A+ A-
قراءة في انتخابات المجلس الطلابي لجامعة بير زيت
2008-04-28
رغم ما يشوبها من خروقات لا تطعن عميقا في مصداقيتها، لا تزال الانتخابات الطلابية الفلسطينية تتمتع باهمية في صقل وترسيخ مفاهيم العمل الديمقراطي. وكما كانت في ايام مد فصائل منظمة التحرير وخلافاتها، فهذه الانتخابات في كبريات الجامعات الفلسطينية، وبالذات في جامعة بير زيت التي تتمتع بالقدرة على ارساء انتخابات شفافة نسبيا، تستهوي المتابعين لقراءة نتائجها التي تعطي امتزاجا ومقاربة شبه حقة، لواقع وميول الرأي العام الفلسطيني، فهي تعطي صورة عن مدى شعبية ونفوذ القوى الموالية للركب السياسي السائد والمعارضة له، خصوصا ان الانتخابات الطلابية الفلسطينية لم تكن يوما الا على البرامج السياسية، وغابت عنها البرامج النقابية التي تبرر نظريا انشاءها.
 
ورغم أن ميول شريحة الطلبة في جامعة بير زيت لتقدير كفة حماس في الانتخابات منذ عام 1996 حتى عام 2007 باستثناء عام 2005 حيث رجحت كفة فتح، فإن عودة هذه الاخيرة عام 2008 للفوز بنحو نصف مقاعد مجلس الطلبة مؤشر له دلالته عن تراجع شعبية الحركة الاسلامية عموما في الضفة الغربية بنسبة 8% تقريبا، وهذا رغما عما ما تعانيه فتح من ارهاصات عقب الانتخابات التشريعية التي فازت بها حماس عام 2006.

ففي الانتخابات التي جرت في 22/4 /2008 على مقاعد المجلس البالغة 51 مقعدا، كانت نسبة الاقتراع مرتفعة ووصلت إلى 83.24% ، حيث شارك بها 5283 طالباً من أصل 6347 ممن يحق لهم الاقتراع. وحصلت كتلة الشهيد ياسر عرفات التي تمثل فتح على 25 مقعدا بمعدل ( 2439صوتا)، بعد ان كان لها 21 مقعدا في المجلس السابق، فيما حصلت كتلة الوفاء الإسلامية التابعة لحماس على 19 مقعدا أي (1913 صوتا) بعد ان كان لها 22 مقعدا في المجلس السابق، وحاز القطب الطلابي الديمقراطي التابع للجبهة الشعبية على 5 مقاعد(450 صوتا)، وحصلت كتلة قاوم التابعة للجهاد الإسلامي على مقعد واحد فقط(115 صوتا)، بعد ان كانت تتمتع بمقعدين في المجلس الذي سبقه، وحصلت كتلة اتحاد الطلبة التيي تمثل حزب الشعب على مقعد(107صوتا)، ولم يحالف الحظ كتلة المبادرة الممثلة للمبادرة الوطنية الفلسطينية، والتيار القومي الطلابي الذي يمثل الأطر القومية الفلسطينية، هذا في حين كانت الأوراق اللاغية 70 ورقة، وعدد الأوراق الفارغة 72 ورقة.

وفي نشوة الانتصار الانتخابي اعتبرت حركة فتح ان "الجيل الشاب في المجتمع الفلسطيني بدأ يثق بسياسات الحركة وخيارتها السياسية والاقتصادية". وقال الناطق باسمها فهمي الزعارير "الفوز يدلل على تعاضد وتضامن حركة فتح وتوحدها لاسقاط مشروع الانقلاب الذي احدثته حماس في غزة".

واما حماس فاعتبرت انها حققت انجازا، وبررت تراجع عدد مندوبيها الى "الملاحقات الأمنية المتواصلة لقيادات وعناصر الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت".

مؤشرات النتائج الانتخابية:
 
1- يوجد استقطاب حاد في الشارع الفلسطيني، تدلل عليها نسبة المشاركة العالية، ورغم ان بعض المحللين المحسوبين على حماس يعتبرونها نتيجة تهديد عناصر فتح للطلبة بالمشاركة، الا ان ذلك لم يوصل حماس لدرجة التشكيك بنزاهة العملية الانتخابية.
 
2- مع الإقرار بوجود ممارسات غير ديمقراطية لفتح والسلطة خارج الجامعة، الا ان من المستبعد ان يكون ذلك هو السبب الحاسم في النتيجة بتراجع حماس بثلاثة مقاعد (6%). وهي بحد ذاتها لا تدلل على خسارة كبيرة خصوصا بعد عام من التشهير والملاحقات، وتؤكد على ان الحركة متجذرة في الضفة الغربية، ولديها كتلة صلبة لا تخشى التصويت لها، وقد يتفكك غيرها امام العواصف السياسية، في حين انها ستحافظ على +أو -10 % من شعبيتها، الا اذا وقعت مستجدات غير مألوفة، تؤثر على الانتخابات في جامعة للآن يشهد لها بنزاهتها.
 
3-رفع نصيب حركة فتح باربعة مقاعد، لا يعني وجود رضى شعبي عن الحركة، او انه ينظر اليها كمخلص، او يوافقها فيما تذهب اليه في ادارة قرص نارها صوب حماس.
والواضح ان المزاج العام يريد ان يعطي فتح فرصة لمراجعة اخطائها، وعليه سيحكم في الفرصة التحكيمية القادمة.
 
4-اسقاط ثلاثة مقاعد من نصيب حماس يعود لفشل مشروعها الاصلاحي، بغض النظر عن التأثيرات الخارجة عن ارادتها، حيث هبط الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الى ادنى مما كان عليه قبل الانتخابات التشرعية، ويضاف الى ذلك احداث غزة في حزيران الماضي، ورفض العقل الجمعي الفلسطيني للاحتكام الى العنف لحسم الخلافات السياسية الداخلية.
 
5-هبوط شعبية الجهاد الاسلامي بنسبة 50%، وهبوط 6% من شعبية حماس يدللان على ان المزاج العام يميل لصالح الانفتاح ورفض الانغلاق والتزمت من جهة، ورفض الدخول في متاهات اشباه القوى السياسية، والصراعات العقيمة بين القوى الاسلامية المختلفة، وهو مؤشر يدلل ايضا على صعوبة ان تجد قوى اسلامية اخرى مقعدا لها في الضفة غير حماس، بغض النظر سواء كانت اكثر تكفيرا او تنويرا.
 
6- للجبهة الشعبية وزن غير مؤثر ولكنه مرجح، حافظت عليه خلال عهد السلطة، وهو اقل بكثير مما كانت تعهده في سنوات اشراقة اليسار قبل انهيار المنظومة الاشتراكية.
 
7- الشارع الفلسطيني لم يعد معنيا باشباه القوى والملحقات، والتشكيلات العتيدة او الطارئة التي ليس لديها رصيد نضالي مقاوم، أو تعتاش على معتقدات حطمتها مدرسة الاختبارات العملية.