوان (الإستراتيجية الأمريكية في العراق) قال انه يوجد في داخل الولايات المتحدة حالياً نقاشان، حول السياسة الأمريكية في العراق، الأول لماذا اتخذ بوش قرار غزو العراق وهل الأسباب المعلنة هي حقيقية أم لا، أما النقاش الثاني فيدور حول ما ينبغي أن تفعله أمريكا في العراق الآن بعد احتلاله. ويعتقد ميد أن النقاش الأول أصبح امرأ تاريخيا وسيبقى الباحثون يتحدثون عنه حتى بعد خمسون سنة من الآن. مؤكدا أن موضوع النقاش الثاني هو الأهم الآن لما سيتركه ذلك من تبعات مستقبلاً، وقال ميد أن السياسة الأمريكية في العراق تركز حالياً على منع حدوث الأمور السيئة أكثر من إحداث أمور جيدة. وبحسب ميد تحاول الولايات المتحدة حالياً في العراق منع حدوث ثلاثة أمور، أولها سيطرة القاعدة والمتطرفين على العراق، موضحا أن أمريكا تخشى أن تقول القاعدة لقد هزمنا الاتحاد السوفييتي في أفغانستان من قبل واليوم نهزم الولايات المتحدة في العراق، وحدوث مثل هذا الأمر بالنسبة لأمريكا خطير ولذلك لن تسمح بحدوثه، أما الأمر الثاني فهو منع سيطرة إيران على العراق، العراق وإيران جاران قديمان وبينهما روابط وعلاقات من الطبيعي أن تكون وثيقة في بعض النواحي مستطردا أن أمريكا لن تكون سعيدة إذا كان أصبح العراق حليفا لإيران أو أن تعتمد الحكومة العراقية على إيران لتبقى في السلطة وتصبح دمية في يد إيران. أما الأمر الثالث الذي تريد أمريكا منع حدوثه في العراق فهو الفوضى داخل العراق أي أن تنتقل حالة عدم الاستقرار في العراق إلى غيره من دول المنطقة بحيث تتورط بشكل متزايد في العراق.

وفي تعبير لا يخلو من السخرية قال ميد أن هناك دعماً قوياً داخل الولايات المتحدة لهذه الأهداف الثلاثة، التي كان بالإمكان تحقيقها لو أن الولايات المتحدة امتنعت بالأصل عن غزو العراق. وعبّر ميد عن اعتقاده بأن معظم السياسيين الأمريكيين من جمهوريين وديمقراطيين متفقون حول ضرورة هزيمة القاعدة في العراق بيد أنهم متشككين في إمكانية النجاح في منع إيران من السيطرة على العراق، ومنقسمون حول مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في العراق.

وقال أن هناك شعور عام داخل الولايات المتحدة أن أمريكا لن تستطيع أن تضع حدا لحالة عدم الاستقرار في العراق، وان النقاش الدائر حالياً في الكونغرس يدور حول المدة الزمنية والتفويض الممنوح والتمويل اللازم للقوات الأمريكية في العراق، معربا عن اعتقاده بان الكونغرس ذي الأغلبية الديمقراطية لن يكون قادراً على إحداث تغيير جذري في العراق. وقال أن السفير الأمريكي في بغداد والقادة العسكريون سيعطون فكرة ايجابية للكونغرس عما يدور في العراق ، وبالتالي سيكون من الصعب على الكونغرس حرمان العسكريين من الدعم المالي.

ويؤكد ميد انه وعلى الرغم من أن الأمريكيين فقدوا الثقة بقيادة بوش إلا أن هناك احترام كبير داخل الولايات المتحدة لأداء العسكريين مشيراً إلى أن قائد القوات الأمريكية في العراق يتمتع بسمعة جيدة في الكونغرس ، ولم يستبعد ميد أن يفقد الأمريكيون مستقبلاً بالجيش والقيادة العسكرية إذا لم تتغير الأوضاع في العراق غير انه أشار إلى أن هناك وقت طويل سينقضي قبل حدوث مثل هذا الأمر.

ويعتقد ميد أن الرأي العام الأمريكي لا زال مستعدا لتحمل تبعات الحرب في العراق لغاية الآن مفسرا ذلك بتواضع حجم الخسائر البشرية الأمريكي في العراق قياسا بما كانت عليه في حرب فيتنام، موضحا أن حجم الخسائر البشرية الأمريكية في العراق لم يبلغ حتى الآن الأربعة آلاف جندي، مقارنة مع 53 ألف جندي سقطوا في فيتنام.

وحول ما يسمى في الخطاب السياسي الأمريكي بـ"دروس العراق" توقف ميد أمام درسين اثنين قال أن الولايات المتحدة تعلمتهما جيدا مما حصل في العراق، الدرس الرئيسي الأول يتعلق الحيطة والحذر وقال "في المستقبل إذا جاء رئيس أمريكي يطلب احتلال دولة ما.. خاصة في الشرق الأوسط فسيواجه صعوبة كبيرة في الحصول على الموافقة".
 
أما الدرس الثاني من وجهة نظر ميد فهو ضرورة كسب دعم السكان المحليين و أبناء المنطقة الأمر الذي يتطلب من وجهة نظره وجود فهم عميق لواقع المنطقة السياسي والديني والثقافي مشيراً إلى وجود أصوات قوية في البنتاغون تدعو لذلك وقال " للجيش الأمريكي تجارب في العراق وأفغانستان.. وبالتالي أصبح لدى الجيش خبرة شخصية عن تكلفة عدم فهم السياسة الأمريكية للواقع في المنطقة ".
 
وفيما يبدو أنه إشارة إلى "النجاح الأمريكي النسبي في الأنبار "قال ميد " أن النجاحات التي حققتها القوات الأمريكية في عملها في العراق تعود في الأساس إلى تعاون السكان المحليين مشيرا إلى "الدرس الرئيسي الذي استقاه العسكريون في العراق هو "أنكم عندما تتمتعون بدعم السكان المحليين تستطيعون هزيمة الإرهابيين" وأكد ميد أن طريقة التفكير هذه لدى الجيش أحدثت نقطة تحول في التفكير، كما أنها تقوي الاتجاه في أمريكا بالتمييز بين المسلمين والإرهابيين، وهذا قد يؤدي لتحول في السياسة الخارجية الأمريكية والتفكير بطريقة تأثير السياسة الأمريكية على الناس في المنطقة. مؤكداً أن مثل هذه الرسائل أصبحت تأتي من الجيش وقوى اليمين الأمريكي وليس من كتاب اليسار وسياسييه، كما كان يحدث منذ سنوات.

وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لإعادة النظر في مواقفها من بعض الحركات والجماعات الإسلامية العربية، كتجسيد لـ"درس العراق" وأهمية التمييز بين المسلمين والإرهابيين، أعرب ميد عن اعتقاده بان الباب مفتوح الآن لإقامة علاقات بين الولايات المتحدة وجماعات إسلامية عدة في المنطقة وقال "من وجهة نظري الباب مفتوح أمام مثل هذا الاحتمال" مشيرا إلى المستوى المتقدم والنموذجي الذي بلغته علاقة واشنطن بحزب العدالة والتنمية في تركيا، مشير إلى أن علاقات واشنطن مع حركات إسلامية أخرى قد تكون أصعب، بيد أن لكن الأمر بات محتملا والباب مفتوحا.

وجادل ميد مطولا ضد فرضية طرحها المشاركون في الندوة مؤداها أن هدف الاحتلال الأمريكي للعراق هو السيطرة على منابع نفطه الغنية، وقال "أنه يتفق مع الأفكار التي تقول أن للنفط تأثير هام في السياسة الأمريكية ولكن دور النفط أكثر تعقيدا مما يظنه البعض من ناحية الولايات المتحدة"، فأمريكا وفقا لميد ليست مهتمة بالمنطقة بسبب النفط فقط، الشرق الأوسط مورد بسيط للنفط للولايات المتحدة، أمريكا تحصل على جزء رئيسي من نفطها من أمريكا الشمالية وأفريقيا، لكن أمريكا مهتمة باستقرار سوق النفط وطرق إمداده، وقال ميد انه إذا نظرنا لتاريخ السياسة الأمريكية في المنطقة فان الدافع الأساسي كان منع دولة واحدة من السيطرة على النفط.

وأعرب ميد عن اعتقاده أن عدم رضا الأمريكيين عن سياسة بوش في العراق هي سبب فوز الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس الأخيرة، لافتا إلى تدني شعبية الرئيس بقوله أن لا احد من المرشحين للرئاسة يطرح نفسه على انه خليفة بوش أو انه سيكون مثله.. جميع المرشحين يتحدثون كيف سيكونون مختلفين عن بوش . وقال ميد ما نراه أن للأمريكيين نفوذ واسع في العالم ولقرارات الأمريكيين تأثير على العالم اجمع ، ولكن النفوذ لا يعني التمتع بالحكمة.. الأمريكيون ليسوا أكثر حكمة من الآخرين ولكنهم يحددون سياسات تخص العالم بأسره.

وحول التساؤلات بشأن دور اللوبي الصهيوني في أمريكا وقدرته على دفع الإدارة الأمريكية على احتلال العراق قال ميد الأسئلة تدور حول دور النفط أم اليهود أم كلاهما في تشكيل قرار الحرب، وإذا كان النفط واليهود معا فأيهما يأتي أولا... القصة مثل أنكم تستمعون لنقاش أين الذيل والكلب، هل أمريكا هي الذيل وإسرائيل هي الكلب أم أن أمريكا هي الكلب وإسرائيل هي الذيل، ولكن الجميع يتفقون على أنهم حيوان واحد. وقال ميد ان هناك حقيقة لابد من فهمها وهو انه يوجد في أمريكا أكثر من لوبي صهيوني لان هناك وجهات نظر عديدة في عالم الصهيونية الأمريكية ,وقال أن اليهود يشكلون 2% من سكان الولايات المتحدة فيما يشكل المسيحيون ما نسبته 87% وانه إذا ما تم التركيز على اليهود فقط وتم تجاهل الباقي فان الكثير من الأخطاء ستقع وسيتم إغفال الكثير من الحقائق حول الرأي العام الأمريكي.
 
المشاركون في الندوة
اسامة شحادة /باحث في الحركات الاسلامية
اميلي نفاع / عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي
اياد عبد اللطيف القيسي / باحث عراقي
جمال الطاهات / ناشط سياسي
المهندس جهاد عبوي / امين عام حزب الخضر الاردني
المهندس حاتم رشيد / كاتب صحفي
الدكتور حازم قشوع / امين عام حزب الرسالة
حسن ابو هنية / باحث في الحركات الاسلامية
الدكتور روحي شحالتوغ / نائب سابق
عريب الرنتاوي، مدير عام مركز القدس للدراسات السياسية
عمران الخطيب / الجبهة العربية الفلسطينية وعضو المجلس الوطني الافلسطيني
الدكتور عودة قواس / نائب سابق
غازي السعدي / عضو المجلس الوطني الفلسطيني وباحث في الشؤون الاسرائيلية
الدكتور فوزي السمهوري / ناشط في قضايا حقوق الانسان
فيليب فرين / دبلوماسي امريكي
محجوب الروسان / ناشط سياسي
محمد العماوي / محامي
مروان حجازي / عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الديمقراطي
مروان شحادة / باحث في الحركات الاسلامية
الدكتور مصطفى عماوي / نائب سابق
ناديا العالول / كاتبة
الدكتور ناصر الشرعة / حزب الوسط الاسلامي